الرابطة المحمدية للعلماء

محاضرة في موضوع “أدب الحركة الوطنية المغربية”

زيادي: خدمات جليلة أسْداها الأدب للوطنية المغربية في أطوارها الإصلاحية والمقاومة

ألقى الدكتور أحمد زيادي، أستاذ التعليم العالي، ومُكوِّن بالمركز التربوي الجهوي بالدار البيضاء، محاضرة في موضوع أدب الحركة الوطنية المغربية، وذلك يوم الخميس 14 جمادى الأولى 1431 هـ، الموافق لـ 29 أبريل 2010، بقاعة الاجتماعات، كلية الآداب بوجدة.

واعتبر الباحث بداية أن إنصاف الأدب المغربي عامة ينبغي أن ينطلق من اعتبار خصوصياته، وبالنظر إلى عوامله وظروفه الخاصة، وليس بالحكم عليه مقارنة إياه بالأدب المشرقي، أو غيره من الآداب العالمية، كما أن المنشور والمدروس والمتداول منه لا يمثل إلا جزءا من تراكمه المروي شفهيا والمخطوط والمطبوع طبعات حجرية أو سلكية قليلة ونادرة الوجود، ولا يمثل سائر موضوعاته واتجاهاته وفنونه ومستوياته ورجالاته.

وأضاف زيادي أن تأصيل الأدب الوطني المغربي وتحديد سماته، يقتضيان العودة إلى إرهاصاته في نصوصه الشعرية والنثرية والزجلية ذات النفس الجهادي والحماسي منذ احتلال الجزائر ومرورا بمعركة إيسلي وحرب تطوان في القرن التاسع عشر، مع التوسع في الشاهد وعدم قصره على النصوص الأدبية الفنية وحدها ؛ فالأدب الأصيل غالبا ما يتخلى في غمرة المقاومة والتعبئة الشعبية العامة عن وظيفة المتعة والتسلية، ويتحول إلى أداة فاعلة في المعركة ؛ يوحد الصفوف، ويستنهض الهمم، ويقوي العزائم، مضيفا أن فهم هذه الذخيرة الوفيرة من الأدب الوطني العام يتطلب، من جهة، تقصي مفاهيم الوطنية المغربية وطبيعتها من خلال مصادرها الغزيرة في مظانها الصحافية، وفي المخطوطات الطاوية في الخزائن الخاصة والعمومية، وفي المطبوعات الصادرة في عهد الحماية، وفي المرويات والمرددات الشعبية المزامنة لها؛ ويقتضي، من جهة أخرى، معرفة دور الوطنية في ترقية المجتمع المغربي وتحضيره، ونقله من طور القبلية إلى طور الأمة العصرية الوطنية الموحدة، ودورها في تحديث الأدب المغربي وتطوير لغته وخيالاته وأفكاره ومعانيه وأساليبه، ووصله ببيئته وعصره وواقعه الحي المعيش والمتجدد، وربطه بقضاياه الوطنية والقومية والإنسانية الكبرى، بدل الاستمرار في الاجترار والصنعة والتكلف والتقليد للمحفوظ والموروث.

وفي مقابل ذلك، حسب المتدخل، تتكشف أهمية الخدمات التي أسداه الأدب الوطني للوطنية المغربية في مختلف أطوارها الإصلاحية والسياسية والمقاومة؛ وهي خدمات جليلة أضفت عليها قدسية الرسالة النبيلة، وأحلتها محل الروح من الجسد، ونشرت أفكارها، ورسخت مبادئها، وجمعت الأمة حولها، وبشرت بنتائجها الحميدة، مؤكدا أن هذا الأمر ليس ذلك بمستبعد من أدب كان كتّابه ومبدعوه من رجال الحركة الوطنية، بل من زعمائها وقادتها وإعلامييها، كما أن فهم هذا الأدب يتطلب الوقوف على عوامل الوطنية الداخلية والخارجية، والذاتية والطارئة، وأثر ذلك في وسمها بسمات خاصة طابعها العام التوازن في أطوارها الإصلاحية والسياسية والتحريرية، وفي أبعادها القومية والدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق