مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةمفاهيم

مفهوم الزمان عند الأشاعرة 3/2

عرض لكتاب: فكرة الزمان عند الأشاعرة
لعبد المحسن عبد المقصود محمد سلطان

الفصل الثاني: في مذهب الأشاعرة في الإبداع والاختراع والحدوث

قدم له الباحث  بمقدمة تكلم فيها عن أن الأشاعرة لما أبانوا عن بطلان القول بأزلية العالم اتجهوا نحو استحداث بعض الأدلة والنظريات والبراهين التي تؤكد على صحة قضيتهم؛ ومن هنا جاء إثباتهم لصحة القضية الثانية القائلة بحدوث العالم واستخدموا لتأكيد صحة القول بها نظرية (الجزء الذي لا يتجزأ  أو الجوهر الفرد)، وهو ما سيعالجه في ستة أبحاث في هذا الفصل ، أولاها: تحت عنوان نظرية الجزء الذي لا يتجزأ وأهميتها لإثبات حدوث العالم، وتناوله عبر ثمان نقاط، خص الأولى: بالحديث عن البعد التاريخي للنظرية، وأنها قديمة في الفكر اليوناني عند كل من ديمقريطس وأبيقورس، كما استخدمت في المذاهب الهندية، وحديثا عند الفيلسوف الألماني ليبنتز، وفي الفكر الكلامي الإسلامي استخدمها المعتزلة أولا ثم طورها الأشاعرة، إلا أنهم استخدموها بطريقة ومفهوم يختلف عن استعمالات الآخرين، حيث جعلوا منها مذهبا إسلاميا كاملا، لإثبات حدوث العالم وإثبات القدرة اللانهائية لله تعالى.
وفي النقطة الثانية: في أهمية الجوهر الفرد عند الأشاعرة؛ عرض الباحث لمنطلق الاهتمام الأشعري بهذه النظرية، حيث أرجع  أهميتها ومكانتها وشهرتها عندهم في مجال الفكر الإسلامي خاصة والفكر الإنساني عامة، إلى حرصهم الكبير على شيئين هامين هما الشريعة والعقل، فمن جانب الشريعة فإنها تؤدي في النهاية إلى تنزيه الها  وإثبات كماله المطلق وقدرته الشاملة على كل شيء، وأما من جانب العقل فإن هذه النتائج قد بُنيت على مقدمات منطقية، وأنها بذلك قد تكون استخدمت العقل في الوصول إلى هذه النتائج بعد وضع مقدماتها.
في النقطة الثالثة: في إثبات الأشاعرة لوجود الجزء الذي لا ينقسم؛ عرض لجهود الأشاعرة في تطوير هذه النظرية بدءا من أبي الحسن الأشعري ومرورا بأعلام المذهب، واستخدامهم لأساليب عقلية ومنطقية، فالباقلاني استخدم لإثبات وجود الجوهر الفرد دليل الفيل والنملة، وبعده الجويني استخدم دليل الحد والطرف للجسم ، ودليل تماس الكرة على سطح بسيط حقيقي، ونفي الأشاعرة انقسام الجزء الذي لا يتجزأ عن طريق إثبات تناهي الأجسام، والرازي يثبته بالحركة والزمان والأجسام والأحداث، وفي ذلك يقول الرازي” القول بالجوهر بالفرد حق والدليل عليه أن الحركة والزمان، كل واحد منهما لا يقبل القسمة بحسب الزمان فوجب أن يكون الجسم مركب من أجزاء لا تتجزأ، ونجد بعده الإيجي يستخدم دليل النقطة لإثباته.
 والرابعة: في إثبات وجود العرض: وملخصها أنه إذا كان إثبات حدوث العالم يستدعي إثبات حدوث الجواهر والأعراض، لأن هذين هما القسمان اللذان يتكون منها العالم، فإن إثبات حدوث الجواهر ينبني على أصول وأسس هي:
1-  إثبات الأعراض.
2-  إثبات حدوث الأعراض.
3-  إثبات استحالة تعري الجواهر عن الأعراض.
4-  إثبات استحالة حوادث لا أول لها.
كما أن إثبات حدوث الأعراض ينبني على أصول وأركان هي :
1-  إيضاح استحالة عدم القديم.
2-  استحالة قيام الأعراض بأنفسها.
3- استحالة انتقال الأعراض.
4-  الرد على ا لقائلين بالكمون والظهور.
5-  إيضاح عدم بقاء العرض أكثر من زمان.
وهذا ما سيفصله في النقطة التالية(الخامسة) وهي صفات الجواهر والأعراض: حيث تحدث عن صفات الجوهر الفرد وماهيته، من جنس وحجم وشكل وتأليف، ثم صفات العرض، من عدم قيام العرض بالعرض وأجناسها ورؤيتها، معززا ذلك بنصوص لأبي الحسن الأشعري في المقالات والباقلاني والجويني والبغدادي  والرازي والإيجي…
النقطة السادسة: في إثبات حدوث الأعراض: إذا كان إثبات حدوث العالم، يستدعي إثبات حدوث الجواهر الفردة، فإن إثبات حدوث الجواهر الفردة، يستدعي إثبات حدوث الأعراض، ذلك لأن الجواهر لا توجد قبل وجود الأعراض، وهذا ما قام به الأشاعرة، حيث قاموا بإثبات حدوث الأعراض أولا، ثم حدوث الجواهر، ومن ذلك إثبات حدوث العالم؛
وقد أورد الباحث في السياق ما أثاره المخالفون لهذه النظرية، من القول بكمون الأعراض وظهورها واستحالة حوادث لا  أول لها، مقابلا لها بالرد الأشعري المبطل لذلك، وأيضا لاستحالة انتقال الأعراض، وعدم بقائها في مكان أكثر من زمان، واستحالة عدم القديم، واستحالة قيام الأعراض بأنفسها.
النقطة السابعة: إثبات حدوث الجواهر؛ حَدَث  الجواهر ينبني على أصول منها أن إثبات الأعراض و حدوثها وإثبات استحالة تعري الجواهر عن الأعراض وإثبات استحالة حوادث لا أول لها، وقد تم إثبات ذلك في ما سلف من النقط، وفي هذه النقطة يحاول الباحث الكلام على استحالة تعري الجواهر عن الأعراض؛ حيث اعتبر هذا الأصل من الأصول الهامة في نظرية الجوهر الفرد وجعله العمود البؤري وسط الأصول الأخرى، وقد جعل مناقشة الجويني لهذه المسألة عمدته، ليستخلص مع الإيجي أن مذهب أهل الحق من الأشاعرة؛ «أن الجواهر لا تخلو من الأعراض، ذلك أن الأجسام المؤلفة من الجواهر الفردة تتميز عن بعضها بالأعراض، فلو خلت عنها لم يكن شيئا من الأجسام المخصوصة بل جسما مطلقا والمطلق لا وجود له بالاستقلال ضرورة». وقد ساق في ختام هذه النقطة قانونا مبنيا على ما سبق من المقدمات، وهو أنه؛ « بما أن الأعراض موجودة، وأنها لا تستطيع الوقوف بذاتها بدون الجواهر، وبما أن الجواهر يمكن أن توجد كذلك، وأنها لا يمكنها أيضا القيام عارية عن الأعراض، وبما أن الأعراض حادثة، وقد أثبت ذلك بأدلة كثيرة فيما سبق، إذًا تكون الجواهر حادثة وهذا هو المطلوب».
وفي النقطة الثامنة: عرض  للصيغة النهائية لنظرية الجوهر الفرد الإسلامية لإثبات حدوث العالم؛ لخَّص فيه ما عرضه آنفا في النقاط السابقة، موردا لصياغةٍ للنظرية صاغها أحد المستشرقين، متمنيا أن يوجد من علماء العقيدة المسلمين من يقدم لها صياغة تفي بها.
البحث الثاني: دليل الحركة والسكون لإثبات العالم؛ وهو دليل آخر استخدمه الأشاعرة  لإثبات حدوث العالم، وهو يقوم على قاعدة عقلية هامة وهي: أن كل ما كان قابلا للحوادث فإنه لا يخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، وهذا الدليل استخدمه معظم الأشاعرة.
البحث الثالث: دليل الإرادة لإثبات حدوث العالم؛ وهو يقوم على تحليل أمرين أساسين الأول: هو كيفية حدوث فعل محدث عن إرادة قديمة، بدون حدوث حوادث في ذات الله تعالى، والثاني: هو عملية ترجيح حدوث العالم في وقت دون وقت آخر.
البحث الرابع: دليل الواجب والممكن لإثبات حدوث العالم؛ إن فكرة الواجب والممكن هي نفس الفكرة المحورية التي تدور حولها فكرة الزمان، فالواجب هو واجب الوجود بذاته ولذاته؛ أي أنه لم يفتقر إلى شيء آخر لإيجاده تعالى عن ذلك علوا كبيرا، لذا لا تعلم بداية له في الوجود …وهذه صفات لا يتصف بها إلا الله وحده، أما الممكن فالمقصود به أنه هو المحدث وهو العالم بكل ما فيه من أشياء، فقد كان العالم ممكن الوجود وممكن العدم حيث لم يكن في الأزل شيء إلا الله وحده، ولكن العالم حدث ووجد وذلك بترجيح الله سبحانه جانب الوجود على جانب العدم عندما شاءت إرادته وحده.
البحث الخامس: إثبات حدوث العالم عن طريق إثبات حدوث النفس؛ وقد عرض فيه لطريقة الشهرستاني في تناولها، والتي  تنطلق كما عبر عنها في إثبات حدث العالم من: «أن نفرض الكلام في النفوس الإنسانية، ونثبت تناهيها عدداً، ثم نرتب عليها تناهي الأشخاص الإنسانية، ونرتب عليها حدوث الأمزجة وتناهيها، ثم نرتب عليها تناهي الحركات الدورية الجامعة للعناصر، ثم نرتب عليها تناهي المتحركات والمحركات السماوية، فثبت حدث العالم بأسره، وهي أسهل الطرق وأحسنها.»
البحث السادس: الصفات وصلتها بالخلق؛ وقد تناولها بالبحث لما لها من علاقة وثيقة بعملية الخلق والإحداث، وتطرق لمنهج الأشاعرة في الصفات، من أنها قائمة بالذات، وأنهم قسموها إلى صفات الذات، وصفات الفعل، الأولى أزلية، والثانية محدثة، حيث اعتبر هذا التقسيم ناتجا من حرصهم على عدم المساس بصفة الأزلية الإلهية.
وقد عرض لهذا البحث عبر نقاط وهي: الصفات بين الأشاعرة والمعتزلة، وتقسيمها عند الأشاعرة،  وصفات القدرة والإرادة والعلم وصلتها بالخلق والإحداث، وخلق القرآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق