وحدة الإحياءدراسات عامة

مراعاة السياق وأثره في فهم السنة النبوية

  تندرج هذه الدراسة ضمن أعمال الندوة العلمية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء في موضوع: “ أهمية اعتبار السياق في المجالات التشريعية وصلته بسلامة العمل بالأحكامالتي أقيمت أيام: 10-11-12 جمادى الثانية 1428هـ الموافق لـ 26-27-28 يونيو 2007م. بمدينة الرباط-المملكة المغربية.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله رسوله وعبده، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، وبعد:

فالشكر الموصول، والثناء المتواتر للرابطة المحمدية للعلماء في شخص أمينها العام الأستاذ الألمعي الدكتور أحمد عبادي زاد الله في معناه، ولصحبه العلماء الفضلاء، وشيعته البررة النبهاء، لإتاحة هذه الفرصة لي، وإن كانت على استعجال، للإسهام بكلمة في هذه الندوة العلمية التي خرجت عن سياق ندوات الوقت وأمسكت بموضوع علمي رفيع له من البعد والمدى، والعمق والصدى ما يذكرنا ببحوث الأوائل الهداة، المؤصلين الرادة في أمة الإسلام. فمنذ أمد غير قصير لا نجد إلا ندوات بموضوعات سطحية، وأفكار شغبٍ سوقيَّة، وقيل وقال، صادر عن ترّهات غير أمينة ولا وفية، فليس فيها غناء يؤثر ولا عطاء يذكر. ولا غرو في ذلك فالرابطة المحمدية للعلماء جُماع الفكر، وعصارة الإبداع، وخلاصة المعرفة وأمل التجديد في الأمة، واختيار هذا الموضوع الدقيق، ينم عن كثير من رجاحة العقل، وسداد من الله تعالى وحسن توفيق.

وقد اخترت أن يكون موضوعي في غمرة المشاغل المتلاحقة بعنوان:

“مراعاة السياق وأثره في فهم السنة النبوية” في إشارات وإثارات، ولا أدعي أني أحطت به خبراً، فلم يتسن لي كثير من الزمان في أيام معدودات تقليبه على صفحات الفكر، ودقيق النظر أو عرضه على أفهام أهل الذكر، وهذا الموضوع حقيق بكل هذا وأكثر، بل أقول إنه لما كلمني أخي الدكتور أحمد السنوني قبل أيام معدودات، وفرط مني الوعد بالمشاركة استحضرت هذه القضية على أكثر من صعيد أولها صعيد الفكر الإنساني، ثم صعيد الفكر الإسلامي العام، ثم صعيد الفكر الإسلامي الخاص في تطبيقه العملي لهذا الموضوع ثم الممارسة اليومية وأحداثها التي نعيشها بكل أبعادها الاقتصادية والسياسية والدينية، ثم على صعيد الفرد، وصعيد المجتمع والأمة والإنسانية في تشابكها وتمازجها الذي لا ينفصم.

وأحببت أن أقدم بين يدي السادة العلماء الفضلاء نبذة مختصرة من شقين.

وإذا اتفقنا بدون الدخول في التفصيلات والتطويلات على أن السياق هو سرد الأحداث وتتابعها من بداياتها إلى نتائجها، فهذا يعني النظرة الشمولية للأحداث سواء كانت صغيرة أو كبيرة، قولية أو فعلية في ارتباطها بما قبلها وما بعدها وترتقي بالإنسان هذه الرؤية إلى التجريد، وتبصِّره بالمستقبل برؤية محكمة سديدة إن كانت نظرته صحيحة وسديدة، وهذا يدل على سعة الأفق، وحسن النظر في الأشياء، ودقة التنـزيل وصحة الحكم والإنصاف فيه، وبذلك يعظم الانتفاع والفائدة ويجمع ذلك كله كلمة (فقه).

وقد قالوا: سياق الكلام تتابعه وترابطه وأسلوبه الذي يجري عليه، ويوصِّل إلى معاني مقصودة، وقد جاء القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة ببيان ذلك ومراعاة سياق الأحداث، وكشف القرآن والسنة عن هذا المعنى في مستويات متعددة، وأشكال شتى من ذلك:

أن الكون والحياة البشرية كلها لها سياق واحد، فخلق السماوات والأرض والشمس والقمر، والنجم والشجر، والإنس والجن، كلها تسير في سياق واحد متتابع، ولغاية وهدف ضمن ضوابط محكمة وقواعد ثابتة، ولهذا بين الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض وما فيهما، وكيف وصفهما ضمن سياق ناموس لا يتبدل حتى يحقق الغاية و الهدف، قال تعالى: ﴿وما خلقنا السماوات والاَرض وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ (الدخان: 36-37).

وقال تعالى: ﴿قل اَينَّكم لتكفرون بالذي خلق الاَرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللاَرض اِيتيا طوعاً اَو كرهاً قالتا أتينا طائعين﴾ (فصلت: 8– 10)؛ أي منقادتين مسلمتين دون كره. ﴿وله أسلم من في السماوات والاَرض طوعاً وكرهاً﴾ (ءال عمران: 82). وقال تعالى: ﴿وهو الذي خلق اليل والنهار والشمس والقمر كلّ في فلك يسبحون﴾ (سورة الأنبياء/ الآية:33). ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اليل سابقُ النهار، وكل في فلك يسبحون﴾ (يس: 39).

وقال تعالى: ﴿يأيها الاِنسان إنك كادح اِلى ربك كدحاً فملاقيه ﴾ (الانشقاق: 6). ﴿أفحسبتم أنما خلقناكمَ عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون. فتعالى الله الملك الحق ﴾ (المؤمنون: 116-117).

فهذا الكون بعموم ما فيه له سياق ومجرى، ونسق يخبُّ فيه، وأجلّ ما في هذا الكون الإنسان ولهذا خلّد القرآن سياق الإنسان في خلقه ومسيرته وتجربته على هذه الأرض في سياق متتابع ليستفيد اللاحق من السابق، ويرى مآلات التجارب وعبرة الأحداث بنظرة شمولية صحيحة ودقيقة، ولهذا حظي السياق الإنساني في القرآن الكريم بأمر عجب وعناية ربانية فائقة جعلت العاقل الرشيد يدرك سياق الإنسان فرداً وجماعة وبشرية عامة منذ أن قال ربك لملائكة قدسه:إني جاعل في الأرض خليفة، إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، مروراً بعدوان ابن آدم الأول على أخيه، ﴿واتل عليهم نبأ ابني -ادم بالحق إذ قرّبا قرباناً فتقبل من اَحدهما ولم يُتقبل من الاَخر قال لأقتلنّك قال إنما يتقبل الله من المتقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين﴾ إلى أن قال عز ثناؤه: فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين” إلى أن قال سبحانه وتعالى: ﴿من اَجل ذلك كتبنا على بني إسراءيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ اَو فسادٍ في الاَرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن اَحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الاَرض لمسرفون﴾ (المائدة: 29–34).

هذا هو بداية سياق المسيرة الإنسانية في عدوانها الأول وطلائع الإرهاب فيها وكيف شُرِّعت الحدود، ونصبت أعلام القصاص والعقوبات في هذا السياق فليتأمل العقلاء ذلك.

وبياناً لسياق أحداث الأمم والجماعات، بعد الأشخاص والأفراد، ونـزعاتها الخيرة والشريرة ﴿ولقد اَرسلنا نوحاً اِلى قومه إني لكم نذير مبين. اَن لا تعبدوا إلا الله، إني أخاف عليكم عذاب يوم اَليم، فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي، وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين﴾ إلى أن قال عز وجل فيهم: ﴿قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين﴾ (هود: 24-32).، ويستمر سياق الأحداث وتتتابع الوقائع حتى وصلوا إلى نقطة النهاية ﴿حتى إذا جاء امرنا وفار التّّور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن امن، وما ءامن معه إلا قليل، وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم﴾ (هود: 40 –41).

وفي سياق هؤلاء جاء آخرون ﴿وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كلّ جبّار عنيد، وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربّهم ألا بعدًا لعاد قوم هود﴾ (هود: 58 – 59).

ويستمر السياق الإنساني يعرض مسيرته البشرية بنـزغاتها ونـزعاتها وآمالها وطموحاتها في فكرها وسلوكها، في صلاحها وفسادها ﴿ولما جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب. وجاءه قومه يُهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات، قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي، أليس منكم رجل رشيد. قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد. قال لو اَن لي بكم قوة اَوَـاوي إلى ركن شديد. قالوا يا لوط إنّا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحد اِلا امرأتك، إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب. فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل. منضود مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد﴾ (هود: 76-82).

وتقدم السياق الإنساني وجاء آخرون وجاءهم الناصح الأمين فقال لهم: ﴿يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اِله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط، ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الاَرض مفسدين، بقيّت الله خير لكم إن كنتم مومنين، وما أنا عليكم بحفيظ، قالوا يا شعيب أصلواتك تامرك أن نترك ما يعبد ءابآؤنا أو اَن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد﴾ (هود: 83 -87).

إلى أن وصلت التجربة في سياقها الكوني “إلى فرعون وملئه، فاتبعوا أمر فرعون، وما أمر فرعون برشيد، يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبيس الورد المورود، وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بيس الرفد المرفود إلى أن تقرر ناموس هذا السياق الإنساني وضابطه الدائم المستمر ﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة اِن أخذه أليم شديد، إن في ذلك ءلآية لمن خاف عذاب الاَخرة﴾ (هود: 102-103).

وجاء بعدهم آخرون شادوا وبنوا ثم انتكسوا وبادوا ﴿وسْئَلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شُرّعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون، وإذ قالت امة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة اِلى ربكم ولعلهم يتقون، فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيس بما كانوا يفسقون، فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ إلى قوله تعالى: ﴿والذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين﴾ (الاَعراف: 163- 170).

إلى أن أهلَّ في السياق البشري فجر جديد، وحُفظ هذا السياق بأدق الحفظ وأوثق الوسائل والإمكانات البشرية ﴿يأيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستكثر، ولربك فاصبر﴾ (المدثر: 1-7). ﴿يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقد جاءكم بشير ونذير، والله على كل شيء قدير﴾ (المائدة: 21).

إن استيعاب هذا السياق والنظر إليه بوعي وبصيرة يعطينا خلاصة جهود البشرية وأعمالها، وكيفية قيام الحضارات وانحطاطها، وما التاريخ المكتوب إلا تفصيل جزئيات هذه الكليات القرآنية.

وفي النسق الجديد، خلّد القرآن الكريم المسيرة النبوية بدءاً من (اقرأ) إلى أن التحق بالرفيق الأعلى صلوات الله وسلامه عليه في أحواله وشؤونه وقومه وعشيرته وسلمه وحربه، وغزواته على الخصوص؛ لأن البشرية في ماضيها وحاضرها في الحروب تتجاوز القوانين وتتخلّى عن القيم وترمي بالمبادئ، ولذلك جاءت الغزوات النبوية التي كان فيها قتال وحرب كلها في نص القرآن العظيم بسياق متتابع وتفصيل دقيق حتى لا تخفى على أي مسلم وهو يرتبط بالقرآن الكريم يوميا، ويبقى متمسكا بها والمبادئ والقيم فوق المغانم والمكاسب، وليعلم الناس أن الدوام لشرعة الإسلام لأنها حاجة الفطرة وموئل الإنسانية المعذبة هذه الشرعة الربانية تضع الأحداث في سياقها وتخلص إلى الناموس الكوني الذي لا يتخلف “والعاقبة للمتقين”.

لقد علّم القرآن الكريم المسلمين هذه النظرة الشمولية ومعالجة القضايا والحكم عليها في سياقها العام فكانت أحكامهم المعنوية والمادية صحيحة لأن رؤيتهم تقوم على هذه الكلية. وأضرب مثلا للسياق في الماديات وكيف علمنا القرآن الحكم عليها من خلال الشمول والاستيعاب قال عز من قائل: ﴿اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاَموال والاَولاد كمثل غيث اَعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما﴾ (الحديد: 19).

وقال تعالى: ﴿أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والاَرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي اَفلا يومنون، وجعلنا في الاَرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سُبُلا لعلهم يهتدون، وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن -اياتها معرضون﴾ (الاَنبياء: 30-32).

وقال تعالى: ﴿يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الاَرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الاَرض هامدة فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج﴾ (الحج: 5).

إن هذا الكون له سياق متسع يسير فيه وفي داخله سياقات عديدة متناسقة يدعم بعضها بعضا.

ولو أرخيت للقلم العنان في هذا الباب لخرجت إلى متسعٍ من المدى وفسيح من القول، ولكن يكفي هذه الإشارة العجلى أمام أفهام النبهاء العلماء.

لقد أعطت النصوص الشرعية للسياق ومراعاته وتقديره وبناء الأحكام عليه مكانا رفيعا، وإذا أحببت التمثيل لذلك فالأمر يتسع ولكن أذكر مثالا من القرآن وآخر من السنة. فقد قال الله تعالى: ﴿لا يستوي منكم من اَنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير﴾ (الحديد: 10).

وقد يكون المنفق بعد الفتح حتى قيام الساعة قد أنفق أضعاف أضعاف ما أنفقه أولئك المؤمنون الهداة قبل الفتح ولكن السياق الذي أنفقوا فيه غير السياق الذي غدا من بعد.

ومن السنة النبوية قول النبي، صلى الله عليه وسلم، فيما رواه النسائي وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة والنسائي عن أبي ذر: “سبق درهم مائة ألف، رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عُرضه مائة ألف فتصدق بها”.

لقد أدرك علماء الإسلام هذا السياق الكوني، والسياق الإنساني جزء منه فجعلوه من أسس تفكيرهم وتدبيرهم وتقديرهم، ولهذا بنوا مؤلفاتهم الأولى في نظرتهم الكونية على هذا الأساس، فجعلوا تاريخ الكون والعالم سياقاً واحدا في تجارب متتابعة، ولما وصلوا إلى البعثة المحمدية وضعوها في سياقها الكوني العام، فكانوا يضعون مؤلفاتهم على ثلاثة أقسام: المبتدأ ويشمل بداية الحياة والكون والإنسان، ثم المبعث ويتحدثون فيه على أمور الجاهلية التي جاءت النبوة فأزالتها، ثم المغازي النبوية بدقائقها وتفصيلاتها، ولا يمكن فهم تاريخ الإنسانية فهما صحيحا إلا في هذا السياق وضمن هذا الإطار الذي وضعه القرآن الكريم، وبهذا أقام القرآن الكريم الحجة على أهل الكتاب عندما أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه و سلم،﴿قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن اَتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين﴾ (الاَحقاف: 8).

﴿وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنـزل الله على بشر من شيء. قل من اَنـزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا﴾ (الاَنعام: 92).

وأما بخصوص الاستفادة من السياق وأسلوب الكلام الذي يجري عليه في السنة النبوية، فبعد أن وضعوا مقام النبوة في موضعه الصحيح وأنه المبلغ عن الله، المتمم للرسالات السابقة والخاتم لها، بما يقتضي هذا المقام من العصمة، فقد حرصوا على تتبع أحواله وشؤونه، في ليله ونهاره، في بلاغه عن الله، ومعايشته للخلق، فلاحظ الصحابة، وأهل النبي، صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم كل أحواله الظاهرة والباطنة فنقلوها في سياقها لتكون أدق في الأحكام، ولتكون أحواله حاضرة في الأمة بكيفياتها على الدوام فاقتضى منهم ذلك:

أولا: بيان أحوال خطابه، عليه الصلاة والسلام، هل كان مبتدأ ومنشأ منه عليه الصلاة والسلام تبليغاً عن الله تعالى بدون دواع وأسباب؟! وفي هذا الكثير من خطابه في مقام البلاغ عن الله تعالى ومن ذلك ما رواه عياض بن حمار المجاشعي قال رسول الله،  صلى الله عليه وسلم: “إن الله عز وجل أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علّمني يومي هذا…” الحديث مطولا. أخرجه أحمد ومسلم والنسائي.

أم كان خطبة خطبها، وجمع الناس له أو كان جالسا بين صحبه يحدثهم، أو في السوق يرشدهم، أو في الحضر يقيم لهم معالم دينهم أو في السفر يشرع لهم الفرائض في ذلك والآداب.

أم كان لحدثٍ وقع وأمر نـزل، فيكون خطابه على وصف هذا الأمر الواقع، كما في حدث الكسوف؛ إذ صادف موتَ ابنه إبراهيم، عليه السلام، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: “إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم”. [أخرجه البخاري والنسائي عن أبي بكرة، والشيخان والنسائي عن ابن مسعود وابن عمر، والشيخان عن المغيرة بن شعبة].

أم كان سؤالاً وجِّه إليه، فأجاب صاحبه أو أصحابه عليه، وهل كان جوابه قولاً أو فعلاً؟ هذا كثير، أو يكون هو قد ابتدأهم بالسؤال لتقرير المعاني في الأفهام، كما في حديث ابن عمر المتفق عليه: “إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المؤمن فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي”.

أم كان قولاً أو فعلاً قيل، أو فُعل بحضرته، عليه الصلاة والسلام، فسمعه أو رآه فأقره، فأصبح حكماً شرعيا بإقراره عليه الصلاة والسلام.

أم كان قضاءً بين متنازعين ومتخاصمين فأقام العدل بينهما و أعطى الحق لصاحبه.

أم وقد تتبعوا أحوال خطابه، عليه الصلاة والسلام، والظروف والملابسات التي كانت تحيط بها، والسياق الذي كانت تقال فيه ولم يُغفلوا أفعاله الشريفة وتصرفاته المنيفة في جميع الأحوال من كيفية دعوته إلى نومه ويقظته، وأكله وشربه، ومداعبة زوجاته والصبيان من أهله وغيرهم من يلقاهم في طريقه، وقد قسموا تأكيداً لمراعاة السياق في هذا الباب السنة إلى قولية وفعلية ونظروا بعمق وشمولية إذا اختلفت السنَّتان وتعارضت القولية مع الفعلية فلأيتهما الأسبقية.

لقد لفت نظري واسترعى انتباهي طويلاً في دقة المحدثين في هذا الباب، وهم يتعاملون مع السنة النبوية وسياق الخطاب فيها، صنيعُ الحافظ ابن حبان البستي في صحيحه المسمى: “التقاسيم والأنواع”؛ إذ جعل السنة بين يديه، بل ملء خاطره وعينيه ونظر في كيفية صدورها عن النبي، صلى الله عليه وسلم، والسياق الذي جاءت فيه ثم قسمها أقساماً، وجعل تحت الأقسام أنواعاً حتى يسهل منها الاستنباط وتعرف فيها معاقد الأحكام الشرعية فلا يزلُّ قارئها ولا يخطئ المجتهد فيها ولا توضع إلا في مواضعها، قال رحمه الله تعالى1:

“فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين، وأمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية متفقة التقسيم غير متنافية.

فأولها؛ الأوامر التي أمر الله عباده بها.

والثاني؛ النواهي التي نهى الله عباده عنها.

والثالث؛ إخباره عما احتج إلى معرفتها.

والرابع؛ الإباحات التي أُبيح ارتكابها.

والخامس؛ أفعال النبي، صلى الله عليه وسلم، التي انفرد بفعلها.

ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعاً كثيرة، ومن كل نوع تتنوع علوم خطيرة ليس يعقلها إلا العالمون الذين هم في العلم راسخون”.

ثم قال عن القسم الأول من السنة وهو الأوامر: “تدبرت خطاب الأوامر عن المصطفى، صلى الله عليه وسلم، لاستكشاف ما طواه في جوامع كلمه، فرأيتها تدور على مائة نوع وعشرة أنواع، ويجب على كل منتحل للسنة أن يعرف فصولها، وكل منسوب إلى العلم أن يقف على جوامعها، لئلا يضع السنة إلا في مواضعها، ولا يزيلَها عن موضع القصد في سَنَنها..” ثم أفاض في بيانها.. ثم تتبع النواهي وتدبر جوامع فصولها وأنواع ورودها، فرآها تدور على مائة نوع وعشرة أنواع.

وفي القسم الثالث قال: وأما إخبار النبي، صلى الله عليه وسلم، عما احتيج إلى معرفتها فقد تأملت جوامع فصولها وأنواع ورودها لأسهل إدراكها على من رام حفظها فرأيتها تدور على ثمانين نوعاً، وأما الإباحات فهي تدور على خمسين نوعاً.

وأما أفعال النبي، صلى الله عليه وسلم، التي انفرد بها فيقول رحمه الله:

“وأما أفعال النبي، صلى الله عليه وسلم، فإني تأملت تفصيل أنواعها، وتدبرت تقسيم أحوالها لئلا يتعذر على الفقهاء حفظها ولا يصعب على الحفاظ وعيها فرأيتها تدور على خمسين نوعاً”، ثم قال رحمه الله: “فجميع أنواع السنة أربع مائة نوع على حسب ما ذكرنا ولو أردنا أن نـزيد على هذه الأنواع التي نوعناها للسنة أنواعاً كثيرة لفعلنا … لأن قصدنا في تنويع السنة الكشف عن شيئين: أحدهما خبر تنازع الأئمة فيه وفي تأويله.

والآخر: عموم خطابٍ صعب على أكثر الناس الوقوف على معناه وأشكل عليهم بغية القصد منه، فقصدنا إلى تقسيم السنة وأنواعها، لنكشف عن هذه الأخبار التي وصفناها على حسب ما يسهل الله جلّ وعلا ويوفق القول فيه فيما بعد إن شاء الله”.

وبهذا تبين لنا أن عمل الحافظ ابن حبان أن يذكر الأحاديث النبوية حسب سياقها وصدورها من النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا الأساس يبني عليها الأحكام الشرعية ويستنبط منها الدلالات الفقهية، وكان وُكْده في ذلك وأمله من صنيعه أن يسهل للفقهاء والمجتهدين عملهم، ويضعهم بالموقع الصحيح لرؤية الحديث حالة صدوره من رسول الله،  صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر في غاية الأهمية لم يبلغ أحد من المحدثين والمجتهدين هذا المستوى الشمولي في النظر للسنة النبوية، ما بلغه هذا الإمام الحافظ، وإن كان له في ذلك سلف وفرط قد سبقوه ولكن بكيفية أخرى ولم يكن عملهم رحمهم الله بهذه الدقة والشمولية، وهذا له أبلغ الأثر في فهم السن النبوية.

ثانيا: ومراعاةً للسياق وأحواله نَقل الصحابة رضوان الله عليهم، والمحدثون من بعدهم أحوالَه كلها الجبليّة أو ما كان من قبيل العادات، ثم ما كان من قبيل التشريع والعبادات، فما كان من قبيل العادات أكله وشربه وما كان معروفا في قومه من لباس وزينة، وجعلوا من قبيل العادات قيامه وقعوده وأحواله التي لم يأمر فيها بشيء، ومن ذلك نـزوله في أسفاره اتفاقا عن غير قصد في أمكنة معينة وصلاته فيها ولم يتكلم عنها بشيء فقالوا: هذا من قبيل العادات. فعن المعرور بن سويد قال: “كان عمر بن الخطاب في سفر فصلى الغداة ثم أتى على مكان فجعل الناس يأتونه فيقولون: صلى فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعاً، فمن عرضت له الصلاة فليصل، وإلا فليمض”.

ومن هذا ما حصل من تعدد الرؤى الفقهية في جلسة الاستراحة، هل فعلها النبي، صلى الله عليه وسلم، استحباباً وتشريعاً أو لحاجة عارضة، وذلك بعد ما بَدَّن وكبرت سنُّه عليه الصلاة والسلام.

وقد تعددت الرؤى في عدد من المباحات، والسياق هو الذي يحدد الفهم الصحيح والحكم الواضح الصريح.

ثالثا: ومما لاحظه المحدثون في مراعاة السياق معرفة مخارج الحديث هو هل فرد أو عزيز أو مشهور أو متواتر، ولهذا حصروا أسماء الصحابة الرواة، ومن روى عنهم وهكذا في طبقات متتابعة، وبدؤوا بالصحابة فحددوا تاريخ إسلام كل واحد منهم، وحضوره المشاهد النبوية، ومجالسه الشريفة، وكم لازمه و… بدقة وتفصيل حتى وفاته، وكم روى من الأحاديث، وهل سمعها مباشرة من النبي، صلى الله عليه وسلم، أو بعضها سمعه مباشرة وبعضها رواه عن إخوانه من الصحابة، وما هي الأحاديث التي سمعها، ومتى كان ذلك في غاية التدقيق حتى يميزوا في ذلك بين المكي والمدني من الأحاديث ويتوصلوا إلى الناسخ والمنسوخ، وتكون الأحاديث النبوية في سياقها متوافقة مع النص القرآني، فابن عباس مثلا قد توفي النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد راهق الحلم وله من الأحاديث العدد الوفير، فبحثوا طويلا لمعرفة سماعاته من النبي، صلى الله عليه وسلم، وسماعاته من الصحابة أو التابعين نظراً لتأثير هذا في الأحكام الشرعية واستنباط الفقه. ومن ذلك حديث همام بن الحارث قال: “رأيت جرير بن عبد الله البجلي، رضي الله عنه، بال ثم توضأ ومسح على خفيه ثم قام فصلى فسئل فقال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بال ثم توضأ ومسح على خفيه”.

قال إبراهيم النخعي: “كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نـزول المائدة، وذلك حتى لا يتعارض هذا الحديث مع قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ (الآية: 7)، وجاء في الصحيح أن أصحاب عبد الله بن مسعود كان يعجبهم هذا الحديث لأنه يقطع النـزاع في قراءة الآية بخفض أرجلكم.

رابعا:وقد اقتضى ذلك جمع الطرق والروايات كلها لتحديد كيفية صدور الحديث النبوي. وإذا كان علماء القرآن قد وضعوا من ضوابط التفسير جمع الآيات ذات الموضوع الواحد وتفسير القرآن بالقرآن، فإن المحدثين قد سلكوا هذا المسلك وجمعوا روايات الحديث الواحد وطرقه ليفسر بعضه بعضاً ويُدرك الناظر في طرق الحديث معاني الحديث ومقاصده بدقة، وفي هذا المعنى يقول الإمام أحمد رحمه الله:”الحديث إذا لم تَجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا”، وقال يحيى بن سعيد: “لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه”، وقال يحيى بن المديني: “الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه “2.

ولجمع الروايات فوائد جليلة جداً في بيان السياق الذي جاء فيه الحديث،  منها معرفة المبهم في بعض الروايات ومعرفة الغريب، والشاذ من الروايات وأمور يتأتى بها الحكم على الحديث صحة وضعفاً ولكن من مهمات هذا الأمر ما يدخل في اعتبار السياق وأثره على الأفهام وبيان الأحكام3.

خامسا: معرفة زيادات الرواة بعضهم على بعض، وقد أخذت هذه المسألة من المحدثين جهودا كبيرة للوصول إلى ألفاظ الأحاديث كلها في إطار التأكد من سياق التلقي والاتصال، فما كان عن الثقات سموه زيادات الثقات وكان لهم فيه موقف في تصحيحه أو قبوله، وما كان عن الضعفاء ذكروه ودونوه للمعرفة ونصّوا على ضعفه وعدم الاعتداد به، يقول الحافظ ابن دقيق العيد المتوفي سنة 702ﻫ: “إن على طالب التحقيق في هذا ثلاث وظائف: إحداها أن يجمع طرق هذا الحديث، ويحصي الأمور المذكورة فيه ويأخذ بالزائد فالزائد لأن الأخذ بالزائد واجب…4.

ومن هذا حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حُرٍّ أو عبد أو ذكر أو أنثى من المسلمين، وقد زاد الإمام مالك بن أنس الراوي للحديث عن نافع قوله (من المسلمين)، فلما جمعت طرق هذا الحديث ظهر غير ذلك فقد زادها مع مالك رواة ثقتان وهما عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر عند البخاري في صحيحه، والضحاك بن عثمان عن نافع عند مسلم في صحيحه، وقد اعتمد الفقهاء هذه الزيادة واستدلوا بها على اشتراط الإسلام لوجوب إخراج زكاة الفطر، ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر عن نفسه، وهو أمر متفق عليه.

وقد كان لبعض العلماء الذين يجمعون الأحاديث الفقهية ولع شديد بالبحث عن هذه الزيادات التي يستفاد منها أحكام فقهية وأخص بالذكر الحافظ ابن خزيمة في صحيحه فقد كان يحرص على ذلك ويشير إلى الأحكام الشرعية المترتبة على ذلك.

سادسا: وإن أكثر الميادين التي ظهر فيها العناية بالسياق هي البحث عن أسباب ورود الحديث الشريف على غرار أسباب نـزول الآيات القرآنية، وقد عُني المحدثون بذلك أيما عناية، وذلك لما يترتب عليه من أثر في الأحكام وتوجيهها والكشف عن معاني الأحاديث بدقة ووضعها في السياق الذي جاءت فيه، وحل الإشكالات التي قد تنشأ أو نشأت بالفعل عندما يجرد الحديث من سياقه الذي ورد فيه، وخاصة عندما يلاحظ وجود تعارض بين النصوص الحديثية وأحيانا هذه النصوص تتعارض مع النصوص القرآنية، فيكون المفزع إلى البحث عن سبب الورود، قال الشافعي رحمه الله5: فأما المختلفة؛ أي الأدلة التي لا دلالة على أيها ناسخ ولا أيها منسوخ، فكل أمره متفق صحيح لا اختلاف فيه، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، عربي اللسان والدار فقد يقول القول عاماً يريد به العام، وعاماً يريد به الخاص، ويُسئل عن الشيء فيجيب على قدر المسألة، ويؤدي عن المخبر عنه الخبر متقصّى والخبر مختصراً، والخبر فيأتي ببعض معناه دون بعض.

ويحدث عنه الرجل الحديث قد أدرك جوابه ولم يدرك المسألة فيدله على حقيقة الجواب بمعرفة السبب الذي يخرج عليه الجواب.

ويسن في الشيء سنة وفيما يخالفه أخرى فلا يخلِّص بعض السامعين بين اختلاف الحالين اللتين سن فيهما.

ويسن سنة في نص معناه، فيحفظها حافظ، ويسن في معنى يخالفه في معنى ويجامعه في معنى سنةًَ غيرها لاختلاف الحالين فيحفظ غيره تلك السنة فإذا أدّى كلٌ ما حفظ رآه بعض السامعين اختلافاً، وليس منه شيء مختلف.

ويسن بلفظ مخرجه عام جملة بتحريم شيء أو بتحليله، ويسنّ في غيره خلاف الجملة فيستدل على أنه لم يرد بما حرّم ما أحلَّ ولا بما أحلَّ ما حرَّم.

ويسن السنة ثم ينسخها بسنته، ولم يدَعْ أن يبين كلما نسخ من سنته بسنته ولكن ربما ذهب على الذي سمع من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعض علم الناسخ أو علم المنسوخ فحفظ أحدهما دون الذي سمع من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الآخر، وليس يذهب ذلك مع عامتهم حتى لا يكون فيهم موجوداً إذا طلب …”.

وهذا النص الجليل الذي لخص فيه الشافعي واقع رواية السنة وضوابط الاستنباط منها، فيه أمران في غاية الأهمية: طلب طرق الحديث مستقصاة، والبحث عن أسباب الأحاديث حتى يعرف ما خرج عاماً وخاصاً، وما نسخ وما هو ناسخه، ويعرف السؤال والجواب، والنص كامل تام أو فيه نقص وحذف.

وقد عُني المحدثون والفقهاء والأصوليون عبر العصور بملاحظة أسباب ورود الحديث ووجدوا من خلال ذلك أن معرفة السبب تدل:

1. على معرفة العلة الباعثة على تشريع الحكم، كما في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: “يا رسول الله أين تنـزل، في دارك بمكة؟ فقال: وهل ترك عقيل من رباع أو دور؟”. وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي رضي الله عنهما شيئاً لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “لا يرث المؤمن الكافر”6.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: “محصّل هذا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه من أبيهما لكونهما كانا لم يُسلما، وباعتبار ترك النبي، صلى الله عليه وسلم، لحقه منها بالهجرة وفُقد طالب ببدر فباع عقيل الدار كلها”.

وهذا الحديث بملابساته وسياقه يدل على انقطاع التوارث بين المسلم والكافر.

2. تحديد النسخ في الأخبار ومعرفة النص المتقدم والمتأخر، فمعرفة سياق الحديث وملابسات وروده تحدد تاريخ النص وبذلك يتبين المتأخر ويجري الحكم به، وقد مثلوا لهذا بما ورد في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ركب فرساً فصُرع عنه فجُحِشَ شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد فصلينا وراءه قعوداً، فلما انصرف قال: “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائماً فصلّوا قياماً، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسا فصلّوا جلوسا أجمعون”7.

وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “اشتكى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا قياماً فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً، فلما سلّم قال: إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائماً فصلوا قياماً وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً”8.

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه فكان يصلي بهم، قال عروة: فوجد في نفسه خفة فخرج، فإذا أبو بكر يؤم الناس فلما رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه أن كما أنت فجلس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر9.

قال الشافعي10: “فلما كانت صلاة النبي، صلى الله عليه وسلم، في مرضه الذي مات فيه قاعداً والناس خلفه قياماً ناسخة لأن يجلس الناس بجلوس الإمام…

فكانت سنة النبي، صلى الله عليه وسلم، أن صلى في مرضه قاعداً ومن خلفه قياماً مع أنها ناسخة لسنته الأولى قبلها”.

وقد استطاع المحدثون من خلال بيان الأسباب وسياق الأحاديث بملابساتها وظروفها تحديد الأحاديث المنسوخة. هذا له دخل كبير في الفقه والاستنباط.

3. إن معرفة سبب الحديث تعين على تعيين المجمل في النص، وتخصيص الحكم إذا ورد النص بصيغة العموم، وتقيده إذا ورد بصيغة الإطلاق، وغير ذلك من الأمور التي تتوقف عليها صحة الاستنباط، ودقة الفهم، ومن هذا في أمثلة التخصيص ما جاء في مسألة جلود الميتة عن عبد الله بن عكيم قال: “أتانا كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل موته بشهر: ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب”11.

وجاء عن ابن عباس عنه عليه الصلاة والسلام قال: “إذا دُبغ الإهاب فقد طهر”، وفي رواية: “أيما إهاب دُبغ فقد طَهُر”.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: “تُصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمرّ بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به، فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها”12.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله بعد إيراده حديث عبد الله بن عكيم: “فذهب قوم إلى أن جلود الميتة لا تطهر وإن دبغت، ولا يجوز الصلاة عليها وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إذا دُبغ جلد الميتة أو عصبها فقد طهر ولا بأس ببيعه والانتفاع به، والصلاة عليها، وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم أن قول رسول الله،  صلى الله عليه وسلم،: “لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب” أراد به مادام ميتة غير مدبوغ، فإنه كان يُسأل عن الانتفاع بشحم الميتة فأجاب الذي سأله بمثل ذلك…

فأما ما كان يدبغ منها حتى يخرج من حال الميتة ويعود إلى غير معنى الأهب فإنه يطهر بذلك للأحاديث الحاكمة بذلك والتي تنـزل على أن الذي حُرّم من الشاة بموتها هو الذي يراد منها للأكل لا غير ذلك من جلودها وعصبها فهذا هو وجه الباب من طريق الآثار”13.

وقال الحازمي: “ويحمل حديث عبد الله بن عكيم على منع الانتفاع به قبل الدباغ وحينئذ يسمى إهاباً وبعد الدباغ يسمى جلداً ولا يسمى إهاباً، وهذا معروف عند أهل اللغة ليكون جمعاً بين الحكمين وهذا هو الطريق في نفي التضاد عن الأخبار”14.

وهكذا فالعموم في حديث عبد الله بن عكيم ينـزل على سببه الخاص الذي يفسر إطلاق هذا البيان ويعين محل الحكم فيه، فبمعرفة السبب وحمل العام عليه قصر التخصيص على ماعدا صورته.

سابعا: وإن معرفة سبب الحديث وسياق وروده تحدد الموقع والجهة التي ينصرف لها سبب الورود، هل هو على جهة الفتيا والتبليغ، أو على جهة القضاء، أو على جهة الحكم وفضِّ النـزاع أو على جهة الإمامة ورعاية المصلحة للأمة أو على جهة الرأي والتجربة، ولهذه الجهات أثر كبير في فهم النص ووضعه في موضعه الصحيح.

قال الإمام القرافي في الفروق: “فما من منصب ديني إلا والنبي، صلى الله عليه وسلم، متَّصف به في أعلى رتبة غير أن غالب تصرفه، صلى الله عليه وسلم، بالتبليغ لأن وصف الرسالة غالب عليه. ثم تقع تصرفاته عليه الصلاة والسلام منها ما يكون بالتبليغ والفتوى إجماعاً، ومنها ما يجمع الناس على أنه بالإمامة، ومنها ما يختلف العلماء فيه لتردده بين رتبتين فصاعداً، فمنهم من يغلب عليه رتبة ومنهم من يغلب عليه الأخرى.

ثم تصرفاته، صلى الله عليه وسلم، بهذه الأوصاف تختلف آثارها في الشريعة، فكل ما قاله، صلى الله عليه وسلم، أو فعله عل سبيل التبليغ كان ذلك حكماً عاما على الثقلين إلى يوم القيامة فإن كان مأموراً به أقدم عليه كل أحد بنفسه، وكذلك المباح وإن كان منهياً اجتنبه كل أحد بنفسه.

وكل ما تصرف فيه، صلى الله عليه وسلم، بوصف الإمامة لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإمام اقتداءً به، عليه الصلاة والسلام، ولأن سبب تصرفه فيه بوصف الإمامة دون التبليغ يقتضي ذلك. وما تصرف فيه، صلى الله عليه وسلم، بوصف القضاء لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بحكم حاكم اقتداءً به، صلى الله عليه وسلم، ولأن السبب الذي لأجله تصرف فيه، صلى الله عليه وسلم، بوصف القضاء يقتضي ذلك.”15.

فالمتصرف في الحكم الشرعي إما أن يكون معرِّفاً، أو منفِّذاً، فالمعرف هو الرسول المبلغ عن الله تعالى والمفتي وتصرفه هو الفتوى.

والمتصرف بالتنفيذ إما أن يكون بفصل القضاء، فذلك هو القاضي وتصرفه هو القضاء، وإما أن يكون التنفيذ بغير قضاء فذلك هو الإمام وتصرفه هو الإمامة.

أ. فمما هو من قبيل الرأي والتجربة حديث تأبير النخل وهو ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بقوم يلقّحون النخل، فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شِيصاً، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال: أنت أعلم بأمور دنياكم16.

وعن موسى بن طلحة عن أبيه قال: “مررت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوم على رؤوس النخل فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقالوا: يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فيتلقح، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما أظن ذلك يغني شيئاً فأُخبروه فتركوه، فأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذلك فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل”17.

وعند النظر في روايات هذا الحديث وكيفية وروده عُلم أنه، صلى الله عليه وسلم، قال ذلك على سبيل التجربة والرأي وما يراه من أمور الدنيا ومعايشها إذا لم يكن على جهة التشريع فهو غير ملزم للأمة، فأما ما قاله باجتهاده ورآه على جهة التشريع فهو مما يجب العمل به، وأمره في تأبير النخل ليس على جهة التكليف، وإن كان ظناً وتجربة ورأيه في ذلك وظنه كغيره فلا يمتنع وقوع هذا ولا نقص في ذلك18.

ب. وتصرف الفتيا والتبليغ هو ما يسأل عنه أو يعلم للناس من أحكام الدين في العبادات والمعاملات مما يأمرهم به أو ينهاهم عنه وهذا حكمه عام على الناس جميعاً وعلى الدوام.

ج. وأما تصرفه بالقضاء كفصله بين الناس في الدعاوى المتعلقة بالأموال والأبدان ونحوها من الأيمان ومثله تنازع سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال عليه الصلاة والسلام: “الولد للفراش وللعاهر الأثلب، أو الحجر”19.

وقد تنازع الأئمة في حديث هند بنت عتبة عندما قالت للنبي،  صلى الله عليه وسلم،: “إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي فقال: خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف”20.

وأما تصرفه عليه الصلاة والسلام في حياطة الأمة كبعث الجيوش، وصرف أموال بيت المال في مواضعها وجمعها من محالها، وإبرام العهود والمواثيق، وتولية الولاة، وقسمة الغنائم فهذا كله تصرف بوصف الإمامة ولا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإمام.

وقد تنازع الأئمة في عدد من الأحاديث التي وردت بأسبابها وملابساتها، هل النبي، صلى الله عليه وسلم، تصرف فيها بالإمامة، أو بالفتوى، ومنها حديث: “من قتل قتيلاً فله سلبه”21. فمن ذهب إلى أن تصرفه كان بالفتوى ذهب إلى أن كل قاتل سلب المقتول ولو لم يقل الإمام ذلك، ومن ذهب إلى أن تصرفه بالإمامة فلا يستحل أحد سلب المقتول إلا أن يعلن الإمام ذلك ويخبره به. ومنه حديث “نفَّل في البدأة الربع وفي القفلة الثلث”.

ثامنا: وقد حافظ المحدثون على سياق النص الحديثي وصورته التي خرج بها، فنشأ عندهم الحديث المسلسل، وهو الذي يرويه المحدث بكيفية معينة إما لفظاً أو هيأة وصورة، وكل هذا له دخل في تحديد المعاني وبيان الأحكام.

لقد أعطى اعتناء المحدثين بأسباب الورود وملابساتها الأحوال والظروف للفقهاء والأصوليين خاصة مادة قيمة لوضع الضوابط العلمية في فهم السنة النبوية، وتتابعوا على ذلك إلى يومنا هذا صوناً للأفهام عن الزلل، وحياطة للنصوص الشرعية من العبث والخطل، وفي هذا يقول الإمام الغزالي: “يرجع إلى المقصود من أفعاله عليه الصلاة والسلام فما عرف بقوله أنه تعاطاه بياناً للواجب كقوله،  صلى الله عليه وسلم،: صلوا كما رأيتموني أصلي وخذوا عني مناسككم. أو علم بقرينة الحال أنه أمضاه لحكم نازل كقطع يد السارق من الكوع فهذا دليل وبيان.

وقد يكون ما جاور الفعل من ملابسات له أثر في شمول بعض الأفعال وعمومها عند بعض العلماء وعدم شمولها عند آخرين لقرائن دلت على ذلك، من هذا الرسل في الطواف فقد فعله، صلى الله عليه وسلم، وهو يطوف بالكعبة، فذهب بعضهم إلى أنه سنة وذهب آخرون منهم ابن عباس إلى أنه ليس بسنة بل كان لعارض عرض، وهو قول المشركين حطمتهم حمى يثرب، فأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بهذا إظهار النشاط القوة ردّاً لهذه المقالة، فأمرهم أن يرسلوا في الأشواط الثلاثة الأولى.

إن مراعاة السياق أمر مهم وأساس في فهم النصوص الشرعية حتى لا تنـزل على غير مواضعها ولا يظهر فيها التناقض والاستغلال.

الهوامش

1. الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 1/ 103.

2. الجامع للخطيب البغدادي 2 / 212.

3. انظر بحث د.أحمد فكير (من ضوابط فهم السنة وجمع الروايات في الموضوع الواحد وفقهها) بمجلة بصائر الرباط العدد الأول، ص: 143.

4. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 2 / 3-4.

5. الرسالة ص: 213.

6. أخرجه البخاري ومسلم، وهذه رواية البخاري الحج، باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها رقم 1588.

7.أخرجه البخاري، الأذان باب يهوي بالتكبير حتى يسجد رقم 805، ومسلم الصلاة، باب ائتمام الإمام بالمأموم رقم 411 وغيرهم.

8. أخرجه مسلم، الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام.

9. أخرجه البخاري، الأذان باب من قام إلى جنب الإمام لعلة رقم 638، ومسلم رقم 418.

10. الرسالة، ص: 254-255.

11. أخرجه أبو داود، اللباس باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة رقم 4127، والنسائي الفرع باب ما يدبغ به جلود الميتة رقم 4249، والترمذي اللباس باب ما جاء في جلود الميتة رقم 1729.

 12. انظر صحيح مسلم، الحيض باب طهارة جلود الميتة رقم 363 وما بعده.

13. شرح معاني الآثار1/ 472.

14. الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص: 59، وقد ذهب المحدثون إلى الترجيح من حيث الأصحية فحديث الدباغ أصح وأقوى، وحديث ابن عكيم فيه كلام.

15. الفروق1/206-207.

16. أخرجه مسلم، الفضائل، باب وجوب ما قاله شرعا دون ما ذكره، صلى الله عليه وسلم، من معايش الدنيا على سبيل الرأي رقم 2363، وابن ماجة 2470، الرهون باب تلقيح النخل.

17. أخرجه مسلم رقم2361 .

18. انظر شرح مسلم للنووي 15/116 .

19. أخرجه البخاري، البيوع، باب شراء المملوك من الحربي رقم 2218، ومسلم الرضاع باب الولد للفراش و توقي الشبهات رقم 1457.

20. فهل قضاء من النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز لأحد أن يأخذ حقه من غريمه إلا بقضاء كافر، أو هو فتوى فيجوز له إذا ظفر بقدر ماله عند غريمه أن يأخذه ولو بغير علمه ؟!

21. أخرجه الجماعة: عند البخاري في ‏”‏الجهاد- باب من لم يخمس الأسباب‏”‏، وعند مسلم في ‏”‏الجهاد- باب استحقاق القائل سلب القتيل‏”‏، وعند أبي داود في ‏”‏المغازي- باب في السلب يعطى القائل، وعند ابن ماجه في ‏”‏الجهاد‏”، وعند الترمذي في ‏”‏السير- باب من قتل قتيلا فله سلبه‏”‏…

Science

د. فاروق حمادة

أستاذ كرسي السنة وعلومها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق