مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأعلام

مارغوت بدران

بشرى لغزالي

تهتم باحثات من مختلف الأقطار بالقضايا النسائية في الإسلام، ويكرسن جهودهن لإنجاز بحوث ودراسات تطرح هذه القضايا وتحللها من زوايا مختلفة. وتعتبر مارغوت بدران إحدى هؤلاء الباحثات حيث تهتم، على وجه الخصوص، بالحركة النسائية الإسلامية على مستوى التأريخ وتحلل التجربة النسائية في سياق إسلامي.

مارغوت بدران Margot Badran مؤرخة ومتخصصة في دراسات النوع في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى حدود القرن الحادي والعشرين. اشتغلت باحثة في المركز الدولي Woodrow Wilson للعلماء وفي مركز التعايش الإسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون. كما عملت أستاذة زائرة في معهد دراسات الفكر الإسلامي في إفريقيا في جامعة نورث ويسترن، وألقت محاضرات عن الحركة النسائية والإسلام في أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

واهتمت بقضايا عديدة منها الحركة النسائية والنوع الاجتماعي والحداثة والإسلام والشبكات النسائية. وشاركت في فرق بحث تابعة لعدد من الجامعات اشتغلت مثلا في موضوع “النوع الاجتماعي” بمعهد Xroc  التابع لجامعة Notre dame، وموضوع “تلاقح الحضارات: مقاربات تاريخية لمنظور النوع الاجتماعي” في جامعة برشلونة. كما تنشر دوريا مقالات في عدد من الجرائد في الشرق الأوسط. أما على مستوى التحصيل العلمي، حصلت مارغوت على الإجازة من جامعة Trinity؛ والماستر من جامعة هارفرد؛ ودبلوم من جامعة الأزهر بالقاهرة؛ ودكتوراه في الفلسفة من جامعة أوكسفورد. وانكبت بعد ذلك في عملها الأكاديمي والفكري والاستشاري لأزيد من ثلاثة عقود على القضايا النسائية وقضايا النوع الاجتماعي والحركات النسائية في الإسلام والمجتمعات الإسلامية.

وخصصت بدران حيزا مهما من التحليل في كتاباتها للحركة النسائية الإسلامية، إذ تراها حركة عابرة للأوطان تسعى إلى الإسهام في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية عالميا، وتتجاوز الحدود الجغرافية وتعكس هوية نسائية جماعية لا ترتبط في نظرها بمكان واحد. وتعتبرها أيضا نتاج كتابات الأكاديميات لعقدين من الزمن عن المساواة بين الجنسين المستنبطة من القرآن، وعمل الناشطات في الحركة النسائية الإسلامية على إبراز مبدإ المساواة من خلال مجموعة من القراءات الرامية لخلق ممارسات جديدة داخل الأسرة والمجتمع، ودعم إصلاح قوانين الدول الإسلامية. وبالتالي نتجت هذه الحركة عن الجمع بين عمل المثقفات والناشطات في مختلف بقاع العالم. ولا تكتسي في نظرها هذه الحركة التي ترتكز على القرآن والسنة، طابعا غربيا أو شرقيا. فهي خطاب عالمي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية وينبني على عالمية رسالة الإسلام التي تؤكد عليها عدة آيات قرآنية (النور:35).

وتضيف بأن هذه الحركة تطالب برؤية مساواتية للأمة وترفض ثنائية الشرق والغرب، العلماني والديني، لأن هذه الثنائيات خلفها الاستعمار وقام الإسلاميون بتسييسها كهويات متعارضة وثابتة. وتصر الحركة النسائية الإسلامية في نظرها على التفريق بين الدين والدولة، وتؤكد على مفهوم الدولة العلمانية. وتفسر بأن العلمانية لا تعني معارضة الدين أو رفضه، وإنما ضمان الدولة العلمانية حريةَ المعتقد. وفي هذا السياق، ترى أن تسمية “الحركة النسائية العلمانية” مرادف تسمية “الحركة النسائية الوطنية” نظرا لعلاقة التسمية الأولى بالحركة الوطنية، حيث تفسر ذلك بنموذج مصر التي تزامنت فيها المطالبة بالمساواة الحقوقية مع الحركة المناهضة للاستعمار التي ترفض النظام الذكوري للسكان المحليين والاستعمار الذكوري.

ولم تغفل بدران الحديث عن الانتقادات التي تتعرض لها الحركة النسائية الإسلامية ورفض المحافظين المسلمين لها سواء أكانوا زعماء دينيين أو أتباع الإسلام السياسي الذين يدعمون التفسير الذكوري للإسلام وينادون بكونه الإسلام الصحيح. وبالتالي فإنهم يسهمون في الإبقاء على مشاكل نسائية تسببت فيها هذه القراءة الذكورية، وتقبّل مجموعة من الممارسات العنيفة باعتبارها جزءا من الدين. وبالتالي يعتمد غير المسلمين على مثل هذه التفاسير لتقييم الإسلام ونعته بالذكوري.

وترى مارغوت أن المساواة والعدالة الاجتماعية مفهومان محوريان في هذه الحركة. وتقر بأن الإسلام هو الديانة التوحيدية الوحيدة التي قدمت فكرة المساواة بين الرجل والمرأة باعتبارهما إنسانا، وتضمنت قضية حقوق النساء والعدالة الاجتماعية. لكن النظام الذكوري القائم قبل مجيء الإسلام والذي نزل الوحي لوضع حد له، أبان عن مقاومته الشديدة لهذه الرسالة التي هُمشت باسم الإسلام. وأدى تحكم الشرائح المهيمنة في المجتمع إلى إظهار الإسلام دينا ذكوريا بطبيعته، إلى درجة إزالة التناقض الحاصل بين الوحي والنظام الذكوري وطمس أي مطلب إسلامي يدعم المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية. وتلحظ الباحثة مدى التناقض الحاصل في كون الدين الوحيد الذي أقر بالمساواة بين الجنسين يُنظر إليه اليوم باعتباره الدين الأكثر ذكورية.

ونشرت بدران هذه الأفكار وقدمت تحليلها في كتب ومقالات أصدرتها عن الحركة النسائية الإسلامية والعلمانية مثل كتاب Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences، الذي يضم مختارات من كتاباتها الأكاديمية التي صدرت على مر ما يزيد عن عقدين قامت فيها بتحليل نموذجين نسائيين يتمثلان في الحركة النسائية الإسلامية والعلمانية، وكتاب Feminists, Islam and Nation الذي يقدم معالجة تاريخية للحركة النسائية العلمانية في مصر.

ويستمر موضوع الحركة النسائية الإسلامية والقضايا النسائية التي تطرحها، في جلب اهتمام المزيد من الباحثين من مختلف الجنسيات لأنها تتطرق لقضايا شائكة لم تفلح الحركات النسائية السابقة في إيجاد حلول واقعية لها انطلاقا من مرجعية إسلامية.

نشر بتاريخ: 02 / 06 / 2015

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق