مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

ما يجوز من وصف الناس بما يكرهون

  قال ابن بطال في: باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير

  وقال النبى عليه السلام: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ»، وَمَا لا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ.

  فيه: أبو هريرة، قَالَ: صَلَّى بِنَا رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ. . . الحديث. . .

  وَكَانَ فِى الْقَوْمِ رَجُلٌ كَانَ النَّبِى عليه السلام يَدْعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ. . . الحديث .

  قال المؤلف: اختلف أهل التأويل فى قوله تعالى: ﴿ولا تنابزوا بالألقاب﴾:

  فروى الأعمش، عن أبى جبيرة بن الضحاك قال: «كان أهل الجاهلية لهم الألقاب، للرجل منهم الاسمان والثلاثة، فدعا النبي عليه السلام رجلا منهم بلقبه فقالوا: «يارسول الله، إنه يكره ذلك» ، فنزلت الآية.

  وروى عن ابن مسعود والحسن وقتادة وعكرمة، أن اليهودى والنصرانى كان يسلم فيلقب به، فيقال: يا يهودى، يا نصرانى، فنهوا عن ذلك، ونزلت الآية، وعن ابن عُيَيْنَة: لاتقل: كان يهوديًا ولا مشركًا.

  قال الطبرى: وقد رأى قوم من السلف أن وصف الرجل غيره بما فيه من الصفة غيبة له، قال شعبة: سمعت معاوية بن قرة يقول: «لو مرّ بك أقطع فقلت: ذاك الأقطع، كانت منك غيبة». وعن الحسن: «ألا تخافون أن يكون قولنا: حميد الطويل غيبة؟ وكان قتادة يكره أن يقال: كعب الأحبار، وسلمان الفارسي؛ ولكن كعب المسلم وسلمان المسلم، وروى سليمان الشيبانى، عن حسان ابن المخارق: «أن امرأة دخلت على عائشة فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى النبى عليه السلام أنها قصيرة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «اغْتَبْتِها»…

  قال الطبرى: وإنما يكون ذلك غيبة مِن قائله إذا قاله على وجه الذم والعيب للمقول فيه وهو له كاره، وعن مثل هذا ورد النهى، وأما إذا قاله على وجه التعريف والتمييز له من سائر الناس كقولهم: يزيد الرِّشْك، وحميد الأرقط، والأحنف بن قيس، والنسبة إلى الأمهات: كإسماعيل ابن علية وابن عائشة، فإن ذلك بعيد من معنى الغيبة ومن مكروه ماورد به الخبر.

  قال المؤلف: ويشهد لصحة هذا قصة ذى اليدين، ويبين أن معنى النهي عن التنابز بالألقاب فى الآية أن يراد به عيب الرجل وتنقصه.

  قوله عليه السلام: «أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْن» فعرفه بطول يديه ولم يذكر اسمه، ولو لم يجز ذلك ما ذكره النبى عليه السلام، ولهذا استجاز العلماء ذكر العاهات لرواة الحديث.

  شرح صحيح البخارى لابن بطال ( 9/ 242-244). تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، دار النشر: مكتبة الرشد، الطبعة: الثانية(1423هـ – 2003م).

  انتقاء: ذة. غزلان بن التوزر.

Science

ذة. غزلان بن التوزر

باحثة بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء -ملحقة الدار البيضاء – منذ دجنبر 2011م إلى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق