مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

نُصرة القبض والرّد على من أنكر مشرعيته في صلاة الفرض

يندرج كتاب «نصرة القبض والرّد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض» للعلامة الفقيه أبي عبد الله محمد بن أحمد المسناوي الدلائي المالكي(ت1136ﻫ)، ضمن كتب الرّدود والجدل في الفقه المالكي، ألفه صاحبه لإثبات مشروعية القبض في الصلاة، والرد على من أنكر ذلك في صلاة الفرض، وهي من المسائل المختلف فيها بين فقهاء المالكية، وتأتي أهمية الرسالة على صغر حجمها من كون مؤلفها أحد أعلام عصره فقهاً وصلاحاً فقد حاز رياسة العلم في بلده في زمنه، ويبدو أنه ألف رسالته هذه لما رأى كثرة المنكرين لمسألة القبض وعدم اعتبار القول المخالف القائل بالمشروعية، ويقرر ذلك في فاتحة الكتاب قائلا: «فلمّـا وقع في هذه الأعصار ـ التي هطلت فيها سحائب الجهل على البوادي والأمصار، إنكار القبض على من فعله من المالكية في صلاة الفرض، وبولغ في التشنيع عليه، حتى نُسب إلى ما لا يحب أحد أن يُنسب إليه، رسمنا في ذلك هذا التقييد، وذكرنا فيه من نصوص أهل المذهب ما ليس عليه مزيد ولا عنه مـحيد، وضمّناه ثلاثة مباحث: الأولان منها توطئة للثالث، وترجمناه برسالة «نص القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض»، والله ولي الإعانة والهادي إلى الصواب سبحانه».

قسَّم المؤلف رسالته إلى ثلاثة مباحث، ومقدمة، تحدث في المقدمة عن أسباب التأليف، وخصص المبحث الأول للحديث عن حكم القبض في صلاتي النفل والفرض، وبيّن فيه أن القبض مختلف فيه بين الاستحباب والكراهة والجواز والمنع، موردا أدلة كل فريق، ومستخلصا في آخر المبحث أن السنة أوردت بما فيه الكفاية أحاديث سالمة من الطعن، والواجب يقتضي الانتهاء إليها والقول بمقتضاها.

أما في المبحث الثاني فقد انتقل إلى الحديث عن حكم التقليد، وما ورد في الانتقال من مذهب إلى آخر من تخفيف وتشديد، مستعرضا آراء العلماء في المسألة، مختتما المبحث بترجمة لجملة من فقهاء الأمصار من أصحاب الآراء والمذاهب الفقهية، ثم تناول في المبحث الثالث والأخير  معارضة من اعترض مسألة القبض في الصلاة من الجُهّال، وبيان ما اشتملت عليه حججهم الواهية من الاختلال، حيث ناقش في هذا المبحث أقوال المعترضين، بأسلوب بليغ مشدد على النكير أحيانا، وبحث فقهي بديع وتأصيل رائع بناهما على الدليل والحجج في رد دعواهم، مرتكزا على الصحيحين البخاري ومسلم، وأمهات كتب المالكية: الموطأ، والواضحة، والتبصرة للّخمي، والقواعد والإكمال لعياض، التمهيد لابن عبد البر، وغيرها من كتب المالكية.

ولا غرو بعد ذلك أن تُتلقى هذه الرسالة بالقبول، فقد نقل العباس بن إبراهيم السملالي في الإعلام عن صاحب «إفادة النبيه من ادعى الاجتهاد أو ادعي فيه»، أنه استدل ببلوغ المصنف هذه المرتبة برسالته نصرة القبض، وقال عنها العلامة محمد بن الحسن الحجوي في الفكر السامي أن مؤلفها: «أبدى فيها وأعاد»، بل إن بعض العلماء اقتبس منها كما فعل العلامة سيدي محمد الْبناني (ت1194ﻫ/1780م) حيث لخص بعضها في حاشيته على الزرقاني، وكما ألف فيها بالخصوص الفقيه العلامة أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب الوزير الغساني (ت 1146ﻫ)، كما ذكر محمد مخلوف في كتابه شجرة النور الزكية.

 طبعت رسالة «نصرة القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض» قبل خمسين سنة على نسخة جيدة بتحقيق العلامة عبدالله كنون، ولها نسخ ببلاد المغرب، وأعاد ضبط نصها والتعليق عليها د.عبد اللطيف بن الإمام بوعزيزي، ود.طه بن علي بوسريح التونسي، منشورات دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1428ﻫ-2007م.

الكتاب:«نصرة القبض والرّد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض».

المؤلف: محمد بن أحمد المسناوي المالكي (ت 1136ﻫ)

ضبط وتعليق: د.عبد اللطيف بن الإمام بوعزيزي ود.طه بن علي بوسريح التونسي

من مصادر ترجمته: سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني (3/59-61)، وفهرس الفهارس والأثبات لعبد الحي الكتاني (1/397)، وشجرة النور الزكية لمحمد مخلوف (ص:333)، والأعلام للزركلي (7/13).

الثناء على الكتاب: قال محمد الحسن الحجوي في الفكر السامي(2/339) أن مؤلفها «أبدى فيها وأعاد».

إعداد:  ذة. نادية بومعيزة.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق