مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامقراءة في كتاب

كتاب: سبل تفعيل دور الكفاءات النسوية المسلمة خارج العالم الإسلامي

 

 

 

 

نادية الشرقاوي

 

صدر مؤخرا للدكتورة حكيمة حطري[1] عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو) 1433 هـ/ 2012م كتاب في مائة صفحة من الحجم المتوسط بعنوان:” سبل تفعيل دور الكفاءات النسوية المسلمة خارج العالم الإسلامي في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة“، قدَّم له الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة.

ويسعى هذا الكتاب إلى طرح بعض الحلول العلمية والعملية لتغيير صورة المسلمة في الغرب، من خلال قسمين رئيسيين: قسم يتناول الحديث عن الصورة النمطية للمرأة المسلمة، ومجالات بروزها خارج العالم الإسلامي، وقسم يتعرض لطبيعة الأدوار المعتمدة من طرف الكفاءات النسائية المسلمة لتغيير هذه الصورة النمطية، مع ذكر الآليات التي يجب الاستعانة بها في هذا المجال.

وتوضح دة حكيمة أن الصورة النمطية للمرأة قد تشكلت عن الإسلام بالتدريج، وعبَّرت بكيفيات مختلفة عن الاهتمام المسيحي الأروبي بالإسلام، وساهمت وسائل الإعلام في العالم الإسلامي في تضخيم هذه الصورة، حيث لا تذكر بعض الصحف من أخبار المرأة المسلمة في المجتمع سوى تعرضها للضرب أو الإهانة أو القتل دفاعا عن الشرف… وهكذا استطاع الغرب أن يجمع رصيدا مهما من المصادر التي تعينه على تحقيق غاياته في تشويه صورة الإسلام الحقيقية، وبالتالي إبعاده عن دائرة الديانات والتشريعات التي تحترم الإنسان وتسعى إلى ضمان  كرامته وحقوقه، وركَّز في مخططه على المرأة المسلمة نظرا للأهمية التي تحظى بها عند الرجل المسلم في الأسرة والمجتمع.

وبيَّنت في هذا القسم مجالات بروز الصورة النمطية للمرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، وذكرت من بينها:

حرص الإعلام الغربي على إظهار صورة سيئة عن المرأة المسلمة، حيث يتعمد إظهارها مضطهدة، ومقموعة من طرف الرجل سواء كان أبا أو زوجا أو غيرهما. ومثلت لذلك بقضية حجاب المرأة المسلمة، حيث يعد من أكثر القضايا إثارة في الإعلام الغربي، إذ يُصور كرمز للقهر، ورمز لسلطة الوالدين على الفتيات.

أما في القسم الثاني الذي تناولت فيه دور الكفاءات النسائية في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة في الغرب، فقد بيَّنت فيه أن الكفاءات النسائية المسلمة قد اقتحمت مجالات عديدة فكرية وثقافية وسياسية وعلمية واقتصادية واجتماعية، حيث سجلت المرأة المسلمة حضورا متواصلا ومتميزا يلفت الانتباه إلى أفكارها ومواقفها، وظهرت كتابات نسائية متميزة تؤكد على أن الكفاءات النسائية المسلمة في الغرب تعمل بكل ما أوتيت من جهد لتلميع صورة المرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، كما تظهر جهودها أيضا في الحضور المكثف في الملتقيات الدولية إما بالمشاركة أو بالتنظيم، وكذا في عقد اللقاءات الحوارية والخطابات الدعوية، وإنشاء مراكز للبحوث والدراسات.

وعبر هذه الأنشطة المختلفة، نجد الكفاءات النسائية تستحضر دائما نماذج لشخصيات نسائية رائدة في شتى العلوم والمجالات تأكيدا على أن الإسلام قد أفسح للمرأة نطاقا واسعا للتعبير عن طموحاتها في كسب العلم ونشره، وأن المرأة المسلمة كان لها حضور في المجتمع الإسلامي منذ اللحظة الأولى لظهور الإسلام.

كما أكدت دة. حكيمة على أهمية دور التواصل والتنوع الثقافي الذي يقوم على الحوار لتيسير مهمة الكفاءات النسائية لتغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة، فقد أصبح من الضروري، في نظر المؤلفة، على المرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، في وقت تعيش فيه مرحلة توجس وتخوف وحذر من المجتمعات الغربية بسبب الصورة النمطية السلبية المترسخة في الأذهان، أن تتعرف على أساليب ومهارات التواصل للقضاء على هذا الحاجز النفسي والفعلي الذي يحول دون اندماجها في المجتمعات الغربية، وأن تقتحم أيضا مجال الإعلام للإسهام في تغيير هذه الصورة المسيئة للمرأة المسلمة في الغرب، وخصوصا الكفاءات النسائية ذات المهارات والقدرات العالية في تبليغ الرسالة الإعلامية الهادفة.

وفي الختام أكدت دة. حطري على أن الجهود المبذولة من طرف الكفاءات النسائية المسلمة خارج العالم الإسلامي لتحسين الصورة النمطية للمرأة المسلمة، تواجه تحديات متزايدة، ولذلك ترى أنه لابد من التنبه إلى ضرورة العمل ضمن استراتيجية موسعة تهدف إلى تصحيح الصورة النمطية للمرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، وذلك بالاعتماد على وسائل وأساليب موضوعية دقيقة ومركزة تنطلق من خلالها الكفاءات النسائية المسلمة لتوجيه عملها نحو إحداث تغييرات نوعية وكمية تفضي إلى إزالة التنميط عن المرأة المسلمة في الغرب، وتؤدي بالتالي إلى تقديم الإسلام الذي جاء رحمـة للعالمين كمخلص حقيقي للبشرية، وكمنقذ وباعث لعزة وكرامة الإنسان، وسطرت مجموعة من التوصيات، من بينها:

–    الاهتمام برعاية وتأهيل الباحثات المسلمات في الغرب للمساهمة في تقديم فكر ناضج وموضوعي يؤدي إلى إظهار هوية المرأة المسلمة؛

–   السعي لتوحيد الجهود والطاقات النسائية على المستوى العالمي من خلال تنظيم ملتقيات فكرية نسائية وعقد مؤتمرات وحلقات دراسية، وندوات…. لتوفير الأرضية لمزيد من التعاون بين الفعاليات الفكرية في الساحة النسائية؛

–    الدعوة إلى إقامة منتدى فكري عالمي يسعى إلى فتـح قنوات الحوار مع العـلماء والخبراء الأكاديميين في الغرب، حول كل سبل إبراز المفاهيم الصحيحة لمكانة المرأة في الإسلام، باستخدام المداخل الإقناعية المناسبة وإزالة سوء الفهم لدى كافة الأجهزة الغربية؛

هذا الكتاب جدير بالقراءة فهو توجيه نظري تبرز منه جدية قلم مؤلفته، والمجهود الكبير الذي قامت به محاولة مقاربة الموضوع المطروح من عدة جوانب فكرية وسياسية واقتصادية وإعلامية، فهو إضافة نوعية بقلم نسائي لمعالجة بعض القضايا التي تهم المرأة المسلمة.


[1] أستاذة جامعية باحثة، خبيرة دولية في قانون الأسرة والنوع الاجتماعي، خبيرة لدى  المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( الإسيسكو)، رئيسة مركز الدراسات والبحوث في قضايا الأسرة والمرأة بفاس، رئيسة فريق البحث في قضايا المرأة والطفل  فقها وقانونا – كلية الشريعة بفاس – جامعة القرويين، المغرب.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. شكرا على تقديم مثل هذه القراءات، التي ترسخ لأهمية القراءة في حياتنا، وتدعو ولاشك إلى تتبع جديد المساهمات الفكرية عن المرأة

  2. الاخوة الاعزاء بعد سلام من الله عليكم اود التواصل معكم باعتابري اختصاي في قضيا الاعلام والنوع الاجتماعي ولربط علاقة بحثية بين جامعتنا ومركزكم البحثي مع خالص تحياتي
    احوكم الدكتور صالح حميد – الجمهورية اليمنية صنعا ء

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق