الرابطة المحمدية للعلماء

مستقبل الإنترنت عام 2020..

تنامي المخاوف من تكريس خضوع شبكة الإنترنت لهيمنة الشركات العابرة للقارات

نشرت مؤخرا شركة “بيي إنترنت PEW Internet “ومؤسسة “أميركان لايف بروجك” American Life Project بالتعاون مع جامعة “إيلون” الأميركية، في إطار مشروع “تصور مستقبل الإنترنت عام 2020″؛ تقريراً عن نتائج استطلاع شمل 740 خبيراً عالمياً في منظومة المعلومات والاتصالات، عن رؤيتهم لأهم التطورات التي ستشهدها شبكة الإنترنت في أفق سنة 2020. وضم الاستطلاع آراء لأساتذة جامعيين واقتصاديين ورجال أعمال وموظفين حكوميين.

من أهم ما جاء في هذا الاستطلاع، أن 77 في المائة من هؤلاء الخبراء أكدوا أن الإنترنت ماضية بثورتها، مستدلين على ذلك بأنها راكمت إنجازات هائلة بشكل مضطرد منذ انفتاحها عالمياً في منتصف التسعينات من القرن العشرين.

وأجمعوا على القول أن الشبكة العنكبوتية تعيش عصرها الذهبي وتتربع على عرشه الإلكتروني بلا منازع. ورجحوا أن تستمر الشبكة الدولية للكومبيوتر على تلك المكانة المميزة التي تسنمتها في انطلاقة عصر المعلومات، إذ برهنت على أنها الوسيلة التي أحدثت ثورة غير مسبوقة في نشر المعرفة وتعميمها، وشكلت الوسيلة الأسرع في الاتصال الجماهيري المباشر من بعد، من خلال إطلاقها لفضاء افتراضي بلغّ عدد رواده قرابة بليون ونصف البليون بتكلفة معقولة..

وقد أعرب 64 في المائة ممن شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم بأن حقوق الملكية الفكرية ستتعرض للمزيد من الانتهاكات مهما بالغت الدول في سن التشريعات والقوانين الهادفة إلى حمايتها.

 كما ذهب 82 في المائة إلى أن اللغة الإنكليزية ستحتفظ بهيمنتها الكبيرة على شبكة الإنترنت، معربين عن قناعتهم بأن إعادة نوع من التوازان بينها وبين اللغات الصاعدة أمر شبه مستحيل، ضمن المدى الزمني الذي حدده الاستطلاع.

وأبدى 59 في المائة تشاؤمهم حيال استمرار عمليات المراقبة على الإنترنت التي تمارسها بعض الشركات العملاقة ومجموعة من الحكومات في الأنظمة الديمقراطية والدكتاتورية على حدّ سواء، التي تُبرّر غالباً بذرائع شتى تشمل السياسة والاجتماع والأخلاق والدين وغيرها.

بينما رأى 58 في المائة أن قطاع عريض من الناس ستبقى خارج فضاء الإنترنت والحداثة الإلكترونية، خصوصاً في دول العالم الثالث، ما سيساهم في اتساع “الفجوة الرقمية” بين الشمال والجنوب وتضاؤل فرص المساواة في الوصول إلى الشبكة العالمية ضمن المجتمعات والشعوب أيضاً.

ولاحظ 63 في المائة أن القرية الكونية ستشهد آجلاً أو عاجلاً ترسيماً جديداً لحدودها الافتراضية نتيجة صعود مجموعة من الدول المتنامية النفوذ حديثاً كالصين والهند والبرازيل، وانضمامها لنادي المسيطرين على الفضاء الإلكتروني العالمي. ويأتي في سياق ذلك الصعود، ميل تلك الدول لإنشاء شبكات قومية، وكسر احتكار المؤسسات العملاقة في الدول الصناعية على المعلومات لا سيما “هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام” الأميركية المعروفة باسم “أيكان” ICANN التي تشرف عليها الحكومة الأميركية بصورة كاملة. والمعلوم أن سيطرة “ايكان” شكلت محوراً للكثير من النقاشات في “قمة مجتمع المعلوماتية” التي عقدت على مرحلتين في جنيف وتونس، قبل بضع سنوات..

رغم النزعة التفاؤلية العامة للمستطلعين إلا أن  أجوبتهم لم تخل من تحفظات متنوّعة وتساؤلات جوهرية تمحورت غالبيتها حول ما إذا كانت الإنترنت مساحة مفتوحة للجميع أو أنها لا تزال خاضعة لهيمنة الدول الكبرى واحتكار الشركات العالمية العابرة للقارات. كما أبدى هؤلاء الخبراء قلقلهم من تنامي ظاهرة التضييق عن حرية الإنترنت والرقابة عليها، وخضوعها لاعتبارات ومصالح اقتصادية وإيديولوجية دولية متناقضة تفضي في نهاية الأمر إلى التضييق على حرية التعبير الإلكتروني وانتهاك الخصوصيات الفردية والجماعية، والحد من الابتكار والتجدد. وكذلك تناقضت آراؤهم بصدد الموقف من حماية الملكية الفكرية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق