مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويدراسات محكمة

من أدعية الصحراء: حزب الإِسْراء للشيخ المختار الكنتي

أولا: وظيفة الأحزاب بين التعبد والتربية

لا تنحصر وظيفة الأحزاب والأوراد التي يؤلفها العارفون والعلماء وشيوخ التربية في كونها أدعية وأذكارا وأورادا مستمدة من مأثور الكتاب والسنة، صيغت بعبارات رائقة وأساليب فائقة تعِين بما اشتملت عليه من ابتهالات على استدامة اللسان على الذكر، ومزيد الصِّلة بالله تعالى، والصَّلاة على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، بل إنها فضلا على هذا المقصد الأصلي تعزز همة النفوس للتشوف إلى المنازل التي يومئ إليها متن الحزب، والمقاماتِ التي يشير إليها صاحبه.

إن الأحزاب بهذه الخاصية التّبعية، خطاب سلوكي ينقل القارئ من حال الداعي والمبتهل إلى حال التائق إلى التخلق بمعاني المتن ومضامينه، مؤدية بذلك وظيفة تربوية عَملية، ولا أدل على هذه الخاصية من العَمد إلى تسمية متون الأحزاب بأسماء معلومة، كحزب الإشراق للشيخ عبد القادر الجيلاني (ت 561ه)، وحزب التوحيد ليوسف بن عبد الله الكوراني (ت 768ه)،وحزب البحر للشيخ زروق (ت 899ه)، وحزب الأمان له،وحزب الفرج لأحمد بن علي الرفاعي (ت 578ه)، وحزب الشفاءلأبي الحسن الشاذلي (ت 656ه)،وحزب الطمس وحزب التسخير كلاهما لمحي الدين بن عربي (ت 638ه)، وحزب النصرلكل من عبد القادر الجيلاني، وأبي المواهب السنوسي (ت 632ه)،وابنِ يَجبش التازي (ت 920ه).([1])

وتوظِّف هذه الأحزاب أيضا، باعتبارها لونا من ألوان التبليغ البديع وإنتاجاً أدبيا متميزا في الكتابة الصوفية المغربية، أنواعا لمجاز والتصوير والتشبيه والكناية والاستعارة، مَا يكسبها جمالية في العبارة والأسلوب، وقابلية في التداول والتلاوة والشرح والاستظهار.

وقد جدّ علماء وصوفية الصحراء في هذا المضمار، وكتبوا أحزابا وأدعية سَنية اتخذوها أورادا لهم ولمريديهم وعموم المسلمين، فكتب محمد بن سليمان الجزولي (ت 870ه) حزب الفلاح([2])، وكتب الشيخ ماء العينين (ت1328ه) حزب البسملة([3])، وحزب الخير الجسيم المحتوي على سِرِّ سلام قولا من رب رحيم([4])، وغيرهما.

ومن أهم الأحزاب التي ألفت في الصحراء، حزب الإسراء للشيخ سيدي المختار الكنتي، المتوفى سنة (1226ه)([5])، وهو غيرُ متن الورد القادري الذي ذكره في كتاب الكوكب الوقاد في فضائل المشايخ وأصول الأوراد([6]).وقد استمد الشيخ هذا الحزب من سر قول الحق عز وجل: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)([7])، فلاحت بذلك غايته التربوية الكامنة في إيناس المريدين بقبس من هذه الآية، وحملهم على طلب أسمى المقامات التي هي العبودية لله تعالى، إذْوصف ربنا حبيبَه المصطفى صلى الله عليه وسلم لما أسرى به، بوصف العبودية دالا بذلك على أنها أسمى المقامات وأشرف الأوصاف.

وقد شرح هذا الحزبَ ابنه العلامة محمد بن المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي (ت1242ه)، وسماه “إسراء الأَسرى إلى أسرارِ حزب الإِسراء”، وقال في مقدمة شرحه: “هو مضمر للعلم مؤيَّد بالحال، منبِّهٌ على وجه السلوك بنحو عزيز المنال عديم المثال … بعباراته الفائقة وإشاراته الحسنة الرائقة،وإيضاح طرقات العارفين والموحدين وشرح أحوال السالكين والمتجردين على نحوٍ يُنشي الأرواح وينسي لذة الرّواح([8])، وأسلوبٍ يمتع الأسماع ويأخذ بمجامع القلوب والطباع”([9]).

وشرَحَه شرحا آخر مختصرا، وهو بعنوان “شرح حزب الإسراء”، ونسخته تحت رقم 1450 في المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة.

واشتمل هذا الحزب على مأثورات من الدعاء حِسان، وجمَع مقاصد الطلب المنبهة للمؤمن على تطلُّب الأدب في الدعاء، والحاملة له على استدعاء صفات الربانيين وأخلاقهم، الصارفة له عن شواغل الدنيا وسفاسف الأعراض، وهي كلها سمات خطاب صوفي تربوي يروم الإسراء بروح الداعي إلى منازل العبودية.

وفيما يلي متن هذا الحزب من المخطوطة، بعد تحقيقه وضبط شكله وإضافة عناوينَ مشيرة إلى موضوعاته.

ثانيا: حزب الإسراء([10])

[طلب العبودية لله تعالى]

(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)([11])،الَّلهمَّ حَقِّقْنِي بحقائِقِ العبُودِيَّةِ تحْقِيقاً تَمْحُو[12] بِه عنِّي كُلَّ حِجابٍ حتَّى أَخْلُوَ مَعَك في حَضْرَةِ قُدْسِكَ خلْوَةً يَخْلُو بها قَلبِي مِن كُلِّ شُبهَةٍ وَيَقَعُ بِهَا ثَلْجُ اليَقِينِ على نَارِ الهَمِّ والاِهْتِمَامِ والحِرْصِ والاتِّهَامِ، لِأَكُونَ معَكَ في كلِّ ذلكَ علَى مَا تُرِيدُ كَمَا تريدُ؛ بِأَنْ لَا أُرِيدَ تَعْجِيلَ مَا أَجَّلْتَ ولَا تَأْجِيلَ مَا عَجَّلْتَ،الَّلهمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ ذُلَّ العُبودِيَّةِ، وَأَسْأَلُكَ بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ عِزَّ الرُّبُوبِيَةِ،[وَأَسْأَلُكَ بِعِزِّ الرُّبُوبِيَّةِ ذُلَّ العُبُودِيَّةِ]([13])، فإنَّهُ لا مُذِلَّ لمنْ أنتَ ربُّهُ، ولا مُعِزَّ لِمَنْ غَيْرُكَ حِزْبُهُ، قُلتَ وقَولُك الحَقُّ ووَعْدُكَ الصِّدْقُ تَرْغِيماً لإِبْليسَ عَدوِّنَا، وتَنْوِيهاً لِقَدْرِنَا مَع غُلُوِّنَا في أَمْرِنَا:(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)([14]).الَّلهمَّ إني أعوذُ بك من الذُّلِّ إِلَّا لكَ، ومنَ الخَوْفِ إلَّا مِنكَ، ومِن الرَّغْبَةِ إلا فِيكَ ومِن الهَيْبَةِ إلَّا لَك،الَّلهمَّ تَوَلَّنَي بِوِلايَة الإِكْرَام، وابْسُطْ عَليْنَا أيَادِي الإِلْهَام، واكْسُنَا بجَلَابِيب الإِنْعَامِ،الَّلهمَّ اجعَلْنَا من الذين أنعَمْتَ عليهِمْ غيْرَ غَضْبان عليهِمْ ولا مَاكِرٍ في جميعِ ذلك بهِمْ؛ فإنَّه لا أمانَ لِمَكْرِكَ، ولا يأْسَ مِن خَيْرِكَ.

[الاستغاثة وطلب اللطف والأمن من الخوف]

الَّلهمَّ اصْحَبْنَا في كلِّ ذلِكَ بِأَلْطَافِ لَطائفِ لُطفِكَ الخفِيِّ، وأَتحِفْنَا بالعَوْنِ منكَ في كلِّ ما أنت مُدْخِلُنا فيهِ مما لَا طَاقَة لنَا بالدُّخُولِ فيهِ إلا بتَأْيِيدِكَ.

الَّلهمَّ واجعلْ لَنَا([15]) في كُلِّ مَا نخَافُ مِنه العَطَبَ مخْرَجاً يَقْضِي بنَا إِلى فَرَجٍ كما جَعَلْتَ في النَّارِ بَرْداً وسَلَاماً لِخَليلِكَ،الَّلهمَّ كمَا غَيَّبْتَهُ بكَ عَن رُؤْيَةِ الأَغْيَارِ وَقَدْ زُجَّ بِه في المنْجَنِيقِ إلى النَّارِ فَغَيِّبْنَا،وكمَا أَغْنَيْتَهُ بِكَ عن التَّعرُّضِ بالدُّعَاءِ والاِلْتِجَاءِ إلا إليْكَ لِعِلْمِهِ بحُسْنِ تَدْبِيرِكَ ونُفُوذِ أَمْرِكَ فَأَغْنِنَا عن الوَسائِل والوَسَائطِ والأسبَابِ، وعن رُؤيَةِ  الضُّرِّ مِن الأَعْدَاءِ والنَّفْعِ مِن الأَحْبَابِ، الَّلهمَّ إنَّا قد اضْطَرَرْنَا إلى جدْوَاكَ، ومَا استَغْنَيْنَا قطُّ عن ذَاكَ، لكنْ وَقَعَ العِيَانُ وَذَهَبَ التَّكلانُ، وانْقَطَعَتِ العَلائِقُ  وتحقَّقَتِ الحَقَائِق، وانْقَطَع الرَّجَاءُ مِن غَيْرِ الخَالِقِ، وخَابَ الظَّنُّ فيمَا سِوَى الغَنِيِّ الرَّازِقِ، وقد دعَانَا وَعْدُكَ الصَّادِق، وكتابُكَ النَّاطِقُ، إلى الفِرارِ إليكَ في الضَّرَّاءِ والسَّرَّاءِ، والاِنْضِوَاءِ إِليْكَ عِنْدَ نُزُولِ البَلَاءِ، بصادِعِ قَوْلِكَ:(أَمَّنْ يُجِيبُ الـمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)([16])،وقد أَيِسْنَا مِن غيرِكَ، وَمَا بَقِيَ الطَّمَعُ إلَّا في خَيْرِكَ، وقدْ تَرَاكمَتْ عَلَيْنَا ظُلُمَاتُ الهُمومِ بأَنْوَاعِ الرُّسُومِ في غَيَاهِبِ كَثَائِفِ النُّفُوسِ،لبَقَايَا تَعَلُّقِنَا بِعَلائقِ المحْسُوسِ وقد غُلِبْنا، فنَادَيْنَاكَ في ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ، (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ)([17])،كَما دَعاكَ صَفِيُّكَ المعْصُومُ، الملْتَقَمُ المغْمُومُ يُونُسُ بْنُ مَتَّى فَاسْتَجَبْتَ لَه [وَنَجَّيْتَهُ مِن الغَمِّ]([18])،الَّلهمَّ كما استجَبْتَ لهُفَاسْتَجِبْلنَا، وكَمَا نَجَّيْتَهُ مِنَ الغَمِّ فنَجِّنَا، واجْعَلْنَا مِنَ المؤْمِنِينَ وانْبِذْنَا في عَرَاءِ السَّلَامَةِ والتَّسْلِيمِ وَذَهابِ الغَمِّ بحُصُولِ المبَرَّةِ والتَّكْرِيمِ.

[في الإسراء]

الَّلهمَّ وَاسْرِ بِرُوحِي إلى حَضْرَة قُدسِك ومُكَافَحَةِ أُنْسِكَ وَاشْرَحْ صَدرِي لِتَحَمُّلِ أَعْبَاءِ عِرْفَانِكَ،وشُقَّ عنْقَلْبِي حتَّى أُعَايِنَ عَيْنَ حُسْنِ إِحْسَانِكَ، وَمَتِّعْ بَصِيرَتِي بمبَاصَرَةِ مَلَكُوتِ تبْصِيرَاتِ حقَائِقِ دَقَائِقِ رَقائِقِ ذرَّاتِ علُومِ عِلْمِ الغَيبِ المكْنُونِ المخْزُونِ الذِي ضَنَنْتَ بِه أن تُطْلِعَ عَليهِ إلا منِ ارْتَضَيْتَهُ من أنبيائِكَ وأوليائِكَ، فَتَسْلُكهُ مِنْ بين يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً، ثم أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ بها عَلَيَّ شُكْراً أَسْتَوْجِبُ بِهِ المزيدَ منك، إِنَّكَ أَنْتَ المجيدُ الفَعَّالُ لما تُريدُ، يَا كهيعص، يَا حم عسق،[يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ]([19])، يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَاذَا الجَلَالِ والإِكرامِ،أَسْأَلُكَ أن تُسَخِّرَ لي أَجْنَاسَ العالَمِ تَسخيراً تُخْرَقُبه العَوائِدُ، وتَتَزَايَدُ به الفَوَائِدُ وتَضْمَحِلُّ به العَوائقُ وتُتَلَقَّى به الرقائِقُ، إِذْ لِذَلِكَ خَلَقْتَنا، فَقُلْتَ إِذْ بِذَلِكَ شَرَّفْتَنَا:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)([20]).

الَّلهمَّ كما جعلتَنَا خلفَاءَ الأَرْضِ فَاجْعلنَا رُؤساءَ السَّمَاءِ أَئِمَّةَ الأَرْوَاحِ الرُّوحَانِيَّةِ، وَاذْكُرْنَا فِي الملَأِ الأَعْلَى، وَشَرِّفْنَا بِكَ فِي الـمَحَلِّ الأَجْلَى، وَاجْعَلْ بِدايَةَ تَرَقِّينَا سِدْرَةَ الـمُنْتَهَى، وَنِهايَةَ تَلَقِّينَا إلى مَنْ اِنْتَهَى دونَ عظمَةِ جَلالِهِ كُلُّ مُنْتَهَى،(وَأَنَّ إلى رَبِّكَ الـمُنْتَهَى)([21]).

الَّلهمَّ اجْعَلْ بِدايَتَنَا فِيكَ، ونهايتَنَا إِلَيْكَ، وخُذْ بِنَوَاصِينَا إِلَيْكَ، وَقُدْنَا إلى حَضْرَتِكَ قَوْدَ الكِرَامِ عَلَيْكَ، وَانْصُرْنَا وَلَا تَنْصُرْ عَلَيْنَا، وَاظْفِرنا وَلَا تَظْفِرْ بِنَا، وَآثِرْنَا وَلَا ُتؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَبِاسـْمِكَ الكَافِي اكْفِنَا، وَاعْفُ عَنَّا وَعَافِنَا، وَاصْحَبْنَا بِاللُّطْفِ فِي سَفَرِنَا وَفِي حَضَرِنَا، وَكُن الخَلِيفَةَ لَنَا في أَهْلِينَا، وَتَوَلَّنَا فِي حَرَكَاتِنَا وَسَكَنَاتِنَا، وَاعْصِمْنَا فِي إِرَادَاتِنَا وَخَطَرَاتِنَا، وَنَجِّنَا مِنَ الشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ وَالظُّنُونِ بِحَبْلِ الاعْتِصَامِ، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا)([22]).

[في الاستعانة بالله على العوارض والأعداء والأغيار]

الَّلهمَّ إني أَعوذُ بِكَ مِن شَتَاتِ الأَمْرِ وتَفرُّقِ الأَهواءِ وخَيْبَةِ الرَّجاءِ وشَماتَةِ الأَعْداءِ وعُضالِ الدَّاءِ، كَمَا اسْتَعاذَ بِك مِن ذلك نَبِيُّكَ الخَاتِمُ المجتهِدُ الحَازِمُ، واحْفَظْنِي يا حفيظُ بحِفَاظَةِ وقايَةِ عنايَةِ حمايَةِ مَنْعِ مَنِيعِ سُرَادِقاتِ حُجُبِ حِجَابِ سِرِّسَريرَةِ قَوْلِكَ الكريمِ القديمِ العميمِ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)([23])،وَاكْنُفْنِي بِكَنَفِ نَصْرِ انْتِصَارِكَ لِحزْبِكَ وَأَنْصارِكَ، بِوِجْهَةِ وَجَاهَةِ وجْهِ تَجلِّيَاتِ جَبروتِ نَاسوتِ لَاهوتِ قَهْرِ قولِكَ الصَّادعِ الـمُضِرِّ النَّافِعِ:(وإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبونَ)([24])، وأَيِّدْنِي بتَأْيِيدِ تمهيدِ تشيِيدِ تشديدِ تعزيزِ عِزِّ تعزيزِ قَوْلِكَ: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرينَ)([25])، وَدَمِّرْ أَعْدَائِي وحُسَّادي بتَدْميرِتَخْسِير تَحْسِيرِ تَجَلِّيَاتِ عَدْلِكَ النَّاطِقِ بِمُحْكَمِ قَوْلِكَ الصادِقِ:(فَأَصْبَحُوا لَا تَرَى إِلَّا مَسَاكِنَهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ الـمُجْرِمِينَ)([26]).

[طلب الحشر في خاصة العباد والتأهل للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم]

وَامْدَحْنِي بِمدْحَتِك بخاصَّةِ خَاصَّتِكَ الذين قُلْتَ في حَقِّهِمْ:  (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الَأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلونَ قَالُوا سَلاَماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا ساءت مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً)([27]).

واجْعَلْنَا الَّلهمَّ ممن تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَكَ سلامٌ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الـمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ جَعَلْتَ آخِرَ دَعْوَاهُمُ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَاجْعَلْنَا الَّلهمَّ ممَّنْ جَعَلْتَهُ أَهْلًا لـمُكَافَحَةِخِطَابِكَ في مُحْكَمِ كِتَابِكَ إِذْ قلتَ لِحزْبِكَ وَأَحِبَّائِكَ([28]):(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواصَلُّواعَلَيْهِ وَسَلِّمُواتَسْلِيمًا)([29]). فَهَا أنا عبدُكَ الضَّارِعُ، الذَّلِيلُ الخاضِعُ أَقُولُ: لَبَّيْكَ الَّلهمَّ رَبِّي وَسَعْدَيْكَ وَالخيرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ عبدُكَ الضَّعِيفُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَعَرِّضاً لِنَفَحَاتِ فَضْلِكَ،مُعَوِّلاً في إصلاحِ حَالِهِ عَلَيْكَ، قَائِلاً بِتَوْفِيقِكَ وَامْتِثَالاً لِأمْرِكَ وَأَداءً  لحَقِّ رَسُولِكَ وَمَحَبَّةً في مُخالَلَةِ خَلِيلِكَ؛الَّلهمَّ صَلِّ على دُرَّةِ الكَوْنِ وبَهَائِهِ، وشَمْسِهِ وضِيَائِهِ، وسَلِّمْ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ، أَتَمَّ صَلَاةٍ وتَسْلِيمٍ، وأَتَمَّ تَحِيَّةٍ وتَكْريمٍ، إِنَّكَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ”. انتهى متن حزب الإسراء.

لقد نحى الشيخ سيدي المختار الكنتي في تأليف هذا الحزب الرائق البهيج منحى الكتابة الصوفية السامية الواضحة، وسلك فيه مسلك المغاربة الذين يمّموا في تآليفهم شطر التخلق والتربية، نائين في الغالب الأعم عن الإيغال في الّلهج بحقائق الفتوح ورقائقها، كما طوّع الشيخ أساليبه واصطفى عباراته لتناسب غرض حزبه، الذي يحوم بل يروم الاإسراء بالعبد إلى قدس الشهود وأَقْصى الأرواح باستدامته على الطهارة والاستفامة على الصلاح.

فهرس المصادر والمراجع

  • إسراءالأَسرى إلى أسرارِ حزب ا لإِسراء لمحمد بن المختار بن أحمد بن أبي بكرالكنتي، مخطوط بمكتبة أهل الإمام، تيشيت، المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة رقم: 377.
  • جنة المريد دون المريد محمد بن المختار الكنتي دراسة وتحقيق محمد المهداوي منشورات مركز الإمام الجنيد للرابطة الممدية للعلماء، طبعة 2013.
  • حجاج ومهاجرون علماء بلاد شنقيط موريتانيا في البلاد العربية وتركيا من القرن التاسع إلى القرن 14ه، حماه الله ولد السالم. دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 2012.
  • حزب الإسراء للشيخ المختار الكنتي، مخطوط. نسخة ميكروفيلم بالمعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة رقم: 821.والمخطوط محفوظ في مكتبة أهل الصابر، رقم 192.
  • حزب الإسراء للشيخ المختار الكنتي، نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، رقم 11958.
  • الحياة الفكرية والروحية بالمجال البيظاني خلال القرنين 18 و19، للحسين حديدي. منشورات مركز الدراسات الصحراوية، طبعة 2014.
  • شرح حزب الإمام النووي لأبي عبد الله محمد بن الطيب الشرقي الفاسي (ت 1170ه). تحقيق عبد الكريم بومركود، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء.
  • فهرس مخطوطات التصوف منشورات الخزانة الحسنية بالرباط، تقديم ومراجعة أحمد شوقي بنبين.الطبعة الأولى 2010.
  • كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية، إنجاز عمر عمور، المطبعة والوراقة الوطنية. الطبعة الأولى 2007.
  • المخطوطات الجزائرية وأعلامها في الخزائن الإفريقية.لأحمد أبا الصافي جعفري. منشورات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائر.2015.

([1]) انظر فهرس مخطوطات خزانة ابن يوسف بمراكش للصديق بن العربي، طبعة دار الغرب الإسلامي بيروت 1994.  ص: 337. وكشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية، إنجاز عمر عمور، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2007. ص: 156. وشرح حزب الإمام النووي لأبي عبد الله محمد بن الطيب الشرقي الفاسي (ت 1170ه). تحقيق عبد الكريم بومركود. منشورات الرابطة المحمدية للعلماء. ص: 75 وما بعدها.

([2]) انظر فهرس مخطوطات التصوف منشورات الخزانة الحسنية بالرباط، تقديم ومراجعة أحمد شوقي بنبين (1/270).

([3]) حجاج ومهاجرون علماء بلاد شنقيط موريتانيا في البلاد العربية وتركيا، حماه الله ولد السالم. ص: 90.

([4]) توجد منه نسخة بالخزانة العامة تحت رقم 1597ه. انظر أيضا حجاج ومهاجرون علماء بلاد شنقيط موريتانيا في البلاد العربية وتركيا، حماه الله ولد السالم. ص: 90.

[5]))ولد الشيخ المختار بن أحمد بن أبي بكر بن الوافي سنة 1142ه، في شمال شرق أدرار، فخرج لطلب العلم وهو صغير وأخذ عن شيوخ قرية المأمون والسوق وغيرهم، وأخذ التصوف عن الشيخ سيدي علي بن النجيب.

جدد الشيخ المختار الكنتي الطريقة القادرية بكنته، فأقام المحاضر في أزواد وولاتة وتنبكتو والمبروك وغيرها، وأقبل عليه التلاميذ والمريدون من مناطق الصحراء، وامتد إشعاع الطريقة إلى مراكش وفاس ومكناس، ألف تآليف كثيرة منها “الروض الخصيب في شرح نفح الطيب”، “فتح الودود على المقصور والممدود”، “فقه الاعيان على حقائق القرآن”، و”هداية الطلاب” في الفقه، وغيرها. توفي سنة (1226ه). انظر ترجمته في: محمد بن المختار الكنتي، الطرائف والتلائد من كرامات الشيخين الوالدة والوالد، ج1، تحقيق شفيق أرفاك، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، مرقونة بكلية الاداب، الجديدة، 1991-1992، فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور للبرتلي الولاتي، وغيرها.

[6]))انظر الكوكب الوقاد في ذكر فضائل المشايخ وحقائق الأوراد، المختار الكنتي، تقديم وتحقيق محمد الدمناتي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر 2019. انظر أيضا الحياة الفكرية والروحية بالمجال البيظاني خلال القرنين 18 و19، للحسين حديدي. منشورات مركز الدراسات الصحراوية،ص 227.

[7]))الإسراء، الآية 1.

[8]))الرواح والرواحة والراحة والمرايحة والرويحة: وجدانك السرور الحادث من اليقين. القاموس المحيط مادة: روح.

([9]) مخطوطة مكتبة أهل الإمام، تيشيت، اللوحة الأولى. المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة رقم: 377،وهذه النسخة كتبت سنة 1229ه، أي في حياة المؤلف الشيخ محمد المختار.

([10])توجد منه نسخة فيالخزانة الحسنية بالرباط رقم 11958، وأخرى في مكتبة مما حيدرة جمهورية مالي، رقم 1/677. انظر المخطوطات الجزائرية وأعلامها في الخزائن الإفريقية.لأحمد أبا الصافي جعفري، منشورات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائر.2015. ص 63. ونسخة أخرى في المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة. رقم821. وفي الخزانة الحسنية تحت رقم 1130 تأليف بعنوان أدعية مختلفة لأحمد بن محمد المختار الكنتي، أوله يوافق متن حزب الإسراء، والظاهر أن هذا الكتاب جمع أوراد وأدعية وأحزاب الشيخ. انظر فهرس مخطوطات التصوف (1/45)، وجنة المريد دون المريد محمد بن المختار الكنتي دراسة وتحقيق محمد المهداوي منشورات مركز الإمام الجنيد للرابطة الممدية للعلماء، طبعة 2013. (1/83).

([11])الإسراء، الآية 1.

([12])في النسخة الحسنية [تَمْحَقُ]

([13])سقط من النسخة الحسنية.

([14])الحجر، الآية 42.

([15])في النسخة الحسنية: [واجعل لنا اللهم]

([16])النمل، الآية 64.

([17])الأنبياء، الآية 86.

([18])سقطت من النسخة الحسنية.

([19])ليست في نسخة الحسنية.

([20]) الإسراء، الآية 70.

([21])النجم، الآية 41.

([22])آل عمران، الآية 103.

([23])الحجر، الآية 9.

([24])الصافات، الآية 173.

([25])صف، الآية 14.

([26])الأحقاف، الآية 24.

([27])الفرقان، الآيات من 63 إلى 66.

([28])في النسخة الحسنية:[لحزبك وأوليائك].

([29])الأحزاب، الآية 56.

ذ. وديع أكونين

  • باحث بمركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراوي بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق