مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الرابعة)

[3] الإهطاع:

ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:

1- الخوف: قال الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) [إبراهيم: 42- 43]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالْإِهْطَاعُ: إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ مَدِّ الْعُنُقِ كَالْمُتَخَتِّلِ، وَهِيَ هَيْئَةُ الْخَائِفِ»(4)، ذلك أنه لا يلتفت إلى يمينه ولا إلى يساره بل يمشي سريعا سويا من الخوف والذعر وهي هيئة الظالمين يوم القيامة.

ومنه قوله تعالى: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) [القمر: 7- 8]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَصْفُهُمْ بِمُهْطِعِينَ، وَالْمُهْطِعُ: الْمَاشِي سَرِيعًا مَادًّا عُنُقه، وَهِي مَشِيئَة مذعور غير ملتف إِلَى شَيْءٍ»(5).

وإن كانت الآيتان السابقتان وصفت هيئة الكفار يوم القيامة وصورت خوفهم وذعرهم بهذا المشهد، فقد جاء وصفهم بهذه الهيئة في الدنيا وهم مجتمعون حول النبيء صلى الله عليه وسلم يستمعون كلامه ويكذبونه ويستهزئون بالمؤمنين، ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، قال الله تعالى: (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) [المعارج: 36]، أي هيئتهم كذلك وهي هيئة الخائف المذعور مع وقاحة غالبة على خوفهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- التحرير والتنوير 16/187.

2- التحرير والتنوير 9/116.

3- التحرير والتنوير 30/450.

4- التحرير والتنوير 13/246.

5- التحرير والتنوير 27/177.

الصفحة السابقة 1 2
Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق