وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

مسجد تينمل




    تاريخ/حقبة الإنشاء : 1184 ـ 1198
    مستلزمات الإنشاء : آجر
    المرسل إليه / الوكيل : أبو يعقوب يوسف الأول (1163 ـ 1184) وأبو يوسف يعقوب المنصور (1184 ـ 1198)
    مؤلف : أحمد ابن بازو وعلي دي غومارا
    الحجم : 85 متر، الارتفاع (الحالي) 97،50 متر، الارتفاع (الجزء الموحديّ الذي تم الاحتفاظ به) 50،85 متر

أنظر الصور


بدأ بناء مئذنة مسجد إشبيلية الكبير عام 1184 ولم يتم إنجازه إلا في عام 1198 إذ أن وفاة الآمر الأول أدى إلى تأخير عمليات البناء بعض الشيء. أقيمت المئذنة بموازاة الجدار الشرقي للمسجد حيث بقي الشاهد الرئيسي عليه، مع جزء من الفناء التابع له. ابتداءً من عام 1248، تاريخ استرداد إشبيلية، كانت المئذنة تستخدم كبرج جرس ثم تم تدميرها جزئياً خلال الهزة الأرضية التي ضربت المدينة عام 1355. بعد بناء الكاتدرائية في القرن الخامس عشر، استخدمت كقبة جرس ثم قام المهندس هرنان رويز الثاني في القرن السادس عشر بإكمال جزئه الأعلى كما قام هذا الأخير ببناء جزء من الكاتدرائية ضمن مسجد قرطبة الكبير. كان هناك منحوتة تعلو هذا البناء وكانت تدور حسب اتجاه الرياح، مما أطلق على هذا البرج لقب “الجيرالدا” أي دوارة ريح بالإسبانية.

يندرج هذا الصرح، بفضل مخططه المربع، ضمن سلسلة المآذن المغربية والإسبانية كمئذنة مسجد قيروان الكبير (القرن التاسع)، والمئذنة التي قام بإنجازها عبد الرحمن الثالث في مسجد قرطبة الكبير (951) وأيضاً المئذنة الخاصة بمسجد القلعة لبني حماد (الجزائر، 1007 ـ 1008)، حيث اتخذت كل هذه المآذن الشكل نفسه. ومن الممكن أن يكون هذا الشكل مستوحى أصلاً من مئذنة مسجد دمشق الكبير (سوريا، 705 ـ 715)، أكثر منه من أبراج الكنائس السورية على غرار ما اقترحه ر. هيلربراند. غير أن الجيرالدا تتميز عن المآذن السابقة بتقسيمها الداخلي الذي يضم منصة كبيرة مجزأة بطريقة مستقيمة، حول وسط يتألف من سبعة طوابق تعلوها قبب متراكبة. هذا التقسيم الذي كان شائعاً في أغلبية مآذن الموحدين، استخدم أيضاً ي مسجد كتبية (مراكش، 1147) كما في برج حسن في الرباط (1196).

كان يعلو المئذنة قبة مَنوَر على شكل مربع ويحتفظ بجزء صغير منها، وكان، حسب قول ل. غولفن، مقياسه يقارب الخمسة عشر مترا. فوق القبة المزينة بمربعات، كان هناك “جامور” أي صارية من حديد تدعم أربع كرات من نحاس ذهبي وهو عمل فني قام به أحد الفنانين من صقلية[1]. وهكذا، كان يقدر ارتفاع المبنى بثمانين متراً تقريباً وهو نموذج لذوق الموحدين وميلهم للمعالم الأثرية.

إن الزينة التي تتمتع بها الجيرالادا تحد من ضخامة البناء، بذلك يتلاءم شكله مع مثال البساطة والاعتدال الذي كان تنشده السلالة الحاكمة. كما أن واجهاتها الأربعة لا تتشابه البتة ولكنها تتلاءم كلها مع نفس النموذج. فالقاعدة بسيطة جداً، تزينها فقط بعض العقود وتعلوها ثلاث مناطق عمودية، تتضمن الوسطي أربعة مستويات مفتوحة ومتشابهة ترتكز على أعمدة صغيرة. على كلا الجهتين، هناك مشبكات على مستويين مختلفين، وترتكز على أعمدة صغيرة. في الجزء العلوي،  هناك سلسلة من العقود متعددة الفصوص تعلوها أكتاف شرافات محززة.

العقود المستخدمة هي نصف دائرية، كاملة أو متعددة الفصوص حسب المفردات التي غالباً ما كانت تستخدم في إسبانيا خلال هذه الفترة، كما في مسجد قرطبة الكبير أو، فيما بعد، في قصر الحمراء في غرناطة كما في الأعمال الهندسية المدجنة. أما أكتاف الشرافات فهي كانت معروفة في الشرق منذ العصور القديمة حيث نلاحظ استخدامها في الأعمال الأشورية والأخمينية. ومنذ العصر الأموي، نلاحظ استخدامها في الأبنية الإسلامية على غرار قصر الحير الغربي (سوريا).

كان الجيرالدا وهي رمز مدينة إشبيلية، نموذجاً للهندسة المتأخرة جداً حيث تم إنجاز نماذج مماثلة لها في الولايات المتحدة الأمريكية بين 1893 و1927، في حديقة ماديسون سكوير في نيويورك ونموذج آخر في مدينة كنساس. إضافة إلى ذلك، إن المئذنة في مسجد حسن الثاني الذي افتتح عام 1993 في الدار البيضاء، كان هو أيضاً مستوحى من الجيرالدا ولو جزئياً.

 
هامش

[1]  تم استبدال هذا الجامور بصليب عام 1400 بعد أن دمرته الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة عام 1355
قائمة المراجع

Golvin, L., Essai sur l’architecture religieuse musulmane. t. IV. L’art hispano-musulman, s.l., 1979, Klincksieck, p. 243 – 293.

Hillenbrand, R., Islamic Architecture, form, function, meaning, New York, 1994 Columbia University Press, , p. 139 – 144.

Marcais, G., L’architecture musulmane d’Occident : Tunisie, Algérie, Maroc, Espagne et Sicile, Paris, 2006, Arts et métiers graphiques.

Bosworth, C. E., « al-Muwahhidûn », in Encyclopédie de l’Islam, vol. I, Leyde, New York, Paris, 1993, E. J. Brill, Maisonneuve et Larose, p. 803 – 808.

Guichard, P., De la conquête arabe à la reconquête : grandeur et fragilité d’al-Andalus, Grenade, 2000, Fondation El Legado Andalusi.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق