الرابطة المحمدية للعلماء

لماذا سقطت الأندلس؟

باحثون مغاربة يرصدون أثر رحلة’ أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار’

نظمت الجمعية المغربية للبحث في الرحلة، أخيرا، بالمكتبة الوطنية بالرباط، في إطار لقاءاتها الشهرية، قراءة في رحلة ” أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار”، للمدجن الحاج عبد الله بن الصباح الأندلسي، حققها وهذبها وعلق على حواشيها الدكتور محمد بنشريفة.

وشارك في هذا اللقاء كل من الدكتور محمد بنشريفة عضو أكاديمية المملكة المغربية، والدكتور محمد رزوق أستاذ التاريخ بكلية الآداب عين الشق بالدارالبيضاء، وفاطمة طحطح أستاذة الأدب الأندلسي بكلية الآداب بالرباط، وعبد الرحيم المودن أستاذ بكلية الآداب بالقنيطرة، رئيس جمعية أدب الرحلة.

وشملت هذه الرحلة التي قام بها الحاج عبد الله بن الصباح الأندلسي في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، كلا من مملكة غرناطة وبلاد المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والحجاز، واليمن، والشام، والعراق، وتركيا، وبلاد فارس.

وعلى العموم، فإن الرحلة تحاول أن تجيب عن السؤال الرئيسي “لماذا سقطت الأندلس؟” واعتبر الأستاذ الباحث المتخصص في الدراسات الأندلسية محمد رزوق، في قراءته التاريخية لهذا العمل، أن أهمية هذه الرحلة تكمن في كونها كتبت في ظروف خاصة اتسمت بتراجع الثقافة العربية الإسلامية وسقوط عدد كبير من ثغور الأندلس بأيدي المسيحيين، مبرزا أن الرحالة يحاول من خلال الإجابة عن السؤال المحوري “لماذا سقطت الأندلس”، إبعاد المسؤولية عن العلماء والمفكرين وحصرها في صراع حكام الأندلس على الملك. وأشار الباحث إلى أن الأسلوب الذي كتبت به الرحلة عفوي بسيط تكثر فيه الألفاظ العامية، مؤكدا أن ذلك يفيد الباحث اللغوي والسوسيولوجي لمعرفة طبيعة التطور اللغوي، الذي ما تزال بعض آثاره سارية، سواء على مستوى اللغة أو العادات أو التقاليد.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد بنشريفة، أن العمل يؤرخ لرحلة ذات قيمة متعددة من الناحية التاريخية والجغرافية والاجتماعية، مضيفا أن ما يميزها كونها “الرحلة الوحيدة التي قام بها أندلسي كان يعيش تحت حكم النصارى “مدجن” يخرج مما يسمى بدار الحرب إلى دار الإسلام ويسجل انطباعاته وارتساماته حول ما شاهده في العالم الإسلامي وقتئذ، ويقارن بينه وما كان عليه الوضع في إسبانيا ومملكة أراغون، التي كان يعيش في عهد حكمها”.

وأبرز الدكتور بنشريفة أن هذه الرحلة تنضاف من الناحية الكمية إلى الرحلات التي قام بها الأندلسيون ثم المغاربة في سياق سفرهم لأداء مناسك الحج، مشيرا إلى أهمية أدب الرحلة ضمن باقي الأجناس الأدبية الأخرى كالشعر والرواية والقصة والشعر والنثر والمسرح. من جهته، اعتبر الأستاذ عبد الرحيم المودن رئيس الجمعية المغربية للبحث في الرحلة، أن قراءة هذا العمل ينبغي أن تنطلق من المقاربة الأدبية الخاضعة للنص الرحلي، باعتباره خطابا مثل باقي الخطابات الخاضعة لبنية السفر، مبرزا دلالات العنوان الرئيسي أو الفرعي، واللغة الوظيفية المستخدمة، وكذا تقنية الوصف والسرد المعتمدة في النص.

وأوضح أن الرحلة قدمت خصائص فكرية وفنية دعمت المتن في سياق الرحلة الأندلسية عبر توزعها بين “المذكرات” والاستطراد بين التاريخ والجغرافيا، وبين علم الأطوال والعروض وكتب الخطط، وبين مدح المدن ورثائها ووضع اليد على مركزية الإسلام -شرقا- ردا على ضعف الإسلام غربا أي بالأندلس.

(عن جريدة المغربية ـ بتصرف)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق