مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

من أحاديث صيام رمضان في موطأ الإمام مالك

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبينا محمد

وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

إنجاز: يوسف أزهار

جاء في صيام رمضان أحاديث كثيرة، انتقيت بعضا منها من موطأ الإمام مالك، مع تخريج كل حديث من كتب السنة الصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، ومسند أحمد، فإن كان في الصحيحين اكتفيت بهما اللهم الحديث الأول، وإن لم يكن فيهما أعزو إلى السنن أو المسند.

الحديث الأول: «لا تصوموا حتى تروا الهلال»

عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله ﷺ ذكر رمضان فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له»، وفي رواية عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له»، وفي رواية عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله ﷺ ذكر رمضان، فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدد العدة ثلاثين».

تخريج الحديث:

إن حديث: «لا تصوموا حتى تروا الهلال» رواه مالك، والشيخان، وأبو داود، والنسائي:

فقد رواه مالك من حديث عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس: في كتاب الصيام، باب ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر في رمضان (رقم الحديث: 630-631-632) [1].

ورواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر: كتاب الصوم، باب قول النبي ﷺ إذا رأيتم الهلال فصوموا، بلفظ: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له»، وباب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعا، بلفظ: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له»[2].

ورواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر: كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال بلفظ: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن أغمي عليكم فاقدروا له»، وبلفظ: «الشهر تسع وعشرون فإذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له»[3].

ورواه أبو داود في سننه من حديث ابن عباس: كتاب الصوم، باب من قال: فإن غُم عليكم؛ فصوموا ثلاثين، بلفظ: «لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين، إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم، ولا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه، فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين، ثم أفطروا، والشهر تسع وعشرون» [4].

ورواه النسائي في سننه من حديث ابن عباس: كتاب الصيام، ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار في حديث ابن عباس فيه، بلفظ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»، وبلفظ: (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»، ذكر الاختلاف على منصور في حديث ربعي فيه، بلفظ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر استقبالا»، وبلفظ: «لا تصوموا قبل رمضان صوموا للرؤية وأفطروا للرؤية فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين»[5].

الحديث الثاني: «إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام»  

عن عائشة رضي الله عنها: «أن رجلا قال لرسول الله ﷺ وهو واقف على الباب وأنا أسمع يا رسول الله إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فقال ﷺ: وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فأغتسل وأصوم، فقال له الرجل: يا رسول الله إنك لست مثلنا، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله ﷺ، وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي».

تخريج الحديث:

إن حديث: «إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام»، رواه مالك، وأبو داود، وأحمد:

فقد رواه مالك من حديث عائشة: في كتاب الصوم، باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان (رقم الحديث: 637)[6].

ورواه أبو داود في سننه: كتاب الصوم، باب فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان، إلا أن في آخره: «وأعلمكم بما أتبع» [7].

ورواه أحمد في مسنده بلفظ حديث مالك[8].

الحديث الثالث: «صام حتى بلغ الكديد»

عن عبد الله بن عباس: «أن رسول الله ﷺ خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر فأفطر الناس، وكانوا يأخذون بالأحدث، فالأحدث من أمر رسول الله ﷺ».

تخريج الحديث:

إن حديث: «فصام حتى بلغ الكديد»، رواه مالك والشيخان:

فقد رواه مالك من حديث عائشة: في كتاب الصوم، باب ما جاء في الصيام في السفر (رقم الحديث: 650)[9].

ورواه البخاري في صحيحه: كتاب الصوم، باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر، بلفظ: «أن رسول الله ﷺ خرج إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، أفطر، فأفطر الناس»، وباب الخروج في رمضان، وباب الخروج في رمضان بلفظ: «خرج النبي ﷺ في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد أفطر»، وباب غزوة الفتح في رمضان، بلفظ: «أن رسول الله ﷺ غزا غزوة الفتح في رمضان، -قال: وسمعت سعيد بن المسيب، يقول مثل ذلك، وعن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما قال-: صام رسول الله ﷺ حتى إذا بلغ الكديد – الماء الذي بين قديد وعسفان – أفطر، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر»، وبلفظ: «أن النبي ﷺ خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد -وهو ماء بين عسفان، وقديد- أفطر وأفطروا»[10].

ورواه مسلم في صحيحه: كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر، بلفظ: «أن رسول الله ﷺ خرج عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر، قال: وكان صحابة رسول الله ﷺ يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره» [11].

الحديث الرابع: «لم يعب الصائم على المفطر»

عن أنس بن مالك أنه قال: «سافرنا مع رسول الله ﷺ في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم».

تخريج الحديث:

إن حديث: «لم يعب الصائم على المفطر» رواه مالك والشيخان:

فقد رواه مالك من حديث عائشة في كتاب الصوم، باب ما جاء في الصيام في السفر (رقم الحديث: 652)[12].

ورواه البخاري في صحيحه: كتاب الصوم، باب لم يعب أصحاب النبي ﷺ بعضهم بعضا في الصوم والإفطار بلفظ: «كنا نسافر مع النبي ﷺ فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم»[13].

ورواه مسلم في صحيحه: كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر «سافرنا مع رسول الله ﷺ في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم»، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «غزونا مع رسول الله ﷺ لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم»[14].

هذه أربع أحاديث انتقيتها من موطأ الإمام مالك، أوردتها في هذا المقال؛ ليتسنى لي أجر نشر حديث رسول الله ﷺ، وللقارئ أجر القراءة، واستنباط الأحكام والفوائد والدرر من كتب شروح الحديث.

 ********************* 

جريدة المراجع

1-الموطأ لأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي (رواية يحيى الليثي)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية: 1417 /1997.

2-الموطأ لأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي (رواية محمد بن الحسن)، تحقيق: تقي الدين الندوي، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى: 1413 /1991.

3-السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني، اعتناء: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية: 1427 /2007.

4-السنن لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، اعتناء: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية: 1429 /2008.

5-الصحيح لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، بيروت، ط1: 1422، مصور عن الطبعة الأميرية، بولاق، 1311.

6-الصحيح لأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ.

7-المسند لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، تحقيق: جماعة من العلماء، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية: 1420/ 1999.

هوامش المقال:

************

 

[1] – الموطأ رواية الليثي (2 /286-287)، ورواية محمد بن الحسن من حديث ابن عمر الأول (2 /154).

[2] – صحيح البخاري (3 /27-25).

[3] – صحيح البخاري (3 /27)، صحيح مسلم (2 /759-760).

[4] – السنن (ص: 408).

[5] – السنن (ص: 338-339).

[6] – الموطأ رواية الليثي (1 /289).

[7] – السنن (ص: 418-419).

[8] – المسند (42 /129، 43 /193).

[9] – الموطأ رواية الليثي (1 /294)، ورواية محمد بن الحسن (2 /177).

[10] – صحيح البخاري (3 /34، 4 /49-145-146).

[11] – صحيح مسلم (2 /784).

[12] – الموطأ رواية الليثي (1 /295).

[13] – صحيح البخاري (3 /34).

[14] – صحيح مسلم (2 /787-786).

*راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق