مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

مقنع المحتاج في آداب الأزواج لابن عرضون

يعد كتاب «مقنع المحتاج في آداب الأزواج»، لأبي العباس أحمد بن الحسن ابن عرضون(ت992هـ)، من أجل كتب المالكية المؤلفة في فقه الزواج، وتكمن أهميته بالنظر إلى كون صاحبه من أشهر علماء المغرب في القرن الهجري العاشر، فقد تفقه على خيرة علماء عصره في مختلف العلوم؛ كوالده أبي علي الحسن بن يوسف ابن عرضون، وعمِّه أبي حفص عمر بن يوسف ابن عرضون، وأبي محمد عبد الله الهبطي، وأبي عبد الله محمد بن عمر بن عيسى الحسني، وآخرين، كما شُهد له بالعلم والصلاح، وخُصّ بالثّناء الـحَسَن فقد وصفه كثير من العلماء بـ: الفقيه الأجل، والعلامة المتفنن، والقاضي المبرز في العدالة والفضل، والإمام العمدة الفاضل الموثق به.

 أما كتابه فقد أفصح في أوّله رحمه الله عن سبب تأليفه بقوله:«….أردت بحول الله تعالى وقُوَّته، أن أقيد لنفسي مجموعاً في حقوق الأزواج، يكون لي كالسراج الوهاج، أستضيء بأنواره، وأجتني من أزهاره وأثماره، ومرادي بجمع هذا المجموع، ووضع هذا الموضوع؛ جمع ما انتشر في المجلدات، وضمِّ ما افترق في المصنفات …» إلى أن قال: « وأما أبناء جنسي فبحسب التبع بالخير لنفسي ولهم أردت».

بعد هذا كشف المؤلف عن الخِطَّة التي انتهجها في مؤلفه، وهذا تفصيلها: ففي المقدمة تعرض للترغيب في الزواج، والترغيب عنه وذمه، وفوائده وآفاته وحكمه. ثم تلاها بالقسم الأول: بسط فيه الكلام عن الأمور التي ينظر فيها قبل عقد النكاح من خلال أربعة أبواب، ففي الباب الأول تحدث عما يعتبر في الزوجة  في فصلين: الأول: فيما يعتبر فيها لأجل الـحِلِّ، والثاني: فيما يعتبر فيها من الخصال المطيبة للمعيشة، والعشرة الداعية للتوفيق بينهما والصلاح. وفي الباب الثاني: تناول ما يجب أن يعتبر في الزوج في فصلين أيضا، الأول: في اعتبار الكفاءة، والثاني في اعتبار شروط المصاهرة. وفي الباب الثالث: فيما ينبغي للخاطب أن يقدمه من الاستخارة والاستشارة وتحسين النية والمقصد، والنظر إلى المخطوبة وما يتعلق بالخطبة، وذلك من خلال ثلاثة فصول؛ الأول: في الاستخارة والاستشارة، والثاني: في تحسين النية والمقصد، والثالث: في النظر إلى المخطوبة وما يتعلق بالخطبة، وفي الباب الرابع:  فيما يراعى في العقد من الشروط والأركان وما يتعلق بذلك. أما القسم الثاني: فخصصه لآداب العشرة وما يتعلق بذلك من الأمور التي تجري في دوام النكاح من خلال أربعة أبواب، الأول: في الوليمة، وفيه أربعة فصول: الأول: في مشروعيتها وحكمها وما يتعلق بذلك، والثاني في جملة من آداب الدعوة والإجابة والحضور وما يتعلق بذلك من آداب الأكل والاجتماع عليه… والثالث في التحذير مما أحدث في الوليمة من البدع الذميمة، والرابع في جواز الاجتماع فيها على ذكر الله عز وجل. أما الباب الثاني ففي آداب الدخول، وفيه أربعة فصول: الأول: فيما يختص بالزوجة من آداب الدخول، والثاني: فيما يختص بالزوج من ذلك، والثالث: فيما يختص بليلة الدخول، وما يتعلق بذلك من آداب الوقاع، والرابع: في العوائق التي تعوق عن الدخول، وما يتعلق بها.  أما الباب الثالث: في النظر فيما على الزوج من سائر الآداب والحقوق، وفيه سبعة فصول: الأول: في المعاشرة والرعاية والسياسة، والثاني: في الغَيْرة، والثالث: في التعليم، والرابع: في النفقة، والخامس: في القسم والتأديب والنشوز، والسادس: في الولادة، والسابع: في المفارقة. أما الباب الرابع: ففي ما على الزوجة من حقوق الزوج، وفيه خمسة فصول: الأول: في وجوب طاعة الزوجة لزوجها، والثاني: في وجوب صيانة نفسها عليها، والثالث: فيما يطلب في حقها من حفظ ماله وتنميته، وتوسعتها عليه من مالها، والرابع: في جمل من الآداب، ومراعاة الصواب مما يتأكد عليها، والخامس: فيما يتعلق بالفراق مما هي مطالبة به. وأما الخاتمة: ففي رياضة الصبيان.

وقد سلك ابن عرضون في مؤلفه طريقة فريدة من نوعها، تتسم الدقة، وبراعة الإبداع، وساعده على ذلك  التزامه بالخطة التي رسمها لكتابه، إذ نجده قد فرّع مسائل النكاح إلى فروع، ثم جزأها إلى جزئيات دقيقة، حتى يسهل على المطلع لكتابه بلوغ مراده وتحقيق بغيته بدون كلل أو ملل، مع تعضيده لما يورده بأدلة من كتاب الله وتفاسيره، وكتب السنة وشروحها، وكتب الفقه والآداب والسلوك وغيرها. والمتتبع لنقول المؤلف يلمس هذا التنوع فيها، وهذه جملة منها على سبيل المثال لا الحصر: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، والسنن الأربعة، والمفهم لأبي العباس القرطبي، وشرح مسلم للنووي، والمدونة الكبرى، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد، والمعونة للقاضي عبد الوهاب، والمدخل لابن الحاج، والجواهر الثمينة لابن شاس، وإحياء علوم الدين للغزالي، والإيضاح في أسرار النكاح للشيرازي، بل استفاد ابن عرضون رحمه حتى من مؤلفات شيوخه ومعاصريه خاصة منها المنظومات الفقهية التي ألفها كل من جده لأمه أبي القاسم بن خجو،  وشيخه أبي محمد عبد الله الهبطي.

صدر الكتاب عن دار ابن حزم ومركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث، دراسة وتحقيق عبد السلام الزياني، الطبعة الأولى (1430هـ – 2010م).

الكتاب: مقنع المحتاج في آداب الأزواج.

المؤلف: أبو العباس أحمد بن الحسن ابن عرضون (ت992هـ).

مصادر ترجمته: درة الحجال لابن القاضي(1/172)، وجذوة الاقتباس لابن القاضي (1/160)، شجرة النور الزكية(286).

دار النشر: دار ابن حزم ومركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث، دراسة وتحقيق عبد السلام الزياني، الطبعة الأولى1430هـ – 2010م).

قال محمد مخلوف في حق المُؤَلِّف: الإمام العمدة الفاضل الفقيه الموثق القاضي العادل.

إنجاز: رشيد قباظ.

Science

الدكتور رشيد قباظ

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم و رحمة الله ، كيف يمكنني الحصول على كتاب مقنع المحتاج في آداب الأزواج و شكرا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق