مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

مفاهيم في التماسك ووحدة بناء النص» من خلال كتاب « قراءة في الأدب القديم» محمد محمد أبو موسى دراسة إحصائية معجمية (الحلقة السادسة)

(خ)

خطب

 [خطاب]

سياق المصطلح:

-«… وكانت قَصيدَة “القَوس العَذراء” أفضل وأكرم مَا يَصلُ مَعَانِيَ هذا الشِّعر القَديمِ المُوغِلِ في القِدَمِ بحياتنا، وما نَسْتَشْرفُهُ فيها من طُموحٍ وأمَلٍ وكل ما في القَوْسِ من نثرٍ وشعرٍ وخِطاب لصاحبِهِ في صلةِ العِلْمِ بالفَنِّ، وَإتقانِ العملِ، وما فُطِرَ عليه الإنسان، وما فُطِرَت عليه المَخلوقات الأخرى كل ذلك كان استمداداً من أبْياتٍ من قَصيدَةِ الشمّاخ بن ضِرار الذي عُرِفَ بتجويدِ شِعْرهِ في وَصْفِ الحمرِ…»[1]

-«… والنَّهيُ هنا نهي نُصْحٍ وإرشادٍ، والكلامُ بُنِيَ على التجْريدِ لأنه يُوجِّهُ هذا الخطاب إلى نفسهِ، ولا يَستقيمُ الكلام إلا على هذا،لأنه ليس مِنَ المَقْبولِ أن يَقولَ لغيْرِهِ في شَأْنِ صاحِبَتِهِ أو خلَّتِهِ؛ فلا يغرنَّك ما مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ لأن هذا يُقَالُ عن امرأة يُمْكنُ أن تَكُونَ لكل مَخَاطبٍ، والتَّجرِيدُ طريقة فذّةٌ في بناءِ المَعاني…»[2]

– «… ثم راجع تَلْوينَ الخِطاب في هذه الأبيات الثلاثَة، قال« أنْبئْتُ أن رسول الله أوْعَدَني» وهو يُخاطِبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الأَصْلُ أن يقُولَ أنبِئْتُ أنك أوْعَدتَنِي ولكنه عَدَلَ إلى طريق الغياب لِيَتَأتّى له أن يذْكُره صلوات الله وسلامه عليه بِصِفَتِهِ العَظيمَة…».[3]

-«…يعودُ الحادرة إلى خِطَابِ صاحبته مرَّة ثانية لِيُحَدِّثها عن تلك الليالي التي يَعيشُها في نَشْوَةِ الشَّبابِ المُتْرعَةِ مع رِفاقِهِ من فِتْيَةِ قومِهِ، وكان لِلْعَرَبِ قبلَ الإسْلامِ بالخَمْرِ هَيمانٌ عجيب، وقد وصفوا نَشْوَة الخمر وفِعلها في النُّفوسِ والأعضاءِ أَوصافًا عالِية…»[4]

-«… عادَ إلى خِطابِ صاحِبَتِه، وحَذَفَ هنا حَرفَ النِّداءِ وكان هُناكَ قد أدّاهُ بالهَمزَةِ كما قلنا، ولكن سُمَيَّةَ هنا صارَتْ أ قْربَ إلى نفسِهِ وَألْصَقَ بضميرِهِ فهو يُحدِّثُها عن شَبابِهِ وَفتُوَّتِه، وقد أحبَّها ملْءَ هذا الشَّباب الفَتِيّ، وملْءَ هذه الفُتُوَّةِ الشابَّةِ، فهو ذلك الحب العَمِيقُ العَنيفُ الفوّار، فأحْرَى بها أن تكُونَ منه في أقرَبِ مكان، وهذه الفاء التي دَخَلَتْ هنا على “سُمَية” لَهَا في القوْلِ مكانٌ فهي تَرْبِطُ هذا الحَديثِ عَنِ الشَّبابِ واللَّهْوِ والمُتْعَةِ بهذا الحَديثِ الذي سَبَقَهُ عن فضائِلِ قَوْمِه وبلائهم ومكارِمهم وبسالَتِهم.»[5]

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: خطب: الخَطْبُ: الشَّأنُ أو الأَمْرُ، صَغُر أَو عَظُم؛ وقيلَ: هُوَ سَبَبُ الأَمْر. يُقالُ: مَا خَطْبُك؟ أي مَا أمرُكَ؟ وتَقول: هَذَا خَطْبٌ جليلٌ، وخَطْبٌ يَسير. والخَطْبُ: الأمر الذي تَقَع فيه المخاطَبة، والشأْنُ والحالُ؛ ومِنْهُ قَوْلُهُم: جَلَّ الخَطْبُ أَي عَظُم الأَمرُ والشأْن. وفي حَديثِ عُمَرَ، وقد أَفْطَروا في يومِ غيمٍ منْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: الخَطْبُ يَسيرٌ.

وفي التنْزيلِ العزيز: “قالَ فَما خَطْبُكُم أيُّها المُرْسَلُون”، والخِطابُ والمُخاطَبَة: مُراجَعَة الكَلامِ، وَقَدْ خاطَبَه بالكَلامِ مُخاطَبَةً وخِطاباً، وهُما يَتخاطَبانِ. والخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ، وخَطَب الخاطِبُ عَلَى المِنْبَر، واخْتَطَبَ يَخْطُبُ خَطابَةً، واسمُ الكلامِ: الخُطْبَة؛ قالَ أبو مَنْصورٍ: والذي قالَ اللَّيْثُ، إنّ الخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطيبِ، لا يَجوزُ إلّا عَلى وَجْهٍ واحدٍ، وهُوَ أَنَّ الخُطْبَة اسمٌ لِلكَلامِ الذي يَتَكَلَّمُ بِهِ الخَطيب، فيوضَعُ موضِعَ المَصْدر. وذَهَبَ أبو إسْحاقَ إلى أن الخُطْبَة عندَ العَرَب: الكلامُ المَنْثورُ المُسَجَّع، ونحوُه. التَّهْذيبُ: والخُطْبَة، مثلُ الرِّسالَةِ، التي لَها أوَّلٌ وآخِرٌ.

وفي المعجم الوسيط، الخطاب: الكلام، وفي التنزيل العزيز “فَقالَ أكْفِلْنيها وَعَزَّني في الخِطاب”. وفصلُ الخطاب ما ينفصلُ به الأمرُ من الخطابِ وفي التنزيل العزيز  “وآتيناه الحِكْمَةَ وفَصْلَ الخِطابِ” أيضا الحكم بالبينة أو اليمين أو الفقه في القضاء أو النطق بأما بعد، أو أن يفصل بين الحق والباطل أو هو خطاب لا يكون فيه اختصار مخل ولا إسهاب ممل.[6]

التعريف الاصطلاحي:

– الخِطَابُ: وحدَةٌ لغويةٌ تَواصُلية إبلاَغِية يُبلغُ فيها المتكلمُ إلى المُخاطَبِ كَلاماً ذا مَعْنى وحاملاً لقصدٍ وغَرَضٍ، في سِيَاقٍ ومَقامٍ.

*   *   *

خلل

 [تخللت]

سياق المصطلح:

– « وقالوا: أقْلَعْتُ عن الأمرِ أي تَرَكْتُهُ وأقْلَعَتْ عنهُ الحُمى أي تَرَكتْهُ، والإقلاَعُ النَّزْعُ الشَّديدُ من قَلْعِ الشجَرَة واقْتَلَعَهَا؛ فإذا قُلْتَ أقْلَعْتُ عَنِ الأمْرِ أَفَادَ ذلك أنَّكَ انْتَزَعْتَ نفسك منه وكأنكَ كنتَ مُندفعًا فيه، ومثلُه: أَقلَعَتْ عنه الحُمى كأنها كانت قد تَخَلَّلَتْهُ وَغَاصَتْ فيه، ومثله إِقلَاعُ المطَرِ…»[7]

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: تَخَلَّل القومَ: دَخَلَ بَيْنَ خِلَلهم وخِلالهم، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ والأصابع في الوُضوءِ، فإذا فَعلَ ذلكَ قالَ: تَخَلَّلتُ، التَّخْلِيلُ: تَفْرِيقُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وأَصابعِ اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ في الوُضوءِ، وأصلُه من إِدْخالِ الشَّيْءِ في خِلال الشَّيْءِ، وهُوَ وسَطُه. وخَلَّ الشيءَ يَخلُّه خَلًّا، فَهُوَ مَخْلول وخَلِيل، وتَخَلَّلَه: ثَقَبه ونَفَذَه.[8]

التعريف الاصطلاحي:

تَخْليلُ الشِّيء: تطعيمُه بما يَزيدُه حُسناً وجَمالاً ويَزيدُ بُنيانَه قُوّةً وتَماسُكا وسَبكا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

 [1] قراءة في الأدب القديم، ص: المقدمة: أ- ب

[2] نفسه، ص: 37.

[3] نفسه، ص: 67.

[4] نفسه، ص:216.

[5] نفسه، 217.

[6] لسان العرب، 1/360-361، في المعجم الوسيط،1/243.

[7] قراءة في الأدب القديم، ص: 200.

[8] لسان العرب، 11/213-214.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق