مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

ما خفيَت دلالاتُه من الأفعال ودقّت

من الأفعالِ ما تَخْفى دلالاتُه وتكثُر إلى حدّ التّضادّ، وفي ذلكَ قال أبو الحَسَن الماوردي في النّكَت والعُيون:

قولُه تعالى: { أكَادُ أُخْفِيهَا } فيه أربعة تأويلات:

 أحدها : أي لا أظهر عليها أحداً ، قاله الحسن، ويكون أكاد بمعنى أريد .

الثاني : أكاد أخفيها من نفسي ، قاله ابن عباس ومجاهد ، وهي كذلك في قراة أُبَيّ « أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي » ويكون المقصود من ذلك تبعيدُ الوصول إلى علمها. وتقديره : إذا كنت أخفيها من نفسي فكيف أظهرها لك؟

الثالث : معناه أن الساعةَ آتية أكادُ. انقطع الكلام عند أكاد، وبعده مضمر أكاد آتي بها تقريباً لورودها، ثم استأنف : أخفيها لتجزى كل نفسٍ بما تسعى . قاله الأنباري ، ومثله قول ضابىء البرجمي :

هَمَمْتُ ولم أَفْعَلْ وكِدْتُ ولَيْتَني    ///    تَرَكْتُ على عثمانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ 

أي كدت أن أقتله ، فأضمره لبيان معناه .

الرابع : أن معنى -أخفيها : أظهرها ، قاله أبو عبيدة وأنشد :

فإن تدفنوا الداءَ لا نخفيه /// وأن تبعثوا الحرب لا نقعد

يقال أخفيت الشيء أي أظهرته وأخفيته إذا كتمته ، كما يقال أسررت الشيء إذا كتمته، وأسررته إذا أظهرته .

وفي قوله : { وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ } وجهان :

أحدهما : أسر الرؤساءُ الندامةَ عن الأتباع الذين أضلوهم .

والثاني: أسر الرؤساء الندامةَ. قال الشاعر :

ولما رأى الحجاج أظهر سيفه /// أسر الحروري الذي كان أضمرا

ـــــــــــــ

تفسير الماوردي: النكت والعيون، لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) تحقيق:السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، نشر دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق