مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الخامسة والعشرون والأخيرة)

[36] مريم:

من دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- العفة والنقاء: قال الله تعالى: (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) [آل عمران: 42].

ومنه قوله تعالى: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 90].

ومما يدل على عفتها محاورتها ومراجعتها لرسول الرب الذي تمثل لها ليهب لها الغلام، قال الله تعالى على لسانها: (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) [مريم: 18- 19- 20]، ذلك لأنها كانت مخطوبة، قال الطاهر ابن عاشور: «وَقَوْلُهَا وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، أَيْ: لَمْ يَبْنِ بِي زَوْجٌ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مَخْطُوبَةً وَمُرَاكِنَةً لِيُوسُفَ النَّجَّارِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَبْنِ بِهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ بِوَلَدٍ اتَّهَمَهَا خَطِيبُهَا وَأَهْلُهَا بِالزِّنَى. وَأَمَّا قَوْلُهَا: وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، فَهُوَ نَفْيٌ لِأَنْ تَكُونَ بَغِيًّا مِنْ قَبْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ، فَلَا تَرْضَى بِأَنْ تُرْمَى بِالْبِغَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ. فَالْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنِ التَّنَزُّهِ عَنِ الْوَصْمِ بِالْبِغَاءِ بِقَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ، وَالْمَعْنَى: مَا كُنْتُ بَغِيًّا فِيمَا مَضَى، أَفَأُعَدُّ بَغِيًّا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ»(1)، وهي رمز العفة في القرآن الكريم، وقد اصطفاها الله تعالى على نساء العالمين بأن حملت من غير زوج.

النون

[37] النار:

من دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- تلقي الوحي: قال الله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى) [طه: 9- 10]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَإِظْهَارُ النَّارِ لِمُوسَى رَمْزٌ رَبَّانِيٌّ لَطِيفٌ، إِذْ جَعَلَ اجْتِلَابَهُ لِتَلَقِّي الْوَحْيِ بِاسْتِدْعَاءٍ بِنُورٍ فِي ظُلْمَةٍ رَمْزًا عَلَى أَنَّهُ سَيَتَلَقَّى مَا بِهِ إِنَارَةُ نَاسٍ بِدِينٍ صَحِيحٍ بَعْدَ ظُلْمَةِ الضَّلَالِ وَسُوء الِاعْتِقَاد»(2).

2- العذاب: قال الله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هود: 105- 106]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالشَّقِيُّ: فَعِيلٌ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ «شَقِيَ»، إِذَا تَلَبَّسَ بِالشَّقَاءِ وَالشَّقَاوَةِ، أَيْ: سُوءِ الْحَالَةِ وَشَرِّهَا وَمَا يُنَافِرُ طَبْعَ الْمُتَّصِفِ بِهَا […]، وَالْمَعْنَى: فَمِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ مَنْ هُوَ فِي عَذَابٍ وَشِدَّةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي نِعْمَةٍ وَرَخَاءٍ»(3).

ومنه قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 24].

ومنه قوله تعالى: (قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 126].

ومنه قوله تعالى أيضا: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) [التوبة: 17].

[38] النبي أيوب:

من دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- الصبر: قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء:83]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ لِمَا اخْتُصَّ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ حَتَّى كَانَ مَثَلًا فِيهِ»(4). وأصبح عندنا رمزا للصبر، فنقول للصبور: أيوب زمانه، ونقول لمن هو في حاجة للصبر: يلزمك صبر أيوب، أو ما قارب ذلك من العبارات المستعملة.

الواو

[39] الوسم على الخرطوم:

من دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- الإذلال والإهانة: قال الله تعالى: (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) [القلم: 16]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَذِكْرُ الْخُرْطُومِ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ التَّشْوِيهِ وَالْإِهَانَةِ، فَإِنَّ الْوَسْمَ يَقْتَضِي التَّمَكُّنَ وَكَوْنَهُ فِي الْوَجْهِ إِذْلَالًا وَإِهَانَةً، وَكَوْنَهُ عَلَى الْأَنْفِ أَشَدَّ إِذْلَالًا، وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْأَنْفِ بِالْخُرْطُومِ تَشْوِيهٌ، وَالضَّرْبُ وَالْوَسْمُ وَنَحْوُهُمَا عَلَى الْأَنْفِ كِنَايَةٌ عَنْ قُوَّةِ التَّمَكُّنِ وَتَمَامِ الْغَلَبَةِ وَعَجْزِ صَاحِبِ الْأَنْفِ عَنِ الْمُقَاوَمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَ أَبْرَزُ مَا فِي الْوَجْهِ، وَهُوَ مَجْرَى النَفَسِ، وَلِذَلِكَ غَلَبَ ذِكْرُ الْأَنْفِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ إِظْهَارِ الْعِزَّةِ»(5).

الخاتمة:

من أسمى ما كتِب في التراث العربي، البحوث التي تتناول كتاب الله تعالى، وطالما كانت الدراسات القرآنية تجذبني إليها غير أني لا أبتغي الحديث المعاد، وما أكثره! وإنما كنت أريد بحثا غضا يفتح شهيتي في الكشف والتنقيب، لم يسبق له وجود أو سبق بكيفية ما. وهذه دراسة تتناول كتاب الله تعالى في جانب من جوانبه الكثيرة التي لا يحاط بها.

تناولت في هذه الدراسة البحث في الهيآت والإشارات والرموز الواردة في القرآن الكريم، من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور، الذي أوضح المسالك وبسطها، ويسر المصاعب وسهلها.

وقد كانت الأهداف التي انطلقت منها: إبراز دلالات القرآن الكريم انطلاقا من هذه الأبواب الثلاثة، وبيان خصوصية الدلالة القرآنية.

وقد بدأت البحث بمقدمة تحدثت فيها عن أهمية الموضوع، والهدف منه، كما بينت منهجي الذي اعتمدته واخترت أن أسير عليه، فترتيب المواد على طريقة المعاجم يجنب من الإطناب والكلام الكثير بلا فائدة، وإنما أردت أن أعرض المادة المستخرجة من القرآن الكريم ثم أعرض دلالاتها مرفوقة بالنص القرآني، وفي كل دلالة أستعين بكلام الطاهر ابن عاشور في تفسيره، وقلما أحيف عن هذه الخطوات، مع ترتيب مواد كل باب على حدة ترتيبا ألفبائيا.

وقد قسمت هذا البحث إلى قسمين اثنين: القسم الأول في المداخل الضرورية، ويشمل ثلاثة فصول؛ أولها: في ترجمة الطاهر ابن عاشور، اسمه، ونسبه، وولادته، وعصره، وحياته، وشيوخه، وتلامذته، ووظائفه، ومؤلفاته، وثناء العلماء عليه، ووفاته، وقد فصلت القول في ذلك تفصيلا ينظر في مكانه من البحث، وثاني هذه الأقسام: في كتاب «التحرير والتنوير»، وتناولت الحديث فيه عن المقدمات العشر لهذا التفسير، كما عرضت منهج المؤلف فيه، وكذلك أهميته بين كتب التفسير، وثالثها عبارة عن مداخل إلى دلالة الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم. 

أما القسم الثاني من البحث، فقد قسمته إلى ثلاثة فصول، خصصت الفصل الأول منها للحديث عن الهيآت، والثاني للحديث عن الإشارات، والثالث للحديث عن الرموز، وكل فصل من هذه الفصول يشمل مجموعة من المواد حسب استقرائي لها.

وقد بلغ عدد الهيآت المستخرجة من القرآن الكريم في هذا البحث ثلاثة وخمسين مادة، وهي أكثر الأبواب مادةً، وقد جاء أكثرها في سياق وصف أحوال المؤمنين والكافرين، وأحوال أهل الجنة وأهل النار، وغير ذلك من الأحوال، وهو من الأغراض المهمة في القرآن لا تخلو منه سورة، وهذا ما يفسر كثرة الهيآت.

أما الإشارات، فقد وصل عددها إلى إحدى وعشرين إشارة، وهي أقل الأبواب مادة، ويرجع ذلك إلى أن القرآن الكريم لم يوظفها كثيرا.

والرموز وصل عددها إلى أربعين رمزا، وقد سبق لي أن أشرت إلى أنها تتنوع بين رموز الألوان، ورموز الأعداد، ورموز الأنبياء والأشخاص، وكذلك رموز الأحداث، وأخيرا رموز متفرقة غير مصنفة.

ودراسة دلالات هذه المواد يعين على فهم المعنى المراد من كلام الله بشكل كبير، ويعين على الاستحضار بشكل أكبر، فوصف الجنة وفرشها ولباس أهلها –جعلنا الله منهم- يجعلنا نستحضرها ونتخيلها ونحياها في قلوبنا.

كما أن هذه الأبواب الثلاثة تتصل بعلم الاتصال غير اللفظي اتصالا وثيقا، فهي تعين على فهم المقصود بين المتواصلين، فالعبوس -مثلا- هيئة تظهر على الوجه يفهم منها الإنسان رسالة الغضب بشكل أسرع من التعبير عنها بالكلام، وقد تفيض عين الإنسان بالدمع قبل أن يعبر عن حزنه أو فرحه، وهي أبلغ من العبارة بكثير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- التحرير والتنوير 16/82.

2- التحرير والتنوير 16/195.

3- التحرير والتنوير 12/164.

4- التحرير والتنوير 17/125.

5- التحرير والتنوير 29/77- 78.

*****************

فهرس المصادر والمراجع:   

– الاتصال غير اللفظي في القرآن الكريم، للدكتور محمد الأمين موسى أحمد، إصدارات دائرة الثقافة والإعلام حكومة الشارقة، 2003م.

– إستاطيقا الإشارة، دراسة بلاغية سيميوطيقية، للدكتور مصطفى السعدني، عام الطبع: 1994م، منشأة المعارف، الإسكندرية.

– الإشارات الجسمية دراسة لغوية لظاهرة استعمال أعضاء الجسم في التواصل، للدكتور كريم زكي حسام الدين، الطبعة الأولى: 1991م، منشورات المكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة.

– الأعلام، لخير الدين الزركلي، منشورات دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.

– الإيجاز وبلاغة الإشارة في البيان النبوي، للدكتور عبد الرحمن بودرع، الطبعة الأولى عام 2009م، مطبعة الخليج العربي، تطوان، المغرب.

– البيان والتبيين، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، بتحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، منشورات مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة السابعة عام 1418هـ/ 1998م.

– التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، للإمام الطاهر ابن عاشور، منشورات الدار التونسية للنشر، تونس، سنة 1984هـ.

– تراجم المؤلفين التونسيين، لمحمد محفوظ، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م، منشورات دار الغرب الإسلامي.

– التقريب لتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، عني به الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد، منشورات دار ابن خزيمة.

– تونس وجامع الزيتونة، للإمام محمد الخضر حسين، اعتنى به ابن أخيه المحامي علي الرضا الحسيني، الطبعة الأولى 1431هـ/ 2010م، منشورات دار النوادر.

– جسد الإنسان والتعبيرات اللغوية [دراسة دلالية ومعجم]، للدكتور محمد محمد داود، منشورات دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.

– الخصائص، صنعة أبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق محمد علي النجار، الطبعة الرابعة، عام 1999م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

– ديوان خواطر الحياة، للإمام محمد الخضر حسين، اعتنى به ابن أخيه المحامي علي الرضا الحسيني، الطبعة الأولى 1431هـ/ 2010م، منشورات دار النوادر.

– السيرة النبوية، لابن هشام، حققها وضبطها وشرحها ووضع فهارسها مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، منشورات دار إحياء التراث العربي، لبنان.

– شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور: حياته وآثاره، للدكتور بلقاسم الغالي، الطبعة الأولى: 1417هـ /1996م، منشورات دار ابن حزم.

– فقه السجود، لعلي بن عمر بادحدح، منشورات دار الأندلس، جدة عام 1415هـ.

– في نشأة اللغة، من إشارة اليد إلى نطق الفم، ترجمة: محمود ماجد عمر، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد: 325، مارس 2006.

– شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الطاهر ابن عاشور، للدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة، منشورات الدار العربية للكتاب، تونس 2008م.

– لسان العرب، لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.

– لغة الجسد في القرآن الكريم: العين والوجه واليد نموذجا، دراسة بلاغية، للدكتور كمال عبد العزيز إبراهيم، الطبعة الأولى: 1431هـ/ 2010م، منشورات الدار الثقافية للنشر.

– مجمع البيان في تفسير القرآن، للطبرسي، منشورات دار المعرفة، بيروت، عام 1406هـ.

– المعجم المفصل في الأدب، إعداد الدكتور محمد التونجي، الطبعة الثانية: 1419هـ /1999م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق