وحدة الإحياءقراءة في كتاب

كتاب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين من تأليف الشيخ: محمد حسن الجمل

عرض وتحليل ونقد

إن اهتمام الأدباء العرب المحدثين بفن السيرة ضئيل بالمقارنة مع الفنون الأدبية الأخرى علما بأن جذور الفن متأصلة في الأدب العربي منذ القديم، ولا أعتقد أن سبب ذلك يرجع إلى ندرة الأعلام فتاريخ أمتنا حافل بالأمجاد كما هو معلوم، ولعل قلة العناية بهذا الفن ترجع إلى سببين اثنين، أولهما: صعوبة تقنيات فن السيرة الحديث، وثانيهما: قلة المصادر التي تستاق منها المادة[1].

ولست هنا بصدد تعليل هذه الظاهرة، وإنما أود أن أبين أنه إذا كان هذا هو حال فن السيرة في الأدب العربي عموما، فإن العثور على سيرة فنية ـ بالمعنى الصحيح لفن السيرة الحديث ـ عن المرابطين الذين اندثرت أهم مصادرهم، وشوهت صورتهم من قبل خصومهم يكاد يكون أمرا مستحيلا، فلا غرابة إذا لم نعثر سوى على محاولتين اثنتين في هذا المجال.

ـ الأولى كتبها فضيلة الأستاذ عبد الله كنون حول عبد الله بن ياسين[2].

ـ أما الثانية فكتبها الشيخ إبراهيم محمد حسن الجمل وهي التي سأحاول تحليلها في هذا المبحث لاستخلاص ملامح صورة المرابطين منها.

وعدا هاتين المحاولتين لا نعثر إلا على بحوث أو مقالات لها صبغة السيرة، والملاحظ أنها عرضت شخصية يوسف بن تاشفين في صورة طافحة بالعبقرية والمجد، وتعرب عن التقدير والإجلال لهذا البطل المسلم العظيم، وأهمها:

1. يوسف بن تاشفين، ترجمة نقدية للأستاذ عبد الله كنون، (مجلة الثقافة المغربية، ع8، سنة 1973).

2. جوانب من شخصية يوسف بن تاشفين: للأستاذ عبد القادر الصحراوي، (كتاب جولات في تاريخ المغرب، ص: 37، ط: الدار البيضاء).

3. باني مراكش: للشيخ علي الطنطاوي، (كتاب رجال من التاريخ، ص: 223، ط، 2 دمشق.)

4. أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، صانع أكبر نصر للإسلام في الأندلس: للدكتور عثمان إسماعيل، (كتاب أصحاب الميمنة، ص: 63، ط: الدار البيضاء).

5. أبو يعقوب بن تاشفين بطل الزلاقة: للدكتور أحمد مختار العبادي، (كتاب: في تاريخ المغرب والأندلس، ص: 305، ط: بيروت 1978).

6. جوازات يوسف بن تاشفين الأربع، جودة في الرأي وكمال في العقل: للأستاذ عثمان بن خضراء، (مجلة دعوة الحق، عدد 251، سنة 1985، ص: 104.)

كما نجد بعض الإشارات إلى يوسف بن تاشفين في السير التي كتبت عن المعتمد ابن عباد، وهي متفاوتة في درجة النيل من شخصية ابن تاشفين وهو أمر طبيعي لأن مؤلفيها إنما كتبوا عن المعتمد بدافع التعطف عليه، ومن الضروري أن يتحاملوا على يوسف الذي تسبب في محنته، ومن هذه السير:

1. المعتمد بن عباد الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ: للدكتور عبد الوهاب عزام (مطبعة دار مصر ـ القاهرة، سنة 1959).

2. المعتمد بن عباد: لعلي أدهم، (سلسلة أعلام العرب، وزارة الثقافة والإرشاد القومي – مصر).

3. المعتمد بن عباد الإشبيلي: للدكتور صلاح خالص (ط: بغداد، سنة 1958).

4. المعتمد بن عباد: بطل جسد مأساة الأندلس وشاعر غنى مجدها المفقود لنديم مرعشلي (دار الكتاب العربي ـ القاهرة).

5. شاعر ملك (قصة المعتمد بن عباد) لعلي الجارم (سلسلة اقرأ “6” دار المعارف، القاهرة – ط: 2- أبريل 1953).

ولعل أقرب عمل إلى فن السيرة والذي يهم في هذا البحث هو كتاب: “أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، قاهر الصليبيين في الغرب وموحد المغرب والأندلس”[3].

أما صاحبه فضيلة الشيخ الأزهري إبراهيم محمد حسن الجمل فيعد من جهابذة علماء الإسلام المعاصرين الذين جندوا أقلامهم في سبيل نصرة الدين الإسلامي القويم، ومعروف بنشاطه المستمر في حقل الدعوة الإسلامية الغراء، وهو يدعو إلى الإسلام كعقيدة دينية وكمنهاج في كل ميادين الحياة تتحقق عن طريقه نجاة البشرية وسعادتها في الدنيا والآخرة، ولا يقصره على الاعتقاد والعبادة، وإنما يرقى به إلى جعله دستورا في التشريع والسياسة، كما هو جوهر الإسلام الحنيف وكما دعا إليه محمد عليه أزكى السلام، ولا يرى بديلا غيره لإنقاد الأمة الإسلامية مما تتخبط فيه من (إيديولوجيات) مادية، وما تعاني منه من تخاذل وتفرقة.

وأما الكتاب فيندرج في هذا الإطار ككل كتاباته الأخرى، ولقد قسم المؤلف كتابه هذا إلى عدة فصول:

استهلها بالإهداء، وهذا نصه أعرضه هنا لأهميته في توضيح منهاج الكتاب ومحتواه، وتحديد الغرض من تأليفه، قال فيه:

“إلى الملوك والرؤساء…إلى الدعاة من علماء المسلمين…إلى الشباب المسلم في كل مكان، أقدم سيرة رجل من أعظم الرجال الذين مست أقدامهم أرض إفريقية والأندلس”.

ثم عرض مجموعة من الأقوال في تمجيد يوسف بن تاشفين لأعلام مختلفين في الهوية والعصر، وهم: يوسف أشباخ، و ذ. حسن أحمد محمود، ومحمد عبد الله عنان، وابن خلكان صاحب الوفيات، ولسان الدين بن الخطيب، وابن بسام الشنتريني، والكاتب ابن الصيرفي، والشاعر ابن سوار الأشبوني.

ثم أورد مقدمة تحدث فيها عن مقياس عظمة الرجال ومساندة الله لأوليائه الصالحين المصلحين، وجعل يوسف بن تاشفين من بينهم، وعرض أعماله الجليلة بصورة جمالية، ونسبها إلى الحركة السلفية وذكر غايته من تأليف الكتاب والجهود التي بذلها والدافع إلى التأليف، وقارن بين حالة الأندلس المتردية في عهد ملوك الطوائف، وظروف الأمة الإسلامية المزرية في الوقت الراهن، وجعل الحل الوحيد للنهوض بها هو الدين الإسلامي.

وقال إنه لا يرجو من عمله هذا سوى خدمة الأمة الإسلامية والتقرب إلى الله تعالى كما هي عادة الفقهاء الأجلاء عندما يستفتحون كلامهم أو يختمونه:

 وندرك منذ الوهلة الأولى من خلال الإهداء والمقدمة أننا لسنا إزاء سيرة أدبية وإنما بصدد سيرة دينية لبطل إسلامي بقلم فقيه مسلم، وندرك، أيضا، أن الغاية من كتابته عن يوسف بن تاشفين واصطفائه لهذه المرحلة بالذات إنما كانت بدافع اتخاذ العبرة من الماضي، والاقتداء بسيرة هذا الحاكم المسلم العظيم.

وتواجهنا بعد ذلك فصول مرتبة على الشكل التالي:

1. البربر الملثمون: تناول فيه التعريف بهم بإسهاب مستدلا على ذلك بأقوال المؤرخين.

2. إسلام الملثمين: عرض فيه الفتوحات الإسلامية بالمغرب وتفاعل الملثمين معها.

3. علماء قادة ومولد أمة: خصص هذا الفصل للحديث عن دور الفقهاء في توجيه الحكام وقيام المرابطين.

4. محيي سنة الرسول: ترجم فيه لحياة عبد الله بن ياسين وذكر جهوده الحميدة في تأسيس دولة المرابطين.

5. جهاد واستشهاد: تحدث فيه عن قيادة عبد الله للمرابطين وحروبه ضد البرغواطيين وعرف بهذه الفئة الباغية.

6. اختيار يوسف للإمارة: وصف فيه أحوال المرابطين بعد استشهاد عبد الله بن ياسين إلى أن تولى يوسف الإمارة.

7. رجعة مع يوسف: تحدث فيه عن حياته منذ ولادته إلى أن تولى أمر المرابطين وذكر صفاته وأعماله بإيجاز.

8. الأندلس وحكام الطوائف: وصف فيه حالة الأندلس منذ الفتح الإسلامي إلى عهد الطوائف وبين ما كانوا عليه من ضلال.

9. صليبية واسترداد: أرخ فيه لمحاولة استرداد النصارى للأراضي التي فتحها المسلمون بالأندلس منذ أن وطأتها أقدامهم إلى أن استنجد المعتمد بيوسف بن تاشفين.

10. يوسف والجهاد في الأندلس: ذكر فيه المراسلات بين ملوك الطوائف ويوسف واستعداده للجهاد وغبطة الأندلسيين بقدومه.

 11. موقع الزلاقة: عرض فيه كل الأحداث المتعلقة بها وأشار إلى عبقرية يوسف العربية      وأشاد بهذا الانتصار العظيم.

12. عودة الأمير إلى الأندلس: وصف فيه الأحداث الوخيمة التي وقعت بعد معركة الزلاقة.

من عباراته وليس لها من لون سوى لون الإسلام الوهاج، ولا من ضوء غير نور السلف الصالح حيث جعل أمراءهم أئمة الهدى وقارنهم بالخلفاء الراشدين، يقول متحدثا عن بلقان بن تلكان: “فبسط سلطانه على سائر نواحي الصحراء وأراد أن يؤدي دوره في نشر الإسلام، فحارب القبائل الوثنية ونشر الإسلام بين كثير منها…”[4].

ويصف الأمير محمد بن تيفاوت قائلا: “وكان من أهل الفضل والدين والحج ورعا شغوفا بالجهاد”[5].

وعن الأمير يحيي بن إبراهيم رفيق عبد الله بن ياسين في الجهاد يقول: “وقد أتاه الله رجاحة العقل وبعد النظر وصدق الإيمان فشغل نفسه بمبادئ الإسلام الصحيحة”[6] وذكر أنه هجر قومه الضالين أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم*.

وتحدث أيضا عن جهاد الأمير أبي بكر بجوار عبد الله بن ياسين وعلق على تنازله عن الإمارة لابن عمه يوسف بقوله: “فكر الأمير أبو بكر بعقلية المسلم المسؤول عن رعيته أمام الله فوجد أن يوسف أجدر لأن يتولى أمر المسلمين وأولى وأحق منه لتقواه ودينه وعقله وتفكيره، فالإسلام يحث على أن يوضع كل مسلم في المكان الأحق به، وأن يقوم بما يستطيع من عمل، ويوسف أجدر وأحق بالحكم وكلا الرجلين يعيان جيدا ما تدعو إليه الشريعة الإسلامية”[7] وشبه موقف هذا بموقف تنازل خالد بن الوليد عن القيادة في عهد عمر بن الخطاب[8].

أما يوسف بن تاشفين فهو عطاء من عطاءات الإسلام إذ نشأ في رباط الفقيه الصالح عبد الله بن ياسين وسار على خطاه التي تستمد قوتها من تعاليم الإسلام، ولا يرى في سلوكه أية نقيصة، وكأنه معصوم من الخطأ والزلل، فهو مثال للحاكم المسلم في كل أعماله وتصرفاته، فما كان يقدم على أمر إلا بعد مشورة الفقهاء الذين كانوا يصاحبونه في كل تحركاته، بل إنه كان يستصدر الفتوى من فقهاء المشرق أيضا، وما حققه من ازدهار في الداخل وانتصار في الخارج إنما راجع إلى إيمانه الصادق وتطبيقه للشريعة الإسلامية في كل أعماله ونعت دولته بالمدينة الفاضلة التي كان ينشدها الإمام الغزالي(*) لما ساد البلاد من عدل وأمن ورخاء وسلام، ولقد خصص ليوسف بن تاشفين أربعة فصول في الكتاب لم يتحدث فيها عن غيره، كلها مفاخر وفضائل في هدي الإسلام وهي:

1. رجعة مع يوسف: تحدث الكاتب في هذا الفصل عن ولادة يوسف ونشأته وحياته قبل الإمارة، ويقول في بدايته: ” وهذه المدة من سنة 400ﮪ إلى 447ﮪ سكت عنها المؤرخون سكوتا مطبقا”[9]، لذلك فقد اعتمد في تاريخ حياة يوسف في هذه المرحلة على الأحداث التاريخية التي وقعت في المنطقة وعايشها يوسف، وأقام عدة افتراضات واستنتاجات أظهرت حياته في صورة لائقة بطفولة أمير المسلمين.

2. عبقرية يوسف الحربية: حيث ذكر جملة من صفاته الحربية وأعماله في هذا الصدد وهي أعمال جليلة وجبارة تدل على عبقرية يوسف الحربية وترتكز على صفتين هما التقوى والجندية، ويرجع عبقرية يوسف إلى إيمانه بالعقيدة الإسلامية والتزامه بتعاليمها القويمة، وتتجلى عبقريته في تكوينه الديني وأعماله الموفقة وصفاته الممتازة.

3. صفات الرجل: تحدث عن صفاته الجسمية، ومنها طول القامة والمهابة وصفاته الخلقية مثل التقوى والزهد وحسن المعاملة والوفاء بالعهود والعفو والعدل وحصر الصفات الإنسانية في الحياء، واتبع في تحليله لهذه الصفات طريقة العقاد في عبقرية عمر حيث ولد صفات أساسية، يقول مثلا: “لقد تكلمنا عن الصفات الأساسية التي لها أبعاد عميقة في حياة يوسف وهي صورة مجملة للصفات الخلقية التي كانت غالبة على نفس ابن تاشفين، ولا يمكن أن نتصورها وحدها بدون أن تتبعها صفات أخرى، فلا يتصور الزهد والتقشف في المأكل والمشرب بدون الكرم والإحسان”[10] كما عرض جملة من القضايا تتعلق بشخصية يوسف كاتهامه بجهله للغة العربية وعدم تذوقه للشعر وتعصب المستشرقين عليه فرد عليهم وختم هذا الفصل بشعر للمعتمد في تمجيد يوسف بن تاشفين.

4. يوسف الحاكم المسلم: ذكر أعمال يوسف وقارنها بأعمال السلف الصالح في مراقبة الولاة وعنايته بالقضاء والتنظيم الإداري والاعتماد على مبدأ الشورى وإنصاف الرعية وكل المظاهر التي تثبت أنه كان مثالا للحاكم المسلم العادل، هذا بالإضافة إلى أنه تحدث عن عبقرية يوسف وأعماله العظيمة جملة في المقدمة، كما أشار إلى جوانب منها في الفصول الأخرى، وكما بدأ كتابه بتمجيد يوسف بن تاشفين ختمه بذلك أيضا حيث قال: “كانت سيرته نورا وتبيانا نضمه إلى سجل الخالدين الذين ساروا على طريق هذا الدين القويم للعظة والعبرة والقدوة لئلا يكون للناس على الله حجة”[11].

ولقد ناقش المؤلف خلال هذه الفصول وغيرها كثيرا من القضايا الحساسة في سياسة يوسف، مثل استيلائه على إمارة المرابطين، والدور الذي قامت به زينب في ذلك، وقضائه على ملوك الطوائف، وأسره للمعتمد بن عباد، وقضية تقديم علي لولاية العهد من بعده[12].

ورد بحدة وضراوة على التهم الموجهة إليه من قبل خصومه الموحدين والمستشرقين[13]. كما فضح جرائم ملوك الطوائف ليقنع القارئ بوجوب القضاء عليهم، وعلل تصرفات يوسف تعليلا إسلاميا وأحاطها بهالة من الشريعة الإسلامية العادلة، ودافع عن كل مواقفه بكل ما أوتي من حرارة الإيمان وقوة البيان حتى بالنسبة للمواقف التي اتهم فيها بالطمع والقسوة فهي في رأيه عين الصواب والحكمة، بل إنه جعلها مظاهر لعبقريته الإسلامية[14].

ويجد القارئ في الكتاب صورة مشرفة للفقهاء المرابطين فلقد تحدث عنهم بإسهاب وأبرز دورهم الإيجابي في تأسيس دولة المرابطين وقيامها، وفي تمكين السيادة لها بالمغرب والأندلس، ولم يأل جهدا في التنويه بهم وذكر مكانتهم المرموقة لدى الحكام والرعايا والدعوة إلى الأخذ بمشورتهم، والعمل بتوجيهاتهم، ومما قاله في هذا الصدد[15].

“كانت منزلة العلماء المصلحين في ذلك الوقت، قد بلغت الذروة فلم يكونوا رجال فقه وعبادات فحسب، بل كانوا رجال علم ودين وسياسة وجماهير، وكانوا يتخذون من فهمهم الصحيح للدين أداة فعالة لمحاربة رجال السلطة والنفوذ، إذا حادوا وخرجوا عن أمر الله وبذلك كانوا في نظر العامة زعماء وقادة وأولياء الله.

والحقيقة أن دورهم الفعال في تاريخ الأمة الإسلامية عموما والدولة المرابطية بصفة خاصة لا ينكر وجدير بالتقدير، إلا أنه طغى على الكتاب إذ أفرد له المؤلف فصلا خاصا بهم هو “علماء قادة ومولد أمة” حيث تحدث عن أبي عمران الفاسي، والإمام الجليل مالك، والفقيه ابن الحداد، والفقيه واجاج بن زلو، وتلميذه عبد الله بن ياسين، ثم خصص لهذا الأخير فصلين هما: “محيي سنة الرسول” و “جهاد واستشهاد” فهذه ثلاثة فصول في سيرة الفقهاء، بالإضافة إلى أنه كان يذكرهم في كل فرصة وحين[16].

الملاحظات والمآخذ

1. اضطراب المنهاج وتفكك البناء

لم يعتمد المؤلف منهاجا محددا أو بناء متماسكا، وإنما سرد أخبارا تاريخية لا تجمعها وحدة في الزمان أو المكان، وعرض أعمال يوسف في مواضع عدة من الكتاب مشتة، وضمن سيرته سيرا أخرى للفقهاء والأمراء والقواد مختلفين في الجنس والدين والعصر، وحشد كل ذلك في فصول مفككة الحلقات ليس لها من قاسم مشترك إلا وحدة الغاية التي هي الدعوة الدينية، أما الوحدة الموضوعية فلا وجود لها فضلا عن الوحدة العضوية.

وكان عليه أن يبدأ بالفصل السابع “رجعة مع يوسف” الذي ذكر فيه ولادته ونشأته ثم يشفعه بالفصل السادس “اختيار يوسف للإمارة” ثم يتحدث عن فتوحاته في المغرب وجهاده في الأندلس وقضائه على ملوك الطوائف، وعن حياته بعد ذلك حتى وفاته، ويحلل شخصيته الفذة ويذكر صفاته الحميدة، ويعرض أعماله الجليلة خلال مسيرة حياته، ولكنه لم يعتمد حتى هذا البناء التقليدي، وكل ما فعل هو أنه قسم كتابه إلى عدة فصول لا تستند إلى تسلسل منطقي، ولا إلى منهاج فني، كما أنها لا تساير حياة المترجم له وإنما عرضها حسب هواه وكيفما تهيأت له.

وإذا اعتبرنا الناحية التاريخية في الكتاب فسيكون الكاتب قد عاد بفن السيرة إلى التاريخ وابتعد عن الفن الأدبي الذي يجعل من السيرة ينبوعا يتدفق بالحياة ويفيض على الآخرين، أما إذا أسقطنا الجانب التاريخي وتناولنا الفصول التي عرضت سيرة يوسف بصفة خاصة فسيكون المؤلف قد اعتمد، بغير وعي فني، المنهاج البلوتاركي القديم في كتابة السيرة حيث كان يسرد أعمال المترجم لهم ثم يتحدث في النهاية عن المواقف التي تصور شخصياتهم: “وهو منهاج لا يمكن أن يخلق التعاطف بين القارئ والشخصية المترجم لها، ذلك التعاطف الذي لابد منه كي تؤدي الترجمة مهمتها وتثبت فنيتها”[17].

ولقد خلط الكاتب بين المنهجين معا بكيفية اعتباطية منساقا وراء تيار الدعوة الدينية فكانت النتيجة كتابا تاريخيا في الدعوة الإسلامية: متعدد المحاور، فشخصية يوسف لا تمثل فيه إلا محورا خاصا ما يكاد ينجلي حتى يتوارى خلف شخصيات أخرى، ومفكك الأوصال سواء بالنسبة لترتيب الفصول على مستوى الهيكل ككل، أو بالنسبة لكل فصل في إطار ذاته، ومما تسبب في تفكك البناء ما وقع فيه الكاتب من استطراد وحشو وتكرار وإطناب وأسلوب المباشرة في الأداء.

ومن الأمثلة على استطراداته: حديثه المسهب عن مذهب البرغواطيين ونقله للشعر الذي قيل فيهم خلال ترجمته لعبد الله بن ياسين[18].

وعرضه لرسالة عبد الحميد الغزالي الطويلة خلال فصل “الاستيلاء على الأندلس”[19] كما أنه عرض الرسالة المطولة التي بعثها يوسف إلى ابن باديس يخبره بانتصار “الزلاقة”[20] ومع أن هذه الأخبار والنصوص مرتبطة بالأحداث فإن حشوها بتلك الصورة يسيء إلى فن السيرة، وكان بإمكان الكاتب أن يستفيد منها في تحليله لشخصية يوسف وتوضيح الخطوط العريضة في حياته دون نقلها بتفاصيلها ونصها الكامل، ولم يقع هذا الاستطراد ضمن بنية الفصل فحسب، وإنما حصل أيضا في صورة فصول كاملة في الكتاب كما هو الحال بالنسبة للفصل الأول والثاني والتاسع والرابع عشر، فهذه الفصول يمكن الاستغناء عنها، وإذا كان فيها ماله اتصال وثيق بشخصية يوسف، فيعرض خلال مسيرة حياته بغير تلك الصورة والضخامة.

ومما وقع فيه التكرار والإطناب عرضه لأعمال يوسف بن تاشفين، فقد ذكرها في المقدمة وفي فصل: “رجعة مع يوسف” وفي الفصول التالية سواء الخاصة بحياة يوسف أو غيرها.

ولو ذكرها مرة واحدة بطريقة فنية لكتب سيرة أدبية رائعة، وكذلك الشأن بالنسبة لدور الفقهاء السياسي، فمافتئ يكرره ويعيده في كل فرصة وحين، وما ينطبق على دور الفقهاء يجري على الدعوة إلى المنهاج الإسلامي القويم إذ انتهز لها كل فرصة سانحة في سياق الكلام، ومن أمثلة ما وقع فيه من تكرار، أيضا، عرضه لقولة القائد ابن عائشة عند استيلائه على الجزيرة الخضراء مرتين، في صفحة(108) ثم في صفحة (113)، وكذلك الحال في سرده لكتاب بعثه يوسف إلى القاضي في تحديد مهامه، والحث على الخضوع لأحكامه، فقد عرضه في صفحة (207) ثم أعاده في صفحة (215).

ومما زاد في الطين بلة أنه كان ينقل تلك الأخبار والنصوص من المصادر ويحشرها في كتابه بطريقة مباشرة دون أي انصهار أو تكييف كي تتشكل في صورة تلائم بنية السيرة الأدبية، وحتى صفات يوسف عرضها على شكل فصول تقريرية مما يجعل القارئ لا يتفاعل مع شخصية المترجم له، ولا يرافقه في مسيرة حياته بكيفية طبيعية وشائقة.

2. سطحية التحليل وعدم سبر أغوار النفس

أول ما يثير الانتباه في تحاليله أنها ذات صبغة إسلامية وكلها في صالح المرابطين ويلاحظ أن بعضها لا يتسم بالعمق، ففي قضية تهمة الشقندي ليوسف بالجهل وعدم درايته بالشعر وتذوقه له، نجد الكاتب قد اعتمد على افتراضات واهية في الرد على هذه التهمة وكان عليه أن يركز على إبطالها بدلائل واقعية كتعصب الشقندي على المرابطين لنعرته الأندلسية وموالاته للموحدين ألداء المرابطين، وعدم مسايرة مضمون الرسالة للواقع، لأن الرسالة مختلقة من خيال الشقندي ليرد بها على غريمه أبي يحيى المعلم الطنجي في حضرة الأمير الموحدي أبي يحيى بن زكريا، ولكنه عرض تأويلات لا تقوم على أساس من الحقيقة، وساير الخصوم في افتراضاتهم الواهية ورد عليها بافتراضات أوهى منها، مع العلم بأن القضية هنا قضية إبطال التهمة من أساسها، وليس تأويلها بافتراضات تقوم أساسا على إقرارها[21].

كما أنه مر مرور الكرام على عدة قضايا خطيرة في سيرة يوسف بن تاشفين، ولم يتعرض لها بالتحليل والدرس، من ذلك مثلا:

 ـ قضية عدم مطاردة الفونسو المنهزم في معركة الزلاقة، إذ لم يبد فيها رأيه، ولم يحلل موقف أمير المسلمين منها، وإنما اكتفى بقوله: “وانقسم الناس قسمين بين مؤيد ليوسف ومعارض لوجهة نظره، وقالوا كلاما ما أغنانا عنه”[22]، وبدلا من البحث عن الافتراضات الممكنة لهذا الموقف الخطير سلط اللوم على ملوك الطوائف، وتملص من الخوض في ذلك.

وكذلك الشأن بالنسبة لخبر إعراض الإمام الغزالي عن السفر إلى المغرب وعدم مواصلة رحلته، فلم يعلل سبب تراجعه، وكل ما قاله في هذا الصدد: “فأحزنه هذا الخبر ورجع من حيث أتى”[23] أي خبر وفاة يوسف بن تاشفين، وهذا السبب وحده غير كاف لتبرير تراجع الإمام الغزالي بعد أن قطع مسافة طويلة من بغداد إلى الإسكندرية، فلا شك أن هناك أسبابا أخرى ربما تكمن في اتصال المهدي بن تومرت به[24].

ـ وكذلك لم يعلل سبب اختيار يوسف بن تاشفين لولاته على الأندلس من عصبته الملثمين إلا بكون البلاد كانت في حالة حرب، مع العلم بأن هناك أسبابا أخرى غير خافية على الأذهان، أهمها عدم اطمئنان يوسف إلى الأندلسيين[25].

ومما يؤخذ على المؤلف أنه لم يشر إلى مرجع الأستاذ الفاضل عبد الله كنون “النبوغ المغربي” مع العلم بأنه اعتمد عليه كثيرا في تحليلاته ودفاعه عن المرابطين، وكذلك فعل مع المصادر والمراجع التي اتخذ منها النصوص التاريخية والشعرية ولم ينص إلا على مواضع الآيات في القرآن الكريم.

ـ والكاتب لم يتعمق في سبر أغوار شخصية يوسف وتحليل مفاتيح عبقريته وهو وإن كان قد عرض صفاته فإنه تحدث عنها بكيفية تقريرية كما وردت في كتب التاريخ، ثم إنه لم يعرض أهمها كالصفات الإنسانية والنفسية بكيفية مفصلة، وإنما مر عليها بسرعة خاطفة، فالقارئ لا يعلم عن حياة يوسف مع أهله أي شيء، كما لا يعلم عن حالته النفسية غير أنه كثير الحياء لكن الجوانب الأخرى التي أكسبته العبقرية لا وجود لها، وحتى دوافع حيائه نجهلها، فالكاتب لم يجشم نفسه محاولة البحث عنها، وهو وإن كان قد استفاد من طريقة العقاد في توليد الصفات إلا أنه لم يعطها الأبعاد الإنسانية، ولم يسبر أغوار نفسية يوسف كما فعل العقاد في عبقرياته، ويظل قاصرا عنه سواء في منهجيته أو تحليله، ولا يشترك معه سوى في الغاية الإسلامية التي توخاها كلاهما.

3. طغيان الجانبين التاريخي والديني على الموضوع

يكاد يكون الكتاب كتابا تاريخيا لما عرض فيه من نصوص تاريخية، ولما حشر فيه من أخبار بعضها لا يمس شخصية يوسف إلا من بعيد، من ذلك: تعريفه المسهب للبربر الملثمين في الفصل الأول، وسرده للفتوحات الإسلامية بالمغرب في الفصل الثاني، وتأريخه للبراغواطيين في الفصل الخامس، ولحركة الاسترداد النصراني في الفصل التاسع، وللأحداث التي وقعت في بلنسية في الفصل الرابع عشر، وكثيرا ما كان ينقل النصوص التاريخية دون الإشارة إلى مصادرها ويدرجها في سياق الكلام، وهذه الظاهرة تكررت كثيرا في كتابه، ويتجلى الطابع التاريخي في تأثير الكاتب بطريقة المؤرخين في عرض الأخبار حيث يسترسلون في سردها ثم يستدركون الكلام أو يعودون إلى موضوع سابق بقولهم عادة: “رجعة إلى كذا..”وهذا ما نلاحظه في عنوان الفصل السابع: “رجعة مع يوسف”كما أنهم يعرضون جملة من الأحداث مقرونة بسنوات معينة، وقد عمد الكاتب إلى نفس الطريقة، ففي الفصل الأخير نجده يقول: “وفي سنة تسع وتسعين وأربعمائة تحرك ابن تاشفين رحمه الله من بلاد الأندلس إلى حاضرة البلاد مراكش، ونقرأ، أيضا، في نفس الفصل: “وفي سنة تسع وتسعين تزايدت بأمير المسلمين العلة”[26].

هكذا سرد الكاتب الأخبار والنصوص سردا تاريخيا ناسيا أنه يكتب سيرة أدبية لها تقنياتها الخاصة.

ـ كما تطالعنا في الكتاب عدة عبارات في التوجيه والدعوة الإسلامية معززة بالآيات القرآنية وكلام الصحابة رضوان الله عليهم، وهي منشورة في كل صفحاته ويلمسها القارئ بسهولة[27]، ومن التعاليم الإسلامية التي بثها الكاتب من خلال حديثه عن سيرة المرابطين.

ـ المساواة والأخوة في الدين[28].

ـ العفو والصفح عن التائبين[29].

ـ تفضيل مرضاة الله على الأهل وزينة الدنيا[30].

ـ الرضوخ للحق والاحتكام إلى الشريعة[31].

ـ التواضع وتقوى الله[32].

كما أنه أبدى عدة آراء إسلامية في السياسة وشؤون الدولة من ذلك:

ـ كون الإمامة عامة بين المسلمين[33].

ـ شروط الأمير العادل[34].

ـ أسباب تعلق الرعية بالإمام[35].

ـ قضية ولاية العهد في الإسلام[36].

ـ وجوب القيام على الإمام الجائر[37].

ـ مراقبة القضاة والولاة[38].

ـ وجوب تنازل الإمام عن منصبه لمن هو أفضل منه، ولقد عرض قولة عمر بن الخطاب الشهيرة في هذا الشأن[39].

ـ وجعل تمكين العقيدة في النفوس أمرا أساسيا لتوحيد الصفوف والنهوض بالأمة الإسلامية[40].

ويتجلى طابع الدعاة بصفة خاصة في تحاليله للأحداث وتعاليقه عليها، ومن تعاليقه الإسلامية المحضة:

ـ أنه رد عبقرية يوسف بن تاشفين وانتصاراته الباهرة إلى تشبثه بالعقيدة الإسلامية[41].

ـ وتعليله لانتشار الإسلام في بلاد البربر بأنه دين من الله تعالى إلى الناس كافة عربا وبربرا، ويساير الفطرة الإنسانية[42].

ـ وعلق على اندحار برغواطة وملوك الطوائف وانهزام النصارى بأن الله تعالى ينصر المؤمنين ويمحق الظالمين[43].

وباستقراء محتويات الكتاب نجد أن جلها في التاريخ والدعوة الإسلامية وقليل منها في سيرة يوسف بن تاشفين، ولا نشعر أننا نقرأ سيرة حتى في الفصول التي عنونها باسمه، فقد اعتمد فيها على السرد التاريخي وأسلوب الدعاة، فموضوع الكتاب وأسلوبه يجعلانه أقرب إلى التاريخ والدين منه إلى فن السيرة.

3. مدى الذاتية والموضوعية

إن مناصرة المؤلف ليوسف واضحة للعيان ولا تحتاج إلى برهان، إلا أنها لا تنطوي على عاطفة ذاتية أو تعصب مغرض، وإنما هو مؤمن كل الإيمان بما كتبه عن يوسف والمرابطين، استنادا إلى أدلة محسوسة وواقعية، ولا ينطق عن هوى أو مغالطة، كما هو شأن المستشرقين المتعصبين، ثم إنه يعتمد منهاجا محددا في دفاعه عن المرابطين ينطلق أساسا من دعوته الإسلامية وقد قرره منذ البداية حيث قال: “ولقد حاولت أن أرتفع بسيرته إلى المكان اللائق بها كي يتخذ منها الحاكم المسلم مثلا أعلى يضمه إلى القادة المسلمين العظام يتأسى به ويسير على طريقه”[44].

وحتما ستكون النتيجة أن سيرة يوسف كلها عطر ونضارة وقبس من هدى الإسلام، والمؤلف معذور على كل حال، فأعمال هذا الأمير البطل فوق الوصف والتصور، ولا غرابة إذا انبهر أمام شخصيته الفذة.

ومما يؤكد موضوعيته أنه عرض قضية ليست في صالح المرابطين وهي تكبر بعض الملثمين وتعاليمهم على الأندلسيين لكونهم أصحاب الفضل في صد هجمات النصارى ودحرهم[45].

كما أنه انتقد سياسة عقبة بن نافع الفهري وفضل عليه حسان بن النعمان حيث جعله الفاتح الحقيقي للمغرب[46].

فهو لا يخشى أن يسجل المآخذ على بعض أعلام الإسلام، بل إنه تجرد من نزعته الإقليمية عندما أثار قضية تعصب بعض المشارقة على يوسف بسبب أسره للمعتمد بن عباد وفند زعمهم بكل نزاهة وتجرد[47].

وقد يتوهم القارئ أن المؤلف تعطف كثيرا على الفقهاء بحكم هويته الفقهية نظرا لأنه أطنب في تمجيد مواقفهم، ولولا أن دولة المرابطين كانت دولة الفقهاء بما فيها من أمراء ووزراء، وأن أثرهم كان فعالا في كل ما حققته من انتصارات في الداخل والخارج، ولولا أنه عرض بعض سلبياتهم كما يتضح في تهور ابن جحاف قاضي بلنسية[48]، وطمع أبي الأصبع عيسى بن سهل الذي رد أمير المسلمين طلبه في توليه خطة القضاء[49]، لما سلم من تهمة التعطف عليهم، ولكن ذكره لذلك، وخصوصيات الموضوع تشفع له.

4. الأسلوب والصياغة

يمزج الكاتب بين الأسلوب التاريخي والعقدي والأدبي، فهو عندما يعرض الأخبار يستعمل السرد التاريخي ويستدل بالنصوص التاريخية وحينما يناقش المواقف يعتمد على التحليل العقدي الديني ويستشهد بالآيات القرآنية، ولما يعرض الأحداث الدينية يصفها بأسلوب أدبي ممتع، ويدرج ما قيل فيها من أبيات شعرية رائعة.

وفي كل الحالات يغلب عليه أسلوب التقرير الصادر عن عقيدته الراسخة، كما تستولي عليه العاطفة الدينية الصادقة، وأسلوبه في الجملة أسلوب الدينيين يصدر فيه عن عقيدة مسبقة يوجه إليها القارئ بكل ما أوتي من إمكانات في التعليل ومقدرة على الإقناع.

وأود أن أنبه إلى أنه سبق الحديث عما وقع فيه الكاتب من استطراد وإطناب وتكرار، كهفوات لها تأثير سلبي في البناء الفني للسيرة، ولابد من الإشارة هنا إلى أنها بالنسبة لأسلوب الدعاة تعد من إيجابياته، إذ عن طريقها يحصل التأثير في نفس المتلقي وترسيخ التعاليم الدينية ولو فعل ذلك في كتاب لا يتعلق بفن السيرة لما عدت من المآخذ، ولكنه يكتب سيرة، فكان عليه أن يلتزم بما تتطلبه من أسلوب وتقنيات.

وبالرغم من ذلك فإن الكتاب لا يخلو من متعة ومنفعة، المتعة صادرة من الأسلوب المشرق وحرارة العاطفة الدينية، والمنفعة حاصلة بما فيه من معلومات تاريخية ورسائل سياسية وهداية إلى الحنفية السمحة.

ـ من خلال هذه الملاحظات جميعا نستنتج أن الكتاب بعيد عن فن السيرة وإنما هو كتاب تاريخي إسلامي غاية صاحبه إبراز القيم الإسلامية في شخصية يوسف، وإثبات أن الإسلام ليس عقيدة دينية فحسب، وإنما هو أيضا وبالضرورة منهاج في الحكم والسياسة وكل ميادين الحياة، وهي رؤية سليمة ودعوة صادقة وغاية شريفة لاشك فيها.

ولقد كان بإمكان الكاتب أن يجمع بين عرض سيرة يوسف بطريقة فنية أدبية وتحقيق غايته الإسلامية النبيلة، ولكنه حقق غرضه الثاني على حساب الأول.

ومهما كان من أمر فإن الكتاب وثيقة أدبية أخرى نضيفها إلى ملف “صورة المرابطين في الأدب”، وهي صورة مشرفة للمرابطين بقلم عالم جليل من المشرق له مكانته العلمية ووزنه في ميدان الدعوة الإسلامية.

الهوامش


1. انظر كتاب: فن السيرة للدكتور إحسان عباس.

2. انظر كتاب: عبد الله ياسين، دار الكتاب اللبناني، بيروت ط، 1971 للأستاذ عبد الله كنون.

3. طبعه بمطبعة دار الشعب بالقاهرة سنة 1976.

4. الكتاب ص32.

5. الكتاب ص33.

6. الكتاب ص38.

*. الكتاب ص47.

7. الكتاب ص67.

8. الكتاب ص69.

*. الكتاب ص186.

9. الكتاب ص71.

10. الكتاب ص192.

11. الكتاب ص226.

12. الكتاب ص67-68-143-69 وما بعدها 216 وما بعدها.

13. الكتاب ص189 وما بعدها و 194-196 وما بعدها.

14. انظر ص69-143-176.

15. الكتاب ص84.

16. الكتاب ص113-138-53…

17. الأدب وفنونه د. عز الدين إسماعيل ص233.

18. الكتاب ص55-57.

19. الكتاب ص149-153.

20. الكتاب ص127-132.

21. الكتاب ص194-197.

22. الكتاب ص125.

23. الكتاب ص9-224.

24. الكتاب ص224.

25. الكتاب ص205.

26. الكتاب ص223-224.

27. الكتاب ص62-41-204-180.

28. الكتاب ص27.

29. الكتاب ص29.

30. الكتاب ص62.

31. الكتاب ص37-125.

32. الكتاب ص42-63.

33. الكتاب ص30.

34. الكتاب ص191.

35. الكتاب ص76.

36. الكتاب ص218.

37. الكتاب ص160.

38. الكتاب ص204-206.

39. الكتاب ص69.

40. الكتاب ص47.

41. الكتاب ص164.

42. الكتاب ص29-196.

43. الكتاب ص105.

44. الكتاب ص10.

45. الكتاب ص207.

46. الكتاب ص27.

47. الكتاب ص189-190(في الهامش).

48. الكتاب ص168-973.

49. الكتاب ص210.

الوسوم

د. عبد الواحد بنصبيح

المدرسة العليا للأساتذة-تطوان 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق