مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةقراءة في كتاب

مؤلفات في مناقب سبعة رجال

المطلب الأول: درر الحجال في سبعة رجال.

مؤلفه أبو عبد الله محمد الصغير بن محمد بن عبد الله اليفرني المراكشي[1] أصله من سوس، وهو من مواليد مراكش سنة ثمانين وألف، درس بها وبالقرويين، واشتهر بمؤلفاته التاريخية:

-نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي: في تاريخ الدولة السعدية وظهور الدولة العلوية إلى عهد المولى اسماعيل. ذيل به الأنيس المطرب لابن أبي زرع، روضة النسرين لابن الأحمر، فأتم تاريخ الدول المغربية إلى عصره.

– وخص السلطان الذي عاصره بكتاب هو: روضة التعريف بمفاخر مولانا اسماعيل بن الشريف.

وإذا كانت كتب التاريخ تركز على الأحداث السياسية والعسكرية ولا تولى نفس الاهتمام للجوانب الاجتماعية والاقتصادية. فإن المؤرخين يلجؤون عادة إلى كتب المناقب والتراجم لسد هذه الثغرات؛ بل ويعتبرونها أكثر صدقا في تناول الأحداث، لأنها لم تكتب تحت توجيه أو ضغط …[2].

– وقد أدرك اليفرني ذلك، فألف صفوة ما انتشر من صلحاء القرن الحادي عشر لتكون مكملة لنزهة الحادي. فكان بذلك من المتخصصين في تاريخ هذا القرن.

– ألف الصفوة لتكملة تراجم الدوحة. وكان اهتمامه منصبا على مشايخ الجنوب بحكم انتمائه اليه. وخاصة أولئك الذين ينسبون إلى مراكش.

واعتمد المصادر الموثوق بها والروايات الدقيقة. وخلصه من الخرافات والأساطير المبالغ فيها، مكتفيا بالكرامات المعقولة المنسوبة إلى مرتجميه.

وفي هذا الإطار ألف كتاب «الدرر الحجال»

– لتدوين جانب من التاريخ الديني والاجتماعي للمغرب بدراسة هذه الظاهرة والملابسات الدينية والاجتماعية والسياسية التي أفرزتها، وانعكاساتها على الأوضاع بالبلاد.

– والتعريف بأعلامها ومذاهبهم وطرقهم الصوفية. ومناقبهم ومدى تأثيرهم في رجالات عصرهم.

وإذا كان الهدف الأول قد تحقق وبكثير من النجاح، فقد سد العثور على الكتاب كثيرا من الثغرات، وصحح الأوهام التي وقعت فيها المؤلفات اللاحقة التي لم تعتمده، فإن الهدف الثاني لم يتحقق إلا جزئيا، ذلك أن المؤلف لم يتمكن من إكمال الكتاب، فلم يعرف إلا باثنين من السبعة، هما يوسف بن علي وعياض…

ويعتقد بروفنصال أن “درر الحجال” كتب قبل سنة سبع وثلاثين ومائة وألف، وهو تاريخ كتابة الصفوة حسب ما ذكره الحوات[3] وتبعه في ذلك محمد الأخضر لتحديد الفترة بين ثمان وعشرين ومائة وألف (تاريخ تأليف الإفراني لأول كتاب أي المسلك السهل) وسبع وثلاثين ومائة وألف (تاريخ تأليفه للصفوة).

ويسمح لنا هذا الكتاب باقتراح أدق للتأليف، وهو بين أربع وثلاثين ومائة وألف. –فقد ورد في الدرر أن المؤلف اقترح على والي مراكش بناء ضريح أبي يعقوب يوسف في تلك السنة بعد ما داهمه سيل جارف – وسبع وثلاثين ومائة وألف تاريخ كتابة الصفوة آخر ومؤلفاته.

مضمون الكتاب.

تتناول الفصول التمهيدية ثلاثة فصول أساسية

-المحور الأول: الولاية والأولياء: يناقش المحور الأول قضايا الولاية والأولياء المطروحة في كتب التصوف: ماهية الولاية هل هي ظنية أو قطعية؟ فضل ذكر الأولياء. واستعراض كراماتهم (تبرير تأليف الكتاب)، وفضل محبتهم وموالاتهم، والفروق الموجودة بين أصنافهم: السالك، المجذوب، الملامتي[4] ويقف موقفا سلبيا من مدعي التصوف ومنتحلي الولاية من معاصريه (قلت وقد كثر قوم يمشون في الطرقات منكشفي العورات ومرتكبين لمباحات ومحرمات، يسميهم الناس بالمجاذب. وعادتي أنا فيهم أن أعرض عنهم، فلا أعرض لهم بإنكار ولا بتسليم) مع أنه أورد آراء كبار الفقهاء في الإنكار عليهم كابن حجر[5].

وتناول في هذا المحور كذلك مراتب الأولياء: القطب، الغوث البدل…ومسألة المفاضلة بين علماء الظاهر والباطن…

(لأن من الرجال السبعة الذين قصدنا جمع مناقبهم من غلب عليه علم الظاهر، ومنهم من أغلب عليه علم الباطن)[6].

فرجع رأي الجمهور، ومنهم شيخه أحمد السوسي في تفضيل حامل العلمين معا على حامل علم واحد. وناقش الإفراني كذلك مسائل أخرى مثل هل الأولياء معصومين أولا؟ هل يعلم الولي أنه ولي؟ هل يسلب من الولاية؟ وهل يبلغ الولي درجة يسقط عنه فيها التكليف؟ هل الكرامات ثابتة في حقهم؟ وهي مسائل كثيرة الورود في كتب التصوف يتخذ منها المؤلفون مواقف متباينة من مثبت ومنكر لها. ويعتمد كل فريق على قرائن نقلية، وبراهين عقلية. ساقها في هذه المقدمة لأنها ظلت من الموضوعات المطروحة بإلحاح في عصره.

هوامـش:

* مقتطف من كتاب مظاهر تأثير صوفية مراكش في التصوف المغربي.، د. حسن جلاب، 182-186.

[1] حاولنا أن يكون حديثنا مفصلا عند تناولنا للكتب التي لا توجد منها إلا نسخ فريدة بخطوط مؤلفيها. في حين ملنا إلى الاختصار عند الحديث عن الكتب المتداولة أو المطبوعة.

[2] مؤرخو الشرفاء، ص 68.

[3] مؤرخو الشرفاء، ص 90.

[4] درر الحجال، ص 7.

[5] درر الحجال، ص 8.

[6] درر الحجال، ص 12.

Science

د. طارق العلمي

  • أستاذ باحث في الرابطة المحمدية للعلماء، متخصص في المجال الصوفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق