مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةمفاهيمشذور

منازل حملة القرآن

قال أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد رحمة الله عليه:« قال اختلف الناس في القراءة كما اختلفوا في الأحكام، ورويت الآثار بالاختلاف عن الصحابة والتابعين توسعة ورحمة للمسلمين وبعض ذلك قريب من بعض، وحملة القرآن متفاضلون في حمله، ولنقلة الحروف منازل في نقل حروفه، وأنا ذاكر منازلهم ودال على الأئمة منهم، ومخبر عن القراءة التي عليها الناس بالحجاز والعراق والشام وشارح مذاهب أهل القراءة ومبين اختلافهم واتفاقهم إن شاء الله، وإياه أسأل التوفيق بمنه.

 فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات، العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار؛ فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين.

 ومنهم من يعرب ولا يلحن، ولا علم له بغير ذلك؛ فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه.

 ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم لا يعرف الإعراب ولا غيره؛ فذلك الحافظ، فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده فيضيع الإعراب لشدة تشابهه، وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة؛ لأنه لا يعتمد على علم بالعربية ولا بصر بالمعاني يرجع إليه، وإنما اعتماده على حفظه وسماعه.

 وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرىء نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه، وجسر على لزومه والإصرار عليه.

 أو يكون قد قرأ على من نسي وضيع الإعراب ودخلته الشبهة، فتوهم؛ فذلك لا يقلّد القراءة ولا يحتج بنقله.

 ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعا».

 من كتاب السبعة لابن مجاهد ص45-46 تحقيق شوقي ضيف

Science

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق