وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

مساجد مدينة مكناس من خلال إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لابن زيدان الحلقة الثالثة: المسجد الأعظم.

يعد المسجد الأعظم أو الجامع الكبير من المعالم التاريخية التي تم تأسيسها في عصر المرابطين، ليقوم الموحدون بعد ذلك بتوسيعه وترميمه، وبناء صومعته التي تهدمت…

قال ابن زيدان في إتحاف أعلام الناس: وجدد المسجد الأعظم عام سبعة ومائة وألف، وكان انتهاء العمل فيه عام تسعة ومائة وألف، ويشهد لذلك ما هو منقوش في لوح خشب بباب المقصورة التي يخرج منها الخطيب بالمسجد المذكور ولفظه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، صدق الله العظيم، وبلغ رسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، أمر بتجديد هذا المسجد الأعظم مولانا إسماعيل بن الشريف أيده الله عام سبعة ومائة وألف، وكان الفراغ منه عام تسعة ومائة وألف:

يا أيها المنظر الجديد … زينك الطالع السعيد

وقر منك الأمير عينا … ومات من غيظك العنيد

وما هو منقوش بأعلى السقاية من المسجد المذكور ولفظه : الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبى بعده .

تأمل بعد حمد الله حسنى … وصل على محمد الشفيع

فما أبصرت في الدنيا كشكلى … أذكر زهر أيام الربيع

وللوراد أسقى سلسبيلا … فلى فخر بذاك على الجميع

بجامعنا الكبير سموت فخرا … علا شرفى بجانبها المنيع

بأمر إمامنا المنصور شادورا … بنائي الرائق الأبهى الرفيع

وتاريخى أمعطاش هنيئا … وقاك الله من ظما وجوع [1]

وما هو منقوش بخشب عنزته البديعة الإتقان العجيبة الصنع اللطيفة المنظر ودونك لفظ : ما هو منقوش في الجهة الموالية للصحن.

ذى عروس من المحاسن تجلى … باليواقيت وشحت واللآلي

وسراج الملوك بالغرب اسما … عيل من دأبه اكتساب المعالي

كان عن أمره المطاع وجودى … كن له حافظا أيا خير والي

وما هو منقوش بها أيضا ولفظه :

بحمد الله يفتتح الكلام … كذاك صلاة ربى والسلام

على المختار مع آل وصحب … كعرف المسك ما انسكب الغمام

آدم يا رب عز الدين وانصر … إماما لا يعادله إمام

وما هو منقوش بدائرة هذه العنزة من الجهة المذكورة أيضا ولفظه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين وبوسط هذه الدائرة ما لفظه:

لك الحمد يا ألله والأمر كله … فصل على سر الوجود محمد

إمام الورى طرا وقبلة آدم … نبى أتى بالخمس في كل مسجد [2].

 وفي هذا المسجد العظيم المقدار ثريات ثلاثة من الصفر مكتوب بالدائرة الأولى من كبراها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا … إلخ السورة، وفي دائرتها الثانية بعد الاستعاذة والبسملة والصلاة عليه – صلى الله عليه وسلم – يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا … إلخ السورة، وفي دائرتها السفلي صنعت هذه الثرية بمدينة فاس حرسها الله لجامع مكناسة شرفه الله بذكره، وكان الفراغ من عملها في العشرين من شهر ذي القعدة عام أربعة وستمائة[3].

وفيه مائة وثلاثة وأربعون قوسا، ومن الأساطين مائة أسطوانة وأربعة وثلاثة أسطوانة وهذا العدد غير شامل للأساطين الملصقات بالجدارات فائدة: أول من أحدث الأساطين للظلال وهي مجانب مسقفة تظل الناس وتكنهم من الشمس والمطر عبد الملك بن مروان وذلك عام ثمانين.

وفي المسجد من الصفوف المصطفة المتباعدة الأكناف، البالغة في محاسن الأوصاف، تسعة الصف الأول منها عديم النظير في اتساع العرض، إذ عرضه ستة أمتار وأربعة وثمانون سنتيما وهذا القدر لم أر ما يحاكيه في عرض صفوف غيره من المساجد، نعم عرض الصف الأول من جامع المنصور بمراكش يزيد عليه بواحد وأربعين سنتيما إذ عرضه سبعة أمتار وخمسة وعشرون سنتيما، وطوله خمسة وسبعون متر، أما عرض صفوف جامع بني أمية بدمشق الشام فيفوق الجميع إذ عرض كل بلاط من البلاطات الثلاث نحو التسعة أمتار.

وطول مسجدنا المكناسي من جدار المحراب إلى العنزة تسعة وثلاثون مترا وعشرون سنتيما، وعرضه من الجدار الشرقي إلى الجدار الغربي أربعون مترا وخمسة وتسعون سنتيما، وطول صحنه واحد وعشرون مترا وأربعة عشر سنتيما، وعرضه سبعة عشر مترا وواحدا وأربعون سنتما، وعرض الجناح الأيمن خمسة عشر مترا واثنان وعشرون سنتيما، وعرض الجناح الأيسر أحد عشر مترا وأربعة عشر سنتيما، وعرض كل ربع من أرباع مناره خمسة أمتار وخمسون سنتيما، وسعة كل جدار منها متر واحد وسبعون سنتيما، وعدد درجها مائة درجة، وثلاث عشرة درجة علو كل درجة عشرون سنتيما.[4]

.

[1] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 164 الطبعة الثانية 1990 م

[2] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 166 الطبعة الثانية 1990 م

[3] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 98الطبعة الثانية 1990 م

[4] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 103 الطبعة الثانية 1990 م

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق