مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

غُنية النّاسك في علم المناسك

  غُنية النّاسك في علم المناسك للإمام الفقيه، العالم المحقق أبي عبد الله محمد بن علي بن مُعلّى القيسي السبتي المتوفى في القرن السابع الهجري، يعد هذا الكتاب من أهم المختصرات الفقهية التي ألّفها علماء الغرب الإسلامي في مناسك الحج على مذهب الإمام مالك رحمه الله؛ إذ لقي إقبالا منقطع النظير من لدن العامة والخاصة، وعرف انتشاراً واسعاً شرقاً وغرباً، أبان فيه مؤلِّفُه عن غزارة علمه وتضلعه من مختلف الفنون.

  افتتح المؤلف كتابه بمقدمة أوضح فيها السبب الباعث على تأليفه بقوله: «فإن بعض الإخوان في الله تعالى سألني أن أجمع له مختصراً في مناسك الحج على مذهب مالك رحمه الله، وأجبته إلى مرغوبه، وسارعت إلى إسعاف مطلوبه، ممتثلا قول الله تعالى﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ وراغباً في عون الله تعالى؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»».

  وقد جعل ابن مُعلى القيسي مادة كتابه في مقدمة وثلاثة فصول، وذلك مفاد قوله: «ولخصت الكلام في هذا المختصر في ثلاثة فصول، وأضربت عن التطويل ليكون أقرب للتحصيل، وسميته: غنية الناسك في علم المناسك».

  أما الفصل الأول: ففي بيان ما يجب على مريد الحج قبل خروجه وبعده، وما حضّ الشارع صلوات الله وسلامه عليه وندب إليه من الدعوات والأذكار المختصة بالأسفار. وقد أسهب المؤلف رحمه الله الحديث في هذا الفصل عن الآداب العامة التي يحتاجها الناسك، وعلل ذلك بقوله: «وإنما أشبعت الكلام في الفصل الأول لخلو أكثر المناسك مما ذكرناه فيه».

  وأما الفصل الثاني: ففي كيفية الإحرام والعمل في الحج مرتبا إلى إكماله.

  وأما الفصل الثالث: ففي حكم زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابها.

  ومما زان الكتاب ورفع من شأنه، حسن الترتيب والتبويب والعرض، فضلا عما حواه من فوائد وتنبيهات مهمة، كل ذلك بأسلوب سلس، وعبارة واضحة ، بعيدة عن غريب اللفظ والتصنع، مع دقة المعنى، مما جعل الكتاب سهلا لمن يريد حفظه والمذاكرة بما فيه.

  وعلى الرغم من كون المسائل والأحكام التي سطرها ابن معلى في مختصره جارية على المذهب المالكي خاصة، فإنه ضمنه أقوال أئمة المذاهب الأخرى وخصوصا الإمام الشافعي رحمه الله، من أجل إثراء معلومات القارئ، وهكذا كانت مصادره جد متنوعة، فإلى جانب الآيات القرآنية والمصادر الحديثية كالصحيحين، وكتب السنن، والمستدرك، والمسانيد وغيرها، كان اعتماده على أمّات مصادر المذهب المالكي كالمختصر لابن عبد الحكم(ت 214هـ)، والمدونة لسحنون(ت 240هـ)، والعتبية للعُتبي(ت 254هـ)، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني(ت 386هـ) وغيرها.

  ونظرا للمكانة العلمية التي تبوأها ابن مُعلى القيسي رحمه الله بين أهل العلم، ولما حواه مؤلَّفُه من ثروة فقهية مهمة في علم المناسك، فإن العلماء أثنوا عليه وعلى كتابه، فقال أبو عبدالله الحضرمي صاحب الكوكب الوقاد: ((ومناسكه تدلّ على مكانه من العلم، وقد اشتهرت في البلاد، وانتفع بها الناس))، كما نقل عنه معاصروه ومن جاء بعده في تآليفهم في باب المناسك، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:

  الشيخ عبد العزيز ابن جماعة (ت767هـ) في كتابه »هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك«، والشيخ خليل بن إسحاق المالكي(ت776هـ) في كتابه »مناسك الحج«، والشيخ إبراهيم ابن فرحون(ت799هـ) في كتابه »إرشاد السالك إلى أفعال المناسك«، والشيخ أبو العباس الونشريسي(ت914هـ) في المعيار وغيرهم.

  وتجدر الإشارة إلى أن كتاب »غنية الناسك في علم المناسك« لأبي عبد الله ابن معلى القيسي السبتي حقق ثلاث مرات:

  – تحقيق: الأستاذ رضوان الحصري، نال به رسالة الماجستير من كلية الشريعة والقانون بأيت ملول.

  – تحقيق: أ.د محمد بن الهادي أبو الأجفان رحمه الله، قدم له أ. د عبد الوهاب أبو سليمان، و أ.د حسن الوراكلي، و أ.د قيس بن محمد المبارك، من منشورات دار الفتح.

  – تحقيق: أ. علي سلمان يوسف الحمادي.

  الكتاب: غنية الناسك في علم المناسك.

  المؤلِّف: أبو عبد الله محمد بن علي ابن معلى القيسي السبتي.

  مصادر ترجمته: نيل الابتهاج للتنبكتي (ص383)، وكفاية المحتاج له (296)

  تحقيق: أ. علي سلمان يوسف الحمادي.

 الناشر: دار ابن حزم، بيروت-لبنان-  الطبعة الأولى: 1434هـ-2013م.

– إنجاز: ذ. عبد الكريم بومركود.

Science

الدكتور عبد الكريم بومركود

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء الرباط

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تشرفتُ أن أكون أحد من حقق هذا السفر العظيم والفريد في بابه، وجزاك الله خيراً على كتابة ونشر هذا الملخص المفيد عن هذا الكتاب
    وبخصوص المحقيقين للكتاب :
    المحقق الأول الأستاذ رضوان لا أعلم هل تم طبع كتابه أو لا، حيث أني لم أقف عليه بعد البحث.
    أما الدكتور محمد أبو الأجفان رحمه الله فقد وقفت على كتابه بعد انتهائي من مناقشة رسالتي، سنة 2011م، وأظن الدكتور رحمه الله توفي قبل أن يشرف على إخراجه بنفسه، لأن كتابه طُبع من غير قسم الدراسة، وإنما طُبع النص المحقق مباشرة. وتم التنويه في الطبعة بأنه سينشر مرة أخرى بعد العثور على قسم الدراسة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق