مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

كن رحيما

إذا علمنا أن حقيقة الرحمة إرادة المنفعة للغير فينبغي للمسلم أن يحب الخير والنفع لجميع الناس، ولا سبيل إلى ذلك دون تطهير النفس من الأنانية والبغض والحسد والرياء وسائر أمراض القلوب، وإعمار القلب بحب الخير والنفع والبذل والعطاء للغير، ثم إن الرحمة لا تقتصر على القريب والصديق، بل تتسع لتشمل الناس جميعا، فيرحم المسلم الصغير لضعفه، والكبير لهرمه، قال الإمام أبو بكر ابن العربي الإشبيلي (ت.543هـ): «ومن تمام الرحمة إيثار الصبيان بذلك لضعفهم وتوقير الكبير لضعفه»، والمسلم يرحم أيضا الفقير والمحتاج فيبذل له من ماله ويحسن إليه، وهو يرحم اليتيم فيكفله أو يحنو عليه، وهو يرحم المريض والمبتلى فيزوره ويدعو له بالشفاء والعافية، وهو يرحم الجاهل فيعلمه ويرشده، وهو يرحم البنات، فإذا رزق ببنت فرح بها وربّاها وأدبها، وهو يرحم زوجته فيحسن معاشرتها ومعاملتها، وهو يرحم سائر نساء المسلمين فيعمل على صون أعراضهن، وينصحهن بالعفة والحشمة، ويدعو لهن بالخير، وهو يرحم العصاة فينصح لهم ويدعو لهم بالإقلاع عن الذنوب، قال أبو سليمـان عبد الرحمن ابن أحمد الداراني(ت215هـ): «إنما الغضب على أهل المعاصي لجرأتهم عليها، فإذا تذكرت ما يصيرون إليه من عقوبة الآخرة دخلت القلوب الرحمة لهم»، بل تتجاوز دائرة الرحمة المسلمين فتشمل الكفار أيضا، فيرحم المسلم الكافر بسؤال الله له الهداية والإشفاق عليه من النار، والرحمة في الإسلام ليست قاصرة على البشر، بل تعم جميع الموجودات على الأرض، فيرحم المسلم الجن والبهائم والحيوان.

كتاب التراحم بين الناس في السنة النبوية، للدكتور عبد اللطيف الجيلاني، منشورات مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء. سلسلة دراسات وأبحاث (1)، الطبعة الأولى: 1430هـ/2009م.

 انتقاء: ذة.نادية الصغير.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق