مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

محمد بن عبد السلام بناني(تـ1163هـ)

هو الإمام العلامة المشارك الهُمام الدراكة المحقق، أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بنَّاني، الفاسي مولدا ومنشأ ووفاة، تلقى تعليمه الأولي بمسقط رأسه، بجامع القرويين وغيره، على يد شيوخ ذاع صيتهم في الآفاق، أمثال الحسن بن مسعود اليوسي(ت1102هـ)، ومحمد بن عبد القادر الفاسي(ت1110هـ)، وعبد السلام بن الطيب القادري(ت1111هـ)، ومحمد بن قاسم ابن زاكور(ت1120 هـ)، والعربي بن أحمد بُرْدُلة(ت1133هـ)، ولم يكتف بناني بشيوخ بلده بل رحل  إلى المشرق زيادة في التحصيل، فكان ممن أخذ عنهم هناك عبد الباقي الزرقاني(ت1099هـ) ومحمد بن عبد الله الخِرْشِي (تـ1102هـ)، وتصدى  للتدريس بالأزهر الشريف حينا، ولما رجع إلى المغرب أقام مجلسا لتدريس مختصر الشيخ خليل بمسجد القرويين، وثان لصحيح البخاري والرسالة بالمدرسة المصباحية بفاس بين العشائين، وثالث للحديث بمسجد القاضي عياض،  ثم رحل إلى تطوان فدرس فيها، ورتب له عاملها مرتبا إلى أن رجع إلى فاس، وقد لقيت مجالسه اهتماما منقطع النظير من قبل الطلبة الذين كانوا يفدون عليه من كل مكان، منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد بن قاسم جسوس(ت1182هـ)، وعبد القادر بن العربي بُوخْريص(ت1188هـ)، ومحمد بن الحسن بناني(ت1194هـ)، ومحمد بن عبد العزيز السجلماسي.

وكان بناني رحمه الله من الفقهاء المعتمد عليهم في صناعة الفتوى في النوازل المستجدة، واعترافا بما قدمه من خدمة  للعلم وأهله أثنى عليه جمع من العلماء وحَلَّوه بما هو أهل له،  ففيه قال محمد بن أحمد بن محمد الفاسي: «العلامة النحوي المشارك المدرس»، وقال فيه محمد بن الحسن بناني: « شيخ الإسلام، وعلامة الأعلام، إمام المحققين، ورئيس النُّظَّار المدققين، حاز قصبات السبق في الفنون كلها، متضلعا من فروع العلوم وأصلها، مشتهرا بها شهرة نار على علم، مرجوعا إليه في حل المشكلات الحوالك الظلم، متصرفا تصرف أفصح البلغاء باللسان والقلم، فائقا بعلومه وتقاه أكابر علماء العرب والعجم»، ووصفه الحضيكي بـ: « رئيس العلماء والصلحاء وقتئذ في العلم والعمل».

ولم تتوقف مسيرة بناني العلمية عند ما ذُكِرَ بل كانت له مشاركة في مجال التأليف؛ حيث أبان فيه عن علو كعبه ورسوخ قدمه، منها: «معاني الوفاء بمعاني الاكتفاء» في ستة أسفار، توجد منه نسخة بخزانة القرويين رقم(275)، وقطعة في الخزانة الوطنية رقم (1539ك)، و«شرح أرجوزة الشاطبي في التقاء الساكنين»، و«اختصار شرح الشهاب الخفاجي على شفا القاضي عياض» في سفر، و«شرح لامية أبي الحسن الزقاق»، يوجد منها نسخة بمؤسسة علال الفاسي رقم(287)، و«شرحان على نظم أبي زيد الفاسي في الأسطرلاب»، و«شرح على خطبة مختصر خليل»، وله «فهارس» ذكر فيها شيوخه.

وتوفي الشيخ رحمه الله عن سن عالية تقارب الثمانين، ضحوة يوم الأربعاء سادس عشر ذي القعدة الحرام سنة (1163هـ)، ودفن عصر يومه المذكور بعد الصلاة عليه بالقرويين بدار بالزنقة المعروفة بدرب القطان، بين الديوان والصاغة، من عدوة فاس القرويين.

مصادر ترجمته: المورد الهني بأخبار الإمام مولاي عبد السلام الشريف القادري الحسني لمحمد بن أحمد الفاسي (102-104)، ونشر المثاني للقادري(4/ 80-81)، وطبقات الحضيكي(2/ 359-360)، والفهرسة الصغرى للتادوي بن سودة(79-82)،  وسلوة الأنفاس للكتاني(1/ 156-157)، وشجرة النور الزكية لمحمد مخلوف(353)، والأعلام للزركلي(6/ 205-206).

إعداد: ذ. رشيد قباظ.

Science

الدكتور رشيد قباظ

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق