مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

قراءةٌ في «كتب الأفعال» الأندلسية- الحلقة الأولى –

مقدمة:

إن التصريف من أنفع علوم العربية، وأحد أركان الأدب كما قال الميداني –رحمه الله تعالى-، وهو: «علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب(1)»، وعرفه ابن مالك – رحمه الله تعالى – بأنه: «علم يتعلق ببنية الكلمة وما لحروفها من أصالة وزيادة، وصحة وإعلال وشبه ذلك(2)»، وموضوعه الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة، أما الحروف وما أشبهها فلا يدخلها التصريف.

وعلم التصريف هو الذي يعصم اللسانين من اللحن في ضبط المباني والصيغ؛ وإن معرفة قواعده وفهم معاقده من أوجب الواجبات على من يريد إتقانَ العربية والأخذ بأزمتها والتصرف في علومها، والرقيّ في درجها، ورحم الله أبا الفتح بن جني (ت:392هـ) حين قال: «وهذا القبيل من العلم -أعني التصريف- يحتاج إليه جميع أهل العربية أتم حاجة، وبهم إليه أشد فاقة؛ لأنه ميزان العربية، وبه تعرف أصول كلام العرب من الزوائد الداخلة عليها، ولا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به، وقد يؤخذ جزء من اللغة كبير بالقياس، ولا يوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف(3)».

ومما يندرج ضمن مباحث علم الصرف واللغةِ أيضاً «أبنية الأفعال»؛ فمن ضبطها وأحكم تصاريفها وميَّز بين معانيها ضربَ في اللغة بسهم وافر، وحاز التقدم في هذا الفن والتّبريز، ولله درّ ابن مالك حين قال(4): [من البسيط]

وَبَعْدُ فَالْفِعْلُ مَنْ يُحْكِمْ تَصَرُّفَهُ   ///    يَحُزْ مِنَ اللُّغَةِ الأَبْوَابَ وَالسُّبُلَا

يعني: «أن من أحكم تصريف الأفعال بمعرفة الأبنية المقيسة فيها وضبط السماعية حاز من اللغة أبوابها وسبلها الموصلة إليها»(5).

وقد رابط بعض العلماء في ثغور «الأفعال»، وتشمروا لاستقصائها، وضبط صيغها، وتوضيح ما يتعلق بها من صحيح ومعتل ومجرد ومزيد، ومتعد ولازم، وبرز في هذا الميدان طائفة من علماء الأندلس ولغويِّيها، أمثال ابن القوطية (ت:367هـ) وابن طريف (ت:400هـ)، والسرقسطي (ت:بعد 400هـ)، وابن القطّاع (ت:515هـ)، ممن وضعوا كتبا محكمة التأليف، محصفة التصنيف، استقروا فيها كثيرا من أفعال العربية وتعرضوا لبيان تصاريفها، وخصوصا صيغتي (فعَل وأفْعل) أو (فعَلْتُ وأفعلْتُ)؛ فقد عني بهما اللغويون؛ فمنهم من أفرد لها فصلا في كتابه كسيبويه (ت:161هـ)، وابن السكيت (ت:246هـ) في إصلاح المنطق، وابن قتيبة (ت:276هـ) في أدب الكاتب، وثعلب (ت:291هـ) في الفصيح، وألّف بعضهم كتبا خاصة بهما، ولا يحصى عددهم، ومنهم: قطرب (ت:206)، والفراء (ت:207هـ)، وأبو عبيدةَ معمر بن المثنى (ت:210هـ)، والأصمعيّ (ت:216هـ) وأبو حاتم السجستانيّ (ت:255هـ)، والزجّاج (ت:311هـ)، وأبو منصور الجواليقيّ (ت:540هـ)…

محتوى كتب الأفعال:

 تسبح كتب الأفعال في فلك ما يلي:

  • المجرد والمزيد.
  • الصحيح والمعتل والمضاعف والمهموز.
  • المتعدي واللازم.
  • الماضي والمستقبل.
  • مصادر الفعل.
  • المشتقات كالمصدر الميمي واسمي الزمان والمكان.

وتعنى كتب الأفعال أيضاً ببيان معاني الأفعال، والفروق اللغوية بين الصيغ، ما يجعلها أيضا منخرطةً في سلك المعاجم اللغوية والمصنفات المعنية بالأبنية.

*   *   *

1- كتاب الأفعال لابن القوطية (ت:367هـ) (6)

وهو أول كتاب في الموضوع كما قال ياقوت، وألفه اللغوي النحوي الأديب الشاعر ابن القوطية(7) القرطبيّ، وهو أبو بكر محمد بن عُمَر بن عبد العزيز، وأصله من إشْبِيلِيَّة.

قال عنه ابن الفرضي (ت:403هـ) –رحمه الله تعالى -: «وكان عالماً بالنحو، حافِظاً للغة متقدماً فيها على أهل عصره لا يشقّ غباره، ولا يلحق شأوه، وله في هذا الفن مُؤَلّفات حسان منها كتاب: تَصَارِيف الأفْعَال وكتاب: المَقْصُور والممْدُود وغير ذلك. وكان حَافظاً لأخبار الأنْدَلُس، ملياً برواية سِيرَ أُمرائها، وأحوال فقهائها وشعرائها، يملي ذلك عن ظهر قلب»(8).

ويقول أيضاً: «وكانتْ كتب اللغة أكثر ما تُقْرأ عليه، وتؤخذ عنه. ولم يكن بالضَّابط لرواية في الحديث والفقه، ولا كانت له أصول يرجع فيها. وكان ما يُسْمَع عليه من ذلك إنما يحمل على المعنى لا على اللفظ، وكثيراً ما كان يقرأ عليه ما لا رواية له فيه على جهة التّصحيح. وطال عمره فَسَمع النَّاس منه طبقة بعد طبقة. روى عنه جماعة من الشيوخ والكهول»(9).

وقد توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة.

كتابه:

كتابه في الأفعال جليل القدر كثير النفع، ويدل على مكانته الرفيعة وفوائده البديعة إشادة العلماء به ورجوعهم إليه في مصنفاتهم، لاسيما علماء اللغة، ومنهم:

– أبو الوليد الباجي (ت: 474هـ) في شرحه على الموطأ (المنتقى)

– ابن أبي الحديد (ت:656هـ) في: شرح نهج البلاغة.

– أبو عبد الله القرطبي (ت:671هـ) في تفسيره: الجامع لأحكام القرآن.

– أبو حيان (ت:745هـ) في: ارتشاف الضرب من لسان العرب.

– أبو العباس أحمد الفيّومي (ت:770هـ) في: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير.

– ناظر الجيش (ت:778هـ) في: تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد.

– أبو إسحاق الشاطبي في: شرحه على ألفية ابن مالك: المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية.

– ابن حجر العسقلاني (ت:852هـ) في: فتح الباري بشرح صحيح البخاري.

– بدر الدين العيني (ت:855هـ) في: عمدة القاري شرح صحيح البخاري.

– جلال الدين السيوطي (ت:911هـ) في كتابيه: همع الهوامع شرح جمع الجوامع، وفي المزهر في علوم اللغة وأنواعها.

– شهاب الدين الخفاجي (ت:1069هـ) في كتابيْهِ: حاشيته على تفسير البيضاوي، وشرحه على «درّة الغوّاص في أوهام الخواصّ» للحريري.

– محمد علي بن محمد بن علان بن إبراهيم البكري الصديقي الشافعي (ت: 1057هـ) في: إتحاف الفاضل بالفعل المبني لغير الفاعل.

موضوع الكتاب:

استهل المؤلّف ابن القوطية-رحمه الله تعالى – كتابه بمقدّماتٍ بسط فيها جملة من القضايا اللغوية والصرفية، أهمها:

– قضية الفعل والاسم أيهما أسبق؟

فقد رجح أسبقية الفعل على الاسم، وأشار إلى الخلاف فيها بين البصريين والكوفيين، فقال: «اعلم أن الأفعال أصول مباني أكثر الكلام، وبذلك سمتها العلماء الأبنية، وبعلمها يُستدل على أكثر علم القرآن والسنة، وهي حركات مُتَقضّيات. والأسماء غير الجامدة والأصول كلها مشتقّات منها، وهي أقدم منها بالزمان وإن كانت الأسماء أقدم بالترتيب في قول الكوفيين. والجامدة التي لا يشتق منها فعل مثل حَجَرٍ وبابٍ وما أشبههما، فإنك لا تقول: حجر يحجر، ولا باب يبوبُ. والبصريون يقولون بقدم الأسماء وأن الأفعال مشتقة منها، ولكلٍّ وجهٌ»(10).

 – أقسام الفعل:

فقد قسمَ الفعلَ إلى ضربين: ضربٍ مضاعفٍ دخل التضعيف ثانيه فصار ثلاثيا، مثل ردّ، وضربٍ ثلاثي وهو إما  صحيح، نحو: ضرب ونهض، ومعتلٍّ، نحو: قال وغزا.

أما المضاعف فقد عني ببيان ضبط عين مضارعه، وذكر أن القياس في فعَل المفتوح العين المتعدّي الضمُّ، نحو: ردَّ/يرُدُّ، وفي اللازم الكسر، نحو: فر/يفرُّ، إلا أفعالا خرجت عن القاعدة؛ فمنها ما جاء باللغتين: مثل هرّه يهُرُّه ويهِرُّه، لأنه متعدٍ وقياسه الضم، وشحَّ يشِحُّ ويشُحُّ لأنه لازم وقياسه الكسر، ومنها ما جاء شاذا، مثل حبَّ الشيء يحِبُّه، وألَّ: برق.

أما الثلاثي الصحيح فبين أنه على ثلاثة أضرب: فعَل وفعُل وفعِل؛ وذكر أن مضارع «فَعَل» المفتوح العين يقتصر فيه على السماع والرواية، وأن مضارع «فعِل» المكسور العين بالفتح أي «يَفْعَلُ»، وأن مضارع «فعُل» المضموم العين بالضم أي «يفعُل»، إلا أفعالا خرجت عن القياس، وساق لها أمثلة.

– مصادر الفعل الثلاثي:

وقد تعرض أيضا لمصادر الفعل الثلاثي، وحصرها بقوله: «ومصادر الثلاثي كلها تأتي على فَعْلٍ، وفَعَلٍ، وفِعْلٍ، وفعول، وفَعَالٍ، وفِعَالٍ، وفُعَالٍ، وفعولٍ، وفُعَلٍ، وفَعلٍ، وفِعَلٍ، وفُعْل، وفَعَلانٍ، وفُعلان، وفعيل، وفَعْلانٍ، وفِعلانٍ، وفَعَالةٍ، وفِعَالةٍ، وفعولةٍ، وفَعْلةٍ، وفِعْلةٍ، وفُعَلةٍ…وقد يأتي المصدر قليلاً على فُعْلى، وفَعْلَى، كالرُّجعي، والبُشرى، والشُّكرى»(11).

– مصادر الفعل الرباعي:

وقد ذكر أيضا مصادر بعض الأفعال الرباعية، أي: أفْعَلَ وفَاعَل، وتخلل ذلك الكلام عن بعض المشتقات، كاسم المرة والمصدر الميمي، واسمي الزمان والمكان، وقال: «والأفعال الرباعية التي على أَفْعَلَ إذا كانت صحيحة فليس في مصادرها اختلاف، إنما تأتي على الإفْعَال: كالإكرام، والإسراج، والإلجام، فإذا أرادوا المرة الواحدة قالوا: إكرامةٌ، وإسراجةٌ، وإلجامةٌ، كالضَّربة، والقَعدة في الثلاثي.

والمصدرُ والاسم على مُفعل بضم الميم: كالمُدخل، والمُخْرج. وإذا كانت معتلة العينات جاءت مصادرها بالهاء: كالإقامة، والإضاعة، جعلوها عوضاً مما سقط منها؛ وهي الواو من قام والياء من ضاع.

ومن العرب من يأتي به محذوفاً، قال الله عز وجل: (وَإِقَامَِ الصَّلَاةِ) [الأنبياء:72]، وكلٌّ حسنٌ. ومن العلماء من لا يجيز الحذف إلا مع الإضافة.

وما كان اعتلاله في اللام فإن مصادره كمصادر السالم على الإفعال: كالإغراء، والإرماء.

ومصادر ذوات الياء السالمةِ إذا نقلتها إلى الرباعي كذلك: كالإعياء والإهواء. والمصادر بالزيادة منها والأسماء على مفعل بفتح العين: كالمغزى والمدنى وما أشبههما.

وما كان من الأفعال على فاعلت فمصدره على الفِعَال والمُفَاعلة كالنِّزال والمُنَازَلة، والقِتال والمقاتلة، غيرَ أفعالِ يسيرة استغنوا فيها بالمفاعلة عن الفِعَال مثل: عافَيته مُعَافاة، وجازيته بالشر مجازاةً، وساعي الأمة مُساعاة إذا زنى بها»(12).

– تعدي الفعل ولزومه:

تحدث المؤلف – رحمه الله – عما يتعدى من الأفعال وما لا يتعدى، فقال: «والأفعال الثلاثية كلها ضربان: ضرب لا يتعدى مثل: قام، وقعد. وضرب متعدٍ مثل: ضرب، وأكل. فإذا أردت أن تُعدِّيَ ما لا يتعدى عديته إلى المكان والزمان والأشخاص بحروف الصفات وبنقله إلى الرباعي مثل. أقمته، وأقعدته. وتعدي الفعل المتعديَ إلى مفعول واحد إلى مفعولين أيضاً بنقله إلى الرباعي مثل: أركبتك فرساً، وأعمرتُك داراً»(13).

وقد تحدث أيضا عن ضبط أفعال الصفات في الألوان، وذكر أن أكثر أفعالها الثلاثية تأتي على «فَعُلَ» إلا أفعالا أتت بالضم والكسر مثل: أدُمِ، شَهُب، وقَهُب، وكَهُب، وسَمُر، وصَدُؤ الفرس، وعلى افعلَّ، مثل: اخضرَّ، واصفرَّ، واحمرَّ، وادهمَّ، واسودَّ، وابيضَّ، وعلى افْعَالَّ أيضاً.

ومثلها أيضا أفعال الأخلاق فهي تأتي على «فعُل» نحو: مثل كَرُمَ، وجَمُل، وفَقُهَ، وظَرُفَ.

وذكر أن أفعال الصفات بالجمال والقبح والعلل والأعراض تأتي على «فَعِلَ» إلا أفعالا أتت بالضم والكسر، وذكر منها: عَجُف، وحَرُقَ، وحَمُقَ، وكَدُرَ الماء وغيره، وأفعالًا على فعُلَ نحو: خَشُنَ الشيء خُشْنَةً وخشونة.

اسم الفاعل واسم المفعول:

وقد تحدث أيضا عن كيفية صياغة اسم الفاعل والمفعول من الفعل الثلاثي بأوزانه الثلاثة، ومن الفعل الرباعي (أفعل)، وقال: «وما كان على ثلاثة أحرفٍ منها فإن الفاعل منها فاعل: كضاربٍ وقاتلٍ. والذي يقع به الفعل مفعولٌ، كمضروب، ومقتول.

وما كان منها مضموم العين فالفعل منه فعيلٌ: ككريمٍ، وقبيحٍ؛ لأنه إنما يقع في الذات.

وما كان مكسور العين لعلةٍ أو شبه بها فالفاعل منه على فَعِل كعَمٍ، ونَزقٍ. وقد يأتي هذا المكسور لغير علةٍ: كعاملٍ ولاعق ولاحسٍ.

وما كان رباعياً فالفاعل منه مُفْعِل: كمُسْرِجٍ، ومُلْجِم. والمفعول منه مُفْعَل: كمسرجٍ ومُلجمٍ»(44).

أقل الأبنية:

ذكر ذلك بقوله: «وأقل ما بُنيت عليه الأسماء والأفعال ثلاثة أحرف، فما رأيته ناقصاً عنها فاعلم أن التضعيف دخله، مثل: فَرَّ، ورَدَّ، وما زاد على ثلاثة أحرف فبحروف الزوائد الداخلة فيه».

وهذه أهم الموضوعات التي تناولها المؤلف في كتابه، وتخلل ذلك الحديث عن بعض المسائل التصريفية، مثل: طريقة كتابة الألف الأخيرة في المصدر والفعل وغيرها.

لب الكتاب:

تكلم المؤلف – رحمه الله تعالى – في مقدمات الكتاب عن بعض المسائل التصريفيّة، ثم عرج إلى ذكر الأفعال بالبسط والتفصيل، وجعلها على ثلاثة أقسام:

– القسم الأول: ما جاء على فَعَلَ وأفْعَل.

وقد ساق في هذا القسم عددا كثيرا من الأفعال ورتبها على الحروف الهجائية، حسب مخارجها، (الهمزة، الهاء، العين، الغين، الخاء، الحاء، الجيم، القاف، الكاف، السين، الشين، الصاد، الضاد، اللام، الراء، النون، الطاء، الظاء، الذال، الدال، الباء، التاء، الثاء، الزاي، الفاء، الميم، الواو، الياء).

يقول في حرف الهمزة مثلا:

«* الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنى واحد: أجره الله أجراً، وآجره، وكذلك المملوك والأجير: أعطيتهما أجرهما.

وأدَم الله بينهما أدماً، وآدم: جنَّب بعضهما إلى بعضٍ، وبين القوم: أصلحت، والطعامَ: جعلت فيه إدامًا «…..»

* الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعَلَ وَأفْعَلَ باختلاف معنى: أزلتُ الرجل أزلاً: ضيقتُ عليه، والماشية عن المرعى: حبستها، وآزلتِ السنة: اشتدت».

وفي كل حرف يُعني بأمرين اثنين:

الأول: ذكر ما جاء على فَعَل وأفْعَل والمعنى متفق.

الثاني: ذكر ما جاء عليهما والمعنى مفترق.

– القسم الثاني: الأفعال الرباعية.

وقد ذكر هنا طائفة من الأفعال الرباعية التي على وزن «أفعل»، ورتبها على الحروف الهجائية حسب مخارجها، واستهلّ بالتي أولها حرف الهمزة، وقال: «آزرت الرجل: أعنته، والشيء غيره: كذلك.

وآنثت المرأة: ولدت أُنثى. وآلفتُ العددَ: جعلته ألفا، وآلف هو: صار ألفاً، والقومُ: صاروا ألفاً».

– القسم الثالث: الأفعال الثلاثة.

خص هذا القسم بذكر الأفعال الثلاثة، ورتبها على الحروف الهجائية حسب مخارجها، يقول في حرف الهمزة: «المضاعف على فَعَلَ وفَعِلَ: أمَّ القوم إمامة: تقدمهم، والشيء أَمًّا: قصده، والطريق: كذلك، والرجُل: شجَّه مأمومةً؛ وهي شجةٌ تبلغ أُمَّ الدماغ، وما كنتِ أماً، ولقد أمِمتِ أمومةً: أي صرت أماً. وأضَّنى الأمر أضَّاً، شق عليَّ، والحاجةُ إليك: ألجأتني. وأبَّ أبًّا: تهيأ للذهاب، وإلى الشيء: مثله، وإلى سيفه: ردَّ يده ليأخذه، والشيء أبابةً: تهيأ».

*   *   *

وهذه زبدة عن كتاب ابن القوطية في الأفعال، لكنه مع فوائده الغزيرة وعوائده الكثيرة لم يخل من خلط في التبويب وخللٍ في الترتيب، وذلك ما دفع بعض العلماء إلى تذليل قطوفه إلى الناشئة، منهم ابن القطاع الصقلي (ت:515هـ) الذي تشمّر لتهذيب الكتاب وترتيبه فأحسن وأجاد، وسنتحدث عنه في الحلقة التالية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الهوامش

(1) شافية ابن الحاجب بشرح الرضي (1/1)

(2) تسهيل الفوائد (ص:290)

(3) المنصف (ص:2)

(4) نظم لامية الأفعال.

(5) شرح بحرق (ص:9)

(6) ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس  (2/78)، والبلغة (ص:275)، ومعجم الأدباء (6/2592)، ووفيات الأعيان (4/368)، وإنباه الرواة (3/178)، وبغية الوعاة (1/198)

(7) والقوطية هي جدة أبي جده، وهي سارة بنت المنذر من بنات الملوك القوطية الذين بإقليم الأندلس من ذرية قوط  بن حام – بالقاف والطاء المهملة -، انظر: الوافي بالوفيات (4/171)

(8) تاريخ علماء الأندلس (2/79)

(9) تاريخ علماء الأندلس (2/79)

(10) كتاب الأفعال لابن القوطية (ص:1)

(11) كتاب الأفعال لابن القوطية (ص:3)

(12) كتاب الأفعال لابن القوطية (ص:5-6)

(13) كتاب الأفعال لابن القوطية (ص:6-7)

(14) كتاب الأفعال لابن القوطية (ص:8-9)

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق