مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

معارضة خبر الآحاد لعمل أهل المدينة وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء 14

الدكتور عبد الحق يدير 

أستاذ التعليم العالي كلية الآداب و العلوم الانسانية فاس سايس

 

3 – الأثر الفقهي المترتب على معارضة خبر الآحاد لعمل أهل المدينة.

لقد ترتب على الاختلاف في هذا الأصل اختلاف كبير في الأحكام الفرعية، من ذلك:

أ ـ اختلاف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام: فذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أنه لا ميراث لذوي الأرحام ـ كالأخوال والأعمام وغيرهم ـ واحتج على ذلك بإجماع أهل المدينة، قال في الموطأ في كتاب الفرائض: باب من لا ميراث له: “الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه، والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن ابن الأخ للأم، والجد أبا الأم، والعم أخا الأب للأم، والخال، والجدة أم أبي الأم، وابنة الأخ للأب والأم، والعمة والخالة، لا يرثون بأرحامهم شيئا.

وخالف في ذلك الحنفية والحنابلة فقالوا بتوريث ذوي الأرحام عندما لا يكون عاصب أو ذو فرض غير الزوجين، على اختلاف في طريقة توريثهم تتردد بين القرابة والتنزيل، فالحنفية يختارون طريقة القرابة، أي يورثون الأقرب فالأقرب من ذوي الأرحام والحنابلة يورثون على طريقة التنزيل، أي يجعلونه بمنزلة من يدلي به ممن يرث.”[1]

وأما الشافعية فأصل المذهب أن لا يورث ذوو الأرحام، ولا يرد على أهل الفروض، بل المال لبيت المال إذا كان منتظما، وهو إذا كان في يد إمام عادل يصرفه في مصارفه، أو كان في البلد قاض قائم بشروط القضاء مأذون له في التصرف في مال المصالح دفع إليه يصرفه فيها[2] .

ب ـ اختلافهم في زكاة الفواكه والخضروات: يذهب مالك رضي الله عنه إلى أنه لا زكاة في شيء من الفواكه والبقول ويستدل على ذلك بما عليه أهل المدينة، فيقول في الموطأ في كتاب الزكاة، باب ما لا زكاة فيه من الفواكه والقضب والبقول: “السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي سمعت من أهل العلم، أنه ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة: الرمان والفرسك[3] والتين وما أشبه ذلك، وما لم يشبهه إذا كان من الفواكه قال: ولا في القَضْب ولا في البقول كلها صدقة، ولا في أثمانها إذا بيعت صدقة، حتى يحول على أثمانها الحول من يوم بيعها ويقبض صاحبها  ثمنها وهو نصاب.

وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد[4]، أما أبو حنيفة فذهب إلى وجوب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض من زرع أو تمر، إلا الحطب والقصب والحشيش وحجته في ذلك عموم قوله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة”[5] وقوله تعالى: “وآتوا حقه يوم حصاده “[6] ودليله في ذلك أيضا عموم قوله عليه الصلاة والسلام: “فيما سقت السماء والعيون العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر”[7].

 

أثر رواية الحديث في اختلاف الفقهاء، للدكتور عبد الحق يدير، سلسلة أطروحات وأعمال رقم 17، طبعة 2011م، المملكة المغربية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس-فاس. ص340 وما يليها.

 

 


[1] – انظر اثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص. 465

[2] – انظر المصدر السابق، ص. 465، وسبل السلام :3/ 194، ونيل الأوطار: 6/ 63

[3] – الفرسك : الخوخ أو ضرب منه احمر أو ما ينغلق عن نواه .

[4] – انظر نيل الأوطار، 4/ 124

[5] – التوبة ، 104

[6] – الأنعام / 141

[7] – رواه الترمذي في كتاب الزكاة باب ما جاء في الصدقة فيما يسقي بالأنهار وغيره وابن ماجة في كتاب الزكاة باب صدقة الزروع والثمار .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق