الرابطة المحمدية للعلماء

منح جائزة ابن رشد الدولية في نسختها الثانية لعبدو ضيوف وفيليبي غونزاليس ماركيز

تسلم مساء أول أمس السبت بمراكش، عبدو ضيوف الرئيس الأسبق للسنغال والأمين العام السابق لمنظمة الفرنكوفونية وفيليبي غونزاليس ماركيز السياسي والرئيس الأسبق للحكومة الاسبانية، جائزة ابن رشد الدولية في نسختها الثانية، والتي تكرم كل سنة شخصيتين من ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط.

وتحتفي جائزة ابن رشد، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من قبل جامعة القاضي عياض بمراكش بشراكة مع جامعة قرطبة باسبانيا والمركز المتوسطي بايطاليا ، كل سنة، بشخصيتين تنحدران من ضفتي حوض المتوسط اعترافا بأعمالهما في “بعث أنسنة حديثة بحوض المتوسط “.

ومنحت جائزة ابن رشد، لهذه السنة في دورتها الثانية، لشخصيتين بارزتين عملتا وتواصلان من أجل إبراز وإشاعة القيم الكونية للسلام والتسامح، ويتعلق الأمر بعبدو ضيوف، الرئيس الأسبق للسنغال والأمين العام السابق لمنظمة الفرنكوفونية (بالنسبة للضفة الجنوبية) وفيليبي غونزاليس ماركيز السياسي والرئيس الأسبق للحكومة الاسبانية (الضفة الشمالية).

وتطمح هذه الجائزة التي أحدثت سنة 2012 إلى تعزيز أنسنة جديدة في الفضاء المتوسطي تنهل من القيم التي نقلتها هذه الشخصية البارزة في الفكر العربي الإسلامي الأندلسي في القرن الثاني عشر، حيث يبقى ابن رشد بالنسبة للفضاء المتوسطي ذلك الفيلسوف الكبير الذي صالح الإيمان بالعقل من خلال أعماله التاريخية، كما يمثل رمزا أساسيا لروح الانفتاح والتسامح والسلام وكذا للإيمان الهادئ ولشجاعة الفكر.

وخلال هذا الحفل ، الذي عرف حضور العديد من الشخصيات من بينها وزراء ومفكرين مغاربة وأجانب وشخصيات من عالم الأدب والثقافة، قدم العديد من المتدخلين شهادات في حق المتوجين بهذه الجائزة في نسختها الثانية واللذين عرفا بالعمل المتواصل من أجل السلم والنهوض بالمبادئ الإنسانية التي دافع عنها منذ قرون العالم والمفكر البارز ابن رشد.

كما استحضر المتدخلون فكر ابن رشد وحكمة فلسفته التي قدمت إجابات صريحة وناجعة للأوجاع الكبرى التي يعاني منها عالم اليوم.

وقال رئيس جامعة القاضي عياض بمراكش عبد اللطيف الميراوي، إن ” ابن رشد كان دائما ينتفض ضد الظلامية والمتعصبين في زمانه. وينطوي عمله تحديدا على هذه القمة بين العقل والإيمان، والذي لم يتوقف عن تقريبهما ومزجهما في إنكار مستمر للتعصب والشرعة من أي نوع”، معتبرا أن هذه الجائزة نداء عاجل من أجل الحفاظ على ما يجسده.

من جهته، قال الرئيس الأسبق لجامعة قرطبة خوسي مانويل رولدان نوغيراس، إن جائزة ابن رشد لبعث أنسنة جديدة قد أحدثت من أجل الاعتراف بقيم التسامح والحوار مع التأكيد على مساهمة أحد المفكرين العالميين الذين أنجبتهم قرطبة والذي يعد فكره وعمله رمزا للروابط التي تجمع ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط.

من جانبه، أشاد رئيس برنامج ميد 21 محمد نادر عزيزة، بأعمال وأنشطة المتوجين وكذا المبادئ الإنسانية التي أبان عنها كل واحد منهما خلال مساره بضفتي المتوسط.

وقال في حق المتوج عن الضفة الشمالية إنه “من خلال تحليه بالحكمة والتبصر قام بقيادة بلاده (إسبانيا) في مرحلة الانتقال من عهد الديكتاتورية إلى الديمقراطية، فالسيد فيليبي غونزاليس آمن بحق بالقضية التي ندافع عنها بالدعوة إلى المصالحة بين الإيمان والعقل والتي لم يتوانى في الدفاع عنها من تحمل هذه الجائزة اسمه”
أما عن عبدو ضيوف (الضفة الجنوبية)، فقال في حقه إنه يعد من “حكماء إفريقيا يتحلى بالموهبة والنزاهة، وبذلك نلمس بصمته الشخصية لجعل بلاده نموذجا للديمقراطية في القارة كلها، قبل ما أفرزته صناديق الاقتراع، وتحاشى أن يكون من أولئك الذين تملكهم جشع التمسك بالسلطة، فالسيد ضيوف جاب الصحراء للارتواء من مصادر المعرفة لابن قرطبة اللامع”.

بعد تقديم العديد من الشهادات حول مسار هاتين الشخصيتين وأعمالهما المتميزة، سلمت الجائزة للسيد عبدو ضيوف من قبل السيد أندري أزولاي مستشار صاحب الجلالة، فيما قدم رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي السيد عمر عزيمان الجائزة للسيد فيليبي غونزاليس.

وأبرز السيد أزولاي في تصريح للصحافة عقب هذا الحفل، أن جائزة ابن رشد ، التي تكرم هذه السنة شخصيتين بارزتين من ضفتي حوض المتوسط ، تكتسي رمزية كبيرة من أجل السلام والتسامح والتقريب بين الشعوب في وقت تسود بالعالم برمته حالة من “الانكسار والجحود والخوف”.

وقال إنها رسالة بليغة نظرا للقيم الإنسانية لابن رشد، تنطلق من المغرب أرض الإسلام بالضفة الجنوبية لحوض المتوسط والذي استطاع ترسيخ تنوع هويته الغنية بروافدها العربية- الإسلامية والأمازيغية والأندلسية واليهودية والإفريقية.

وتسعى جائزة ابن رشد الدولية إلى أن تكون مناسبة متميزة لتخليد واستعادة كيف كانت منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط مع مفكرين من أمثال ابن رشد وابن ميمون.

كما تبتغي هذه الجائزة تكريم مفكرين معاصرين ينحدرون من إحدى بلدان الضفة الشمالية والضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط ويتموقعون ضمن الخط الفكري لابن رشد مع سعيهم من خلال أعمالهم إلى المساهمة النوعية والراهنة في سبيل بلورة أنسنة حديثة للقرن الواحد والعشرين في منطقة حوض المتوسط وفي غيره من مناطق العالم.

يشار إلى أن السيد عبدو ضيوف، المزداد في السابع من شتنبر 1935 ، بدأ مسيرته المهنية كموظف سامي في سن يناهز 25 سنة قبل أن يتولى العديد من المناصب العليا، وقد شكلت مختلف فترات حكمه علامة على سياسة الانفتاح على التعددية الحزبية والتحرير التدريجي للاقتصاد وتكريس مبدأ اللامركزية.

كما أسهم في إيصال صوت السنغال إلى العالم، وكافح من أجل الوحدة الإفريقية خاصة بعد شغله منصب الرئيس التنفيذي لمنظمة الاتحاد الإفريقي والرئيس التنفيذي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

أما فيليبي غونزاليس ماركيز ، المزداد سنة 1942 باشبيلية، فهو سياسي ورجل قانون. وقد انتخب رئيسا للحكومة الاسبانية لأربع ولايات متتالية إلى غاية 1996 ، كما شغل ممثل منظمة الأمن والتعاون الأوربي والاتحاد الأوربي لدى جمهورية يوغسلافيا ونائب رئيس الأممية الاشتراكية إلى جانب مناصب أخرى.

وفاز سنة 1993 بجائزة شارلمان لالتزامه بتوحيد أوربا ، كما حصل سنة 2000 على جائزة شارلز الخامس من الأكاديمية الأوربية لمؤسسة بوست.

وكانت جائزة ابن رشد الدولية قد عادت في نسختها الأولى لصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال (الأردن) (عن الضفة الجنوبية لحوض المتوسط)، وجان دانيال الكاتب مؤسس مجلة “نوفال أوبسرفاتور” الفرنسية (الضفة الشمالية).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق