مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

“فرق أهل البدع”

   هذه هي أهم فرق المبتدعة التى كانت منتشرة على عهد أبي الحسن الأشعري، وكان لها في ذلك العهد نشاط وأتباع:
الروافض: الذين يعادون أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ويرون الخلافة بعد النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه، وهذه الطائفة نشأت في النصف الثاني من خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه على يد عبد الله بن سبأ.
الخوارج: الذين يكفرون مرتكبي الكبيرة، وقد نشأوا على عهد علي أثر حادثة التحكيم وانفصلوا عنه، وحاربوه؛ ويسمون بالحرورية نسبة إلى حوراء مكان كانوا يسكنون فيه.
القدرية: القائلين بأن الأمر أُنُف، وليس بتقدير سابق من الله تعالى، حدثت هذه الفرقة في أواخر عهد الصحابة، وقد اشتهر أن أول من أحدث القول بالقدر سعيد بن خالد الجهني وعنه أخذ غيلان الدمشقي توفي بعد سنة 105هـ وقد كان مع قدريته مرجئا، وهؤلاء القدرية هم شيوخ المعتزلة في القول بالقدر.
المرجئة: القائلين بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، مما يؤدي إلى التساهل في أداء الفرائض ورعاية التكاليف، وهاتان الفرقتان نشأتا في أواخر عهد الصحابة، فأنكر عليهم مذهبهم الصحابة والتابعون، كعبد الله بن عمر (63ﮪ) وعبد الله بن عباس (68ﮪ) وجابر بن عبد الله (78ﮪ) ووائل بن الأسقع (85ﮪ).
الجهمية: منكرة الصفات، قال الإيجي عنهم: يقولون: لا قدرة للعبد أصلا، والله لا يعلم الشيء قبل وقوعه، وعلمه حادث لا في محل، ولا يتصف بما يتصف به غيره، كالعلم، والقدرة، والجنةُ والنارُ تفنيان، ووافقوا المعتزلة في نفي الرؤية، وخلق الكلام لله تعالى، وإيجاب المعرفة بالعقل.2
 ظهرت هذه الفرقة في أوائل المائة الثانية وأواخر المائة الأولى، وكان أول من أظهر ذلك الجعد بن درهم، وهو أول من قال بخلق القرآن، قتله خالد بن عبد الله القسري وَالي الكوفة بعد عام (80ﮪ)، ثم نادى بهذا المذهب الجهم بن صفوان، وفتح باب التأويل في الصفات على مصراعيه، قال جلال موسى: وتذكر الروايات أن الذي دفع جهما إلى طَرْق باب التأويل هو شيوع التجسيم على يد مقاتل بن سليمان، فقد ذهب جهم إلى بلخ، وقابل مقاتلا، ورأى أنه يملأ التفسير بالأحاديث الضعيفة الواهية. قال الذهبي عن مقاتل: إنه كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذي يوافقهم، وكان يشبه الرب بالمخلوق، وكان يكذب في الحديث.3
 وقد كان هذا المذهب ومذهب القدرية النواة الأولى لمذهب المعتزلة؛ وقد كان المذهبان في أول الأمر على طرفي النقيض، الجهمية تقول بالجبر، وهو ما عليه الجهم بن صفوان، والقدرية تقول بالإختيار وحرية الإرادة الإنسانية، ثم صار اللفظان يأخذان معنى واحد، وصارا يطلقان على المعتزلة.
المعتزلة: القائلين بنفي الصفات، وبنفي القدر، وبإنفاذ الوعيد، وبنفي الرؤية لله، وبالمنزلة بين المنزلتين؛ ظهرت على عهد الحسن البصري (110ﮪ) على يد تلميذه واصل بن عطاء (131ﮪ) وعمرو بن عبيد (144ﮪ)، وقد غلت المعتزلة في تقديس العقل، وأولت كثيرا من آيات الكتاب التى تلقاها السلف على ظواهرها، ولووا بأعناقها إلى ما يرون أن العقل يقتضيه، وردوا بناء على ذلك كثيرا من نصوص السنة الثابتة التى تلقاها السلف على ظواهرها بالقبول.
الحَشَوية المشبهة: أشهر هذا المذهب مقاتل بن سليمان (150ﮪ) انتشرت أقواله في التجسيم في هذا الوقت في خراسان، فأعلن أبو حنيفة تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات لقوله  تعالى: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11].
فالحشوية هم الفريق الذين شبهوا الله بخلقه، ومثلوه بالحادثات تمسكا بظواهر نصوص الصفات من الكتاب والسنة، والحشو مؤد إلى التجسيم. ومن مذهب أهل السنة الإيمان بهذه النصوص كما جاءت.
قال الشهرستاني عن المشبهة: إنهم أجروا آيات الاستواء، واليد، والجنب، والمجيء، والإتيان، والفوقية، وغير ذلك على ظواهرها، وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وأكثرها مقتبسة من اليهود، فإن التشبيه فيهم طباع…
وزادوا على التشبيه قولهم في القرآن: إن الحروف، والأصوات، والرقوم، المكتوبة قديمة أزلية.4
وقال ابن خلدون: وشذ لعصرهم -أي عصر السلف- مبتدعة اتبعوا ما تشابه من الآيات، وتوغلوا في التشبيه، ففريق: شبهوا في الذات بإعتقاد اليد والقدم والوجه عملا بظواهر وردت بذلك، فوقعوا في التجسيم الصريح، ومخالفة آي التنزيه المطلق. وفريق منهم: ذهبوا إلى التشبيه في الصفات كإثبات الجهة، والإستواء، والنزول، والصوت، والحرف، وآلَ أمرُهم إلى التجسيم.5
الكَرَّامية: وهي من المشبهة، وهي الفرقة المنسوبة إلى محمد بن كَرّام توفي (255ﮪ)، زعم أن الله جسم له حد ونهاية من تحت أي الجهة التي منها يلاقي العرش، وأنه بجهة فوق ذاتا، وأطلق عليه اسم الجوهر، وجوز على الله تعالى الإنتقال، والتحول، والنزول؛ ولهم فرق كثيرة من مذهبهم جميعا جواز قيام كثير من الحوادث بذات الباري تعالى؛ ومن أصلهم أن ما يحدث في ذاته فإنما يحدث بقدرته، وأنها واجبة البقاء حتى يستحيل عدمها.

المصدر: بحث تحت عنوان: (عقيدة الإمام الأشعري أين هي من عقيدة السلف؟) لمحمد صالح أكينجي بن أحمد الغرسي خلال مشاركته في الملتقى الخامس للرابطة العالمية لخريجي الأزهر في الفترة من خمسة إلى ثمانية من نيسان من سنة 2010 م في القاهرة، تحت شعار: (الإمام أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة نحو وسيطة إسلامية تواجه الغلو والتطرف).

 

  رابط الموضوع: http://www.almostaneer.com/books.asp…ownload&id=122

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق