مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

مصطلح الاستقامة1

ذة.أسماء المصمودي

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل 

                                                   

الاستقامة هي لب الشريعة ومدارها وحري بنا قبل الخوض في معانيها الاصطلاحية المتدرجة والمختلفة أحيانا، أن نمر ونعرج بشكل سريع على معناها اللغوي إذ هو المفتاح لكل الدلالات الممكنة لها في سياقات تداولها، سواء القرآنية، أو الحديثية، أو الاصطلاحية. 

 فالاستقامة في اللغة من مادة : قوم  قال أَبو زيد : أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام قال والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ وقام قائمٌ الظَّهِيرة، قال الراجز وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَل، والقَوامُ العَدْل والاستقامة هي الاعتدال يقال استقام له الأمر، وقامَ الشيءُ واسْتقامَ اعْتدَل واستوى، واستعمل أبو إسحق ذلك في الشِّعر فقال استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ وقَوّمَََ دَرْأَه وأَزال عِوَجَه  وقَوَّمَه.[1]

الاستقامة في القرآن :

ورد مفهوم الاستقامة في آيات عديدة من القرآن بدلالات كثيرة منها:

ـ الأمر بالتزامها وتمثلها ومن ذلك الآيات الكريمة:

“فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير”[2]

” قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين”[3]

” قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ “[4]

“وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم ءايات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم”[5]

كما جاءت آيات أخرى من القرآن الكريم تقرر أن الثبات على الاستقامة هو بمشيئة الحق عز وجل، ومنه:

ِ”إنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ  لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ  وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ “[6]

 “يهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ “[7]
“وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ “[8]
“وَمِنْ ءَابَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”[9]

وقد خص الله عز وجل آيات من القرآن الكريم بتبشير الملتزمين بالاستقامة بالثواب وحسن الجزاء من ذلك قوله تعالى:

“إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” [10]

” وألواستقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا”[11]

“إن الذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)”[12]

وقد جاء في تفسير لفظ الاستقامة في القرآن الكريم أنها قد تفيد التوحيد، وكذلك المكافحة والمجاهدة من أجل الثبات على النهج السليم بالتشبت بأداء الشرائع وترك المعاصي مع الإخلاص في العمل،” فعن سعيد بن نمران قال: قرأت عند أبي بكر الصديق هذه الآية: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } قال: هم الذين لم يشركوا بالله شيئا.

ثم روي من حديث الأسود بن هلال قال: قال أبو بكر، رضي الله عنه: ما تقولون في هذه الآية: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } ؟ قال: فقالوا: { رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } من ذنب. فقال: لقد حملتموها على غير المحمل، { قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } فلم يلتفتوا إلى إله غيره .

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس “قالوا ربنا الله ثم استقالوا” على أداء فرائضه. وكذا قال قتادة، قال : وكان الحسن يقول : اللهم أنت ربنا، فارزقنا الاستقامة .

وقال  أبو العالية ” ثم  استقاموا ” اخلصوا له العمل  والدين . [13].

 

 


[1] انظر لسان العرب، ج.ص.

[2] الشورى الآية 15

[3] فصلت الآية 3

[4] سورة يونس، الآية89

[5] ال عمران 101

[6] سورة التكوير، الآيات27ـ28

[7] المائدة /16

[8] الأنعام/39

[9] الأنعام /37

[10] الأحقاف/13

[11] الجن/16

[12]  فصلت : 30

[13] تفسير ابن كثير، باب 30،ج.7،ص.176

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق