مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

في عادة الصحابة في تعظيمه و توقيره و إجلاله

 

         قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى ورضي عنه:

 

         “حدثنا القاضي أبو علي الصدفي، و أبو بحر الأسدي بسماعي عليهما في آخرين، قالوا : حدثنا أحمد بن عمر، حدثنا أحمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن سفيان، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن مثنى، و أبو معن الرقاشي، و إسحاق بن منصور ، قالوا حدثنا الضحاك بن مخلد ، أخبرنا حيوة بن شريح، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة المهري ، قال : حضرنا عمرو ابن العاص …

          فذكر حديثاً طويلاً فيه عن عمرو، قال: و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لا أجل في عيني منه، و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، و لو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملا عيني منه .

          و روى الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخرج على أصحابه من المهاجرين و الأنصار وهم جلوس، فيهم أبو بكر، وعمر، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر و عمر، فإنهما كانا ينظران إليه و ينظر إليهما، و يتبسمان إليه و يبتسم إليهما.

         و روى أسامة بن شريك، قال أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير.

          وفي حديث صفته: إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير.
و قال عروة بن مسعود ـ حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، و رأى من تعظيم أصحابه له ما رأى ، و أنه لا يتوضأ إلا ابتدروا و ضوءه ، و كادوا يقتتلون عليه ، و لا يبصق بصاقاً ، و لا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها و جوههم و أجسادهم ، و لا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، و إذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، و إذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، و ما يحدون إليه النظر تعظيماً له .

         فلما رجع إلى قريش قال: يا معشر قريش ، إني جئت كسرى في ملكه، و قيصر في ملكه و النجاشي في ملكه، و إني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه. و في رواية: إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم محمداً أصحابه. و قد رأيت قوماً لا يسلمونه أبداً . و عن أنس: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحلاق يحلقه، و قد أطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل. و من هذا لما أذنت قريش لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه النبي صلى الله عليه و سلم إليهم في القضية أبى، و قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه و سلم .

         و في حديث طلحة: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه ـ و كانوا يهابونه و يوقرونه، فسأله، فأعرض عنه، إذ طلع طلحة، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: هذا ممن قضى نحبه. و في حديث قيلة : فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم جالساً القرفصاء أرعدت من الفرق و ذلك هيبة له و تعظيماً.

          و في حديث المغيرة: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرعون بابه بالأظافر.

         و قال البراء بن عازب: لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأمر فأؤخره سنين من هيبته”.

 

“الشـفـا بتعـريف حقـوق المصطـفى”

تحقـيق وتقـديم عـامر الجزار

طبعة 1425 هـ -2004م

دار الحديث القاهرة

2/286

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق