الرابطة المحمدية للعلماء

في لقاء علمي عرض فيه “الدر الثمين في أسماء المصنفين”

 

د. أحمد شوقي بينبين:  “الدر الثمين” مخطوط ثمين ظهر إلى الوجود بفضل العلامة عبد الحي الكتاني

أكد مدير المكتبة الملكية السيد أحمد شوقي بينبين أن الفضل في ظهور مخطوط “الدر الثمين في أسماء المصنفين” لمؤرخ بغداد الكبير علي بن أنجب الساعي (593هـ / 1196م ـ 674هـ/1276م) إلى الوجود يعود للعلامة المغربي محمد عبد الحي الكتاني.

وأوضح السيد بينبين، خلال لقاء نظمه المركز الثقافي المصري بالرباط (مثمر) مساء الأربعاء وشارك فيه الأستاذ والباحث العراقي علي القاسمي، أن هذا المخطوط النادر كان يعتبر إلى وقت قريب في عداد التراث العربي المفقود، مضيفا أنه رغم كون هذه التحفة كانت من المخطوطات التي تضمنتها خزانة العلامة محمد عبد الحي الكتاني، إلا أنه لم يتم ذكرها في فهارس مخطوطات الخزانة الوطنية.

وأضاف أنه بعد الاطلاع على الدليل العام للمخطوطات المحفوظة بالقصر الملكي بمراكش، والذي أنجزه المرحوم محمد عبد الهادي المنوني، عثر على الكتاب ضمن القسم الباقي من خزانة هذا العالم.

وأكد مدير المكتبة الملكية، ومحقق هذا المخطوط إلى جانب الباحث محمد حنشي، أنه اعتمد في عملية التحقيق على هذه النسخة الفريدة ، مشيرا إلى أن المجلد الأول منه صدر، مؤخرا، ضمن منشورات الخزانة الحسنية بالرباط.

وأبرز السيد بينبين أن ما يميز هذا المخطوط بالإضافة إلى كونه وثيقة مهمة تكشف كثيرا عن الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية العراقية في فترة ابن أنجب وما سمعه من شيوخه، وما عايشه ببغداد في القرن السابع الهجري، هو تضمنه تراجم معاصريه ومجايليه.

وفي هذا الإطار قال بينبين، إن “الدر الثمين في أسماء المصنفين” يصنف ضمن كتب التراجم وليس ضمن الأعمال البيبليوغرافية، مبزرا أنه يدخل في هذه الخانة لتضمنه تراجم كثيرة، وذلك على اعتبار أن “التراجم هي عين التاريخ”.

وأشار  إلى أن “كتب التراجم” تعتبر أعمالا تاريخية بالمفهوم القديم للتاريخ، الذي يعتمد على الترجمة لرواة الحديث ولحيواتهم مستشهدا بكتاب “التارخ الكبير” للإمام البخاري، وإلى أنه يمكن اعتبار “كتب الأخبار” القديمة كتبا للتاريخ بمعناه الحديث.

وأكد أن القسم المنشور من الكتاب يحتوي على 420 ترجمة، كما يتميز بمعلومات مهمة عن المؤلف ابن أنجب وأسماء مصنفاته التي لا تزال مفقودة إلى الآن والمقدر عددها ب133 مؤلفا. من جانبه أبرز الأستاذ والباحث العراقي علي القاسمي أن مخطوطة ” الدر الثمين في أسماء المصنفين” يعد من أهم مصادر التراث العربي التي ألفت في مدينة بغداد بعيد سقوطها على يد المغول في عهد جنكيز خان سنة 656 هـ الموافق لـ1258م.

وأضاف القاسمي أن هذا الكتاب يعتبر “فهرسا مشروحا لأهم الكتب ومصنفيها”، ويوضع من حيث أهميته في مصاف كتاب “الفهرست” لابن النديم، و”معجم الأدباء” لياقوت الحموي.

ويمتاز على هذين الكتابَين، حسب القاسمي، باشتماله على مصنفات إضافية صدرت خلال حياة المؤلف الذي اتصل بأصحابها مباشرة وكتبَ عن مناقبهم، وعن أخبار المدارس التي تلقوا العلم فيها، وعن الأحداث التاريخية التي وقعت قيد حياتهم.

وقال الأستاذ القاسمي إنه “نظرا لأن ابن الساعي عاشق للعلم حريص على تحصيله، فقد كثر شيوخه حتى بلغوا 46 عالما، كان بعضهم يتمتع بشهرة واسعة مثل ياقوت الحموي صاحب كتاب “معجم الأدباء”، والصوفي شهاب الدين السهروردي صاحب “حكمة الإشراق” وغيرهم.

وأضاف أنه “نتيجة لذلك، ارتفعت منزلته العلمية وتقلد المناصب الرفيعة في الدولة فصار خازن كتب المدرسة المستنصرية وخازن كتب المدرسة النظامية، والمؤرخ  الرسمي للدولة العباسية في تلك الحقبة، الأمر الذي يسر له الاطلاع على كثير من الوثائق التي أفاد منها في مؤلفاته.

ومنهجيا أكد القاسمي أن التراجم التي تضمنها المخطوط “رتبت ألفبائيا بطريقة غير مضبوطة، كما لم يلتزم ابن الساعي بمنهجية ثابتة في عرض تراجمه وبعناصر المعلومات التي يضمنها في كل ترجمة.

من جهة أخرى أشاد الأستاذ القاسمي بمنهجية تحقيق الأستاذين بينبين وحنشي على اعتبار أنهما “اضطرا إلى تحقيق الكتاب اعتمادا على نسخة يتيمة”، ما جعل مهمتهما  “شاقة جدا”، فضلا عن أن مقدمة المؤلف الأصلية في هذه النسخة قد اختفت ولم يبقَ منها سوى أربعة أسطر.

وقال القاسمي إن عمل المحققين انصب أولا على كتابة مقدمة ضافية تقع في 68 صفحة تناولت المؤلف ابن الساعي، نسبه ومولده ونشأته وطلبه للعلم، وذكر بعض شيوخه وتلاميذه، ومكانته في عصره، والوظائف التي تقلدها، ومؤلفاته، ووفاته، وإثبات نسبة كتاب “الدر الثمين في أسماء المصنفين” إليه، ومصادر هذا الكتاب، وتاريخ تأليفه ووصفه ، وتحديد المنهج المعتمد في ضبط الكتاب ونشره.

(عن و.م.ع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق