مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

من بَلاغة الجَواب

من بلاغة الجواب أن يأتي مُوافقاً للسؤال، مُطابقاً لقَصد السائل، غيرَ مُنحرفٍ عن المرادِ، فلا يَتعدّى ولا يقصرُ، بَل يتَّخذُ بين ذلكَ سبيلاً؛ وهذا تَقليدٌ من تَقاليد العرب في كَلامها، ففي أمثال العَرَب: «أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً» نُصبَ السمع والجابةُ على التمييز أو على المَفْعوليّة. وأَصلُ هذا المَثَل أَنّه كانَ لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ فَقالَ له إِنسانٌ: أَين أَمُّكَ (بفتح الهَمزَة) أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له أَين أُمُّكَ (بضم الهموَة) فقال ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً،  فقال أَبُوه أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً. وقال الأصمعيُّ: هذا مَثلٌ في المُجيب على غير فَهم (انظرْ كتاب الأمثال لابن سلّام)، والجابةُ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر، كقولنا: إِنه لَحَسَنُ الجيبةِ بالكسر أَي الجَوابِ؛ قال سيبويه أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بـ “ما أَفْعَلَ فِعْلَه وهو أَفْعَلُ فِعْلاً” عَنْ “ما أَفْعَلَه” وعن “هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ” فيقولون: ما أَجْوَدَ جَوابَه وهو أَجْوَدُ جَواباً ولا يقال ما أَجْوَبَه ولا هو أَجْوَبُ منك وكذلك يقولون أَجْوِدْ بَجَوابهِ ولا يقال أَجوِبْ به.
وأَما ما جاءَ في حديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “أَيُّ اللَّيْلِ أَجْوَبُ دَعْوَةً ؟ قَالَ : جَوْفُ اللَّيْلِ الغابِرِ” [المعجم الكبير للطبراني، الحديث رقم:30 في بقية مسند عبد الله بن عمر] فقَد سَّره شمر فقال أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً، وهو من باب أَعْطَى؛ لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه، فَمعناه أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه. وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا إِلا في أَحرف جاءَت شاذة، وقال الفرَّاءُ: قيل لأَعرابي يا مُصابُ فقال أَنتَ أَصْوَبُ مني قال والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ، وانجابَتِ الناقةُ مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ، وكَأَنَّها أَجابَتْ حالِبَها.
ويُقالُ: لَمَعَ فلانٌ لَمْع الأَصَمِّ، إذا أكثرَ الإشارَةَ بأصبعه؛ لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ.ومن آفات عَصرنا أنّ الأجوبَة لا تَكونُ على قدر الأسئلَة، فقَد يَكونُ السؤالُ في واد والجوابُ في واد، وقَد يَكون الجوابُ مُطنِباً مُسهباً زائداً على الحدّ المَطلوبِ إلى حدِّ المَلَل، وقَد يكونُ قاصراً دون الحاجَة، ومن الأجوبَة ما يَحكي فيه صاحبُه عَن نفسه وتجربته ولا يَمَسُّ السؤالَ إلاّ مسّاً خَفيفاً، فموافَقَة الجوابِ السؤالَ ضربٌ من ضُروبِ البلاغَة وقاعدةٌ من قَواعدِ أدب الحوارِ والمُناظَرَةِ.

من بلاغة الجواب أن يأتي مُوافقاً للسؤال، مُطابقاً لقَصد السائل، غيرَ مُنحرفٍ عن المرادِ، فلا يَتعدّى ولا يقصرُ، بَل يتَّخذُ بين ذلكَ سبيلاً؛ وهذا تَقليدٌ من تَقاليد العرب في كَلامها، ففي أمثال العَرَب: «أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً» نُصبَ السمع والجابةُ على التمييز أو على المَفْعوليّة.

وأَصلُ هذا المَثَل أَنّه كانَ لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ فَقالَ له إِنسانٌ: أَين أَمُّكَ (بفتح الهَمزَة) أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له أَين أُمُّكَ (بضم الهموَة) فقال ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً،  فقال أَبُوه أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً. وقال الأصمعيُّ: هذا مَثلٌ في المُجيب على غير فَهم (انظرْ كتاب الأمثال لابن سلّام)، والجابةُ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر، كقولنا: إِنه لَحَسَنُ الجيبةِ بالكسر أَي الجَوابِ؛ قال سيبويه أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بـ “ما أَفْعَلَ فِعْلَه وهو أَفْعَلُ فِعْلاً” عَنْ “ما أَفْعَلَه” وعن “هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ” فيقولون: ما أَجْوَدَ جَوابَه وهو أَجْوَدُ جَواباً ولا يقال ما أَجْوَبَه ولا هو أَجْوَبُ منك وكذلك يقولون أَجْوِدْ بَجَوابهِ ولا يقال أَجوِبْ به.

وأَما ما جاءَ في حديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “أَيُّ اللَّيْلِ أَجْوَبُ دَعْوَةً ؟ قَالَ : جَوْفُ اللَّيْلِ الغابِرِ” [المعجم الكبير للطبراني، الحديث رقم:30 في بقية مسند عبد الله بن عمر] فقَد سَّره شمر فقال أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً، وهو من باب أَعْطَى؛ لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه، فَمعناه أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه. وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا إِلا في أَحرف جاءَت شاذة، وقال الفرَّاءُ: قيل لأَعرابي يا مُصابُ فقال أَنتَ أَصْوَبُ مني قال والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ، وانجابَتِ الناقةُ مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ، وكَأَنَّها أَجابَتْ حالِبَها.

ويُقالُ: لَمَعَ فلانٌ لَمْع الأَصَمِّ، إذا أكثرَ الإشارَةَ بأصبعه؛ لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ.ومن آفات عَصرنا أنّ الأجوبَة لا تَكونُ على قدر الأسئلَة، فقَد يَكونُ السؤالُ في واد والجوابُ في واد، وقَد يَكون الجوابُ مُطنِباً مُسهباً زائداً على الحدّ المَطلوبِ إلى حدِّ المَلَل، وقَد يكونُ قاصراً دون الحاجَة، ومن الأجوبَة ما يَحكي فيه صاحبُه عَن نفسه وتجربته ولا يَمَسُّ السؤالَ إلاّ مسّاً خَفيفاً، فموافَقَة الجوابِ السؤالَ ضربٌ من ضُروبِ البلاغَة وقاعدةٌ من قَواعدِ أدب الحوارِ والمُناظَرَةِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق