الرابطة المحمدية للعلماء

في رسالة سامية إلى الملتقى الوطني الأول للعالمات والواعظات والمرشدات

أمير المؤمنين يدعو المؤسسات الدينية إلى مواكبة حركية المجتمع المغربي وتحولات العالم

دعا أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الأجهزة والمؤسسات الدينية إلى العمل على تجديد خطابها والارتقاء بأدائها، ليواكب ما يشهده المجتمع المغربي من حركية، وما يعرفه من تطور فكري وثقافي، وما يعيشه العالم من تحولات متسارعة.

وأبرز جلالة الملك، في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في اللقاء الوطني الأول للعالمات والواعظات والمرشدات، الذي عقدت أشغاله نهاية الأسبوع الماضي بمدينة الصخيرات، الاهتمام، الذي ما فتئ يوليه جلالته بصفته أميرا للمؤمنين، لصيانة الأجهزة والمؤسسات الدينية وتفقد أحوالها، وفي مقدمتها مساجد الله وبيوت عبادته، باعتبارها قبلة للمصلين ومنارة للهدى وموعظة للمؤمنين.

وأكد جلالة الملك أن أي تنمية للإنسان لا تأخذ بعين الاعتبار بعديه الروحي والجسدي، تظل ناقصة ودون جدوى، وبالتالي، لن يتحقق معها التوازن المبتغى والإصلاح المنشود، مشددا جلالته على أن الجهود والأوراش الكبرى، التي تستهدف النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطن المغربي، لا يعادله إلا القيام بمبادرات الرقي بالبعد الروحي بكل مستوياته، ثقافيا ودينيا، وذلك من خلال الإصلاحات العميقة، التي تشمل مختلف الهيآت والمؤسسات، ذات الصلة بالشأن الديني، وفي طليعتها مؤسسة العلماء، التي يرأس جلالته مجلسها الأعلى، والتي أصبحت حاضرة في كل إقليم وعمالة من المملكة، بل تجاوزت حدود الوطن لتشمل الجالية المغربية بالمهجر، التي أصبح لها مجلسها العلمي الذي يعنى بشؤونها الدينية، ويساهم في صيانة هويتها المذهبية والوطنية.

وأشار جلالته إلى أنه يتابع عن كثب، وباهتمام بالغ، نتائج هذه التوسعة، وآثارها الإيجابية على حياة المواطنين، وأمنهم الروحي والمذهبي، وتحصين معتقداتهم، دحضا للشبهات والأباطيل، ووقوفا في وجه التطرف والغلو والانغلاق.

وبعد أن ذكر بمختلف الإصلاحات الواسعة والمبادرات المهمة، التي طالت الشأن الديني، والنهوض بأوضاع القائمين عليه، وفي مقدمتها “ميثاق العلماء”، الذي أعلن عنه جلالته في خطاب تطوان، أبرز جلالة الملك الأهمية الخاصة، التي يوليها للدور الكبير للمرأة العالمة، ولما يمكن أن تغني به برامج هذا الإصلاح، من خدمات متنوعة، خاصة في باب إصلاح الحياة الأسرية ودنيا المرأة، وتنوير عقول الفتيات وتنشئتهن على حب الوطن والاعتزاز بثوابته ومقدساته، في تشبث مكين بقيم الإسلام السمحة ومبادئه الخالدة.

وأضاف أنه جرى أيضا، إدماج المرأة العالمة في محيط العلم والعلماء، حيث “فتحنا في وجهها باب المشاركة في المجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية، بوصفها عضوا كامل العضوية في المؤسسة العلمية، وبموازاة ذلك، فتحنا أمامها باب المشاركة في الدروس الحسنية الرمضانية، إلى جانب إخوانها العلماء. فأبانت عن كفايتها العلمية، ولم تكن دون شقائقها من العلماء، وهو ما أثلج صدرنا ورسخ فيها حسن ظننا”.

وقال جلالة الملك “إن اهتمامنا الكبير بشؤون المرأة وقضاياها وحقوقها، وحرصنا على تبويئها المكانة اللائقة في الأسرة، ودورها المحوري في المجتمع، هو في جوهره نابع من روح ومبادئ ديننا الحنيف”، على اعتبار أن الإسلام كان أول من عالج قضية المرأة وأعلى شأنها، ورفع الأغلال عنها، وأعاد لها مكانتها في المجتمع.

وأكد جلالة الملك أنه يتوخى من هذا الملتقى العلمي المهم، “انبثاق نموذج جديد للفقيهة العالمة، التي تجمع بين القديم والجديد، والطارف والتليد، فقيهة متنورة، تساهم في تحقيق أمن روحي شامل، وبعث إسلامي متوازن، في إطار المذهب السني المالكي، وفي ظل الإمامة العظمى، القائمة على البيعة المتبادلة، والميثاق الراسخ بين الراعي والرعية”، داعيا العالمات إلى المساهمة الفاعلة في محاربة التخلف والإقصاء، وتنوير العقول والقلوب، وتنقيتها من سقيم الفكر وفاسد الاعتقاد، ومن نزوعات التطرف والانغلاق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق