مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

ما ورد في نوافل رمضان من أحاديث لا تصح «عرض وتخريج»

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

   الحمد لله الذي فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعله موسما للمنافسة في الخيرات، والتجارة التي لن تبور. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحيم الرحمن، الذي خصَّ شهر رمضان بإنزال القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.

وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله، نبينا محمد الذي لا خير إلا دلّ الأمة عليه وسبقها إليه، ولا شر إلا حذرها منه وكان أبعدها عنه. ورضي الله على آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحابته الأئمة المهديين، والتابعين لهم لإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد :

     فقد منَّ الله بفضله وكرمه علينا بمواسم مباركة، يكثر فيها الخير، ويعظم فيها أجر الطاعة، ومن تلكم المواسم الفاضلة: «شهر رمضان الكريم»، وهو خير الشهور وأفضلها، خصَّه الله بفضائل ومزايا عديدة ، وقد أبان النبي ﷺ عن هذه الفضائل أعظم بيان، ووردت بشأنه أحاديث كثيرة، وهي مبثوتة في كتب السنة المشرفة وغيرها؛ منها الصحيح والحسن والضعيف، كما أن فيها ما دون ذلك من الضعيف والموضوع، مما ينبغي للمسلم أن يعلمه حتى يتجنَّب العمل بما هو موضوع.  والأمر كذلك كما قال الشاعر:

عرفت الشر لا للشر  *** لكن لتوقيه

ومن لا يعرف الشر *** من الناس  يقع فيه([1])

ومن تمام الفائدة  رأيت أن أفرده بمقال في الموضوع،  أروم ـ إن شاء الله ـ من خلاله عرض ثلاثة نماذج من الأحاديث الموضوعة في فضل النافلة في رمضان، مع تخريجها وبيان أقوال العلماء فيها وهذا أوان الشروع فيما له قصدتُ، وعلى الله العظيم توكلت:

الحديث الأول:

«من صلى ليلة النصف من رمضان، وليلة النصف من شعبان مائة ركعة يقرأ فيها بـ: ﴿قل هو الله أحد﴾([2]) ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة».

أخرجه ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان بإسناده عن محمد العرزمي، عن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب مرفوعا([3])، وأورده ابن القيم في المنار المنيف في أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان بلفظ: «من صلى ليلة النصف من شعبان ثلاث مئة ركعة يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة ﴿قل هو الله أحد﴾ شفع في عشرة قد استوجبوا النار» وقال: «لا يصح منها شيء».([4]) كما ذكره  ابن الجوزي  في كتابه  الموضوعات وقال بعد أن ساق طرقه: « هذا حديث لا نشك أنه موضوع»([5]).

الحديث الثاني:

«من صلى من أول شهر رمضان إلى آخر رمضان في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر».

أخرجه الخطيب البغدادي –كما في كنز العمال-  من حديث أنس([6])،  وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية وقال: هذا حديث لا يصح وأبوالفتح مجهول الحال ([7])، كما ذكره ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة: أحمد بن الحسن بن سهل  أبو الفتح الحمصي وحكم بغرابته قال: غريب جدا([8])

الحديث الثالث

«من قرأ في جمعة في شهر رمضان مائة مرة ﴿قل هو الله أحد ﴾كان له نورا يوم القيامة يسعى به إلى الجنة».

أورده محمد بن عراق الكناني في الموضوعات([9])

*************

هوامش المقال:

([1])  ديوان أبي فارس الحمداني ص: (352 )، أبجد العلوم (1 /143).

([2])  سورة الاخلاص، الآية:  (1).

([3]) فضائل رمضان ص: (33) برقم: (9).  

([4]) المنار المنيف ص: (87).  

([5]) الموضوعات: (2 /127).  

([6]) كنز العمال: (8 /545) برقم: (24090).

([7]) العلل المتناهية (2 /531).

([8]) لسان الميزان: (1 /154).

([9]) تنزيه الشريعة (1 /302).

*****************

لائحة المراجع المعتمدة

أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم. صديق بن حسن القنوجي. تحقيق: عبد الجبار زكار. دار الكتب العلمية – بيروت 1978.

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة. علي بن محمد بن عراق الكناني. حققه وراجع أصوله وعلق عليه: عبد الوهاب عبد اللطيف- عبد الله محمد الصديق. دار الكتب العلمية بيروت لبنان. ط2/ 1401- 1981.

ديوان أبي فارس الحمداني. شرح: د خليل الدويهي. دار الكتاب العربي. ط2 /1414-1994.

العلل المتناهية في الأحاديث الواهية. عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي. قدم له وضبطه: الشيخ خليل الميس. دار الكتب العلمية بيروت. ط1/ 1403-1983.

فضائل رمضان. عبد الله بن محمد ابن أبي الدنيا. تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور. دار السلف. ط1/ 1415-1995.

كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال.  علاء الدين المتقي الهندي. ضبطه وفسر غريبه: الشيخ بكري حياني- صححه ووضع فهارسه ومفتاحه: الشيخ صفوة السقا. مؤسسة الرسالة. ط5 / 1405-1985 مؤسسة الرسالة بيروت.

لسان الميزان. ابن حجر العسقلاني. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت. دائرة المعرف النظامية – الهند.الطبعة 3 /1406 – 1986.

المنار المنيف في الصحيح والضعيف. ابن القيم الجوزية. تحقيق: يحيى بن عبد الله الثمالي. إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد. دار عالم الفوائد.

الموضوعات: عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان،  المطبعة السلفية بالمدينة المنورة، ط1 /1386 – 1966.

راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق