مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

عثمان السلالجي إمام أهل المغرب في علم العـقيدة

 

      دة. أمينة مزيغة 

      باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

         الشيخ الأصولي الإمام المتكلم الحجة القدوة الهمام العلم المفيد البركة السعيد الفقيه الصالح العلم الواضح، سيدي عثمان بن عبد الله القيسي القرشي، أبو عمرو، المعروف بالسلالجي، من بيت بني السلالجي بفاس، وهو إمام أهل المغرب في علم الاعتقاد، ومنقذ أهل فاس من التجسيم …. و السلالجي نسبة إلى جبل أو بلدة سليلجو من بلاد مديونة شرق فاس، ولد حوالي إحدى وعشرين وخمسمائة، وعلى غرار ما كان متعارفا عليه عند المغاربة حفِظ القرآن بهذه المنطقة قبل انتقاله إلى المدينة العلمية، فمن منطقة سليلجو إذن جاء حاملا شغفا كبيرا لطلب العلم والمعرفة قاصدا مدينة فاس العامرة التي كانت محج الكثير من العلماء والفقهاء و الصلحاء ومجمع الفضلاء والنبهاء على اختلاف مواطنهم وأصولهم: وأخبار مدينة فاس وعجائبها وغرائبها وأوليائها و صلحائها لا تحصيهم العبارة. توجه إلى المساجد الصغيرة لدراسة العلوم الابتدائية، ثم انتقل بعدها إلى جامع القرويين للتعمق في العلوم كالنحو والفقه، فقرأ رسالة ابن أبي زيد القيرواني، على أبي عبد الله محمد بن عيسى التادلي، كما قرأ موطأ مالك وحفظه وأتقنه على يد أبي الحسن بن خليفة، وتعمق في الفقه العالي، بالإضافة لدراسة الحديث وعلومه و إتقانها، ليقبل على دراسة التصوف وممارسته سلوكيا، ثم درس علم أصول الفقه، حيث خصص وقتا مهما لتعلم هذا العلم حتى أتقنه وصار ضليعا فيه تشد إليه الرحال لطلبه، فتخرّج عليه أصوليون كبار كانوا مرجع علماء زمانهم فيه، حتى نزل الناس من الأندلس لتعاطيه في فاس على أيديهم.

          لقب بــ”إمام أهل المغرب في علم الاعتقاد”، ومرجع الفاسيين في العقيدة، وهي ألقابٌ  إن دلت على شيء إنما تدل على مكانته العلمية وطول باعه في علم الاعتقاد، لقد تظافرت عدة عوامل على توجيه السلالجي اهتمامه بعلوم الاعتقاد كان أهمها موقف أستاذه أبو عبد الله محمد التادلي ومعاملته له بجفاء، يقول السلالجي:” كنت أقرأ مختصر ابن أبي زيد على أبي عبد الله محمد بن عيسى، فسلمت عليه ذات يوم فلم يرد علي السلام، فسألته عن ذلك فقال لي: إنك لا تقصد وجه الله تعالى بالعلم، فلذلك لا ينبغي أن يرد عليك السلام، قال السلالجي: فانصرفت عنه مهموما…” فما كان منه إلا أن انكب على كتاب الإرشاد للإمام الجويني حفظا وفهما و دراسة، وذلك بتشجيع وتحفيز من شيخيه ابن حرزهم، وابن الرمامة، وقد ساعده هذا التحفيز وذاك التشجيع في الثبات على رغبته في السير والتعمق في طلب هذا العلم رغم المعارضة الشديدة التي لقيها من المحيط الذي كان يعيش فيه، فتكبد المشاق في طلب هذا العلم، ثم جاهد جهاد الأبطال في سبيل نشره وتعميمه بين الناس حتى اعتبر مرجع الفاسيين في العقيدة الأشعرية.      وتعتبر”البرهانية”، المؤلف الوحيد الذي خلفه، وهي مختصره في العقيدة، وهي على صغر حجمها ودقة عباراتها أثرت في الفكر العقدي المغربي بما لم تفعله المؤلفات الضخمة، وأثرت فيه بما لم تؤثره الكتب المطولة، فقد كان لحجمها الصغير ودقة عباراتها، دور فعال في تقريبها للمغاربة وإقبالهم عليها بكل فئاتهم وأعمارهم وتخصصاتهم، فالتفوا حولها، وقاموا بحفظها وتعلمها وشرحها كل حسب طاقته وإمكاناته.

لقد كانت حياة عثمان السلالجي حافلة بالعطاءات العلمية، لم يثنه شيء عن الإفادة والاستفادة إلى أن وافته المنية، بفاس العامرة سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ودفن خارج باب الفتوح بإزاء قبر الفقيه الإمام دراس بن إسماعيل المتوفى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.

 

– معجم المؤلفين 6/259.

– التشوف إلى رجال التصوف 198

– العقيدة البرهانية الأشعرية لأبي عثمان السلالجي، للدكتور جمال علال البختي: 49.

– سلوة الأنفاس 4 رقم 622.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق