مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

قالوا في الموطأ: 3

درجة “الموطأ” بالنسبة للصحة وعدمها 

يقول السيد محمد بن علوي المالكي الحسني -رحمه الله-:

«معنى كون “الموطأ” صحيحا:

يظهر لي: أن في القول بصحة “الموطأ” مُزَاحمة لاختصاص كتاب “البخاري” بأولية الصحة، وهذا لا يرضاه كثير من الباحثين مراعاة لـ”صحيح البخاري”، والدليل على هذا: أن أكثر من يكتب من العلماء في مبحث (أوّل من جمع الصحيح) ويذكر أنه البخاري، ينتقل إلى الكلام على “الموطأ” مباشرة، فيخرجه عن إطلاق هذه الأولية، ويرد على من قال ذلك، بإيراد العلل التي يحاول بها أن يقدح في صحة الكتاب، وذلك لأنه يرى أنه إذا ثبتت صحة “الموطأ”، لا تثبت قضية أولية التأليف في الصحيح للبخاري، إذ مالك قبل البخاري، وكتابه قبل كتابه، فصحيحه قبل صحيحه، فتثبت الأولية للموطأ.

وممن ذهب إلى هذا الإمام أبو بكر ابن العربي، إذ قال: «والموطأ هو الأول واللباب، وكتاب الجُعْفي هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بنى الجميع كالقُشَيري، والترمذي».

وقال الحافظ مُغْلطاي: «أول من صنف الصحيح مالك».

وقال السيوطي: «الصحيح إطلاق أن “الموطأ” صحيح لا يستثنى منه شيء».

وقال أبو زُرعة: «لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث مالك التي بالموطأ أنها صحاح كلها، لم يحنث».

لكن كثيرا من العلماء لم يسلم هذا، بل عارضه ورده، أو أوّله.

وإليك أقوال العلماء في هذه المسألة:

قال النووي في “التقريب”: «أول من صنف في الصحيح المجرد البخاري».

 قال السيوطي: «قوله “المجرد” احترز به عما اعتُرض عليه به من أن مالكا أول من صنف الصحيح، وتلاه أحمد بن حنبل، وتلاه الدارمي».

قال العراقي: «والجواب: أن مالكا لم يُفرد الصحيح، بل أدخل فيه المُرسل والمنقطع والبلاغات، ومن بلاغاته أحاديث لا تُعرف، كما ذكره ابن عبد البر، فلم يفرد الصحيح إذن».

وقال مُغْلطاي: «لا يحسن هذا جوابا، لوجود مثل ذلك في كتاب البخاري». 

وقال شيخ الإسلام: «كتاب مالك صحيح عنده، وعند من يقلده، على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما، لا على الشرط الذي تقدم التعريف به.

قال: والفرق بين ما فيه من المنقطع وبين ما في “البخاري”: أن الذي في “الموطأ” هو كذلك مسموع لمالك غالبا، وهو حُجة عنده، والذي في “البخاري” قد حذف إسناده عمدا لقصد التخفيف إن كان ذكره في موضع آخر موصولا، أو لقصد التنويع إن كان على غير شرطه، ليخرجه عن موضوع كتابه. وإنما يذكر ما يذكر من ذلك، تنبيها واستشهادا واستئناسا، وتفسيرا لبعض آيات، وغير ذلك.

فظهر بهذا: أن الذي في “البخاري” يخرجه عن كونه جرد فيه الصحيح، بخلاف “الموطأ”» اهـ. بتمامه».

                                                                          (يـتـبـع)

 

فضل الموطأ وعناية الأمة الإسلامية به، ص 139 وما يليها، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1429هـ -2008م.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق