مركز الدراسات القرآنيةأعلام

مجاهد بن جبر 104ﻫ

هو الإمام القارئ المفسِّر المحدِّث الفقيه؛ مجاهد بن جَبْر، ويقال: ابن جُبَيْر، المكِّي، تابعي جليل، ويُكَنَّى: أبا الحجاج، مولى قيس بن السائب المخزومي؛ يقول رحمه الله: «كنت أقود مولاي السائب وهو أعمى، فيقول: يا مجاهد، دلكت الشمس؟ فإذا قلت: نعم، قام فصلى الظهر».

كان مولده سنة إحدى وعشرين هجرية، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأما ابنه عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر، الذي روى عن أبيه، وعن عطاء؛ قال ابن الجوزي فيه: «أجمعوا على ترك حديثه»، يقصد: سفيان الثوري، ووكيع، وأحمد، وابن معين، وأبي حاتم، والنَّسائي، وغيرهم.

روى مجاهد عن علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، والعبادلة الأربعة، ورافع بن خديج، وأسيد بن ظهير، وأبي سعيد الخدري، وعائشة، وأم سلمة، وأبي هريرة، وخلق كثير، وروى عنه: أيوب السختياني، وعطاء، وعكرمة، وابن عون، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير المكي، ويونس بن أبي إسحاق، وقتادة، وعبيد الله بن أبي يزيد، وبكير بن الأخنس، وحبيب بن أبي ثابت، وغيرهم كثير.

كان رحمه الله أعلمَ الناس بالتفسير في زمانه؛ ورد في طبقات ابن سعد، عن الفضل بن ميمون، أنَّه سمع مجاهدا يقول: «عرضتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين عرضة».

وأخرج البخاري في التاريخ الكبير، عن عبد الرزاق، عن معمر، أنَّه سَمِع أيوب يقول للَّيث بن أبي سُلَيم: «اُنظر ما سمعتَ من هذين الرجلين، فاشدد بهما يدك، يعني: طاووسا، ومجاهدا».

وأورد ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل، قول يحيى القطان، عن أبي نعيم: «مرسلات مجاهد أحب إليَّ من مرسلات عطاء».

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمُزِّي، عَنْ إسحاق بن منصور، قول يحيى بن مَعِين، وأبو زُرْعَة: «ثِقَة»، وأضاف الـمُزِّي: «روى له الجماعة».

وعند ابن حجر في كتابه  تهذيب التهذيب، قول الثوري، عن سلمة بن كهيل: «ما رأيت أحداً أراد بهذا العلم وجه الله تعالى إلا عطاء وطاووسا ومجاهدا»، وعن مجاهد قوله: «قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية، أسأله: فيم نزلت؟ وكيف كانت؟»، وقول قتادة: «أعلم من بقي بالتفسير مجاهد»، وقول علي بن المديني: «لا أنكر أن يكون مجاهد يلقى جماعة من الصحابة وقد سمع من عائشة»؛ ثم أضاف ابن حجر: «قلت: وقع التصريح بسماعه منها عند أبي عبد الله البخاري في صحيحه».

عُرِفَ المترجَم له ـ كما تقدم ـ ببراعته في التفسير، وعرف أيضا بِنُضْج آرائه، نذكر من ذلك على سبيل المثال:

ـ رأيه في التكبير بين السور، وأنه يبدأ من سورة الضحى: جاء عن ابن كثير في تفسيره؛ أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أُبَيّ بن كعب فأمره بذلك، وأخبره أُبَيُّ أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك.

ـ ورأيه كذلك أنَّ الصلاة للإنس فقط: ورد في تفسير قولِه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ والاَرْضِ والطَّيْرُ صَافَّاتٍ. كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ. وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [سورة النور، الآية:40] قوله: «الصلاة للإنس، والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه».

أما عن تاريخ وفاته رحمه الله ففيه خلاف؛ نجد في سير أعلام النبلاء مثلا: «قال أبو نعيم: مات مجاهد وهو ساجد، سنة اثنتين ومائة..، وقال حماد الخياط وأبو عبيد وجماعة: مات سنة ثلاث ومائة، وقال ابن المديني وغيره: سنة أربع ومائة..، وقال يحيى القطان وغيره: مات سنة أربع ومائة».

و مثل هذا في معجم الأدباء: «مات سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ثلاث عن ثلاث وثمانين سنة من عمره».

مصادر ترجمته:

الطبقات الكبرى لابن سعد (ت230ﻫ)، (466/5ـ467). التاريخ الكبير للبخاري (ت256ﻫ)، (411/7ـ412). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ت327ﻫ)، (319/8). معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب للحموي (ت626ﻫ)، (2272/5ـ2273). تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمُزِّي (ت742ﻫ)، (228/27ـ236). تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (ت852ﻫ)، (42/10ـ44). سير أعلام النبلاء للذهبي (ت748ﻫ)، (449/4ـ457). تفسير مجاهد (ت104ﻫ)، (ص:494). تفسير القرآن العظيم، للحافظ ابن كثير (ت774ﻫ)، (638/4).

إعداد: شوقي محسن
مركز الدراسات القرآنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق