مركز الدراسات القرآنيةأعلام

عبد الله بن مسعود 33هـ.. أول صادح بالقرآن

هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة. واسم مدركة عمرو بن إلياس بن مضر. ويكنى أبا عبد الرحمن. الإمام الحبر، فقيه الأمة، الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه.

أمه أم عبد الله بنت ود بن سواءة، أما زوجته فهي ريطة بنت عبد الله بن معاوية الثقفية، ويقال اسمها زينب، وكانت تنفق عليه وعلى ولده.

كان رضي الله عنه من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، مناقبه غزيرة، وروى علما كثيراً. حدث عنه: أبو موسى، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وجابر، وأنس، وأبو أمامة، في طائفة من الصحابة، وروى عنه القراءة: أبو عبد الرحمن السلمي، وعبيد بن نضيلة، وطائفة.

أخذ ابن مسعود من في رسول الله سبعين سورة، وكان كثير الشغف بالقرآن حتى عرف بأنه أول من جهر بالقرآن. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من أحب أن يسمع القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد»[1]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلاّ وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلاّ وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه”[2]

كان رضي الله عنه عَلَمَ التفسير بالعراق إلى جانب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولكن الحروب شغلت عليا، فكان التأثير الأكبر لابن مسعود رضي الله عنه، حيث أخذ عنه أهل الكوفة الحديث والتفسير والفقه، وأسس طريقتهم في الاعتداد بالرأي حيث لا يوجد نص[3].

ومن أخباره بعد النبي صلى الله عليه وسلم أنه شهد فتوح الشام، وسيّره عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمور دينهم، وبعث عمارا أميرا، وقال: إنهما من النجباء من أصحاب محمد فاقتدوا بهما، ثم أمّره عثمان على الكوفة ثم عزله، فأمره بالرجوع إلى المدينة.

 وقال علي كرمه الله وجه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أُحُد”[4].

وعن أبي الأحوص قال: ” شهدت أبا موسى وأبا مسعود، حين مات ابن مسعود، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله؟ فقال: إن قلت ذاك، إن كان ليؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا “[5] .

وأخرج البخاري والنسائي من حديث أبي موسى، قال: «قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم»[6] .

وعن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقرأ علي القرآن» قال: فقلت: يا رسول الله ‍ أقرأ عليك؟ وعليك أنزل؟ قال: «إني أشتهي أن أسمعه من غيري» ، فقرأت النساء حتى إذا بلغت: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) [النساء: 41] رفعت رأسي، أو غمزني رجل إلى جنبي، فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل»[7].

وجاء عن الثوري: عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة: إنني قد بعثت إليكم عمارا أميرا، وابن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- من أهل بدر، فاسمعوا لهما، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي.

وعن الثوري أيضا: عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن عبد الله قال: من أراد الآخرة أضر بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة، يا قوم! فأضروا بالفاني للباقي.

وقال أيضا: ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس، واجتنب المحارم تكن من أورع الناس، وأدّ ما افترض عليك تكن من أعبد الناس.

توفي رضي الله عنه بالمدينة النبوية سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ودفن بالبقيع.

الهوامش:

[1]- سنن ابن ماجة، باب فضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، رقم: 138، (49/1).
[2]- صحيح البخاري، باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 5002.
[3]- التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي (77/1).
[4]- أخرجه أحمد في مسنده، بسند حسن، رقم:920.
[5]- صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله تعالى عنهما، رقم: 2461.
[6]- صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، رقم: 3763.

مصادر ترجمته:

  • الطبقات الكبرى (620/2).
  • معرفة الصحابة لأبي نعيم (1765/4).
  • الاستيعاب (987/3).
  • طبقات الفقهاء (43/1).
  • أسد الغابة (381/3).
إنجاز: ذ. طه الراضي
مركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق