مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

مختصر خليل

يُعَدّ المختصر الفقهي للشيخ خليل بن إسحاق الجندي المصري (تـ776هـ) من أشهر المختصرات الفقهية على مذهب السّادة المالكية، بل ربما كان أشهرها على الإطلاق في القرون المتأخرة، ويشهد لذلك عناية العلماء به، وعكوف طلاب العلم على حفظه ودراسته، وتلقيهم له بالقبول.

وكان الشيخ خليل من جملة أجناد الحلقة المنصورة يلبس زي الجُند المتقشفين حتى لُقّب بالجُندي، وكان ـ كما وصفه ابن فرحون ـ مجمعا على فضله وديانته، أستاذاً ممتعا من أهل التحقيق، ثاقب الذهن، أصيل البحث، مشاركا في فنون من العربية والحديث والفرائض، فاضلا في مذهب مالك، صحيح النقل، فصار كل من جاء بعده من الفقهاء عيالا عليه ما بين شارح ومعلّق محشّ، وبلغ من انكبابهم عليه وإطباقهم على ما جاء فيه إلى حدّ أن قال العلاّمة الشهير الناصر اللّقاني (تـ958هـ): «نحن ناس خليليون إن ضلّ خليل ضللنا»، تعبيرا منه على شدة تمسكهم بآرائه واعترافهم بفضله.

ويشير الشيخ خليل في مقدمة مختصره إلى أنه ألّفه بناءً على طلبٍ وُجّه إليه من قِبَل جماعة من الفقهاء، وبالنظر في منهج الشيخ خليل الذي سلك في هذا المختصر نلاحظ أنه اقتصر على مشهور المذهب وما تكون به الفتوى من الأقوال، وترك بقيّتها ولم يُخرج من المسودة إلاَّ ثلثه الأول إلى النكاح، ومع ذلك أقام في تأليفه خمسا وعشرين سنة، ووُجد باقيه فجمعه أصحابه، وألّف بهرام باب المقاصّة منه، وأكمل الأقفهسي جملة يسيرة ترك لها بياضاً.

وقد سلك الشيخ خليل أسلوب الترميز والإشارة إلى أسماء فقهاء المذهب المعتبرين، فجاء كتابه ـ كما يقول العلامة الحجوي ـ مختصرَ مختصرِ المختصر بتكرّر الإضافة ثلاث مرّات، مما جعل بعض العلماء يَعُدّ مبالغته في الاختصار من التعقيد والتلغيز الذي يؤدي إلى عدم الإفادة منه.

وغني عن البيان التنبيه إلى عناية العلماء الفائقة بهذا المختصر شرحا وتحشية وتعليقا حتى زادت على المائة، ومن أهم الشروح عليه: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل لأبي عبد الله الحطاب (تـ953هـ)، ومواهب الجليل للأجهوري (تـ1066هـ)، وشرح مختصر خليل لعبد الباقي الزرقاني (تـ1099هـ)، وغيرها.

الكتاب مختصر خليل
المؤلف خليل بن إسحاق الجندي المالكي (ت776هـ)
مصادر ترجمته الديباج المذهب (1/312)، الدرر الكامنة (2/207)، حسن المحاضرة (1/262)، توشيح الديباج (92-98)
دار النشر طبع لأول مرة بباريس سنة 1854م، ثم طبع بالقاهرة سنة 1876م، ثم بفاس سنة 1883م، ثم توالى طبعه مرارا
الثناء على المؤلف قال ابن فرحون: «كان ـ رحمه الله ـ مُجمعا على فضله وديانته، أستاذاً ممتعاً من أهل التحقيق»

إعداد: ذ.جمال القديم.

Science

الدكتور جمال القديم

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء،

ومساعد رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بملحقة الدار البيضاء

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. جزاكم الله خيرا فيما تقدمونه خدمة للفقه الاسلامي عامة والمالكي خاصة

  2. السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فعلى الرّغم من المكانة السّامية لمختصر خليل في المذهب المالكي إلاّ أنّه وللأسف الشديد لا يملك طلبة العلم طبعة متقنة تليق بمكانته على الرّغم من انتشار نسخه الخطيّة، بل في طبعاته المشرقية إضافت علية لم يكتبها الشيخ خليل دون التّنبيه على هذه الزيادة، زيادة على الأخطاء المطبعية في كلّ الطّبعات التي اطلعت عليها، بل رأيت أسلمها هي طبع ياريس، مع العلم أني لم أطلع على أي طبعة مغربية التي أتمنى أن تكون أفضل من نسخة بارس، وفق الله تعالى كل من يتصدى لإخراج ما نأمله عن مختصر الشيخ خليل ووفق رابطتكم الموقرة لخدمة هذا المذهب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم ابن سحنون المالكي

  3. نأمل أن تكون طبعة مكتبة الاصلاح التي صححها أحد طلبة العلم من محظرة النباغية أن تكون من الطبعات الصحيحة
    وكذلك طبعة الزواوي وطبعة اخرى سنغالية مقففة
    وقد ذكر بعض الاخوة طبعة مغربية سنة 1305هــ ورجحها على طبعة باريز

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق