الرابطة المحمدية للعلماء

علماء وباحثات وجمعويون يبحثون قضايا المرأة على مستوى عالمي

في مقر الرابطة المحمدية للعلماء تم الإعلان بشراكة مع GIERFI
(المجموعة الدولية للدراسات والتفكير حول النساء والإسلام)
عن انطلاق عمل المجموعة.

شهد مقر الرابطة المحمدية للعلماء الجمعة 24 أكتوبر 2008 لقاء تأسيسيا للمجموعة الدولية للدراسات والتفكير حول النساء والإسلام (GIERFI)، حضره شخصيات عديدة من الباحثين والعلماء والجمعويين، كما حضرته الأستاذة لطيفة أخرباش كاتبة الدولة في الخارجية، والأستاذة لطيفة العبيدة كاتبة الدولة في وزارة التربية الوطنية.

وقد أعطى الدكتور أحمد عبادي انطلاقة هذه المبادرة، التي ستكون الرابطة المحمدية للعلماء شريكا أساسيا للمجموعة الدولية الجديدة فيها، مشيرا في كلمته الافتتاحية، إلى أن من بين أهداف جمعية  GIERFI الاستبانة والبحث في مجموعة من الإشكالات التي يثيرها الرأي العام حول القضايا النسوية. 

وقال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء إن المجموعة الجديدة ستعتمد في عملها على منهجية واضحة وشفافة تنطلق من جمع واستنطاق ممنهجين للمعطيات، وإحداث شبكة واسعة من الباحثين والباحثات على الصعيد الدولي، وستأخذ وقتها الكافي الذي يتطلبه البحث العلمي من أجل معالجة الإشكالات الخاصة بالمرأة.

وأشار “عبادي” إلى أن البحث المتعلق بالمرأة يعرف مستويات عديدة منها ما هو سيوسو ـ اقتصادي واجتماعي وسياسي، وأن نظرة الناس إلى المرأة حكمتها تسربات نفذت إلى عقول الناس عبر حقب متتالية من التاريخ، وأن من مهام البحث العلمي الذي ستضطلع به GIERFI هو تتبع تلك الحمولات المفاهيمية التي أصبحت مع مرور الوقت مسلمات.

وأكد الدكتور “عبادي” أن المجموعة الدولية للدراسات والتفكير حول النساء والإسلام GIERFI ستصدر في المستقبل موسوعات ووثائق وكتيبات في الإشكالات النسائية التي ستكون موضوع استبانة ومقاربة علمية وبرهانية لدى الباحثين والعلماء، كما ستعمل على طرح بدائل عملية في هذا المضمار، بعيدا عن أي سجال سياسي، إضافة إلى أن المجموعة ستقوم بسلسلة من الشراكات مع جهات عديدة، منها على سبيل المثال وزارة التربية الوطنية بالمغرب، لسد الثغرات التربوية والديداكتية التي تخص مجال المرأة وما يرتبط بها من قضايا.

ومن جهتها، قالت الدكتورة أسماء المرابط، بصفتها رئيسة للمجموعة الدولية للدراسات والتفكير حول النساء والإسلام، في هذا اللقاء الذي حضرته فعاليات نسائية من دول أوروبية مختلفة، إن GIERFI ستعمل بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء؛ لأن قضايا المرأة تحتاج فعلا إلى تضافر جهود كل من “علماء النص وخبراء الواقع”. وأن الباب ـ تضيف المرابط ـ سيكون مفتوحا للتحالف مع كل الفعاليات النسائية العالمية وعلى جميع المستويات، بغض النظر عن انتماءاتها الدينية أو السياسية، من أجل تحقيق هدف مشترك هو إصلاح نظرة الناس إلى المرأة وتغيير المناهج التربوية المعيقة لتطورها ومناهضة كل أشكال التمييز التي تتعرض لها.

وأضافت أسماء المرابط أن عمل مجموعة GIERFI سيأخذ بعين الاعتبار المرأة المسلمة التي تعيش في المجتمعات الغربية، لأنها بدورها ما زالت تعاني من مجموعة من الإكراهات كالزواج الإجباري، وأن المجموعة ستؤسس ورشة عمل لمعالجة كل أشكال التمييز التي تتعرض لها النساء.

وقالت الدكتورة إن GIERFI تنطلق من المرجعية الإسلامية التي لا تتعارض أبدا مع القيم الكونية والحداثية الراهنة، وتهدف إلى مقاومة الأفكار المسبقة عن المرأة، وتتبع المفاهيم التي التبست بالواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي عبر التاريخ، والبحث في الأدبيات الإسلامية التي تحمل تلك الأفكار المتسربة إلى فهومات الناس وإلى الخطابات المبثوثة في الهواء عبر القنوات الفضائية. لذلك سيكون عمل المجموعة ـ حسب المرابط ـ هو تعزيز “الحركة النسائية الكونية التعددية” القائمة على احترام الاختلافات الدينية والثقافية والهوياتية.

وقالت الأستاذة “عائشة الحجامي”، منسقة المجموعة الدولية للدراسة والتفكير حول النساء والإسلام، في كلمتها بمناسبة تأسيس GIERFI، إن الحاجة ضرورية في وقتنا الراهن إلى إعادة قراءة النصوص الدينية المقدسة انطلاقا من رؤية نسائية، وأن ذلك ممكن مادام أن ديننا الحنيف هو في عمقه حداثي، بل هو أصل الإبداع ومنتهاه، وأنه هو مصدر هام للقيم الكونية في حاضرنا كما كان في ماضينا.

وأكدت “الحجامي”، وهي من العالمات اللواتي ألقين دروسا حسنية رمضانية في حضرة أمير المؤمنين  جلالة الملك محمد السادس، إن المجموعة الدولية الجديدة ستأخذ على عاتقها إعادة النظر في مجموعة من الفهومات والأفكار التي تشكلت عبر التاريخ في أذهان الناس حول المرأة، وذلك بمساعدة من العلماء أهل الاختصاص والخبراء ذوي التجربة الذين سيعملون جنبا إلى جنب في هذه المبادرة الطموحة.

وأشارت “عائشة الحجامي” إلى أن الإسلام جاء بمبادئ عامة غير مفصلة تحتاج إلى تنزيل يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل عصر، وإلى اجتهاد مستند على النصوص الدينية القطعية مع مراعاة فقه واقعي متغير.

إن علماءنا في علم الأصول ـ تضيف الحجامي ـ وضعوا قواعد عديدة يمكنها أن تساعد الباحثين في استنباط اجتهادات وقراءات جديدة لقضية المرأة في وقتنا الحالي، وقد أبدع علماء قدامى ومحدثين كالشاطبي، والطاهر بن عاشور، وأحمد الريسوني، وغيرهم كثير في فقه المقاصد والمآلات المبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، وهي كلها أدوات صالحة لإعادة النظر في كثير من الفهومات المتسربة إلى عقول الناس حول المرأة.

ومن جهتها، تناولت الأستاذة مليكة حميدي، نائبة رئيسة شبكة المسلم الأوروبي ببروكسيل والناطقة الرسمية باسم المجموعة الدولية للدراسة والتفكير حول المرأة والإسلام، موضوع  “الحركة النسائية الإسلامية في أوروبا، من الانخراط في الديني إلى استراتيجيات التحرر”.

وقالت “حميدي” إن الأحداث الدموية التي عرفتها أمريكا في 11 شتنبر 2001 أثارت بشكل كبير موضوع المرأة لدى المجتمعات الغربية، وأن الخلفية السياسية تحكمت بشكل كبير في التحركات
الرسمية لبعض الحكومات إلى درجة أن غزو أفغانستان بعد تلك الأحداث تم باسم تحرير المرأة.
 وقد تعرضت المتدخلة بإسهاب لواقع المرأة المسلمة في المجتمعات الغربية، حيث سجلت أنها ما زالت تعاني من بعض المشاكل مثل الزواج الإجباري والتعنيف الأسري والتمييز العنصري بسبب ارتداء الحجاب وإثارة مشكلة البكارة.

 وذكرت “حميدي” أنها قامت بحملة تحسيسة واسعة النطاق في أوربا حول واقع المرأة بمساعدة من فعاليات جمعوية ومفكرين ومثقفين على رأسهم المفكر والداعية الإسلامي طارق رمضان. وأقرت الباحثة بوجود جيل جديد من النساء داخل المجتمعات الأوروبية يعمل على إعادة قراءة النصوص الدينية من أجل تشكيل وعي نسائي جديد يروم تحرير ما هو تقليدي عما هو راجع إلى النصوص الأصلية.

 وأضافت نائبة رئيسة شبكة المسلم الأوروبي ببروكسيل إن هذه القراءة الجديدة أصبحت ضرورية داخل المجتمعات الغربية للإجابة عن كل الإشكالات التي تعترض اندماج المرأة وتعايشها مع تلك المجتمعات دون تفريط في الهوية أو ترك للانتماء الديني.

ومن جهة أخرى، قدمت السيدة “كارين كانتين”، الكاتبة العامة لمنظمة “مواطنات الضفتين”، ورقة مفصلة عن تاريخ الحركة النسائية وحقوق الإنسان الكونية في العالم الغربي. وقالت “كارين”، وهي صحفية وناشطة جمعوية عالمية، إن على النساء المسلمات داخل المجتمعات الغربية الالتجاء إلى حقوق الإنسان العالمية للدفاع عن حقوقهن، وأن الإسلام يتوفر على مبادئ سمحة تتيح للمرأة المسلمة أن تندمج بكل سهولة داخل تلك المجتمعات دون أي حرج.

وأعقبت هذه المداخلات مناقشة مفتوحة شارك فيها علماء وباحثون وصحفيون، حيث عبروا جميعهم عن إعجابهم من تأسيس هذه المجموعة الدولية الجديدة على أساس تشاركي مع الرابطة المحمدية للعلماء. ووصف بعض المتدخلين عملية إشراك العلماء في العمل الجمعوي النسوي بـ”المبادرة الجريئة والثورية والغير المسبوقة في العالم الإسلامي”، كما وصف أحد الأساتذة الجامعيين منظر جلوس العلماء إلى جانب النساء ومشاركتهم لهمومهن خلال هذا اللقاء بـ”المشهد التاريخي”.

وعبرت إحدى المتدخلات عن تخوفها من أن الجمعية الدولية الجديدة سوف لن تفتح الباب أمام نساء الديانات أخرى كاليهودية والمسيحية، إلا أن الدكتورة أسماء المرابط، رئيسة GIERFI، أكدت بأن هذه الأخيرة هي جمعية دولية منفتحة على كل الديانات في العالم وعلى جميع التيارات الفكرية، حتى البوذية والعلمانية منها، مادام أن المنطلق علمي والهدف واحد، وهو مناهضة كل أشكال التمييز التي تتعرض لها المرأة في العالم بغض النظر عن هويتها أو انتماءها الديني، مضيفة أن المجموعة الجديدة ستعمل على أن يكون هناك موقع للمرأة داخل حوار الديانات الذي يعرفه عالمنا المعاصر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق