الرابطة المحمدية للعلماء

مراتب المعرفة والقيم الإنسانية في القرآن الكريم

مراتب المعرفة والقيم الإنسانية في القرآن الكريم

القيم والمعرفة سيرورة متغيرة تتحكم فيها السياقات التي يعيشها الإنسان في كل حقبة تاريخية

نظمت شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء ندوة دولية في موضوع المعرفة والقيم الإنسانية يوم الثلاثاء الماضي  17 مارس 2009.

في مستهل الندوة، وحسب ما نقلته جريدة الأحداث المغربية، تناول عقا النماري، أستاذ الفكر الإسلامي بكلية الآداب بنمسيك، الخطاب الإسلامي وعناية الإسلام بالإنسان، حيث طرق هذا الموضوع أزمة الخطاب الإسلامي ومظاهره وسلبياته. إذ عرّف مفهوم الخطاب الإسلامي ومكوناته. إذ قال النماري إن الخطاب الإسلامي هو البيان الموجه  باسم الإسلام إلى الإنسان، دعوة وتعليما وتربية وعبادة ومعاملة أو شرحا لموقف الإنسان من قضاياه، وله مكونان، الأول شرعي يتكون من الوحي القرآني والسنة النبوية، وهو فوق المحاسبة، والثاني بشري يتجسد في فهم الإنسان للمكون الأول، وهو قابل للنقد والتمحيص. ويرى أن صيغه ثلاثة: الصيغة الأولى دعوية والثانية فقهية تشريعية والثالثة فكرية فلسفية.

كما تطرق الباحث لسلبيات الخطاب الإسلامي، حيث قال إن الخطاب الإسلامي يعيبه الاكتفاء بالعزف على العاطفة بدل مخاطبة العقل وتقديم الأدلة والبراهين، واعتماده على المناهج التقليدية في التعليم الديني، والعجز عن التوفيق بين الإسلام والمجتمع، والتشدد ضد الآخر، والاعتماد على الأساليب الإنشائية وإهمال الوسائل العلمية. من جهة أخرى، حاول عقا النماري، من خلال توقفه عند الحكم الشرعي، إعادة النظرة في الواجب، الذي قسمه إلى اثنين: واجب عيني، وهو موجه إلى الفرد، وواجب كفائي، وهو يعني الجماعة، حيث يرى أن اعتبار الفقهاء أن ثوابه يكون في الآخرة هو أمر يستدعي المراجعة نظرا لأن بعض جوانبه تتعلق بالعمل الدنيوي.

من جانبه، انطلق مخلص السبتي، الباحث في الدراسات الإسلامية بالكلية ذاتها، من القولة “إذا اختلفت زوايا النظر، تعددت استنباطات البشر” للتأكيد على أهمية تعدد الرؤى وضرورة اختلافها من أجل إثراء الفكر الإسلامي. وهو يرى أن الخلاف لا يعني أن كل فكرة تحتمل الخطأ والصواب، وإنما يعني أن هذه الفكرة سليمة وصحيحة في حد ذاتها. لكن زواياها تبقى متعددة، وأرضيتها تقبل الاختلاف، وحاول المتدخل، في هذا السياق، تبرير فكرته بالاعتماد على نظرية أينشتاين القائلة إدراك العلوم والمعارف نسبي. ومن هنا يكون السبتي قد أقر بأن استمرار الفكر والخطاب الإسلامي يتطلب القبول بمبدأ النسبية القائم على البنائية والتطورية، اللتين تسمحان باستنباط أفكار جديدة من النصوص الدينية الثابتة.
من جهة أخرى، حاول القس الهولنيد “هانك فروم”، المهتم بفلسفة الدين، ورئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة أمستردام، الوقوف على جانب تطبيق الخطاب الإسلامي في هولندا، حيث رصد صورة الإسلام والمسلمين في هذا البلد الغربي. للوقوف عند هذه الصورة، استحضر “فروم” تعامل رجال الدين المسلمين مع الصحافة الهولندية وطريقة إجابتهم على جميع الأسئلة المتعلقة بالإرهاب. كما استعرض تجربة الكتابة عن الدين الإسلامي في المدارس الهولندية، حيث قال القس إن الطلبة المسلمين لا يستطيعون تقديم الحجة المقنعة للمقولة التي تفيد أن “الإسلام هو السلام”.

وفي كلمته الافتتاحية، قال عبد المجيد القدوري، عميد كلية الآداب بنمسيك، إن القيم والمعرفة سيرورة متغيرة تتحكم فيها السياقات التي يعيشها الإنسان في كل حقبة تاريخية. ومن هنا يكون الباحث في الخطاب الإسلامي، حسب القدوري، مطالبا بإعمال الاجتهاد العقلي للبحث في هذه المتغيرات القيمية ومعرفة محركاتها والعمل على تأصيل القيم الجديدة داخل المجتمع.

 هكذا، يدعو القدوري إلى ضرورة اعتماد الاجتهاد في المشروع المجتمعي المعاصر. فيما تناولت باقي المداخلات “الدين والسلوك الإسلامي” و”أصول التربية والتعليم وقيمتها المعرفية من خلال السنة النبوية” و”حداثة القيم في الإسلام”. كما ناقش المشاركون مراتب المعرفة والقيم في القرآن، والعلاقة بين العلم والخلق في التعليم الإسلامي، إضافة إلى منهج المعرفة في القرآن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق