مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةمفاهيم

“مفهوم الشيء عند الأشاعرة”

 

   الشيء لغة: ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، فيشمل الموجود والمعدوم، ممكنا أو محالا، واصطلاحا: خاص بالموجود، خارجيا كان أو ذهنيا[1]   يقول أبو الحسن الأشعري (تـ324هـ): «واختلف المتكلمون هل يسمى البارئ شيئا أم لا؟ على مقالتين: فقال جهم وبعض الزيدية: إن البارئ لا يقال: إنه شيء؛ لأن الشيء هو المخلوق الذي له مثل، وقال المسلمون كلهم: إن البارئ شيء لا كالأشياء.
 واختلفت المعتزلة في القول إن الله غير الأشياء على أربع مقالات:
 فقال قائلون: إن البارئ غير الأشياء، وزعموا أن معنى القول في الله أنه شيء، أنه غير الأشياء بنفسه، ولا يقال: إنه غيرها لغيرية، والقائل بهذا القول عباد بن سلمان؛
 وقال قائلون: البارئ غير الأشياء، والأشياء غيره، فهو غير الأشياء لنفسه وأنفسها، والقائل بهذا القول الجبائي؛
 وقال قائلون: إن البارئ غير الأشياء لغيرية لا لنفسه، وزعم صاحب هذا القول، أن الغيرية صفة للبارئ، لا هي البارئ، ولا هي غيره، والقائل بهذا القول هو الحلقاني؛ وكان يزعم أن الجواهر تتغاير بغيرية يجوز ارتفاعها، فلا تتغاير، وأن الأعراض لا تتغاير، وكان يقول في صفات الإنسان أنها ليست هي الإنسان، ولا هي غيره، كما يقول ذلك في صفات البارئ؛ وقال قائلون: قولنا البارئ غير الأشياء؛ إنما معناه أنه ليس هو الأشياء.»[2]
   ويحكي ابن فورك(تـ406هـ) مذهب أبي الحسن الأشعري في الشيء، وذلك في إبانة مذهبه في معاني ما ورد من أسماء الرب تعالى وصفاته في الكتاب والسنة واتفاق الأمة؛ فيقول:«…ثم بعد ذلك تسميته بأعم أسماء الإثبات، وهو أن يقال له: إنه شيء؛ ومعنى ذلك أنه ثابت كائن ليس بمعدوم ولا منتف، وقد ورد بذلك أيضا نص الكتاب، وعليه أجمعت الأمة، إلا من ابتدع قولا مخالفا به الإجماع السابق له، من الجهمية والباطنية.»[3]
   ويقول القاضي أبو بكر الباقلاني(تـ403هـ): في باب الكلام في أقسام المعلومات: «جميع المعلومات على ضربين: معدوم، وموجود، فالموجود هو الشيء الثابت الكائن، لأن معنى الشيء عندنا أنه موجود، يدل على ذلك قول أهل اللغة شيء إثبات: وقولهم ليس بشيء نفي: يبين ذلك أن القائل يقول: ما أخذت من زيد شيئا، ولا سمعت منه شيئا، ولا رأيت شيئا، نفي للمذكور، وقولهم: أخذت شيئا، وسمعت شيئا، ورأيت شيئا، إثبات للمذكور، ورجوع إلى كائن موجود، فوجب أن يكون كل موجود شيئا، وكل شيء موجودا.»[4]
   وقال أبو حامد الغزالي(تـ505هـ): (في بيان أن أسماء الله تعالى من حيث التوقيف غير مقصورة على تسعة وتسعين):«ومما وقع عليه الاتفاق بين الفقهاء، والعلماء من الأسامي، المريد، والمتكلم، والموجود، والشيء، والذات، والأزلي، والأبدي، وإن ذلك مما يجوز إطلاقه في حق الله سبحانه وتعالى.»[5]
   ويقول عبد الكريم الشهرستاني(تـ548هـ): «…والشيء أعرف من أن يحد بحد، أو يرسم برسم، لأنه ما من لفظ يدرجه في تحديد الشيء، إلا وهو أخفى من الشيء، والشيء أظهر منه، وكذلك الوجود، ولو أدرجت في التحديد ما، أو الذي، أو هو، فذلك عبارة عن الوجود والشيئية، فتعريفه بشيء آخر محال، ولأن الشيء المعرف به أخص من الشيئية والوجود، وهما أعم من ذلك الشيء، فكيف يعرف شيئاً بما هو أخص منه، وأخفى منه، ومن حد الشيء أنه الموجود فقد أخطأ، فإن الوجود والشيئية سيان في الخفا والجلا، ومن حده ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فقد أخطأ، فإنه أدرج لفظ ما في الحدود، ومعناه أنه الشيء الذي يعلم فقد عرفه بنفسه، لعمري قد يختلف الاصطلاح والمواضعة، فالأشعرية لا يفرقون بين الوجود، والثبوت، والشيئية، والذات، والعين.»[6]
   ويقول أبو عبد الله فخر الدين الرازي (تـ 606هـ) في تفسير قوله تعالى: ﴿قل أيّ شئ أكبر شهادة قل الله﴾[الأنعام: 20]: «تسمية الله بالشيء: المسألة الأولى: أطبق الأكثرون على أنه يجوز تسمية الله تعالى باسم الشيء، ونقل عن جهم بن صفوان أن ذلك غير جائز، أما حجة الجمهور فوجوه:
   الحجة الأولى: قوله تعالى: ﴿قل أيّ شئ أكبر شهادة قل الله﴾[ الأنعام: 20 ]، وهذا يدل على أنه يجوز تسمية الله باسم الشيء، فإن قيل: لو كان الكلام مقصوراً على قوله: ﴿ قُلِ الله﴾، لكان دليلكم حسناً، لكن ليس الأمر كذلك، بل المذكور هو قوله تعالى: ﴿قل شهيد الله بيني وبينكم﴾[الأنعام: 20]، وهذا كلام مستقل بنفسه، ولا تعلق له بما قبله، وحينئذٍ لا يلزم أن يكون الله تعالى مسمى باسم الشيء، قلنا: لما قال: ﴿ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة ﴾ ثم قال: ﴿ قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ ﴾، وجب أن تكون هذه الجملة جارية مجرى الجواب عن قوله: ﴿ أَىّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة ﴾، وحينئذٍ يلزم المقصود. تفسير الرازي
   الحجة الثانية: قوله تعالى: ﴿ كُلُّ شَيء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾ [سورة: القصص، آية: 88]، والمراد بوجهه ذاته، ولو لم تكن ذاته شيئاً لما جاز استثنائه عن قوله: ﴿ كُلُّ شَيء هَالِكٌ ﴾، وذلك يدل على أن الله تعالى مسمى بالشيء.
   الحجة الثالثة: قوله عليه السلام في خبر عِمران بن الحصين: (كان الله ولم يكن شيء غيره)[7]، وهذا يدل على أن اسم الشيء يقع على الله تعالى.
   الحجة الرابعة: روى عبد الله الأنصاري في الكتاب الذي سماه “بالفاروق”، عن عائشة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من شيء أغير من الله عزّ وجلّ )[8].
   الحجة الخامسة: أن الشيء عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه، وذات الله تعالى كذلك، فيكون شيئاً.»[9]
   ويقول سيف الدين الآمدي( تـ631هـ): في الفصل الثالث فى (تحقيق معنى الشيء واختلاف الناس فيه): «مذهب أهل الحق من الأشاعرة: أن لفظ الشيء: عبارة عن الموجود لا غير فكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء [10]. ووافقهم على ذلك الكعبى من المعتزلة.
وذهب الجاحظ والبصريون من المعتزلة: إلى أن الشيء هو المعلوم، والتزموا على ذلك كون المعدوم الممكن شيئا وحقيقة.
وذهب أبو العباس الناشئ: إلى أن الشيء هو القديم؛ وإن أطلق اسم الشيء على الحادث فلا يكون حقيقة بل تجوّزا.
وذهبت الجهمية: إلى أن الشيء: هو الحادث، دون القديم.
وذهب هشام بن الحكم: إلى أن الشيء: هو الجسم ولا شيء فى الحقيقة سواه.
وذهب أبو الحسين البصرى، والنصيبى من معتزلة البصريين: إلى أن الشيء حقيقة فى الموجود مجاز فى المعدوم الممكن.
واعلم أن النزاع هاهنا نفيا، وإثباتا إنما هو فى الإطلاق اللفظى دون المعنى.
وعلى هذا: فما كان على وفق اللغة واللغة شاهدة له فهو الحق.
وما كان على خلاف اللغة: فمردود ولا مجال للعقل فى إثبات اللغات.
وعند هذا: فلا بد من تحقيق مذهب أهل الحق أولا، والانعطاف على إبطال مذهب الخصوم ثانيا.
فنقول: أما إطلاق لفظ الشيء بإزاء الموجود، فعلى وفق اللغة واصطلاح  أهل اللسان، وسواء كان الموجود قديما، أو حادثا، ولهذا فإنا وجدنا اصطلاح أهل اللسان فى كل عصر وأوان، متناطقين بلفظ الشيء بإزاء الموجود.
وأنه لو قال قائل الموجود شيء لم ينكر عليه منكر من أهل اللغة، والأصل فى الإطلاق الحقيقة؛ ثم لو كان ذلك مجازا لصح نفيه.
ونسلم أنه لو قال القائل: الموجود ليس بشيء، لبادر إلى الإنكار عليه كل من شد طرفا من العربية، وكان عارفا باصطلاح أهل اللسان حتى العوام.
ومن لم يتوغل فى العربية توغل الأئمة من أهل اللغة من غير فرق بين أن يكون الموجود قديما، أو حادثا، أو جسما[11]، أو عرضا فمن ادعى الفرق بين القديم والحادث، أو الجسم والعرض حتى أنه جعل ذلك حقيقة فى البعض، دون البعض مع تحقق الوجود فى الكل، فلا بد له من دليل نقلى عن أهل الوضع، أو الشرع يدل على التفرقة، لتعذر استفادة ذلك من العقل، ولا سبيل إليه.
ويخص القائل: بأن الشيء هو الجسم: صحة إطلاق الشيء على ما ليس بجسم، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿لقد جئتم شيئا إدّا﴾ [سورة: مريم، آية: 90]، وأراد به ادعاؤهم لله تعالى ولدا.
وقوله تعالى:﴿وكل شئ فعلوه في الزبر﴾[سورة: القمر، آية: 52]، وأراد به تبديلهم وتحريفهم.»[12]  
ويقول في  “غاية المرام في علم الكلام”: «ومثار الجهل، ومنشأ الخيال ههنا، لأهل الضلال في اعتقاد كون المعدوم شيئا، إنما هو من تطفلهم سلوك مسلك الهيولانيين، ونسجهم على منوال الفلاسفة الإلهيين، وظنهم أن ذلك من اليقينيات، وأنه لا منافرة بينه، وبين القول بحدث الكائنات، ولهذا لما تخيل بعضهم ما فيه من الجهالة، وشحذ راية الضلال، قال: إنما نطلق عليه اسم الشيء والذات من جهة الألفاظ والعبارات، وربما تمسك في ذلك بالسمع، وظواهر واردة في الشرع، مثل قوله تعالى: ﴿ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا﴾[سورة: الكهف، آية: 24]، وكذلك قوله: ﴿إن زلزلة الساعة شئ عظيم﴾[سورة: الحج، آية: 1]،فإنه قد سمى الساعة والفعل قبل كونهما شيئا، وهذا وإن كان نزاعا في اللفظ دون المعنى، وأنه أقل طغاوة من الأول، لكنه مما لا عليه معول، ومعنى قوله ﴿ ولا تقولن لشئ إنى فاعل أى فاعل غدا ﴾[سورة: الكهف، آية: 24]، شئ إلا أن يشاء الله، وكذا تسميته زلزلة الساعة شيئا، إنما هو في وقت كونهما، وهذا على رأى من لا يعترف منهم بكون المعدوم متحركا، أولى وأحرى من جهة أن الزلزلة حركة على ما لا يخفى، ثم إن هذه الظواهر قد لا تسلم عن المعارضة بمثلها، وذلك مثل قوله تعالى:﴿ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ﴾[سورة: مريم، آية: 8]، وهذا آخر ما أردنا ذكره من القانون الخامس  والله ولى التوفيق.» [13]
   ويقول عضد الدين الإيجي(تـ756هـ) في المقصد السادس (في أن المعدوم شيء أم لا؟): «وأنها؛ أي هذه المسألة، من أمهات المسائل الكلامية، إذ يتفرع عليها أحكام كثيرة، من جملتها أن الماهيات غير مجعولة،…قال الإمام الرازيّ: هذه المسألة [أي: إن المعدوم الممكن شيء] متفرعة على القول بزيادة الوجود على الماهية…ومنعه الأشاعرة مطلقا؛ أي في المعدوم الممكن، والممتنع جميعا، فقالوا المعدوم الممكن ليس بشيء كالمعدوم الممتنع، لأن الوجود عندهم نفس الحقيقة، فرفعه رفعها، أي رفع الوجود رفع الحقيقة، فلو تقررت الماهية في العدم منفكة عن الوجود، لكانت موجودة معدومة معا، فلا يمكنهم القول بأن المعدوم شيء، وبه؛ أي بما ذهب إليه الأشاعرة قال الحكماء أيضا، فإن الماهية الممكنة وإن كان وجودها زائدا على ذاتها، إلا أنها لا تخلو عندهم عن الوجود الخارجي أو الذهني؛ يعني أنها إذا كانت متقررة، متحققة، فهي موجودة بأحد الوجودين، لأن تقررها وتحققها عين وجودها، وقيل هي مطلقا لا تخلو عنهما، لأن كل ماهية يجب كونها محكوما عليها بأنها ممتازة عن غيرها، أو لأنها ثابتة في علم الملأ الأعلى مع ما لها من الأحكام، كما هو قاعدتهم، نعم المعدوم في الخارج يكون عندهم شيئا في الذهن، وإما أن المعدوم في الخارج شيء في الخارج، أو المعدوم المطلق شيء مطلقا، أو المعدوم في الذهن شيء في الذهن فكلا، فالشيئية عندهم تساوق الوجود وتساويه، وإن غايرته، لأن قولنا السواد موجود، يفيد فائدة يعتد بها دون قولنا السواد شيء، وللنافي أي للذي ينفي كون المعدوم ثابتا وجوه…»[14]
   ويقول في خاتمة المقصد السادس من المرصد الأول: «…وفيها بحثان، الأول: في تحقيق معنى لفظ الشيء، وبيان اختلاف الناس فيه، وهذا بحث لفظي متعلق باللغة، بخلاف ما تقدم من أن المعدوم شيء أم لا؟ فإنه بحث معنوي؛
 الشيء عندنا: الموجود؛ أي لفظ الشيء عند الأشاعرة يطلق على الموجود فقط وكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء، وقال الجاحظ والبصرية من المعتزلة: هو المعلوم، ويلزمهم المستحيل، أي يلزمهم إطلاق الشيء على المستحيل لأنه معلوم، إلا أن يقولوا المستحيل لا يعلم إلا على سبيل التشبيه والتمثيل، كما ذهب إليه البيهسية، و قال الناشئ أبو العياش:هو القديم، وللحادث مجاز، و قالت الجهمية هو الحادث، و قال هشام بن الحكم هو الجسم، و قال أبو الحسين البصري والنصيبيني من معتزلة البصرة هو حقيقة في الموجود، ومجاز في المعدوم، وهذا قريب من مذهب الأشاعرة، والنزاع لفظي متعلق بلفظ الشيء، وأنه على ماذا يطلق، والحق ما ساعد عليه اللغة، والنقل، إذ لا مجال للعقل في إثبات اللغات، والظاهر معنا، فإن أهل اللغة في كل عصر يطلقون لفظ الشيء على الموجود، حتى لو قيل عندهم الموجود شيء، تلقوه بالقبول، ولو قيل ليس بشيء، قابلوه بالإنكار، ولا يفرقون في إطلاق لفظ الشيء بين أن يكون الموجود قديما، أو حادثا، جسما، أو عرضا، ونحو: ﴿خلقتك من قبل ولم تك شيئا﴾[سورة: مريم، آية: 8]، ينفي إطلاقه بطريق الحقيقة على المعدوم، لأن الحقيقة لا يصح نفيها، فيبطل به قول الجاحظ، و قوله: ﴿ والله على كل شيء قدير ﴾[سورة: آل عمران، آية 29]، ينفي اختصاصه بالقديم، لأن القدرة إنما تتعلق بالحادث دون القديم، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيبطل به قول أبي العياش الناشئ، وقوله: ﴿ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك ﴾ [سورة الكهف آية 24]، ينفي اختصاصه بالجسم، فيبطل به قوله هشام، و قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل[15] ينفي اختصاصه بالحادث، لأن الأصل في الاستثناء أن يكون متصلا، فيبطل به قول الجهمية.
 البحث الثاني: في تعريفات المعتزلة، على القول بأن المعدوم شيء؛ أي ثابت، متقرر، متحقق في الخارج، منفكا عن صفة الوجود…..»[16]   ويقول أبو الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي (تـ734هـ): «في القسم الثالث من أقسام المعلومـات: وهو الموجود: والكلام فيه في أربعة أبحاث؛ البحث الأول: في معنى الشيء، وقد اختلف الناس فيه؛ فذهبت الأشاعرة إلى أن لفظ الشيء عبارة عن الموجود لاغير؛ فالشيء والموجود لفظان مترادفان، فإن الشيء هو الموجود، والموجود هو الشيء، وسواء كان الموجود قديمـا، أو حادثا، وذهب جمـاهير المعتزلة إلى أن الشيء يقع على الموجود والمعدوم الذي يصح وجوده حقيقة، وذهب أبو العباس الناشئ، إلى أن الشيء لا يقع حقيقة في اللغة إلا على القديم تعالى، وعلى الحادث مجازا، وقال جهم بن صفوان، لا يقع إلا على المحدث فقط دون القديم، وذهب أبو الحسين البصري من المعتزلة إلى أن الشيء حقيقة في الموجود مجازا في المعدوم الممكن.»[17]

الهوامش:

[1] انظر كتاب الكليات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية) لأبي البقاء الكفوي، تحقيق الدكتور عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع -بيروت- الطبعة الثانية 1419هـ/1998م، (ص: 525-527).
[2] مقالات الإسلاميين واختلاف المصليين، للإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، تحقيق أحمد جاد/ دار الحديث القاهرة، (ص: 109.
[3] مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري إمام أهل السنة، لمحمد بن الحسن بن فورك، تحقيق وضبط: أ / د: أحمد عبد الرحيم السايح/مكتبة الثقافة الدينية الطبعة الثانية، 1427هـ/2006م، (ص:43).
[4] تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل (ص: 34/35).
[5] المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى: محمد بن محمد الغزالي أبو حامد دار السلام القاهرة الطبعة الأولى، 1429هـ – 2008م.
[6] نهاية الإقدام في علم الكلام، الشهرستاني، حرره وصححه ألفريد جيوم، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى 2009م، (ص: 146-147).
[7] صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما, وفيه: “جئنا نسألك عن هذا الأمر. قال: كان الله ولم يكن شيء غيره, وكان عرشه على الماء”. رواه البخاري برقم (3191) (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ﴾، ومن حديث أبي رزين: (قال: قلت يا رسول الله ! أين ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء).
[8] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب: لا شخص أغير من الله (13/399-ح7416)، ومسلم في كتاب التوبة، باب: غيرة الله تعالى (4/2114-ح2760/35).
[9] مفاتيح الغيب/لفخر الدين الرازي/دار الكتب العلمية-بيروت- 1421هـ – 2000 م الطبعة: الأولى (1/ 104- 105).
 [10] انظر: مقالة (منهج المسلمين في علم الكلام) للدكتورة: فوقية حسين، ضمن: (قضايا المنهجية في العلوم الإسلامية والاجتماعية) إعداد مجموعة من المؤلفين، تحرير الدكتور نصر محمد عارف، المعهد العالمي للفكر الإسلامي القاهرة، الطبعة الأولى 1417هـ/1996م. (ص: 342).
[11] الفرق بين الشيء والجسم: «أن الشيء ما يرسم به بأنه يجوز أن يعلم ويخبر عنه، والجسم هو الطويل العريض العميق، والله تعالى يقول: ﴿وكل شَيء فعلوه في الزبر﴾[سورة: القمر، آية: 52]، وليس أفعال العباد أجساما، وأنت تقول لصاحبك لم تفعل في حاجتي شيئا، ولا تقول لم تفعل فيها جسما، والجسم إسم عام يقع على الجرم، والشخص، والجسد، وما بسبيل ذلك، والشيء أعم لأنه يقع على الجسم، وغير الجسم.» [معجم الفروق اللغوية للعسكري (ص: 210)].
[12] أبكار الأفكار في أصول الدين 2/582-585.
[13] غاية المرام في علم الكلام لسيف الدين الآمدى،( ص: 281 / 282).
[14] [شرح المواقف لعلي بن محمد الجرجاني، تحقيق: محمود عمر الدمياطي، دار الكتب العلمية -بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1419هـ/1998م، مج (2/189-219 ).
[15]  صدر بيت شعري عجزه: وكل نعيم لا محالة زائل، وهو للشاعر: لبيد بن ربيعة العامري  من قصيدة قالها في رثاء النعمان ابن المنذر؛[انظر: ديوان لبيد بن ربيعة العامري، اعتنى به حمدو طماس دار المعرفة بيروت لبنان الطبعة الأولى 2001م/1425هـ، (ص: 85)، وشرح ديوان لبيد بن ربيعة العامري، حققه وقدم له الدكتور إحسان عباس، سلسلة التراث العربي وزارة الارشاد والانباء الكويت 1962م (ص: 256)].
[16] كتاب المواقف، عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، تحقيق: د.عبد الرحمن عميرة، دار الجيل/بيروت- الطبعة الأولى، 1997م.
[17] المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، لأبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي، توجد نسخة منه بالخزانة الحسنية تحت رقم: 11741، وبالخزانة العامة بالرباط تحت رقم: 2192 د. وبالمكتبة الوطنية بتونس، منه نسختان رقمهما: 14934a_ssm/03212 a_ssm.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة لكل المشتغلين والباحثين بهذا المركز العلمي الرائد، ونثمن ما تقومون به من مجهودات خدمة للعقيدة الصحيحة، وإحياء للبحث العقدي
    قرأت هذه المقالات الأشعرية حول مفهوم الشيء، والتي تغني عن تصفح المطولات، وتوفر مجالا للمقارنة وتدبر الأقوال، وقد سجلت بعض الملاحظات، وددت مناقشة اثنتين منها مع القارئ الكريم
    أولاهما حول مدى قوة الحجة الخامسة التي أوردها الرازي ـ ونسبها إلى الجمهور وتابعهم عليها ـ للاستدلال على جواز تسمية الله تعالى بالشيء، إذ قدم الحجة عقلية،ومذهب الأصحاب أن الأسماء توقيفية، فقال: "إن الشيء عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه، وذات الله تعالى كذلك، فيكون شيئا " ، ثم إن هذا القياس المنطقي ـ والله أعلم ـ غير مستقيم الصورة والمادة، فقوله في المقدمة الكبرى : "الشيء عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه" تعريف باللغة ولا دخل لها في العقليات، وما يصح أن يعلم ويخبر عنه يشمل الموجود والمعدوم ، والمعدوم منتف ليس بشيء، وذات الله موجودة لا معدومة، وإلا ما منعنا قول القائل ـ على منوال ما قرره ـ : " المعدوم عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه، وذات الله تعالى كذلك، فيكون معدوما" وهو غاية الإحالة، فلزمه التعريف بالاصطلاح، أي تعيين مراده من الشيء على أنه الموجود لتصحيح مادة القياس، وتبقى إذاك الصورة، ولا سبيل إلى تصحيحها ـ والله أعلم ـ إلا برد القياس إلى الشكل الأول، وحتى هذا تلحقه المصادرة، وبيان ذلك باختصار، أن الرازي جعل محمول المقدمتين هو الحد الأوسط أي " ما يصح أن يعلم ويخبر عنه"وهذا هو الشكل الثاني من القياس المنطقي، ويلجأ إليه لإثبات الاختلاف بين الموضوعين، ولا ينتج باتفاق المناطقة إلا أن تكون إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة، ولا تكون النتيجة إلا سالبة، وهو عكس مراد الإمام هنا، إذ يريد إثبات الشيئية لله تعالى وليس نفيها عنه، فكانت صورة قياسه غير منتجة لأنها لا تقود إلى نتيجة يقينية، وحالها كقول القائل :" البقرة حيوان، والطير حيوان، فالبقرة طير" ، أما تصحيح القياس يرده إلى الشكل الأول، فأن تقول : " الله تعالى موجود، والموجود شيء، فالله تعالى شيء، ووجه المصادرة فيه أن يقول المخالف : ما وجه دليلك على إثبات الشيئية لكل الموجودات ومنها الله تعالى؟ فلو سلمنا لك ذلك ما خالفناك على أن الله شيء. (يتبع إن شاء الله تعالى، والملاحظة الثانية حول قول الباقلاني: الواحد هو الشيء، ومقارنة ذلك مع قوله الشيء هو الموجود، وما تطرحه هذه المترادفات الثلاثة من إشكالات طردا وعكسا)

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق