الرابطة المحمدية للعلماء

قيم البيئة الحضارية من وجهة نظر إسلامية

مصطفى الزباخ: كل الكائنات تمثل وحدة متكاملة ومتناغمة، وأن الكل يخدم الجزء والجزء لا يضمن بقاءه إلا في إطار الكل

قال الأستاذ مصطفى الزباخ،  مقرر أكاديمية المملكة المغربية، إن المشاكل والتحديات التي يعرفها عالم اليوم في مجالي البيئة الطبيعية والبيئة الحضارية عمقت مساحة قلق البشرية ووسعت حجم همومها بخصوص المصير الذي ينتظرها.

وأوضح الأستاذ الزباخ،  حسب ما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء،  في محاضرة بعنوان “قيم البيئة الحضارية من وجهة نظر إسلامية” افتتح بها المركز الثقافي المصري بالرباط (مثمر) الاثنين موسمه الثقافي 2010-2011،  أن هذا الموضوع يوجد ضمن بؤرة انشغالات العصر الحديث،  مشيرا إلى أن المتأمل في مستجدات ومتغيرات العالم المعاصر سيلاحظ أنه يواجه تحديات ومشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية خطيرة.

وتتقدم هذه المشاكل، حسب الأستاذ الزباخ، مشاكل البيئة الطبيعية بكل مكوناتها الحية والجامدة والبيئة الحضارية بقيمها وعاداتها وتقاليدها وقوانينها، التي بات يعاني منها الكون والكائنات، رغم بروز نظريات ثقافية وفلسفية ” أوهمت العالم أنها تملك الخلاص للبشرية كالعبثية والعقلانية والتنموية”، وجهود الدول والمنظمات للحد من آثار هذه المشاكل على المجال البيئي.

وأشار المحاضر، خلال هذه الأمسية الفكرية التي حضرتها شخصيات من عوالم السياسة والفكر والإعلام، إلى أنه إضافة إلى الآفات الطبيعية من انحباس حراري وتصحر وجفاف، هناك آفات بيئية حضارية تهدد العالم في قيمه ومبادئه، منها تيارات وإيديولوجيات ومفاهيم كان من بين نتائجها ما يشهده عالم اليوم من إرهاب بيئي وتلوث حضاري وقيمي وفكري.

وعزا الأستاذ الزباخ، فشل الدول والمنظمات، رغم جهودها الحثيثة، والمؤتمرات والندوات، وما يصدر عنها من تنديدات وتنبيهات، في وضع حد للمشاكل البيئية التي يعرفها العالم، لعدم وجود البيئة الحضارية ضمن أجندة الانشغالات الدولية، وغياب مرجعيات دينية وقيمية وسلوكية موجهة للإنسان في تعامله مع محيطه البيئي.

وشدد في هذا السياق على ضرورة وجود رؤية شمولية في التعامل مع البيئة الحضارية، انطلاقا من أن كل الكائنات تمثل وحدة متكاملة ومتناغمة، وأن الكل يخدم الجزء والجزء لا يضمن بقاءه إلا في إطار الكل، مبرزا أن صفة العقل لا تعطي الإنسان حق استعباد الكائنات الأخرى واستغلالها.

وأشار الأستاذ الزباخ إلى أن الوعي بالبيئة الحضارية بدأ يتنامى عند الإنسان المعاصر في ثلاث مسارات أولاها إعادة صياغة مفهوم البيئة بكل مكونات الكون، وثانيها الإيمان بوحدة هذا الأخير انطلاقا من قاعدة وحدة الإله والكون والإنسان ووحدة الأمة، التي نجدها، أيضا، عند كل الكائنات الحية.

أما المسار الثالث، حسب المحاضر، فيتجلى في تأكد دور المرجعيات القيمية في الحماية من الأخطار البيئية، وفي مقدمتها المرجعيات التعليمية والتربوية، لاسيما تربية الناشئة على قيم وسلوكات بيئية حضارية تقوم على حب واحترام البيئة كنظام متكامل ومتناغم لا يمكن الفصل بين مكوناته.

وذكر بأن البيئة الحضارية هي مجموع ما يرثه الإنسان وينتجه من تراث وما يمارسه من علاقات مع الآخر، التي يجب أن تقوم على نبذ الصراع واعتماد الحوار كبديل، واحترام الآخر وعدم الإساءة إليه، وهو ما دعا إليه الإسلام في أكثر من آية كريمة وحديث نبوي شريف.

وخلص الأستاذ الزباخ إلى أن الحوار العربي الإسلامي مر بأربع محطات هي فهم الآخر ثم التكامل والالتقاء حول المشترك، فالتسامح لإزالة التوتر وصولا إلى محطة التحالف، متسائلا حول من “سنتحالف معه وضد من وعلى ماذا سنتحالف”، مادام هذا التحالف عاجز عن تنظيف البيئة الحضارية من أدوات التوتر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق