مركز الدراسات القرآنيةغير مصنف

منهج التقييد في التفسير عند الشيخ محمد الطيب ابن كيران

من خلال «أجوبة وتقاييد في تفسير الكتاب العزيز»

دراسة تحليلية وصفية

 

ناقش الطالب الباحث الحسن الوزاني، يوم الأربعاء 23 محرم 1435هـ/ الموافق لـ 27 نونبر 2013م، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط ـ المغرب، رسالته الجامعية لنيل الماستر في موضوع: “منهج التقييد في التفسير عند الشيخ محمد الطيب ابن كيران من خلال «أجوبة وتقاييد في تفسير الكتاب العزيز» دراسة تحليلية وصفية“، أمام لجنة علمية مكونة من السادة الدكاترة:

ـ الدكتور جمال السعيدي ـ أستاذ ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط، رئيسا وعضوا.

ـ الدكتور محمد قجوي ـ أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط ـ: مشرفا ومقررا.

ـ الدكتور عبد الله رشدي: أستاذ  بدار الحديث الحسنية بالرباط، مشرفا ومقررا.

ـ الدكتور العربي بوسلهام أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بالرباط، ومنسق ماستر خصائص الخطاب الشرعي وأهميته في الحوار، عضوا.

وقد نال الباحث الحسن الوزاني درجة الماستر بميزة حسن جدا.

وفي ما يلي التقرير الذي  قدمه الباحث في مستهل دفاعه عن رسالته لنيل الماستر:

الحمد لله رب العالمين الذي أنزل القرآن العظيم ليكون للعالمين هاديا ودليلا، والصلاة والسلام على من أرسله الله داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا.

أما بعد، فإن القرآن الكريم دستور الأمة الخالد، والمنهاج القويم الذي ارتضاه الخالق لإصلاح الخلق، وهو حجة الرسول الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه، وآيته الكبرى على صدق رسالته ونبوته العظمى، وهو عماد لغة العرب.

ومن أجل ذلك كان القرآن الكريم موضوع العناية من لدن العلماء جميعهم، فأخذت تلكم العناية أشكالا متعددة ومناهج متنوعة، فتارة ترجع إلى أسلوبه، وتارة إلى رسمه وضبطه، فكل ينظر فيه بمنظار، فيرى ما لا يراه غيره حتى تتقد أذهانهم وتقبل نفوسهم على سبر أغواره وكشف أسراره.

وهكذا نجد في كل عصر ثلة من العلماء الأخيار، والسادة النجباء تزخر بهم الساحة العلمية والفكرية قديما وحديثاً، وفي أقطار العالم الإسلامي.

وقد شارك أهل المغرب إخوانهم المشارقة في خدمة كتاب الله، فبرز منهم مفسرون كبار شهد لهم التاريخ برسوخ قدمهم وأفقهم العلمي الواسع، كابن العربي (ت543هـ)، وابن عطية(ت542هـ)، وأبي عبد الله القرطبي(ت671هـ)، وابن جزي (ت741هـ)، والقاضي عياض(ت544هـ)، وابن أبي الربيع السبتي(ت688هـ)، وغيرهم كثير.

فهؤلاء هم الذين حرروا المدارك، ومهدوا القواعد والأصول، وفتحوا لمن بعدهم باب المنقول والمعقول جيلاً بعد جيل، خلفاً عن سلف؛حيث يقتفي اللاحق منهم أثر السابق.  وفي العصر الحديث ظهر بالمغرب أعلام اشتغلوا بالتفسير وأبدعوا في تناول قضاياه ودرسوها من مختلف جوانبها العلمية الدقيقة، من تقييدات، وشروح، واستدراكات، واعتراضات، وردود كما سيأتي معنا في هذا المدخل.

ومن هؤلاء الأئمة الذين اشتغلوا بفن التفسير وأبلوا فيه البلاء الحسن العلامة المشارك، الإمام المحقق، الدراكة الفهامة، الشيخ محمد الطيب بن عبد المجيد ابن كيران الفاسي رحمه الله(ت1227هـ). وقد بزغ نجمه في سماء هذا العلم، وصار مرجعاً لأهله في عصره، وهو ما سأحاول بيانه في هذا البحث من خلال دراسة شخصية هذا العالم والوقوف عند تراثه في علم التفسير لإبراز منهجه واكتشاف أهم ملامحه.

ومما لا شك فيه أنّ استيعاب مناهج المفسريين ودراسة الوسائل المتبعة لفهم كتاب الله لهو الهدف الأسمى من علم التفسير، الذي يفهم مراد الله عز وجل لإدراك الغاية والمقصود من كلامه سبحانه وتعالى، ثم إيضاحه للناس وإقناعهم به، لهذا تنوعت مناهج المفسرين باختلاف مشاربهم واهتماماتهم.

والحديث عن منهج التقييد عند الشيخ محمد الطيب ابن كيران يعد خطوة علمية لدراسة حلقة من حلقات المدرسة التفسيرية المغربية، لفهم خطاب الله عز وجل.

كما أنّ تراث الشيخ كان محجوباً، ومن ثم لم يتم الحديث عنه والتعريف به، إلى أن يسر الله تعالى نشر رسائله التفسيرية، التي تبرز نموذجا من نماذج التفسير التي أنتجتها المدرسة المغربية، والتي تستحق الوقف عندها بالدراسة والتحليل. ولأجل تبين هذه الحقائق وتبيانها وإخراجها للواقع، وُلد هذا البحث.

فكان من الأسباب التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع وخوض غمار البحث فيه، رغبتي في المشاركة في دراسة علوم القرآن، من خلال الدراسة المنهجية عند علَم من أعلام التفسير بالمغرب الأقصى.

وتأتي تبعاً لهذا السبب بعض الأسباب الأخرى:

ـ جدّة الموضوع وحداثته، حيث لم تنجز ـ في حدود علمي ـ دراسة علمية متخصصة حول هذا النوع التفسيري الدقيق، وحتى أيضا حول العلَم ومنهجه.

ـ إبراز قيمة المدرسة المغربية في التفسير وخصائصها خلال القرن الهجري الثالث عشر.

  ـ غياب تصنيف نظري مستقل يشمل شتات مباحث هذا اللون من ألوان التفسير.

ـ دافع تربوي دعوي: فمما لا شك فيه أن الناظر في واقع الأمة الإسلامية وما تعيشه من أزمات ومشاكل عقدية واجتماعية وتربوية، واقتصادية وسياسية، راجع إلى بعدها عن الطريق المستقيم، وبعدها عن فهم الكتاب العزيز الذي هو ينبوع كل حكمة،ومَعدِن كلّ فضيلة. فلا مناص في وقتنا الحاضر ـ ونحن نعاني من هذه الأزمة الفكرية الحضارية ـ من أن ينبري ثلة من العلماء ذوو العقول االنَّيِّرةِ إلى قيادة هذا الركب إلى برّ الأمان، ولا يتسنى لهم ذلك إلا بالرجوع إلى فهم القرآن الكريم، واستيعاب مضامينه ثم تنزيلها على الواقع المعيش.

وتقتضي طبيعة البحث العلمي الأكاديمي من الباحث حصر الدراسة سواء زمنيا، أو مكانيا، أو حسب الشخصيات، وغير ذلك مما تفرضه طبيعة الموضوع، ليتسنى للباحث الدراسة الجيدة والتتبع الدقيق.ولأنّ هذا الحصر وهذا التحديد له فائدة علمية كبيرة، اخترت دراسة الخصوصية المغربية في التفسير من خلال منهج التقييد في التفسير التي طغى على الدرس القرآني المغربي في العصر الحديث، وذلك من خلال منهج الشيخ محمد الطيب ابن كيران.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فهناك مميزات وخصائص ميزت الدرس القرآني في هذا القطر عن غيره، كان لها بالغ الأثر على الحركة العلمية، فكان لزاما علينا إبرازها.

ثم كذلك ندرة الدراسات المنهجية حول أعلام التفسير في الغرب الإسلامي خلال القرن الهجري الثالث عشر والرابع عشر.

تساعدنا حدود هذه الدراسة ـ دراسة منهج وتراث الشيخ محمد الطيب ابن كيران ـ في اقتحام هذه المدرسة التفسيرية المغربية وسبر أغوارها والكشف عن مناهجها وطرق تعاملها مع القرآن الكريم، لتكون منطلقاً أساسيا في التعريف بالدرس القرآني في هذا العصر ـ القرن الثالث عشرـ ثم رصد معالم هذه المدرسة وأهم الاتجاهات التفسيرية في ذلك الوقت، مع التركيز على الخصوصيات المعرفية والمنهجية للمدرسة المغربية في التفسير.

وسيكون معتمدي في تتبع هذا المنهج من خلال تراثه التفسيري، الذي جمعته في كتاب طبع مؤخرا، ضمنته كل تقاييده التي توصلت إليها.

ودراسة منهج التقييد عند مفسري الغرب الإسلامي، واعتباره خاصية من خصائص المدرسة المغربية بوجه عام،دون تحديد ذلك بزمن أو فئة، مما لا يمكن الإلمام به في رسالة واحدة، لذا رأيت الاقتصار على منهج التقييد عند الشيخ محمد الطيب ابن كيران باعتباره علَماً من أعلام هذه المدرسة، وباختياري له نكون قد حددنا البحث وحصرناه في سياقه الزمني والمكاني.

وقد اتّبعت في إنجاز هذا البحث الخطوات الآتية:

1ـ اتبعت المنهج الوصفي التحليلي في تحليل ومناقشة أراء الشيخ، كما ألجأ أحيانا إلى المنهج الاستقرائي الذي يعتمد على تتبع المسائل الجزئية للوصول إلى النتائج الكلية، كما فعلت في مبحث الاستدراكات.

2- خرجت الأحاديث، فإن كان الحديث في الصحيحين اكتفيت بذلك، وإن كان في غيرهما تتبعته في المظان، معتمداً في درجته على حكم أئمة هذا الشأن.

3ـ وثقت النقول من مصادرها، وعزوت الأقوال إلى أصحابها قدر المستطاع.

4ـ عرفت بالأعلام الوارد ذكرهم في المتن، مستثنيا المشتهر منهم.

5ـ ضبطت الأشعار، ونسبت ما لم ينسب منها.

6ـ ذيلت الكتاب بفهارس تفصيلية كاشفة لمحتواه وهي: فهرس الآيات، فهرس الأحاديث والآثار، فهرس الأعلام المترجم لهم، فهرس الأشعار، ثم فهرس الموضوعات. وقد رتبتها على حسب حروف المعجم.

واستقرت خطة البحث الذي عنوانه: «منهج التقييد في التفسير عند الشيخ محمد الطيب ابن كيران من خلال «أجوبة وتقاييد في تفسير الكتاب العزيز» دراسة تحليلية وصفية»، على مقدمة ومدخل وفصلين ثم خاتمة.

وتفصيلها كالآتي: قمت بتقسيم العمل إلى فصلين:

    ـ الفصل الأول: حول الكتاب وصاحبه.

   ـ الفصل الثاني: خصائص منهج التقييد عند  ابن كيران

فأما الفصل، فجعلته في ثلاثة مباحث، وتحت كل مبحث مطالب.

خصصت المبحث الأول: لدراسة عصر المؤلف، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ثم علميا وفكريا.

أما المبحث الثاني: فجعلته للتعريف بالمؤَلِف، فذكرت نسبَه، ومولدَه، ونشأتَه، وشيوخَه، وتلاميذَه، وإقراءَه للعلم واشتغاله بالفتوى، ثم آثاره العلمية، فمكانته، ثم ثناء العلماء عليه، ووفاته. وختمت هذا الفصل بمبحث تطرقت فيه إلى عناية السلطان المولى سليمان العلوي بالتفسير باعتباره من أعظم تلامذة الشيخ الطيب بن كيران.

وأما المبحث الثالث: فكان للتعريف بالمؤلَّف المدروس: «أجوبة وتقاييد في تفسير الكتاب العزيز».

وأما الفصل الثاني: الذي هو زبدة هذا البحث: يحتوي على مبحثين:

المبحث الأول: خصائص منهج التقييد عند  ابن كيران: وفيه تسعة مطالب تناولت بالدرس والتحليل أهم الجوانب والمداخل المنهجية للتقييد.

والمبحث الثاني: منهج التقييد: الاعتراضات، المناقشات، والردود، والاستدراكات. فيه أربعة مطالب.

ثم خاتمة، ضمنتها الاستنتاجات التي توصلت إليها.

ولا أريد أن أختم هذه المقدمة دون كلمة شكر وتقدير بحروف المحبة الصادقة إلى كل من أعانني برأي أو تصويب أو تشجيع، وأخصّ بالذكر أستاذي المشرف الدكتور عبدالله الرشدي. والأستاذ الدكتور محمد قجوي. حفظهما الله تعالى وبارك في علمهما.

كما لا أنسى أن أتقدم بالشكر والامتنان، إلى كافة مشايخي الأفاضل وأساتذتي الكرام بماستر خصائص الخطاب الشرعي وأهميته في الحوار، الذين بذلوا جهوداً مشكورة لخدمة العلم وأهله، واستفرغوا الوسع في تأطير طلبة العلم وتوجيههم، وعلى رأسهم فضيلة الدكتور العربي بوسلهام، الذي يعود له الفضل بعد الله عز وجل في تأسيس هذا الماستر، وفي الرقيّ بالمستوى العلمي لطلبته.

والشكر كذلك موصول إلى رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدبة للعلماء الدكتور محمد المنتار، وكافة زملائي الباحثين، مع دعائي لهم بالتوفيق والسداد، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

وأخيراً أقول إنّ ما بذلته من جهد في هذه الرسالة إنما هو قدر الوسع، فما كان منه صواباً فمن الله، وما كان خلافه فأسأل الله أن يغفر لي، والكمال لله سبحانه، والعصمة لمن عصمه  الله، وأسأل الله أن يوفقنا لخدمة كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

إعداد: محمد لحمادي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أسأل الله لك مزيدا من التوفيق في مسيرتك العلمية إن شاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق