الرابطة المحمدية للعلماء

منهجية البحث العلمي واستعمال المكتبات الرقمية مواضيع ورشات بكلية الآداب بالرباط.

استكمالا لتكوين الباحثين بالدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، في منهجية البحث العلمي وكيفية كتابة المقالة العلمية، واستعمال المكتبات الرقمية وطنيا وعالميا، ما زالت فعاليات الملتقى الثاني للباحثين الشباب الذي ينظمه مركز الدكتوراه “الإنسان والمجال في العالم المتوسطي” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس ـ الرباط، المنعقد يومي الجمعة والسبت 06 و07 ماي 2016م تحت شعار «العلوم الإنسانية: مكانتها ودورها في المجتمع»، مستمرا.

وقد عرف مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، من ذوي الخبرة في مجال البحث العلمي، من تخصصات متنوعة، أغنت مواد الملتقى، وأفرزت تنوعا في التجارب والخبرات العلمية، في مجال البحث، مما كان له الأثر البالغ على شحذ همم الباحثين والباحثات في سلك الدكتوراه،

وفي كلمة افتتاحية للسيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، د. جمال الدين الهاني، شدد على أن السنة الأولى من الدكتوراه سنة مهمة بالنسبة للباحث في الدكتوراه، على اعتبار أنها تحدد المسار الصحيح للبحث، كما أكد على أهمية التمكن من منهجية البحث العلمي،  وإعداد مقالات وبحوث للنشر في مجلات علمية محكمة، واستكمال التكوينات الأفقية.

منهجية البحث العلمي

أدار أطوار هذه الجلسة العلمية دة. يمينة القراط، مديرة مركز الدكتوراه، ونائبة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

تحدث بداية د. عبد الرزاق الجاي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عن هزالة بعض البحوث العلمية لغياب المنهجية في البحث، مبرزا أن منهجية البحث هي طائفة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم.

وحصرها المتحدث في أربعة مناهج: المنهج الوصفي والمنهج التاريخي، والمنهج التجريدي، والمنهج الاستقرائي الاستنباطي، مركزا حديثه عن المنهج الوصفي، مختتما بتوصية لجعل كل منهج على حدة، في ورشة علمية تطبيقية.

وفي كلمة للسيدة دة. زهور كرام، أستاذة التعليم العالي، جامعة ابن طفيل، بالقنيطرة، انطلقت في حديثها عن البحث العلمي من تجربتين؛ التجربة في المعرفة والتجربة بالمعرفة، فالتجربة في المعرفة هي وعي الباحث بالدكتوراه بموقعه الجديد وتمثله لطبيعة الوظيفة والمسؤولية الجديدة، في علاقته بالمعرفة، لإنتاج معرفة جديدة، على اعتبار أن مقياس تطور الأمم والحضارات مرتبط أساسا بالبحث العلمي.

واعتبرت المتحدثة «التجربة بالمعرفة هي منهجية البحث العلمي، وهي المشترك بين الباحث والأستاذ، بحيث يركز على العلمية في كل شيء …» وأن علاقة الباحث بالبحث تنطلق من حسن اختيار الموضوع منذ البداية، وتقرير مبسط، وبيبلوغرافيا.

وفي كلمة د. المختار الهراس، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، تحدث عن «البحث في العلوم الاجتماعية بصفة عامة»، وخاصة الفرق بين المناهج التي نوظفها في الميدان وتحليل نتائج العمل الميداني، مع تأكيده على الفصل بين كل مراحل المنهج، وما بين العينة والتحليل، كما شدد على أن المنهج الكيفي، لا بد له من الانطلاق من إشكالية، فالواقع لا محدود، ولا بد من دراسة سؤال محدد ولا بد من تحديد مفاهيم وفرضيات التي سنجيب بها عن إشكالية البحث.

واعتبر المتحدث أن «الباحث الميداني لا بد له من بناء علاقات قبل النزول إلى الميدان، وطرح أسئلته، واستعمال المسهلين للدخول إلى الميدان، وأشخاص ذو سمعة طيبة في الجماعة»، بالإضافة إلى المكان الذي يجرى فيه البحث ينبغي أن يكون محايدا، مع اختيار الزمان المناسب للاتصال بالأشخاص.

وقد همت مداخلة د.محمد أدرغال أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، «الميدان في مسار البحث الجغرافي»، وانطلق من زاوية العلوم الاجتماعية الجغرافية، التي كانت ولا زالت لصيقة بالميدان.

واعتبر الأستاذ الحلاضر أن تطور الجغرافية في القرن العشرين تأثر بشكل كبير بالثروة المعلوماتية التي عرفها العالم، فبدأت تصل الجغرافي إلى مكتبه، دون النزول إلى الميدان.

وتساءل المتحدث: هل ممارسة الميدان ما زالت تمثل قاعدة رئيسية للبحث الجغرافي، أم أنها مكمل فقط للأبحاث القائمة على المعطيات الإحصائية التي تزخر بها الإدارات العمومية، ووكالات التعاون الدولي والتقارير التقنية؟

ليجيب أن العمل الميداني للباحث لا زال يمثل جزءا كبيرا من النشاط الذي يقوم به الباحث، كقياسات حول التربة، أو حول التكوينات السطحية، وأخذ عناصر من الميدان تهم المناظر الطبيعية والبشرية، كما أبرز أن عبقرية الباحث الناجع في تكييف منهجية البحث مع الميدان.

واعتبر المتحدث أن المنتوج الجغرافي خلال السنوات الأخيرة، أظهر نوعا من الاختلاف بين الجغرافية الطبيعية والجغرافية البشرية، فالجغرافية البشرية قد تراجع العمل بها في الميدان، لأنها أصبحت تعتمد الإحصاء التي تنتجه القطاعات الوزارية.

مختتما حديثه بأن وضع برتوكول منهجي للجغرافية يمر عبر ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: تحديد الميدان كموضوع مجالي يستجيب للإشكالية التي وضعتها، المرحلة الثانية: اختيار الفاعلين، تصنيفهم وترتيبهم حسب الدور، والمرحلة الثالثة إحصاء جميع العمليات المفيدة لربط الاستمارة بنوعية الفاعلين وبنوعية المكان الذي يبحث فيه.

وفي مداخلة د. الجيلالي العدناني، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بعنوان: «الجذور التاريخية لمناهج البحث العلمي»، حصر موضوع حديثه في إنتاج المعرفة وينابيع المعرفة وتجاوزات ونقائص خلال الحقبة الاستعمارية وما بعدها، فتحدث بداية عن مشروع إنتاج المعرفة العلمية بالمغرب، الذي انطلق سنة 1913م، من مدرج الشريف الإدريسي، بحيث دشَّن معهد تدريس اللغة العربية واللهجات الأمازيغية، وفي سنة 1920م، سيتحول المدرج إلى معهد الدراسات العليا المغربي الذي شرع في إنتاج معرفة حول التاريخ والجغرافية.. واستحضر في مداخلته أعلاما أثروا في التاريخ من مثل كزافيي كبولاني Xavier Coppolani، وجاك بيرك Jacques Berque، مختتما حديثه بإضافة عناصر أخرى لثالوث المجتمع المغربي الشعبي؛ القبيلة والزاوية والمخزن، وهي السيرة النبوية والمناقب والرحلات والمذاهب.

كتابة مقالة علمية

انطلقت الجلسة بمداخلة للدكتور مصطفى حدية، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بعنوان: «خطوات كتابة مقالة علمية»، التي حصرها في خمس خطوات مبتدئا بتحديد موضوع البحث المراد دراسته، وملخص البحث الذي يكون ما بين 150 إلى 200 كلمة، ثم كتابة مقدمة، والمنهجية المعتمدة في البحث، والنتائج مع مناقشتها وعرضها وتفسيرها، وفي الختام الاستنتاج، والخلاصة، ثم مراجع البحث.

وفي مداخلة للدكتور حسن بلحياح، أستاذ بجامعة الأخوين، باللغة الإنجليزية، بعنوان: «how to write and publish a research paper» “كيفية كتابة ونشر ورقة بحثية”، تطرق إلى أهمية النشر، والنصائح العملية قبل الكتابة، وما الذي يجعل الورقة جيدة، وبنية المقالة، وعملية عرض وتحرير المادة العلمية.

وفي مداخلة للدكتور عبد الكريم بلحاج، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حول «كتابة مقال علمي»، تحدث بداية عن الهدف من المقال العلمي، وعن حسن اختيار عنوان للبحث، وملخص يتضمن الهدف من الدراسة والمنهجية، وأهم النتائج، ثم مقدمة، وإشكالية، والإطار النظري والمفاهيمي، والأهداف، والمنهجية في جمع المعطيات والمعلومات، وسياق الموضوع، والنتائج والمناقشة، والخلاصات.

وفي مداخلة للدكتور محمد بن دحان، باللغة الفرنسية، بعنوان:« le rédaction d’un article » تحدث بداية عن إطار وهدف كتابة مقال علمي، ثم منطق البحث، ومشروع العمل في كتابة المقال، والمواصفات المتوافرة في المقال العلمي، وقواعد التحرير العلمية، ومسائل موضوعية، وأخيرا تحدث عن نتائج البحث.

استعمال المكتبات الرقمية

في هذه الجلسة تحدث د. الحسين أمزيل عن المكتبات الرقمية، مؤرخا لبداياتها الأولى، منذ سنة 1980 إلى حدود عصرنا الحالي، ثم خصص حديثه حول برنامج Ednote الذي يقدم خواص عديدة ومميزة على مستوى الدخول إلى المكتبات الرقمية العالمية، وذلك عبر الولوج والبحث والتوثيق، والقراءة والتبويب والتصفيف البيبليوغرافي.

وفي مداخلة د. عبد الفتاح حمادي الذي بدأ شرح نظام المرصد الوطني للتنمية البشرية المتاح باللغات الثلاث، الذي يتضمن بنكا للمعطيات ولوحة قيادة وأبحاث ومكتبة رقمية خاصة بالمعطيات البشرية، كمت يتضمن قاعدة بيانات المرصد، ومعلومات حول دول العالم، كم يتيح المرصد إمكانية المقارنة بين الدول في مؤشر التنمية، أو البطالة ..وغيرها.

ويفيد المرصد الباحث في توفيره للمعطيات الإحصائية والخرائط والجداول، حسب الدول أو حسب القطر الواحد أو البلد، والجهات والمدن.

وفي ختام اليوم، ثم لقاء بين الباحثين وبعض منسقي التكوينات المنضوية تحت مركز الدكتوراه، لتدارس مواضيع تتصل ببحوثهم.

محمد لحمادي
مركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق