مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال لسان العرب لابن منظور (الحلقة السابعة عشرة)

[59] الغَمْزُ: ” الغَمْزُ: الإِشارة بِالعَيْنِ وَالحَاجِبِ والجَفْنِ، غَمَزَه يَغْمِزُه غَمْزاً […] وَمِنْهُ الغَمْزُ بِالنَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ فُسِّرَ الغَمْزُ فِي بَعْضِ الأَحاديث بالإِشارة كالرَّمْزِ بِالعَيْنِ وَالحَاجِبِ وَاليَدِ”(1)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:
1- الخوف: قال الصنوبري:
تُسَارِقُ الْغَمْزَ غَمْزَ خَائِفَةٍ                    رَقِيبَهَا مِنْ خَفَاءِ نَظْرَتهَا(2) 
2- سَلَام المحِبين: وقال الصنوبري أيضا:
كَمْ قَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ أَغْمِزُهُ عَلَى                 بُعْدٍ فَآلَمَهُ خَفِيُّ الْغَمْزِ(3) 

 

 

[59] الغَمْزُ: ” الغَمْزُ: الإِشارة بِالعَيْنِ وَالحَاجِبِ والجَفْنِ، غَمَزَه يَغْمِزُه غَمْزاً […] وَمِنْهُ الغَمْزُ بِالنَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ فُسِّرَ الغَمْزُ فِي بَعْضِ الأَحاديث بالإِشارة كالرَّمْزِ بِالعَيْنِ وَالحَاجِبِ وَاليَدِ”(1)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الخوف: قال الصنوبري:

تُسَارِقُ الْغَمْزَ غَمْزَ خَائِفَةٍ                    رَقِيبَهَا مِنْ خَفَاءِ نَظْرَتهَا(2)

 2- سَلَام المحِبين: وقال الصنوبري أيضا:

كَمْ قَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ أَغْمِزُهُ عَلَى                 بُعْدٍ فَآلَمَهُ خَفِيُّ الْغَمْزِ(3) 

-ف-

[60] الفَوفُ: ” الفَوْف: مَصْدَرُ الفُوفَة. يُقَالُ: مَا فَافَ عَنِّي بخَيْرٍ وَلَا زَنْجَرَ فَوْفاً، وَالِاسْمُ الفُوفَة، وَهُوَ أَن يسأَل رَجُلًا فيقولَ بظُفُر إِبْهَامِهِ عَلَى سَبّابته: وَلَا مثْلَ ذَا”(4)؛ ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- انعِدام الشيء: قال الشاعر:

فَأَرْسَلْتُ إِلَى سَلْمَى                بِأَنَّ النَّفْسَ مَشْغُوفَهْ

فَمَا جَادَتْ لَنَا سَلْمَى              بِزِنْجِيرٍ، وَلَا فُوفَهْ(5) 

أي لم تُشِرْ بظُفُر إِبْهَامِهِا عَلَى سَبّابتها لتدل على انعدام الشيء المطلوب، وهي إشارة بليغة في بابها تقوم مقام الكلام بل تتعداه ببلاغتها وحسن أداء المعنى.

-ق-

[61] قَبْضُ الأصَابعِ والإشارة بالسبابة: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الدعاء: وفي الحديث:« حَدَّثَنَا الحُمَيْدِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عجْلاَنَ أَنَّهُمَا سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ هَكَذَا. وَقَبَضَ الحُمَيْدِي أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَةَ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ»(6).

-ك-

[62]  كَسْرُ الإبهام: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي: 

1- تعيين عدد معين: وفي الحديث:« قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- « الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ». وَطَبَّقَ شُعْبَة يَدَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ وَكَسَرَ الإِبْهَامَ في الثَّالِثَةِ. قَالَ عُقْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ «الشَّهْرُ ثَلاَثُونَ» وَطَبَّقَ كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ»(7)؛ تكرر هذا الحديث الشريف بصيغ مختلفة فتارة يكون بكسر الإبهام وتارة بعقدها وما إلى ذلك وكلها إشارات أراد بها النبي – صلى الله عليه وسلم- الدلالة على العدد تسعة وعشرين والله أعلم.

-ل-

[63]  لَطْمُ الوجه والصَّدْر بالنِّعَال: ” اللَّطْمُ: ضَرْبُك الخدَّ وصَفْحةَ الجَسَدِ ببَسْط اليَدِ، وَفِي المُحْكَمِ: بِالكَفِّ مَفْتُوحَةً، لَطَمَه يَلْطِمُه لَطْماً ولَاطَمَه مُلاطَمةً ولِطَاماً […] واللَّطْمُ: الضَّرْبُ عَلَى الوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ”(8)، والمراد باللَّطْم هنا لَطْمُ الوجه والصدر بالنعال من دلالات هذا اللطم عند العرب:

1- المصيبة: قالت الخنساء تعزي نفسها بمصيبتها في أخيها صخر:

بِعَاقِبَةٍ فَإِنَّ الصَّبْرَ خَيْرٌ                  مِنَ النَّعْلَيْنِ وَالرَّأْسِ الْحَلِيقِ(9) 

والمعنى أن الصبر عند المصيبة يُحمد في عاقبة الأمر من الضرب على الوجه بالنعال، قال المبرد:” تأويل النعلين أن المرأة كانت إذا أُصيبت بحميم جعلت في يديها نعلين تصفق بهما وجهها وصدرها”(10).

وكانت تسمى هذه النعال في الجاهلية بـ « نعال السبت» وفي ذلك يقول أبو ذؤيب الهذلي:

وَقَامَ بَناتي بالنِّعَال حَوَاسِرًا             فَألصَقْن وَقْع السِّبْتِ تحت القَلَائِدِ(11) 

قال أبو سعيد السكري في شرح البيت:” كانت المصابات في الجاهلية إذا مات الرجل يضربن بالنعال صدورهن. و«حواسرا»، مكشفات الشعور والأذرع. و« ألصقن» أي ضربن بالنعال صدورهن”(12).

وقول عبد مناف الهذلي أيضا:

إذَا تَجَرد نَوْحٌ قَامَتَا معه                ضَرْبا أَلِيما بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدَا(13) 

2- الحزن: قال ساعدة بن جؤية:

فَقَامَتْ بِسِبتٍ يَلْعَج الجِلْدَ وَقْعُهُ           يُقَبِّضُ أَحْشَاءَ الفُؤَادِ أَلِيمُ(14) 

قال أبو سعيد السكري في شرح البيت:” يقول: قامت بنعل من جلود البقر تضرب به صدرها ونحرها. و« اللَّعْجُ»، الحرقة، ويقال: « وجدت لاعج الحزن والوجع»، لحرقته وحره. و « أليم»، وجيع، يقول: إذا وقع السبت بها ألم فؤادها وانقبض. و« أحشاء الفؤاد»، « الحشا»، التي مع الفؤاد”(15).

ومنه أيضا قول  الربيع بن زياد:

مَنْ كَانَ مَحْزُونًا بِمَقْتَلِ مَالِكٍ                    فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ

يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِرًا يَنْدُبْنَهُ                 يَلْطِمْنَ أَوْجُهَهُنَّ بِالْأَسْحَارِ

قَدْ كُنَّ يَخْبَأْنَ الْوُجُوهَ تَسَتُّرًا                    فَالْيَوْمَ حِينَ بَرَزْنَ لِلنُّظَّارِ

يَضْرِبْنَ حُرَّ وُجُوهِهِنَّ عَلَى فَتًى            عَفِّ الشَّمَائِلِ طَيِّبِ الْأَخْبَارِ(16) 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- لسان العرب 11/83. 

2- ديوان الصنوبري ص:401.

3- ديوان الصنوبري ص:129.

4- لسان العرب 11/240.

5- البيتان في لسان العرب 7/63، و 11/240، بدون نسبة.

6- مسند الحميدي 2/128، [رقم:903].

7- صحيح مسلم 2/761، [رقم:1080]، مسند أحمد 9/346، [رقم:5484].

8- لسان العرب 13/202.

9- ديوان الخنساء بشرح ثعلب ص: 63.

10- الكامل في اللغة والأدب 4/46.

11- ديوان أبي ذؤيب الهذلي ص:107، شرح أشعار الهذليين 1/191.

12- شرح أشعار الهذليين 1/191.

13- شرح أشعار الهذليين 2/672.

14- شرح أشعار الهذليين 3/1162.

15- شرح أشعار الهذليين 3/1163.

16-الأبيات للربيع بن زياد، كما في ديوان الحماسة، (انظر ديوان الحماسة بشرح التبريزي (4/37). وفيه: من كان مسروراً.

******************

المصادر والمراجع:

– ديوان أبي ذؤيب الهذلي، تحقيق وتخريج الدكتور أحمد خليل الشال، منشورات مركز الدراسات والبحوث الإسلامية ببور سعيد، الطبعة الأولى عام 1435هـ/ 2014م.

– ديوان الخنساء، تحقيق أنور أبو سويلم، شرحه ثعلب، أبو العباس، أحمد بن يحيى بن سيار الشيباني النحوي، حققه الدكتور أنور أبو سويلم، الطبعة الأولى عام 1409هـ/1988م، دار عمار للنشر والتوزيع.

– ديوان الصنوبري، تحقيق الدكتور إحسان عباس، الطبعة الأولى عام 1998، منشورات دار صادر، بيروت، لبنان.

– شرح أشعار الهذليين، صنعة أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري، حققه عبد الستار أحمد فراج، راجعه محمود محمد شاكر، منشورات مكتبة دار التراث، القاهرة.

– الكامل في اللغة والأدب، المبرد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الثالثة 1417 هـ/ 1997م، منشورات دار الفكر العربي، القاهرة.

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.  

– مسند أحمد، لأحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون، الطبعة الثانية: 1420هـ/1999م، منشورات مؤسسة الرسالة.

– مسند الحميدي، لأبي بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله القرشي الأسدي الحميدي المكي، حقق نصوصه وخرج أحاديثه: حسن سليم أسد الدَّارَانيّ، الطبعة الأولى: 1996 م، منشورات دار السقا، دمشق، سوريا.

– المسند الصحيح المختصر[ صحيح مسلم]، للإمام مسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، منشورات  دار إحياء التراث العربي، بيروت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق