مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال لسان العرب لابن منظور (الحلقة التاسعة عشرة)

الرموز

-أ-

[1] الآرَامُ:” الآرَامُ: الأَعْلام، وَهِيَ حِجَارَةٌ تُجْمَع وتنصَب فِي المَفازة يُهْتَدَى بِهَا، وَاحِدُهَا إِرَم كعِنَب”(1)، ومن دلالاتها في التراث العربي: 

1- الاهتداء: وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَع:« ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً وَثَلاَثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ وَلاَ يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ»(2).

قال العجاج:

واسْتَشْخَصَ الآرَامَ والتِّلَالَا(3) 

وقال ذو الرُّمَّةِ:

وساجرة السَّراب مِنَ المَوامي           تَرَقَّصُ فِي عَسَاقلِها الأُرُومُ(4) 

أي الأَعْلام.

” وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الجَاهِلِيَّةِ أَنهم إِذا وَجَدُوا شَيْئًا فِي طَرِيقِهِمْ وَلَا يُمْكِنُهُمُ اسْتِصْحابُه تَرَكُوا عَلَيْهِ حِجَارَةً يعرفُونه بِهَا، حَتَّى إِذا عَادُوا أَخذوه”(5).

[2] الأَخْيَل: الأخيل” طَائِرٌ أَخضر وَعَلَى جَنَاحَيْهِ لُمْعَة تُخَالِفُ لَوْنَهُ “(6)، ومن دلالاته في التراث  العربي أنه:

1- رمز الشؤم والنَّحس: قال الفرزدق:

إذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيه ابْنَ مُدرك،        فَلاقيت من طير العراقِيبِ أَخْيَلَا(7) 

قال ثعلب:” وهو يقع على دبر البعير، يقال إنه لا ينقر دبره إلا خَزِلَ ظهرُه”(8) ” ولعل ذلك هو الذي حمل الجاهليين على التشاؤم من “الأخيل” وبعض الطيور الأخرى التي كانت تحط على ظهور الإبل فتنقر سنامها”(9)، حتى قالوا” أشأم من أخيل”، وقال جرير:

ستلقى ذُبابي طائفا كان يُتقَي            وتَقْطَع أضعاف المتون أَخَايِلُهْ(10) 

وقال الحطيئة:

فَمَا نِلْتَنِي غَدْرًا وَلَكِنْ صَبَحتَنا           غَدَاةَ الْتَقَيْنَا بِالمَضِيقِ بِأَخْيَلِ(11) 

قال ابن قتيبة في معنى البيت:” أي لقيتنا بشؤم كالأخيل”(12)، وقال صريع الغواني يذكر الأخيل ونحسَه:

إذا شاء قادته إلى حمد ماجدٍ            عزائم لم تزجر بطائر أخيلِ(13) 

قال الشارح:” « لم تزجر بطائر أخيلِ»: أي لم يفهم لها طائر نحس. «الزجر»: فهم الطير على جهة التطير، لا على فهم لفظها. «وأخيل»: طائر يستعمل في النحس. يقول: إذا شاء مضى إلى حمد ماجد فلم يخب عنده”(14).

ومن أمثالهم «لَاقَيتُ أخيَلَا» (15)، قال الميداني: “وهذه لفظة يتكلم بها عند الدعاء على المسافر”(16). 

قال ابن الأعرابي الأخيل الشقراق ويتطيرون منه للطمه، ويسمونه «مقطع الظهور» يقال: إذا وقع على بعير وإن كان سالما يئسوا منه، وإذا لقي المسافر الأخيل تَطَيَّرَ، وأيقنَ بالعقر، إن لم يكن موت في الظهر”(17).

[3] الأعضَب: ” الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ العَضَبُ فِي الأُذن أَيضاً، فأَما المَعْرُوفُ، فَفِي القَرْن، وَهُوَ فِيهِ أَكثر”(18)، ومن الدلالات التي يدل عليها هذا الرمز في التراث العربي:

1- الشؤم والتطير والعيافة: قال ابن رشيق في العمدة:” ويتشاءمون بالثور الأعضب، وهو المكسور القرن”(19)، وأنشد بيتي الكميت وهما:

ولا أنا ممن يزجر الطير هَمُّه                  أصَاحَ غرابٌ أم تعرض ثعلبُ 

ولا السانحاتُ البارحاتُ عشية             أمَرَّ سَليمُ القرن أم مَرَّ أَعْضَبُ (20) 

قال الشارح: “وقوله:« أمَرَّ سليم القرن» الذي يتيمن به « أم مَرَّ أَعْضَبُ» الذي يتشاءم به”(21)، ومنه أيضا قول أشجع السلمي: 

أَلَا أَيُّهَا المُشْلِي عَلَيَّ كِلَابَهُ              ولي غير إن لَمْ أشلهِنَّ كِلَابُ

رُوَيْدَكَ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ فَقَدْ جَرَى            بِجَرْيِكَ ظَبْيٌ أَعْضَب وَغُرَابُ(22) 

2- البين والفراق: قال عروة بن أذينة: 

غرابٌ وظبي أعضبُ القرن نادباً             ببينٍ وصردانُ العشيِّ تَصيحُ

لعمري لئن شَطَّتْ بعثْمَة دارُها              لقد كنت من خَوف الفراق أليحُ(23) 

والمعنى أنه يخاف ويحذر من الغراب والظبي الأعضب والصردان التي تُنبئُ بالفراق والبين.

ومن الشعراء من نَفَى العيافة عن نفسه وقومه والتشاؤم بالأعضب ومنهم عبيد الأبرص:

أُنْبِئْتُ أَنَّ بَنِي جَدِيلَةَ أَوْعَبُوا          نُفَرَاءَ مِنْ سَلْمَى لَنَا وَتَكَتَّبُوا

وَلَقَدْ جَرَى لَهُمُ فَلَمْ يَتَعَيَّفُوا           تَيسٌ قَعِيدٌ كَالْوَلِيَّةِ أَعْضَبُ (24) 

قال الشارح:” يقول: جرى لهم هذا التيس الأعضب بالشؤم، فلم يتشاءموا”(25).

وكذلك قول مهيار الديلمي:

فَلَا يَعْطِفَنَّكَ عَنْ هـِمَّةٍ             هَمَمْتَ بِهَا بَارِحٌ يُزْجَرُ

فَلَا الجَدُّ يَدْفَعهُ أَعْضَبٌ         وَلَا الحَظُّ يَصْرِفُهُ أَعْوَرُ (26) 

وقال في المعنى نفسه:

جَرَتْ لَنَا «بِبَابِلٍ» يَمِينَا              سَوَانِحٌ غُرًّا لَهَا وَعِينَا 

لَا يَتَوَقَّى عُورَهَا وَعُضْبَهَا          مَنْ عَيَّفَ الْأَعْيُنَ وَالْقُرُونَا (27) 

[4] أَقْدَامُ الظِّل: ” أَقْدَامُ الظِّلِّ الَّتِي تُعرف بِهَا أَوقات الصَّلَاةِ هِيَ قَدَمُ كُلِّ إِنسان عَلَى قَدْرِ قَامَتِهِ” (28)، ومن دلالات هذا الرمز في التراث العربي:

1- معرفة مواقيت الصلاة: وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاة: « كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ» (29)، وفي «النهاية»: «كَانَ قَدْرُ صَلَاتِهِ الظُّهرَ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدام إلى خمسة أَقْدام» (30).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- لسان العرب 1/92.

2- صحيح مسلم 3/1433، [رقم:1807].

3- ديوان العجاج ص:195.

4- ديوان ذي الرمة ص:263.

5- لسان العرب 1/92. 

6- لسان العرب 5/193.

7- ديوان الفرزدق تحقيق علي فاعور ص:478.

8- لسان العرب 5/193.

9- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 16/50.

10- ديوان جرير ص:388.

11- ديوان الحطيئة ص:167، والبيت في المعاني الكبير منسوب لكعب بن زهير 1/276. 

12- المعاني الكبير 1/276.

13- شرح ديوان صريع الغواني  ص:27.

14- شرح ديوان صريع الغواني  ص:27.

15- مجمع الأمثال 2/215.

16- مجمع الأمثال 2/215.

17- مجمع الأمثال 2/215، بلوغ الأرب 2/337. 

18- لسان العرب 10/181.

19- العمدة في محاسن الشعر وآدابه 2/905.

20- شرح هاشميات الكميت ص:44، وفي العمدة 2/905،  «صحيح القرن» بدل «سَليمُ القرن». 

21- شرح هاشميات الكميت ص:45. 

22- البيتان في الأغاني 18/184. 

23- شعر عروة بن أذينة ص:411-412. 

24- ديوان عبيد بن الأبرص ص: 2-3.

25- ديوان عبيد بن الأبرص ص:4، الهامش رقم: 2.

26- ديوان مهيار الديلمي 2/36. 

27- ديوان مهيار الديلمي 4/93.

28- لسان العرب 12/44.

29- سنن النسائي 1/250، [رقم: 503]، المستدرك على الصحيحين 1/315،[رقم: 716].

30- النهاية في غريب الحديث والأثر 4/26.

******************

المصادر والمراجع:

– الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني، تحقيق الدكتور إحسان عباس، الدكتور إبراهيم السعافين، الدكتور بكر عباس، دار صادر بيروت، الطبعة الثالثة سنة 2008م.

– بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، للسيد محمود شكري الألوسي البغدادي، عني بتصحيحه وشرحه وضبطه محمد بهجة الأثري، الطبعة الثانية، منشورات دار الكتاب المصري.

– ديوان الحطيئة، برواية وشرح ابن السكيت، دراسة وتبويب الدكتور مفيد محمد قميحة، الطبعة الأولى 1413هـ /1993م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– ديوان العجاج، رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي وشرحه، عني بتحقيقه الدكتور عزة حسن، منشورات دار الشرق العربي، عام الطبعة 1416هـ/1995م.

– ديوان الفرزدق، شرحه وضبطه وقدم له الأستاذ علي فاعور، الطبعة الأولى عام 1407هـ /1987م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– ديوان جرير، عام الطبعة 1406هـ/ 1986م، منشورات دار بيروت للطباعة والنشر.

– ديوان ذي الرمة، قدم له وشرحه أحمد حسن سبج، الطبعة الأولى عام 1415هـ/1995م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– ديوان عبيد بن الأبرص، تحقيق وشرح الدكتور حسين نصار، الطبعة الأولى 1377هـ /1957م، منشورات شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. 

– ديوان عروة بن الورد، شرح ابن السكيت، حققه وأشرف على طبعه ووضع فهارسه عبد المعين الملوحي،  منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مطبوعات مديرية إحياء التراث القديم.

– ديوان مهيار الديلمي، الطبعة الأولى عام 1344هـ/ 1925م، منشورات دار الكتب المصرية بالقاهرة.

– شرح ديوان صريع الغواني، عني بتحقيقه والتعليق عليه الدكتور سامي الدهان، الطبعة الثالثة، منشورات دار المعارف بمصر، القاهرة.  

– شرح هاشميات الكميت ابن زيد الأسدي، بتفسير أبي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي، تحقيق الدكتور إبراهيم سلوم والدكتور نوري حمودي القيسي، الطبعة الثانية 1406هـ /1986م، منشورات عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية.

– العمدة في محاسن الشعر وآدابه، لابن رشيق القيرواني، تحقيق: الأساتذة توفيق النيفر ومختار العبيدي وجمال حمادة، منشورات المجمع التونسي للآداب والفنون «بيت الحكمة» عام 2009م.

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.  

– مجمع الأمثال، لأبي الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري، قدم له وعلق عليه نعيم زرزور، الطبعة الثالثة عام 2010م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.  

– المستدرك على الصحيحين، للحاكم، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى: 1411هـ / 1990م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت.

– المسند الصحيح المختصر[ صحيح مسلم]، للإمام مسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، منشورات  دار إحياء التراث العربي، بيروت.

– المعاني الكبير في أبيات المعاني، لابن قتيبة الدينوري، صححه المستشرق الكبير سالم الكرنكوي، منشورات دار النهضة الحديثية، بيروت، لبنان.

– المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي،  منشورات دار الساقي، الطبعة الرابعة 1422هـ/ 2001م.

– النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين ابن الأثير، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، منشورات المكتبة العلمية، بيروت عام: 1399هـ / 1979م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق