مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامقراءة في كتاب

قراءة في كتاب “تحرير المرأة” لقاسم أمين

فضيلة العزيزي

يضم كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين مقدمة وأربعة فصول، في 209 صفحة، ناقشت قضايا تهم المرأة وذيّله بخاتمة. يؤكد الكاتب في مقدمة كتابه أنّ الاصلاح يتطلب وقتا طويلا، ويردف ذلك بتمهيد يدعو فيه كل محب للحقيقة أن يبحث في حال النساء المصريات والذي يستدعي ضرورة اصلاح حالهن، كما يتساءل عن السبب الذي يجعل المسلم يعتقد أن عوائده لا تتغيّر وأنه يلزمه المحافظة عليها إلى الأبد… فالناس مختلفون تبعا لسلطان العادة والإقليم والوراثة والمخالطات، والمذاهب، والعقائد… فما يستحسنه عقل قد لا يستحسنه آخر، لكن يبقى سلطان العادة أنفذ حكما فيها من كل سلطان نظرا للارتباط التام بين عادات كل أمة ومنزلتها من المعارف والمدنية، ويشهد التاريخ أن انحطاط المرأة وارتقائها وانحطاط الأمة وارتقائها أمران متلازمان، فبيّن حالة المرأة التي كانت لا تختلف عن حالة الرقيق في شيء مشيرا إلى الحالة التي كانت خاضعة لها في العديد من القبائل إلى درجة أن بعض الأمم تعتقد أن ليس لها روحا خالدة، وفي المقابل أعطى أمثلة لبعض البلدان الراقية التي وصلت النساء فيها إلى درجة عظيمة من التمدّن وصِرن يقطعن المسافات التي كانت تبعدهن عن الرجال كأمريكا، وألمانيا وفرنسا… وقال الكاتب أنه لو كان لدين ما سلطة وتأثير على العوائد لكانت المرأة المسلمة اليوم في مقدّمة نساء الأرض لما قرّرته الشريعة الإسلامية من مساواتها بالرجل، حيث منحها الإسلام كفاءة شرعية لا تنقص عن كفاءة الرجل في جميع الأحوال الحديثة من بيع وشراء ووصية، ووضع عنها أحمال المعيشة ولم يلزمها بالاشتراك في نفقة المنزل… والمسألة الوحيدة التي ميّز فيها الشرع الرجال عن النساء هو: “تعدد الزوجات”، أما انحطاط المرأة المسلمة فيرجع أساسا إلى الأخلاق السيئة التي وُرِثَتْ عن أمم دخلت الإسلام حاملة معها عوائد وأوهام كانت عليها من قبل، بالإضافة إلى توالي الحكومات الاستبدادية على المرأة التي نتج عنها تمكُّن الرجل في احتقار المرأة وسجنها وافتخاره بأنها لا تخرج إلا إلى القبر، وحيلولته بينها وبين الحياة العامة… فاختصت بالجهل والتحجب واستعملها الرجل متاعا يلهو بها متى أراد، وهذا هو حال المرأة في مصر حتى هذه السنين الأخيرة، -حسب الكاتب-.

ثم تحدّث قاسم أمين عن تربية المرأة فبيَّن أن المرأة والرجل سواء في كل ما تقتضيه حقيقة الإنسان من حيث هو إنسان، وإن فاقها الرجل في القوة البدنية والعقلية فذلك راجع لاشتغاله بالعمل والفكر أجيالا طويلة في الوقت التي كانت فيه محرومة من ذلك، وكذا اعتقاد الناس أن دورها منحصر في إدارة منزلها فقط. إن جهل المرأة وإهمال تربيتها هو السبب الوحيد الذي يمنعها من الاشتغال مثل شقيقتها الغربية بل هو السبب نفسه الذي حرم الأمة من الانتفاع بأعمال نصف عدد هذه الأمة (لأن النساء يقدرن بنصف السكان)، وهو السبب الذي جعلها عبئا على غيرها، ومنع من السير على قواعد الاقتصاد وسبّب اختلالا جسيما في مالية العائلات، هذا بالنسبة للوظيفة الاجتماعية، أما بالنسبة للوظيفة العائلية فقد تساوت المرأة المصرية في الجهل بين الميسورات والريفيات بل كلما ارتفعت المرأة مرتبة في اليسر كلّما زاد جهلها، وقد دفع بها جهلها إلى حدوث شقاق بينها وبين زوجها فأصبحت تبغض زوجها كلما رأته يطالع الكتب ولَعَنت العلوم التي سلبته منها، وهنا يحتار الزوج إن أراد الجمع بين هذين العدوين: الزوجة والعلم، حيث يهون على المصري الجمع بين زوجتين في حين ما سُمِع قَطّ أن امرأة مصرية رضيت بمباشرة العلم، فالمرأة تحتاج إلى معارف كثيرة لإدارة منزلها وتربية أبنائها جسما وعقلا وأدبا، وبقاؤها في الجهل يجعلها تتصرف كالطفل تماما حيث إذا أرادت شيئا ومُنعت من الوصول إليه استعملت لذلك الكذب والمكر نظرا لقلة معارفها، وهو ما دفع الرجال إلى فقدان الثقة فيها واعتقادهم أن النساء من أعوان إبليس. وقد رسخ في أذهان الرجال أن المرأة لو تعلّمت لم يزدها ذلك إلا براعة في الاحتيال والخدعة…

ثم ينتقل قاسم أمين إلى الحديث عن الحجاب كأصل من أصول الأدب التي يلزم التمسك بها، إلا أنه يطلب أن يكون الحجاب منطبقا لما جاءت به الشريعة الإسلامية وليس ما تعارف عليه الناس، حيث إن الغربيين غلوا في إباحة التكشف إلى درجة يصعب معها أن تتصون المرأة لمثارات الشهوة، ونحن تغالينا في طلب التحجب والتحرّج من ظهور النساء لأعين الرجال حتى صيّرنا المرأة أداة من الأدوات وحرمناها من كل المزايا العقلية والأدبية، كما قارن الكاتب بين الحجاب الذي كان قبل عشرين سنة والحجاب الموجود حاليا، وقال بأن هذا الأخير ليس خاصا بنا ولا أن المسلمين هم الذين استحدثوه ولكن كان معروفا عند كل الأمم تقريبا[1] وهنا يلزمنا البحث في هذه المسألة من الجهة الدينية والاجتماعية:

فمن الجهة الدينية: يُبين قاسم أمين  أن نصوص الشريعة الإسلامية لا تقتضي وجوب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، ولو كان الأمر كذلك لوجب عليه اجتناب البحث في هذا الموضوع لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة، وإنما هي عادة استحسنها الناس وألبسوها لباس الدين والدين منها براء، كما وضَّح الحكم الشرعي من قوله تعالى:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم…ليعلم ما يخفين من زينتهن)، مبينا الأعضاء التي شملها الاستثناء من الحجاب بالاستناد إلى أقوال بعض العلماء، ومزكيا كلامه بأمثلة لأمور كثيرة يصعب بل يستحيل على المرأة القيام بها وهي مغلفة من رأسها إلى قدميها –حسب رأي الكاتب-. أما أن يعزى الحجاب إلى آداب المرأة، فيقول الكاتب أنه لا يخال ذلك صحيحا، ويتساءل ما علاقة الأدب بكشف الوجه وستره، ويطالب الرجال بغض بصرهم خوفا من الفتنة، ويقول بأن أسباب الفتنة ليس فيما يبدو من أعضاء المرأة الظاهرة بل هو ما يصدر عن المرأة من الحركات أثناء مشيها، والنقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة على تحريك الرغبة، وهما ليسا من المشروعات الإسلامية بل من العادات القديمة السابقة للإسلام، كما تحدث الكاتب عن حجب المرأة أي قصر المرأة في بيتها ومنعها من مخالطة الرجال، ويقول هنا بأن الكلام ينقسم إلى قسمين:

ما يتعلق بنساء النبي: حيث أمرهن الله سبحانه بالتحجب وعلة ذلك الحكم هو: أنهن لسن كأحد من النساء، والخطاب في الآية خاص بنساء الرسول.

أما ما يختص بنساء المسلمين –غير نساء النبي- فهو النهي عن الخلوة مع الأجنبي، وما دام أن الشرع لم يوجب ذلك الحجاب فإنه مجرد عن الفائدة، بل فيه مضرات تتمثل في إفساد صحة المرأة نظرا لحرمانها من الهواء والشمس…

أما من الجهة الاجتماعية: فما يطلبه الكاتب هو تخفيف الحجاب، وردُّه إلى أحكام الشريعة الإسلامية، كما يبين أن تعليم وتربية الإنسان ليس لها سن معين ولا حد معروف تنقطع وتنتهي عنده، بل هي العمل المستمر الذي يبتدئ منذ الولادة ولا ينتهي إلا بالموت.

قد يعزى السبب في تحجب النساء إلى أنه يؤدي إلى العفة في حين أن عدم تحجبهن هو مجلبة للفساد، إلا أنه لا يوجد دليل صحيح على ذلك بل بالعكس، فالمرأة التي تخالط الرجال تكون أبعد عن الأفكار السيئة من المرأة المحجوبة حيث إن الأولى تعودت رؤية الرجال وسماع كلامهم فإذا رأت رجلا لم يحرك منظره فيها شيئا من الشهوة… أما المحجوبة فبمجرد وقوع نظرها على رجل يحدث في نفسها خاطر اختلاف الصنف من غير شعور، كما أن الاختلاط مع الغربيين ووجود علائق معهم علمتنا أنهم أرقى منا وأشد قوة وهو ما دفع بالكثير منا إلى تقليدهم… لكن ليس في مصلحتنا محو هذه الحالة والرجوع إلى تغليظ الحجاب بل صار من متممات شئوننا أن نحافظ عليها… والتربية هي الحجاب المنيع والحصن الحصين بين المرأة وبين كل فساد يُتوهّم في أية درجة وصلت إليها من الحرية والإطلاق. فالإنسان معرض في كل لحظة تمر في حياته إلى مصائب لا تحصى، لكن ذلك لم يمنعه من التحرك واقتحام الأخطار لتحصيل ما يحتاج إليه… وهذا حال حجاب المرأة فليس من الجائز أن نأتي ما فيه ضرر محقق لنتقي به ضررا وهميا، فوقوع الفحش من المرأة أمر محتمل الوقوع، فربما قد يكون أو لا يكون، أما حجابها ومنعها من التمتع بقواها الغريزية فهو ضرر محقق لاحق بها حتما، كما أن الأوربيين الذين بلغوا من العقل والشعور مبلغا مكّنهم من اكتشاف العديد من الاكتشافات لن يتركوا الحجاب لو رأووا فيه خيرا، ويقول الكاتب أن ما يقصده من رفع الحجاب ليس رفعه دفعة واحدة إنما يعوّد بالتدريج ويودع في النساء الاعتقاد بأن العفة ملكة في النفس لا ثوب يختفي دونه الجسم ثم يعوّدن على معاملة الرجال مع المحافظة على الحدود الشرعية.

المرأة والأمة: يقول الكاتب أن مصر لم تشهد عصرا انتشرت فيه المعارف وظهر فيه الخطر أيضا مثل هذا العصر، ويتجلى ذلك في أن الأمم الغربية لم تترك فجا من البسيطة فيه نفعها إلا وطئته واستولت عليه وبأي طريقة، فإن كان للمصريين همّ وعزيمة وتعلّموا كما تعلّم الآخرون أمكنهم العيش بجانبهم… خصوصا وأن مصر تتمتع بالحرية والعدل وهما الأمران اللذان تحتاج إليهما الأمة للنجاح، ومن له إلمام بأقوال الشرق يلاحظ تأخر المسلمين في كل مكان وقد ذهب جمهور الأورباويين أن السبب الوحيد في انحطاطهم هو الدين، لكن أفاضل المسلمين المشتغلين بأحوال الأمم الإسلامية يقولون أن الدين وسيلة من أفضل الوسائل للتقدّم والرقي، لكن ما يزعمه المسلمون اليوم دينا -من عقائد وعبادات وعادات وآداب موهومة- هو المانع من الرقي والسبب هو تفشي الجهل في المسلمين عامة نساء ورجالا، فالرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه كانوا يخدمون الدين والدنيا في آن واحد… حتى صار علم المسلمين يخفق في كل أقسام العالم… واستمر هذا الحال حتى رزئ المسلمون بوقائع التاتار في الشرق وانقرضت الخلافة منه، وانتقلت العلوم الإسلامية إلى أوربا، فرجع المسلمون إلى حالة الجاهلية الأولى، وانطفأ مصباح العلم من المشرق بأجمعه… ولما ساد الجهل على عقولهم وتراكمت ظلماته في أذهانهم لم يعد في استطاعتهم أن يفهموا حقيقة الدين حتى أصبح الاشتغال بشئون العالم والعلوم العقلية والمصالح الدنيوية لا يعني علماءنا… ووكّلوا جميع أمورهم إلى ما يجري به القضاء.

 ثم يعرض قاسم أمين مجموعة من أقوال الأستاذ محمد عبده مفادها أن الإسلام طالب بالعمل كل قادر عليه، ونهى عن التقليد ودعا إلى استعمال العقل، وصرف القلوب عن التعلّق بما كان عليه الآباء، كما ألحّ قاسم أمين على تربية المرأة جسميا وعقليا، وقال إن سلامة العقل في جميع مظاهره تابعة لسلامة الجسم وهذا هو السرّ في تقدم الجنس الإنجليزي، ويرى بأن المرأة تشترك في الأمومة مع سائر أنواع الحيوانات، وفي هذا تضييق دائرة وظيفة المرأة وهو ما ينتج عنه استحالة تحصيل رجال ناجحين إن لم يكن لهم أمهات قادرات على تهيئتهم للنجاح، فالمرأة تصلح لوظائف سامية مثل الرجل، والمطّلع على حركات النساء الغربيات وأعمالهن يجد أن المرأة لم تترك مجالا من العلوم  أو الفنون إلا واقتحمته مع الرجل كتفا لكتف، وربما سيسبقن الرجال في ميدان التقدم والرقي. وإلى جانب التربية يحتاج اصلاح حال المرأة إلى تكميل نظام العائلة، ومن أهم المسائل التي تمس العائلة كما يقول قاسم أمين هي الزواج، تعدد الزوجات، الطلاق… حيث يقارن الكاتب بين تعريف الفقهاء للزواج والذي يقول بأنه “عقد يملك به الرجل بضع المرأة” _وهو تعريف يشير إلى أنه لا يوجد شيء بين الزوج والزوجة غير التمتع بقضاء الشهوة الجسدية، وبين قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، فالمقارن بين هذين التعريفين يرى بنفسه إلى أي درجة وصل انحطاط المرأة في رأي فقهائنا. أما من دواعي المودة أن لا يَقْدم الزوجان على الارتباط بعقد الزواج إلا بعد التأكد من ميل كل منهما للآخر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الأنصار: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)، والزواج الذي لا يراعى فيه هذا الشرط تكون فيه هذه الرابطة واهية سهلة الانحلال… ولكن مادامت المرأة على ما هي عليه اليوم من الجهل، فالزواج لن يكون إلا شكلا من الأشكال العديدة التي يستبدّ بها الرجل على المرأة، والنتيجة بينهما هو التنافر واعتقاد كل واحد منهما أن الآخر هو الحجاب الحائل بينه وبين السعادة، وهذه الأسباب دفعت الشباب القادرين –اليوم- إلى العزوف عن الزواج، كما يقول قاسم أمين إن تعدد الزوجات من العوائد القديمة التي كانت مألوفة عند ظهور الإسلام، وقد دلّ الاختبار التاريخي على أن التعدد يكثر عندما تكون حالة المرأة منحطة، ويقلّ أو يزول عندما تكون حالتها راقية، إلا إذا كان التعدد لأسباب خاصة ككونها عاقرا أو مصابة بمرض مزمن -وإن كان الكاتب لا يحبّذ التعدد في هذه الحالة لأن على الرجل أن يتحمل ما تصاب به زوجته من العلل-، وبديهي أن تعدد الزوجات فيه احتقار شديد للمرأة لأنه لا ترضى أي امرأة أن تشاركها غيرها في زوجها، كما يضيف الكاتب أن المتأمل في الآيات القرآنية التي وردت في تعدد الزوجات يجد أنها تحتوي الاباحة والحظر معا، قال تعالى: (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع…)، أي أن تعدد الزوجات هو حلال إذا أمن الجور، كما تعتريه الأحكام الشرعية الأخرى من الكراهة… ويقول الكاتب إن الطلاق قديم في العالم فقد كان مشروعا عند اليهود والفرس واليونان والرومان ولم يمنع إلا في الديانة المسيحية، ومازال هذا المنع في شرائع الأمم الغربية حيث إن عقد الزواج عندهم لا ينحل إلا بموت أحد الزوجين، إلا أن هذه المغالاة لا تراعي حاجات الناس وضروراتهم وهو ما يستحيل تطبيقه، لذلك اضطرت الحكومات إلى تقرير الطلاق، والتصريح بجوازه متى وجدت أسبابه، أما الشريعة الإسلامية فقد وضعت أصلا عاما يجب أن ترد إليه جميع الفروع في أحكام الطلاق، وهو أن الطلاق محظور في نفسه مباح للضرورة، والشواهد على ذلك كثيرة من القرآن والأحاديث النبوية، كما بيّن الكاتب أقسام الطلاق وكذا أوجه الاتفاق والاختلاف بين المذاهب حول هذا الموضوع… وأشار إلى بعض الضوابط التي يجب تتبعّها في حالة وقوع الطلاق، كما أعطى احصائية الطلاق في مدينة القاهرة في الثمانية عشر سنة الأخيرة حيث إن كل أربع زوجات تطلّق منهن ثلاث[2].

إن ما يدعو إلى الدهشة حقا أن يتعرض كاتب مثل قاسم أمين للكثير من التهم بسبب مطالب أساسية طالب بها، والتي تنحصر في ثلاث مطالب:

أولها: تعليم المرأة.

ثانيها: خروجها من بيتها من أجل العمل واكتساب الرزق.

وثالثها: كشف وجهها وكفيها عند تعاملها مع الرجال الأجانب والكف عن ارتداء النقاب والبرقع.

 وأظن أن هذه المطالب جميعها تتوافق مع الشرع، وتبدو عادية في وقتنا الحالي، وإذا وضعنا الكتاب في سياقه التاريخي الذي كُتب فيه، والذي تميَّز بظهور الحركات الإصلاحية، وعرفنا مدى تأثير الحضارة الغربية على مؤلِّفه قاسم أمين، الذي أكمل تعليمه بفرنسا، ومحاولته التقريب بين أفكار الحضارة الغربية الحديثة وبين مبادئ الإسلام، ستبدو هذه المطالب منسجمة مع الوضع الاجتماعي آنذاك، فقد كان وضع المرأة آنذاك بائسا للغاية ويدعو إلى الرثاء حيث كانت المرأة غارقة في حالة من الجهل المزري، ولا تخرج من بيتها إلا للضرورة القصوى، وإذا خرجت فإنها تخرج منتقبة أو عليها البرقع، ولا تتعامل مع الرجال إلا من وراء حجاب… فالمرأة ليست جوهرة مصونة في محل مجوهرات، وليست قطعة ثمينة من المتاع المملوك للرجال ليحرموها من نعمة الحرية والإرادة وأن ينزلوا بها إلى مرتبة الجماد ويخفونها تبجيلا وتكريما وحفاظا عليها.

نشر بتاريخ 27/09/2012


[1]  يمكن الرجوع إلى الكتاب، الصفحة 72.

[2]  يمكن الرجوع إلى الكتاب، الصفحة 190.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق