مركز الدراسات القرآنيةقراءة في كتاب

كيف نتعامل مع القرآن؟

كتاب «كيف نتعامل مع القرآن؟» للشيخ محمد الغزالي /، يقع في جزء واحد، مكون من 226 صفحة، وقد نشرت طبعته التاسعة: «نهضة مصر» بالجيزة، سنة 2007م. الكتاب في أصله مدارسة بين الشيخ الجليل الغزالي، والأستاذ الفاضل عمر عبيد حسنة.

وقد افتتحه رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي؛ الدكتور طه جابر العلواني، بمدخل عرض فيه أهم النقاط الرئيسية التي جاءت بها هذه المدارسة المباركة، ثم مقدمة بقلم الأستاذ عمر عبيد حسنة، أثار فيها الأفكار العامة للإشكالات المهمة التي عالجها الكتاب، فتمهيد للشيخ الغزالي /، مرورا بالمدخل إلى كتابه القيم الذي جاء بمدارسة ـ كما ذكرنا ـ نقدية لمواضيع عديدة ومهمة، في محاولات يبذلها المتدارسين، للرجوع إلى القرآن الكريم وتدبره ووعي معاني آياته، وإدراك مقاصدها، وعدم الاقتصار على الأفهام السابقة.

فالمطلوب هو الإدراك العميق لطبيعة القرآن، المعجز الخالد، وخصائصه، وطبيعة خطابه وآفاقه وحدوده، والوقوف على فكره الشمولي، ونقل آياته إلى حقول الممارسة العملية في حياتنا، ومعرفة سننه وإسهامه في إنتاج العلوم الإنسانية والاجتماعية بغية الارتقاء إلى الازدهار والشهود الحضاري.

انتقدت هذه المدارسة مجموعة من القضايا من بينها: تحديد الفقهاء مدلول كلمة «فقه» في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وبين الشيخ الغزالي / أن هذه الكلمة استخدمت في القرآن الكريم لمعنى أوسع بكثير من هذا المعنى الاصطلاحي الفقهي. وقضية «النسخ» في القرآن الكريم، حيث انتقد الغزالي القول بأن النسخ هو انتهاء أحكام بعض الآيات أو رفعها، مبينا بأن هذا التعريف لا يستقيم، مستدلا بأن لكل آية سياقها الذي تعمل فيه، وبأقوال بعض العلماء، كالأستاذ الخضري والشيخ رشيد رضا.

أما مستلزمات التعامل مع القرآن الكريم ومناهج التفسير فلقد بينها الشيخ الغزالي / في ضوابط تتلخص في: معرفة معهود العرب في الخطاب، وضوابط اللغة، وما صح من المأثور، ومعرفة أسباب النزول، وعدم تجاوز قواعد المنطق أو الخروج عن مقاصد الشريعة، ثم الاستفادة من الكسب العلمي الحديث والابتعاد عن التفسير بالهوى الذي هو محرم شرعا.

وفي خاتمة الكتاب، بين صاحبه الضرورة الملحة للعودة إلى القرآن الكريم، والانطلاق منه، والنظر إليه على أنه دعامة أمتنا وعقلها المفكر، ودستورها الرصين، لكي يعود المسلمين إلى ما كانوا عليه من مجد وحضارة ورقي.

إن موضوع الكتاب إذن غاية في الأهمية، لكونه يتصل بمنهجية التعامل مع القرآن الكريم، بوصفه أساس وجود الأمة ونهضتها، وقد وجه فيه المتدارسان الأنظار إلى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي شكلت عوائق أمام فهم القرآن الكريم، الذي يعتبر أساس بقاء هذه الأمة ونهضتها.

حفيظة برياط
مركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق