مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

كتاب الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

للإمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي(ت684هـ)

كتاب «الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام»، للإمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي(ت684هـ)، من أهم وأنفس ما صنف في فقه السياسة الشرعية، شرح فيه مؤلفه الفروق بين تصرفات القاضي والمفتي والإمام وتحديد اختصاصات ومجال اشتغال كل واحد منهم، وغير ذلك من حقائق هذا العلم التي كانت شاردة تستعصي على فحول العلماء قبله، فطوعها وجعلها سهلة مأنوسة منضبطة، وألفها أحسن تأليف، بما لم يسبق إليه في الفقه والأصول وتاريخ التشريع وملأ فراغا لم يقم بملئه سواه، وقد بَيَّن في فاتحة الكتاب سبب تأليفه فقال:«قد وقع بيني وبين الفضلاء مع تطاول الأيام مباحث في أمر الفرق بين الفتيا التي تبقى معها فتيا المخالف، وبين الحكم الذي لا ينقضه المخالف، وبين تصرفات الحكام وتصرفات الأئمة…فأردت أن أضع هذا الكتاب مشتملا على تحرير هذه المطالب».

وجعل المؤلف مسائل كتابه في صورة أسئلة وأجوبة، وعددها أربعون سؤالا، أولها سؤال في تحديد حقيقة الحكم الذي يقع للحاكم والمجالات التي يقع فيها، ثم ذكر تفريعات المسألة في أسئلة أخرى أجاب عنها، ومن الفروق التي تناولها: الفرق بين المفتي والحاكم، والفرق بينهما وبين الإمام الأعظم في تصرفاته، وحكم الحاكم الُمنشَأ، هل هو نفساني أو لساني؟ وحكم الحاكم في المجمع عليه وحكمه في المختلف فيه، وهل يجوز للحاكم أن يحكم بالراجح عنده، أو له أن يحكم بأحد القولين وإن لم يكن راجحا؟  والفرق بين الحكم والثبوت والتنفيذ، إلى غير ذلك من مسائل الكتاب المتعلقة بموضوعه، ليتوج هذا العقد بالسؤال الأربعين الذي هو عبارة عن عشر تنبيهات فيها جملة من الآداب التي ينبغي أن يعرفها المفتي بعضها متعلق بالفتوى، وبعضها بالمستفتي وبعضها الآخر بالمفتي نفسه.

 وتقوم طريقة المؤلف في عرض مادة كتابه على تقرير الفروق الفقهية بين الحاكم والمفتي وما ينبثق عنهما من الأحكام والفتاوى؛ ثم اللجوء إلى القواعد والضوابط الفقهية التي تميز كل مسألة عن الأخرى متسحضرا الأمثلة لكل مسألة، والاستدلال لكل واحدة  بما يشهد لها من الأحاديث والآثار وأقوال الفقهاء المالكية على الخصوص، وقد يذكر أقوال غيرهم، ولكن الغالب عليه اعتماد أقوال الفقهاء المالكية كابن القاسم وابن حبيب وابن يونس وابن شاس وغيرهم، وذلك في أسلوب فقهي تقعيدي يقوم على اختصار العبارات والحرص على وضوح معانيها، مما جعل كتابه يَنْسَلك ضمن كتب القواعد والفروق الفقهية، وذلك ما أحلَّه مكانة رفيعة بين كتب الفقه والأصول، وتَبَيَّن ذلك من ثناء العلماء عليه، فقد وصفه مؤلّفه في كتاب الفروق بأنه:«حسن في بابه»، وقال ابن فرحون في الديباج:«اشتمل على فوائد غزيرة»، بل جعله من المصادر الأساسية التي بنى عليها مادة كتابه «تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام»، وكذا اعتمد عليه شراح «تحفة الحكام» لابن عاصم، ومن غير المالكية نقل عنه أبو الحسن علاء الدين علي بن خليل الطرابلسي الحنفي(ت844هـ) في كتابه «معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام».

طبع الكتاب بتحقيق العلامة عبد الفتاح أبو غدة، وعناية ابنه سلمان بن عبد الفتاح أبو غدة، ونشره مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب، ودار البشائر الإسلامية ببيروت، سنة 1430هـ/2009م وهي الطبعة الرابعة من الكتاب.

الكتاب:  الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام.

المؤلف:  شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت684هـ).

مصادر ترجمته: الوافي بالوفيات(6/146)، والديباج المذهب(1/207)، حسن المحاضرة(1/272)، وشجرة النور(ص188)

الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب، ودار البشائر الإسلامية ببيروت، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، وعناية سلمان بن عبد الفتاح أبو غدة، ط4، 1430هـ/2009م.

قال ابن فرحون في الديباج(1/207):«اشتمل على فوائد غزيرة».

إنجاز: ذ.جمال القديم.

Science

الدكتور جمال القديم

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء،

ومساعد رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بملحقة الدار البيضاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق